تنمية بشرية

كيف تلتهم فيلاً ؟

هنتر ناتال
كيف تلتهم فيلاً؟.. قضمةً بعد قضمة..
كلّنا نعرف هذه المقولة. ولكننا كثيراً ما نخفق في تطبيقها في حياتنا. إن كنت تنظر إلى الفيل كهدفٍ واحدٍ ضخمٍ شاقّ تتعلّق كل حياتك عليه فأنت تمضي بنفسك نحو إحباط نفسك، بدلاً من ذلك: لم لا تستمتع بالخطوات الصغيرة والقضمات اللذيذة على امتداد الطريق؟
عندما تسأل أي إنسان عن الهدف الذي يسعى إليه فأي نوعٍ من الإجابات تنتظر؟
لو افترضنا أنّ لديهم أهدافاً بالفعل فإن كثيراً من الناس سيخبرونك بهدفٍ هائلٍ حقاً، هدفٍ يكفي تحقيقه لجعلهم يشعرون بتحقيق الغاية من حياتهم كلّها!
الحياة ليست بالأهداف الكبيرة وحدها!
يرتكب كثير من الناس خطأ فادحاً إذ يوجّهون كل تركيزهم نحو الأهداف الكبيرة.
مثلاً، لو كان هدفك أن تصبح روائياً شهيراً فهذا رائع، لكنّه هدفٌ كبيرٌ جداً. وإن علّقت معظم الرضا في حياتك على تحقيق ذلك الهدف فسوف تبقى بائساً أو مرهقاً منتظراً فترةً طويلةً جداً (وربما طوال حياتك)
لا جدال في أهميّة أهداف المدى البعيد لأنّ النظر إلى الأعالي هو ما يحرّكنا ويدفعنا إلى إظهار أفضل ما لدينا. لكن يجب أن يكون لديك ضمن كلّ هدفٍ بعيد المدى أهدافٌ قريبة ومتوسطة المدى. إن كان هدفك الكبير أن تصبح روائياً مشهوراً فما الأهداف الصغيرة التي ينبغي عليك تحقيقها في الطريق إليه؟.. ربما سيملؤك السرور الآن عندما تجدُ تصوّراً مبدئياً لشخصية معينة تريد تصويرها في روايتك الأولى.
روعة الأهداف الصغيرة
بوجود أهدافٍ صغيرةٍ لديك ستحقّق منافع عدّة:
أوّلاً: يمنحك الهدف الصغير نقطة انطلاق ملموسةً يمكنك توجيه تركيزك بناءً عليها.
إن كنت تريد أن تصبح روائياً شهيراً فكيف ستنجز ذلك؟ من حيث تدري أو لا تدري يمكن لمهمّة بهذه الضخامة أن تغرقك وتجمّدك في مكانك. إن لم تكن تعرف بالتحديد ما الذي عليك القيام به فلن تجني إلاّ الضجر والإحباط. ومع مرور الوقت ستلاحظ مرةً بعد مرة أنّ هدفك ما يزال بعيداً عن التحقيق، وأنت لا تعرف معرفةً مؤكّدة ما الذي ينبغي عمله. لكن ستغدو مسيرتك أفضل وأجمل وأسهل إن قرّرت البحث عن فكرةٍ لشخصية معينة. عندما تعرف معرفةً دقيقةً ما تريد فسوف تتضاعف فرص قيامك بتصرّفات عملية ملهمةٍ بإضاءة تلك المعرفة.
ثانياً: سوف تتذوّق متعة الرضا الذي تمتلئ به نفسك بعد تحقيق الهدف ولمس النتائج. مهما كان الهدