اعداد محاسب

غسيل الأموال

ماالمقصود بغسيل الأموال

تعبير (غسيل الأموال) أو الجريمة البيضاء يعتبر من التعبيرات التي تداولت مؤخراً في كافة المحافل المحلية والإقليمية والدولية المهتمة بالجرائم الاقتصادية والأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي باعتبار أن عمليات غسيل الأموال ترتبط إلى حد كبير بأنشطة غير مشروعة عادة ما تكون هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي ثم تحاول العودة مرة أخرى بصفة شرعية معترف بها من قبل نفس القوانين التي كانت تجرمها وداخل الحدود الإقليمية التي تسري عليها هذه القوانين. ولم يكن من المستطاع على أصحاب الأموال غير المشروعة أو الناتجة عن معاملات قذرة أن يعودوا بأموالهم إلى داخل البلاد إلا بعد الاطمئنان إلى عدم وجود مخالفات قانونية وإلى عدم وجود مخاطر مرتبطة بأجهزة الأمن أو السيادة تتمثل في المصادرة أو توقيع العقوبات المالية أو البدنية أو كليهما معاً، وتشمل عمليات الغسيل لإضفاء المشروعية عادة الأموال أو الدخول الناتجة عن أحد /أو/ كل الأنشطة الآتية:

– أنشطة الاتجار في السلع والخدمات غير المشروعة وفقاً لقوانين أو تشريعات الدولة مثل المتاجرة في المخدرات بأنواعها المختلفة، وأنشطة البغاء أو الدعارة أو شبكات الرقيق الأبيض.

– أنشطة التهريب عبر الحدود للسلع والمنتجات المستوردة دون دفع الرسوم أو الضرائب الجمركية المقررة مثل تهريب السلع من المناطق الحرة وتهريب السجائر والسلع المعمرة والسلاح وغيرها.

– أنشطة السوق السوداء والتي يتحقق منها دخولاً طائلة للمتعاملين فيها بالمخالفة لقوانين الدولة مثل ذلك الاتجار في العملات الأجنبية في الدول التي تفرض رقابة صارمة على التعامل في النقد الأجنبي، وكذلك الاتجار في السلع التي تعاني البلاد من نقص المعروض منها بالمقارنة بالطلب عليها حيث يتجه التجار إلى رفع أسعار بيعها بشكل كبير وبالمخالفة لضوابط التسعير التي تحددها السلطات المحلية.

– أنشطة الرشوة والفساد الإداري والتربح من الوظائف العامة وذلك من خلال الحصول على دخول غير مشروعة مقابل التراخيص أو الموافقات الحكومية أو ترسية العطاءات في المعاملات المحلية والخارجية بالمخالفة لأهم نصوص اللوائح والقوانين العامة والخاصة.

– الدخول الناتجة عن التهرب الضريبي من خلال التلاعب في الحسابات أو إخفاء مصدر الدخل وعدم سداد الضرائب المستحقة على النشاط إلى خزانة الدولة وتحويل الأموال إلى خارج البلاد بإيداعها هناك في أحد البنوك الأجنبية.

– العمولات التي يحصل عليها بعض الأفراد والمشروعات مقابل عقد صفقات الأسلحة والسلع الرأسمالية أو الاستثمارية أو الحصول على التكنولوجيا المتقدمة أو أية صفقات تجارية كبيرة القيمة. وعادة ما يكون ذلك مقابل تسهيل الإجراءات الحكومية من خلال النفوذ الوظيفي والعلاقات مع المسئولين لإنهاء الإجراءات بسرعة والتجاوز عن بعض أو كل الشروط أو الضوابط المنظمة لعقد الصفقات أو المقاولات.

– الدخول الناتجة عن الأنشطة السياسية غير المشروعة مثل أنشطة الجاسوسية الدولية والتي عادة ما يحصل من يقوم بها على دخول بصفة منتظمة من الجهات التي يعمل الجاسوس لحسابها وتودع الأموال باسمه في حساب جاري بأحد البنوك الأجنبية خارج موطنه الأصلي.

– الدخول الناتجة عن السرقات أو الاختلاسات من أموال عامة ثم تهريب هذه الأموال في الخارج بإيداعها في أحد البنوك التجارية الأجنبية هناك.

– الاقتراض من البنوك المحلية بدون ضمانات كافية وتحويل الأموال إلى الخارج وعدم سداد مستحقات البنوك المحلية وهروب الأشخاص المقترضين مع أموالهم خارج البلاد لفترات معينة حتى تسقط الجرائم والأحكام بالتقادم.

– جمع أموال المودعين وتهريبه إلى الخارج وإيداعها في البنوك الأجنبية دون وجود ضمانات كافية لأصحاب الأموال مع قيام الأشخاص الذين يجمعون هذه الأموال بتحويلها في الخارج إلى أشخاص آخرين أو تحويل الأموال إلى عقارات أو محلات تجارية أو غيرها ثم بيعها إلى ذويهم تمهيداً لعودتها إلى خارج البلاد مرة أخرى في صورة مشروعة.

– الدخول الناتجة عن النصب والاحتيال والمهربة إلى الخارج مثال ذلك الاحتيال على راغبي العمل في الخارج والحصول منهم على آلاف الجنيهات مقابل عقود عمل مزورة أو تقاضي مبالغ منهم مقابل الحصول على شهادات صحيحة مزورة أو جوازات سفر مزورة…. إلخ ثم تهريب حصيلة الأموال إلى الخارج تمهيداً لإعادتها إلى داخل البلاد مرة أخرى حينما تسمح الظروف بذلك من الناحية القانونية.

– الدخول الناتجة عن الغش التجاري أو الاتجار في السلع الفاسدة أو تقليد الماركات العالمية أو المحلية ذات الجودة والشهرة الفائقة، أو تزوير الكتب والمصنفات الفنية ومنتجات الإبداع الفكري وبرامج الحاسبات الآلية والحصول على دخول كبيرة من وراء ذلك يتم تهريبها إلى الخارج تمهيداً للعودة بها بعد إجراء عمليات الغسيل القانوني لها.

– الدخول الناتجة عن تزييف النقد سواء البنكنوت أو العملات المعدنية والحصول على نقود قانونية مشروعة مقابل النقود المزيفة سواء من العملات المحلية أو من العملات الأجنبية. وكذلك تزييف الذهب والفضة وغيرها. وفي عام 1300 اشتكى (ببيرديوا) من عملية تزييف النقود إلى الملك فيليب العادل وأوضح أن هذا يضر بدخول النبلاء وبقية الفئات محدودة الدخل في وقت ارتفعت فيه الأسعار المحلية بشكل كبير.

– الدخول الناتجة عن تزوير الشيكات المصرفية وسحب المبالغ من البنوك المحلية بشيكات أو حوالات مزورة أو من خلال تزوير الاعتمادات المستندية المعززة بموافقة البنوك أو المراسلين والحصول على قيمة هذه الاعتمادات وإيداعها في أحد البنوك في الخارج توطئة لغسلها وإضفاء صفة المشروعية عليها.

– الدخول الناتجة عن المضاربة غير المشروعة في الأوراق المالية والتي تعتمد على خداع المتعاملين في البورصات العالمية وحجب بضاعة الأوراق المالية عن التداول لارتفاع أسعارهم ثم الحصول على دخول مرتفعة كثيراً عن أسعار شرائها وإيداع هذه الأرباح في أحد البنوك التجارية خارج الحدود تمهيداً لعودتها مرة أخرى إلى البلاد بصورة قانونية.

– ويجدر الإشارة على أن كافة الدخول التي تتحقق من الأنشطة السابق ذكرها تعتبر غير مسجلة في الحسابات القومية للدول ومن ثم يصعب الوصول إلى أرقام حقيقية عن حجمها أو مقاديرها باعتبارها أنشطة تدرج ضمن أنشطة الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد السفلي (Under ground) وتمثل الجانب غير المشروع من هذا الاقتصاد حيث أن هناك جوانب أخرى مشروعة ولكنها غير مسجلة في تلك الحسابات مثل دخول القطاع غير الرسمي من أصحاب الأعمال الهامشية كالباعة الجائلين وأعمال النساء في المنازل وفي الحقول لمساعدة الأزواج والدخول الناتجة عن أعمال إضافية لبعض الوقت بدون موافقات رسمية من جهة العمل…….. إلخ.

المصدر/ غسيل الأموال في مصر والعالم

 

نالت قضية مكافحة غسل الأموال – إحدى صور الجريمة المنظمة عبر الوطنية – اهتماما كبيرا من دول العالم للحيلولة دون إثراء مرتكبى تلك الجرائم من أعمالهم الإجرامية. وتعد جرائم غسل الأموال من الجرائم الاقتصادية المستحدثة والتي ساعد علي تقدمها وتناميها ما أفرزته التكنولوجيا الحديثة من أدوات وآليات فرضت العديد من القيود والصعوبات علي ااكتشاف تلك الجرائم أو الوصول إلي مرتكبيها، فضلا عن تسارع وتعقد ظاهرة العولمة الاقتصادية.
غير أنه في الوقت نفسه، شهدت طرق ووسائل اكتشاف جرائم غسل الأموال تطورا هاما، كانت بدايته مع مكافحة جرائم الاتجار غير المشروع فى المخدرات والمؤثرات العقلية. وطوال الخمسة عشر عاماً الماضية (1988-2003) عقدت المؤتمرات وصدرت العديد من التوصيات، وكان للاتفاقات الدولية (الإقليمية والثنائية) الدور الأساسى فى مواجهة هذه الجرائم والتى طالت مختلف دول العالم، الغنية أو الفقيرة.
وبصدور اتفاقية مكافحة الاتجار غير المشروع فى المخدرات والمؤثرات العقلية (فيينا، 1988) وما تبعها من ضوابط وتوصيات لجهات مختلفة – خارج الدول أو داخلها- والتي هدفت جميعها إلي منع الاستخدام الإجرامى للنظام المصرفى لأغراض غسل الأموال نظرا لما يسببه ذلك من عواقب وخيمة، كان لابد من إجراءات فعالة للحد من جريمة غسل الأموال ومن قبلها الجرائم الأولية والأصلية التى ترتبط بها وسببت إزعاجا شديدا لدول العالم من نشر الفساد والإرهاب والرشوة وغيرها من الجرائم التى يرتكبها ذوو الياقات البيضاء, والذين لم تصل إليهم ذراع القانون لأسباب عديدة.
ولم تكن مصر بعيدة عن الأحداث والمستجدات على الساحة العالمية، إذ أثارت ظاهرة غسل الأموال جدلا واسعا علي المستوي الداخلي خاصة بعد أن تم تصنيفها ضمن الدول غير المتعاونة في هذا المجال، فقد اتجهت الحكومة المصرية بعد دراسة متأنية وفاحصة إلي إصدار قانون لمكافحة غسل الأمول، وذلك رغم وجود اتجاهات معارضة لإصدار هذا القانون.
ولا شك أن هذا القانون يمثل خطوة هامة علي الطريق الصحيح، وسيكون له دور مؤثر ليس فقط في تصنيف مصر ضمن الدول المتعاونة في هذا المجال, خاصة بعد أن احتلت تلك القضية أهمية متزايدة بعد أحداث سبتمبر 2001، ولكنه بلا شك سيشكل أحد العوامل الهامة في زيادة القدرات التنافسية للاقتصاد المصري بما يوفره من شفافية في المعاملات الاقتصادية والمالية. غير أنه تجدر الإشارة في الوقت نفسه إلى أن إصدار هذا القانون لا يجب أن يمثل نهاية المطاف في مثل تلك القضية المعقدة, والتي تشهد تطورا متسارعا خاصة في ظل استمرار وجود بعض الاتجاهات الداخلية المعارضة للقانون.

 

♦ حكم معاملات غسيل الأموال المكتسبة من حرام
• ظاهرة غسيل الأموال المكتسبة من حرام :
أعظم خطر يهدد حياة الأمم والشعوب هو استشراء الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وكذلك الفساد الجلى والخفى ومن صوره المعاصرة فى مجال المال والاقتصاد ما يسمى بغسيل الأموال القذرة المكتسبة بدون حق .
ولقد أثيرت العديد من التساؤلات حول حكم الإسلام فى مسألة غسيل الأموال القذرة وسبل التخلص منها ، ولقد عقدت مؤتمرات ونظمت ندوات فى كثير من بلدان العالم حول هذا الموضوع( ) ، كما قامت جامعة الأزهر الشريف بتنظيم عدة حلقات نقاشية حول نفس الموضوع بعنوان [ التوبة من المال الحرام]( ).
• معنى غسيل الأموال المكتسبة من حرام
يرى الدكتور حمدى عبد العظيم فى كتابه القيم : [غسيل الأموال فى مصر والعالم الإسلامى] أن إشكالية عمليات غسيل الأموال تتم من خلال تصرفات أو معاملات يترتب عليها اختفاء الصفة أو انتفاء الصلة بالمصدر غير المشروع لهذه الأموال والتى تأخذ دورتها العادية فى تيار الدخل القومى بعد ذلك( ).
ويصف الدكتور محمد عبد الحليم عمر عملية غسيل الأموال على النحو التالى( ) : (( إن مصطلح غسيل الأموال الذى ظهر على الساحة الاقتصادية الآن يعنى القيام بتصرفات مالية مشروعة لمال اكتسب بطرق غير مشروعة عن طريق استخدامه ولمرات عديدة وفى جهات مختلفة وبأساليب عدة فى وقت قصير فى الاستثمار فى أعمال مشروعة مثل الإيداع فى بنوك خارجية وإدخاله بطريقة مشروعة إلى البلاد ، أو محاولة إخراجه من البلاد بطريقة مشروعة عن طريق التحويلات الخارجية أو تدويره فى شراء عقارات ثم رهنها والاقتراض بضمانها أو تداول المال فى البورصات المحلية والعالمية أو إنشاء شركات وهمية وإثبات عمليات مزورة باسمها بهذا المال … وذلك كله من أجل إخفاء المصدر غير المشروع للأموال وتضليل الأجهزة الرقابية والأمنية للإفلات من العقوبات المقررة عن الجرائم الاقتصادية التى ارتكبها ))( )
وخلاصة أقوال علماء المال والتجارة أن : معنى غسيل الأموال يدور حول استخدام حيل وطرق ووسائل للتصرف فى أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة وغير قانونية لإضفاء الشرعية والقانونية عليها ، وذلك من خلال انطوائها (إخفائها) فى المعاملات التقليدية من بيع وشراء وصرف وتداول وتحويلات … ونحو ذلك .
• التكييف الشرعى لمصادر الأموال المكتسبة من حرام
لقد حرَّمت الشريعة الإسلامية مصادر الأموال القذرة ، وحيل غسلها ، لأنها تقع تحت كبائر الذنوب التى تمحق الأرزاق وتهلك الأمم والشعوب ، ولقد كان للإسلام فضل السبق فى محاربتها ، ليعلم الناس أنه الدين الحق ، فهى (الأموال القذرة ) تنطوي تحت الكبائر الآتية :
 زراعة وصناعة وتجارة المخدرات .
 البغاء والدعارة وما فى حكم ذلك .
 تجارة الرقيق .
 التهرب من الرسوم والضرائب وإحداث خلل فى السوق .
 الرشوة والعمولات الخفية .
 التربح من الوظيفة ومن عضوية المجالس النيابية .
 استغلال المناصب الحساسة لفرض إتاوات ومكوس .
 التجسس غير المشروع للإضرار بالأمم والشعوب .
 السرقات والاختلاسات والابتزاز .
 الغش التجارى والاتجار فى السلع الفاسدة والمحرمة .
 التزوير فى النقود والمستندات والوثائق والماركات والعلامات التجارية
 المقامرات فى أسواق البضاعة والمال العالمية وما فى حكم ذلك من المعاملات الوهمية .ويضاف إلى ذلك من منظور الشريعة الإسلامية
 الخمور .
 تربية الخنزير وبيعه .
 الاتجار فى أعضاء الجسد .
 المراهنات

• كيفية التخلص من الأموال المكتسبة من حرام فى ضوء الشريعة الإسلامية
يُطبَّق على الأموال القذرة فقه التخلص من المال الحرام ،على النحو التالى:
أولاً : لابد من التوبة الصادقة من ذنوب اكتساب الأموال القذرة والإيمان اليقين بأن هذا من الكبائر ، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى مثل هذا الأعمال مرة أخرى لا فى الحاضر ولا فى المستقبل ، ويستغفر الله U بنية خالصة وتبتل وتضرع أن يكفر الله عنه .
ثانياً : التخلص من الأموال القذرة على النحو التالى( ) :
أ‌- أموال قذرة محرمة لذاتها : تنفق فى وجوه الخير وليس بنية التصدق ، ومثال ذلك الأموال المكتسبة من المخدرات والخمور .
ب‌- أموال قذرة محرمة لوصفها حيث أخذت من مالكها عنوة أو سراً بدون إذن من مالكها : ترد إلى ملاكها إن وجدوا أو تنفق فى وجوه الخير إن لم يتمكن من الاستدلال عليهم ، ومثال الأموال المسروقة والمختلسة والغش والتدليس.
ج‌- أموال قذرة محرمة لوصفها ولكن اكتسبت بطرق غير قانونية وغير مشروعة برضا صاحبها مثل الرشوة : ترد إلى صاحبها أو تنفق فى وجوه الخير .
ويقول الدكتور يوسف القرضـاوى : أن المال الحرام لا بد من أن يتصرف فيه بأحد تصرفات أربعة ، على النحو التالى( ):
1) أن يأخذ هذا المال الحرام له أو لمن يعوله ، وهذا لا يجوز .
2) أن يترك المال الحرام لأعداء الإسلام ، وهذا لا يجوز .
3) أن يتخلص من المال الحرام بإتلافه أو حرقه ، ولقد نهانا الإسلام عن ذلك.
4) أن يصرف فى مصارف الخير ، أى للفقراء والمساكين واليتامى وابن السبيل وللمؤسسات الخيرية الإسلامية الدعوية والاجتماعية ،وهذا هو الوجه المتعين.
ويؤكد الدكتور القرضاوى على أن التخلص من المال الحرام فى مصارف الخير ليس من باب الصدقة لأن :p الله طيب لا يقبل إلا طيبا i ، إنما هو من باب صرف المال الخبيث أو الحرام فى مصرفه الوحيد ، فهو هنا ليس متصدقاً ، ولكنه وسيط فى توصيل هذا المال لجهة الخير ، ويمكن أن يقال : أنها صدقة من حائز المال الحرام عن صاحب المال ومالكه .
ويضيف الدكتور القرضاوى ، أن الذى يتخلص من المال الحرام بعد التوبة والاستغفار لا يثاب ثواب الصدقة ، ولكن يثاب من ناحيتين أخريين هما :
‌أ. أنه تعفف عن المال الحرام ومن الانتفاع به لنفسه بأى وجه ، وهذا له ثوابه عند الله تعالى .
‌ب. أنه كان وسيط خير فى إيصال هذا المال إلى وجوه الخير ، وهو مثاب على هذا إن شاء الله .

 

وخـــلاصــــة الــقـــول فى قضية غسيل الأموال من المنظور الإسلامى
يجب التخلص من الأموال القذرة الخبيثة الحرام فوراً فى وجوه الخير وليس بنية الصدقة من ذلك المال ، وذلك بعد التوبة والاستغفار والعزم الأكيد على عدم العودة ، كما يجب مضاعفة الأعمال الصالحة ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى } إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ~ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً { [ الفرقان: 70 : 71 ] ، ويقول الرسول r : p التائب من الذنب كمن لا ذنب له i [ رواه الطبرانى ]

 

ملحوظة
شطب مصر من قائمة غسيل الأموال، وقبول عضويّتها بمجموعة “أجمونت”:
أعلنت الهيئة الدوليّة التي تقود حملة مكافحة غسيل الأموال (27-02-2004) رفع اسم مصر من قائمتها السوداء للدول التي لا تتّخذ تدابير كافية لمواجهة الأموال القذرة. وأكّدت الهيئة التي تعرف باسم فريق العمل الماليّ، وهي هيئة رقابيّة ترعاها مجموعة الدول الصناعيّة السبع الكبرى، على استمرار المراقبة عن كثب لتنفيذ أنظمة مكافحة غسيل الأموال في البلدان غير المتعاونة. وقد سبق شطب مصر من القائمة السوداء زيارة قام بها وفد من “الفاتف” إلى القاهرة تأكّد خلالها من جدّية مصر في مجال مكافحة عمليّات غسيل الأموال، واكتمال الإجراءات الرقابيّة والأمنيّة والقانونيّة، كما اطّلع الوفد خلال زيارته الميدانيّة على مدى التزام البنك المركزيّ وجميع البنوك المصريّة بالإجراءات المتّبعة عالميّاً، مما ساعد على خروج مصر من القائمة السوداء.

من جهة أخرى، صرّح المستشار سريّ صيّام مساعد وزير العدل المصري ورئيس وحدة مكافحة غسيل الأموال (13-06-2004) أنّ مجموعة “أجمونت” الدوليّة لمكافحة غسيل الأموال قرّرت قبول عضويّة مصر الكاملة فيها. ويرتكز دور مجموعة “أجمونت” في تسهيل التعاون الدوليّ في مجال مكافحة غسيل الأموال وتنسيق تبادل المعلومات بين وحدات الاستخبارات الماليّة، حيث ارتفع عدد وحدات المجموعة من 14 وحدة منذ تأسيسها عام 1995 إلى 84 وحدة عام 2003.

 

قانون مكافحة غسل الاموال

استناد

باسم الشعب
رئيس الجمهورية
قرر مجلس الشعب القانون الاتي نصه، وقد اصدرناه:
(المادة الاولى)
يعمل باحكام قانون مكافحة غسل الاموال المرافق.
(المادة الثانية)
يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون المرافق، وذلك خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نشره.
(المادة الثالثة)
ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشره.
يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.

صدر برئاسة الجمهورية في 10 ربيع الاول سنة 1423 هـ
( الموافق 22 مايو سنة 2002 م ) .

حسنى مبارك

قانون مكافحة غسل الاموال

المادة 1

في تطبيق احكام هذا القانون تكون لكل من الكلمات والعبارات الاتية المعنى المبين قرينها، ما لم ينص على خلاف ذلك:
(ا) الاموال:
العملة الوطنية والعملات الاجنبية والاوراق المالية والاوراق التجارية، وكل ذي قيمة من عقار او منقول مادي او معنوي، وجميع الحقوق المتعلقة باي منها، والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم.
(ب) غسل الاموال:
كل سلوك ينطوي على اكتساب اموال او حيازتها او التصرف فيها او ادارتها او حفظها او استبدالها او ايداعها او ضمانها او استثمارها او نقلها او تحويلها او التلاعب في فيمتها اذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة(2) من هذا القانون مع العلم بذلك، متى كان القصد من هذا السلوك اخفاء المال او تمويه كبيعته او مصدره او مكانه او صاحبه او صاحب الحق فيه او تغيير حقيقته او الحيلولة دون اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال.
(ج) المؤسسات المالية:
1- البنوك العاملة في مصر وفروعها في الخارج وفروع البنوك الاجنبية العاملة في مصر.
2- شركات الصرافة والجهات الاخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الاجنبي.
3- الجهات التي تباشر نشاط تحويل الاموال.
4- الجهات العاملة في مجال الاوراق المالية.
5- الجهات العاملة في مجال تلقي الاموال.
6- صندوق توفير البريد.
7- الجهات التي تمارس نشاط التمويل العقاري وجهات التوريق العقاري.
8- الجهات التي تمارس نشاط التاجير التمويلي.
9- الجهات العاملة في نشاط التخصيم.
10- الجهات التي تمارس اي نوع من انشطة التامين وصناديق التامين الخاصة واعمال السمسرة في مجال التامين.
(د) المتحصلات :
الاموال الناتجة او العائدة بطريق مباشر او غير مباشر من ارتكاب اي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون.
(هـ) الوحدة:
وحدة مكافحة غسل الاموال.
(و) الوزير المختص:
رئيس مجلس الوزراء او من يفوضه من الوزراء.

المادة 2

يحظر غسل الاموال المتحصلة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها، وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الاشخاص، والجرائم التي يكون الارهاب – بالتعريف الوارد في المادة (86) من قانون العقوبات – او تمويله من بين اغراضها او من وسائل تنفيذها، وجرائم استيراد الاسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص، والجرائم المنصوص عليها في الابواب الاول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وجرائم سرقة الاموال واغتصابها، وجرائم الفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الاثار، والجرائم البيئية المتعلقةبالمواد والنفايات الخطرة، والجرائم المنظمة التي يشار اليها في الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفا فيها، وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الاموال او الجرائم المذكورة في الداخل او الخارج بشرط ان يكون معاقبا عليها في كلا القانونين المصري والاجنبي.

المادة 3

تنشا بالبنك المركزي المصري وحدة مستقلة ذات طابع خاص لمكافحة غسل الاموال تمثل فيها الجهات المعنية، وتتولى الاختصاصات المنصوص عليها في هذا القانون.
ويلحق بها عدد كاف من الخبراء والمتخصصين في المجالات المتعلقة بتطبيق احكام هذا القانون، وتزود بمن يلزم من العاملين المؤهلين والمدربين.
ويصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل الوحدة ونظام ادارتها، وبنظام العمل والعاملين فيها. دون التقيد بالنظم والقواعد المعمول بها في الحكومة والقطاع العام وقطاع الاعمال العام.

المادة 4

تختص الوحدة بتلقي الاخطارات الواردة في المؤسسات المالية عن العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل الاموال.
وعلى الوحدة انشاء قاعدة بيانات لما يتوفر لديها من معلومات وان تضع الوسائل الكفيلة باتاحتها للسلطات القضائية وغيرها من الجهات المختصة بتطبيق احكام هذا القانون وكذلك تبادل هذه المعلومات والتنسيق مع جهات الرقابة في الدولة، ومع الجهات المختصة في الدول الاجنبية والمنظمات الدولية تطبيقا لاحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون مصر طرفا فيها او تطبيقا لمبدا المعاملة بالمثل.

المادة 5

تتولى الوحدة اعمال التحري والفحص عما يرد اليها من اخطارات ومعلومات في شان العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل الاموال وتقوم بابلاغ النيابة العامة بما يسفر عنه التحري من قيام دلائل على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
وللوحدة ان تطلب من النيابة العامة اتخاذ التدابير التحفظية على النحو المبين في المواد 208 مكررا (ا) و 208 مكررا (ب) و 208 مكررا (ج) من قانون الاجراءات الجنائية.
وتسري على جريمة غسل الاموال احكام الفقرة الاخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 205 لسنة 1990 في شان سرية الحسابات بالبنوك المضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992.

المادة 6

يكون للعاملين بالوحدة الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بناء على طلب محافظ البنك المركزي المصري صفة ماموري الضبط القضائي بالنسبة الى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والتي تكون متعلقة باعمال وظائفهم.

المادة 7

تلتزم الجهات التي تعهد اليها القوانين والانظمة المختلفة بالرقابة على المؤسسات المالية بانشاء وتهيئة الوسائل الكفيلة بالتحقق من التزام تلك المؤسسات بالانظمة والقواعد المقررة قانونا لمكافحة غسل الاموال بما في ذلك الاخطار عن العمليات التي يشتبه في انها تتضمن غسل الاموال.

المادة 8

تلتزم المؤسسات المالية باخطار الوحدة عن العمليات المالية التي يشتبه في انها تتضمن غسل اموال المشار اليها في المادة (4) من هذا القانون وعليها وضع النظم الكفيلة بالحصول على بيانات التعرف على الهوية والاوضاع القانونية للعملاء والمستفيدين الحقيقيين من الاشخاص الطبيعيين، والاشخاص الاعتبارية. وذلك من خلال وسائل اثبات رسمية او عرفية مقبولة وتسجيل بيانات هذا التعرف.
ولا يجور لها فتح حسابات او ربط ودائع او قبول اموال او ودائع مجهولة او باسماء صورية او وهمية.
وتحدد اللائحة التنفيذية الضوابط التي يتعين اتباعها في وضع النظم المشار اليها وتضع الوحدة النماذج التي تستخدم لهذه الاغراض.

المادة 9

تلتزم المؤسسات المالية بامساك سجلات ومستندات لقيد ما تجريه من العمليات المالية المحلية او الدولية تتضمن البيانات الكافية للتعرف على هذه العمليات، وعليها ان تحتفظ بهذه السجلات والمستندات وبسجلات بيانات العملاء والمستفيدين المشار اليها في المادة (8) من هذا القانون لمدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ انتهاء التعامل مع المؤسسة او من تاريخ قفل الحساب – على حسب الاحوال – وعليها تحديث هذه البيانات بصفة دورية وان تضع هذه السجلات والمستندات تحت تصرف السلطات القضائية والجهات المختصة بتطبيق احكام هذا القانون عند طلبها اثناء الفحص والتحري وجمع الاستدلالات او التحقيق او المحاكمة في اي من الجرائم الخاضعة لهذه الاحكام.
ويجوز لتلك المؤسسات الاحتفاظ للمدة المذكورة بالصور المصغرة (الميكروفيلمية) بدلا من الاصل، ويكون لتلك الصور حجية الاصل في الاثبات اذا روعي في اعدادها وحفظها واسترجاعها القواعد التي يصدر بها قرار من الوحدة.

المادة 10

تنتفي المسئولية الجنائية بالنسبة الى كل من قام – بحسن نية – بواجب الاخطار عن اي من العمليات المشتبه فيها الخاضعة لاحكام هذا القانون، او بتقديم معلومات او بيانات عنها بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها، وتنتفي المسئولية المدنية متى كان الاعتقاد بقيام هذا الاشتباه مبنيا على اسباب معقولة.

المادة 11

يحظر الافصاح للعميل او المستفيد او لغير السلطات والجهات المختصة بتطبيق احكام هذا القانون عن اي اجراء من اجراءات الاخطار او التحري او الفحص التي تتخذ في شان المعاملات المالية المشتبه في انها تتضمن غسل اموال. او عن البيانات المتعلقة بها.

المادة 12

ادخال النقد الاجنبي الى البلاد او اخراجه منها مكفول لجميع المسافرين وفقا للقانون، على ان يتم الافصاح عن مقداره عند الدخول اذا جاوز عشرين الف دولار امريكي او ما يعادلها، وذلك على نموذج تعده الوحدة وفقا للقواعد التي تضعها.

المادة 13

مع عدم الاخلال باية عقوبة اشد ينص عليها قانون العقوبات او اي قانون اخر، يعاقب على الجرائم المبينة في المواد التالية بالعقوبات المنصوص عليها فيها.

المادة 14

يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة تعادل مثلي الاموال محل الجريمة، كل من ارتكب او شرع في ارتكاب جريمة غسل الاموال المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون.
ويحكم في جميع الاحوال بمصادرة الاموال المضبوطة، او بغرامة اضافية تعادل قيمتها في حالة تعذر ضبطها او في حالة التصرف فيها الى الغير حسن النية.

المادة 15

يعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تقل عن خمسة الاف جنيه ولا تجاوز عشرين الف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف ايا من احكام المواد (8 , 9 , 11 ) من هذا القانون.

المادة 16

في الاحوال التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة شخص اعتباري يعاقب المسئول عن الادارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة عن الافعال التي ترتكب بالمخالفة لاحكام هذا القانون اذا ثبت علمه بها وكانت الجريمة قد وقعت بسبب اخلاله بواجبات وظيفته.
ويكون الشخص الاعتباري مسئولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات اذا كانت الجريمة التي وقعت بالمخالفة لاحكام هذا القانون قد ارتكبت من احد العاملين به باسمه ولصالحه.

المادة 17

يعفى من العقوبات الاصلية المقررة في المادة (14) من هذا القانون كل من بادر من الجناة بابلاغ الوحدة او اي من السلطات المختصة بالجريمة قبل العلم بها , فاذا حصل الابلاغ بعد العلم بالجريمة تعين للاعفاء ان يكون من شان الابلاغ ضبط باقي الجناة او الاموال محل الجريمة.

المادة 18

تتبادل الجهات القضائية المصرية مع الجهات القضائية الاجنبية التعاون القضائي في مجال جرائم غسل الاموال، وذلك بالنسبة الى المساعدات والانابات القضائية وتسليم المتهمين والمحكوم عليهم والاشياء، وذلك كله وفق القواعد التي تقررها الاتفاقيات الثنائية او المتعددة الاطراق التي تكون مصر طرفا فيها او وفقا لمبدا المعاملة بالمثل.

المادة 19

يكون للجهات المشار اليها في المادة (18) من هذا القانون ان تطلب – على وجه الخصوص – اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لتعقب او تجميد الاموال موضوع جرائم غسل الاموال او عائداتها او الحجز عليها، وذلك كله مع عدم الاخلال بحقوق الغير حسن النية.

المادة 20

يجوز للجهات القضائية المصرية المختصة ان تامر بتنفيذ الاحكام الجنائية النهائية الصادرة من الجهات القضائية الاجنبية المختصة بمصادرة الاموال المتحصلة من جرائم غسل الاموال وعائداتها ، وذلك كله وفق القواعد وغلاجراءات التي تتضمنها الاتفاقيات الثنائية او متعدد الاطراق التي تكون مصر طرفا فيها.
كما يجوز ابرام اتفاقيات ثنائية او متعددة الاطراق تنظم التصرف في حصيلة الاموال المحكوم نهائيا بمصادرتها – في جرائم غسل الاموال من جهات قضائية مصرية او اجنبية – تتضمن قواعد توزيع تلك الحصيلة بين اطراف الاتفاقية وفقا للاحكام التي تنص عليها.

 

دراسة قانونية حديثة تؤكد :

قانون غسيل الأموال الجديد غير دستورى ..!!

 

كشفت دراسة قانونية حديثة أعدها د. أشرف توفيق شمس الدين أستاذ مساعد القانون الجنائى بكلية الحقوق بجامعة حلوان النقاب عن عدة جوانب تتعلق بخطة الشارع المصرى فى تجريم غسيل الأموال وما نص عليه من اجراءات لضبط الجريمة حيث أن كل ذلك محل نظر فى جوانب كثيرة ، فقد أوضحت الدراسة أن خطة النص على الجريمة السابقة التى تحصل المال منها لا تسلم من النقد حيث أن الشارع أغفل النص على جرائم تتماثل فى خطورتها – ان لم تزد- مع الجرائم التى حددها مثل التهرب الضريبى والجمركى وغش الأغذية وجرائم الغش التجارى والاتجار غير المشروع فى العملة وجرائم البورصة بالتدليس وجرائم الشركات ، وأنه حتى بالنسبة للجرائم التى نص عليها فان خطته قد شابها التناقض والنقص حيث نص على جرائم سرقة الاموال واغتصابها وأغفل النص على جرائم النصب وخيانة الأمانة والتفاليس بالاضافة الى العديد من جرائم المخدرات التى تتماثل مع الجرائم التى اقتصر عليها النص رغم اتحادها مها فى العلة .

 

وأضافت الدراسة أن الشارع لم يستفد فى تحديده للجريمة من خطة التشريعات المقارنة التى اما أن تجعل من الجريمة السابقة “كل جناية أو جنحة دون تحديد” واما “كل جناية صالحة لأن تشكل جريمة سابقة” ، فاذا كان الشارع قد نص على اعتبار أن الجرائم المنظمة التى يشار اليها فى الاتفاقيات الدولية التى تكون مصر طرفا فيها من الجرائم السابقة فان ذلك النص يتصف بالغموض وعدم التحديد ويتعارض مع مبدأ الشرعية الذى كفله الدستور فضلا عن أن الشارع خرج فى تحديده للجريمة السابقة على كافة قواعد الاختصاص المكانى لقانون العقوبات دون ضرورة ، وعلى الرغم من الاختصاص الفضفاض الذى تبناه فانه قيده بوجوب ان يكون غسل الأموال أو الجريمة مصدر المال معاقبا عليهما فى القانونين المصرى والأجنبى وهذا من شأنه أن يحول دون تطبيق القانون المصرى على أفعال تشكل غسلا للمال وتمس الأقليم الوطنى ولكنها غير مجرمة فى القانون الأجنبى ، وبالتالى فان خطة الشارع تفرغ من مضمونها تماما اذا قام الجناة باتخاذ دولة لا تجرم غسل الأموال محطة لادخال هذه الأموال الى مصر ..!!

 

وقد أظهرت الدراسة ان الشارع سكت عن بيان مدى جواز اتحاد الجانى فى الجريمة السابقة وفى غسل الأموال وهو ما يثير خلافا فى التطبيق اذا ساهم الجانى فى الجريمتين ، واذا كانت الوجهة السائدة فى الفقه والقضاء المصريين فى جريمة اخفاء الأشياء هو النظر اليها باعتبارها جريمة مستقلة تتطلب أن يكون الجانى فيها غير الذى ارتكب الجريمة الأصلية ، فان وجهة التشريعات والقضاء المقارن فى غسل الاموال تميل مع ذلك الى جواز اتحاد الجانى فى الجريمتين لذا كان يجدر بالشارع النص صراحة على عدم جواز اتحاد الجانى فى الجريمتين .

 

وأضافت الدراسة أن خطة الشارع فى تحديد مدلول المال موضوع الجريمة ليست واضحة أيضا … ذلك أن الشارع لم يكن بحاجة الى تحديد هذا المدلول وكان عليه أن يترك للفقه والقضاء استخلاص مدلول المال على النحو الذى يتفق مع علة التجريم وهى وجهة الكثير من التشريعات المقارنة ، وهذه الخطة قد تؤدى –على العكس من قصد الشارع- الى التضييق من نطاق الجريمة حيث أن التحديد التشريعى للمال يضع قيدا على القاضى لا يستطيع بمقتضاه أن يتجاوزه وأن يمده الى صور لم ترد بالنص ، وبذلك فان خطة الشارع تؤدى الى خروج بعض الصور من نطاق الجريمة مثل المعلومات الناتجة عن التجسس الصناعى والتجارى والمعلومات التكنولوجية والبرمجيات ، كما أن هناك عدم وضوح فى نص الشارع على الأفعال المشكلة لغسل الأموال حيث أن أغلب هذه الأفعال يمكن أن تندرج تحت مدلول أفعال أخرى ويصبح النص عليها تكرارا لا محل له فهى أقرب للشرح منها الى نص محكم يتصف بالايجاز وهى سمة النصوص التشريعية ، كما أن الشارع استخدم بعض التعبيرات التى تتصف بالغموض مثل “التلاعب” والتى قد تثير خلافا فى تحديد مدلولها .

 

وكشفت الدراسة عن مخالفة عقوبة جريمة غسل الأموال والمنصوص عليها بالمادة 14 من القانون للدستور حيث أن الشارع قدر عقوبة لجريمة غسل الأموال قد تزيد كثيرا عن المدة المقررة للجريمة الأصلية التى تحصل منها المال ، وبالتالى فانها لا تتناسب مع اثم الجانى وتنطوى على مبالغة من الشارع فى العقاب فضلا عن أن هذه العقوبة تخالف أصول التجريم والعقاب التى تقضى ألا تكون العقوبة المقررة للنشاط الاجرامى التكميلى أشد من تلك المقررة للنشاط الاجرامى الأصلى .

 

كما أظهرت الدراسة عدم ملائمة تقرير الارع للمسئولية التضامنية للشخص الاعتبارى فى الوفاء بالعقوبات المالية والتعويضات فالمسئولية التضامنية تعبير سائد فى القانون المدنى ويمكن الأخذ بها فيما نص عليه الشارع من تعويضات مدنية ، اما فى نطاق القانون الجنائى فان تعبير التضامن فى العقوبة يبدو غريبا وغير مألوف ، وكان الاجدر بالشارع أن يقصره على التعويضات المدنية المحكوم بها .

 

وانتقدت الدراسة خطة الشارع فى نصه على الزام العاملين فى المؤسسات المالية بالاخطار عن العمليات المشتبه انها تخفى غسلا للمال ، وتساءلت عن مضمون هذه الشبهة وكيفية استخلاصها والعناصر الواقعية التى تدل عليها ؟ وما سوف يثيره تحديدها من صعوبات فى التطبيق ويؤدى بالتالى الى اهدار حقوق الأفراد وحرياتهم .

 

كما أن الشارع فى قانون غسل الأموال قد أهدر تماما قاعدة سرية الحسابات وأفرغ القانون الذى ينص عليها من مضمونه ، وذلك بتقريره واجب الاخطار فى حالة الشبهة وجعله من حسن النية سببا نافيا للمسئولية الجنائية بالنسبة لكل من قام –بحسن نية- بواجب الاخطار عن أى من العمليات المشتبه فيها أو قدم معلومات أو بيانات عنها بالمخالفة للقواعد المفروضة لضمان سريتها ، بمعنى ان مجرد توافر حسن النية كاف بذاته لنفى المسئولية الجنائية ، حتى ولو كانت الشبهة التى دفعته لهذا الافشاء تفتقر الى أى أساس ، ويزداد الأمر خطورة اذا علمنا أن هذا الافشاء قد يتم لجهات أجنبية ودون أى رقابة من القضاء حيث أن الارع قد أجاز اطلاع كافة الأجهزة الرقابية الوطنية والأجنبية على ما يصل الى علم الوحدة من معلومات دون أية ضوابط أو رقابة قضائية ..!!

 

وانتهت الدراسة الى أن الضرر الذى سينجم عن تجريم غسل الأموال سيفوق بكثير الفائدة المرجوة منه ، وأنه يمكن التوصل الى مكافحة غسل الاموال عن طريق اجراء بعض التعديلات على بعض نصوص التجريم السارية بما لا ينطوى على مساس جسيم بحقوق الأفراد وحرياتهم .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى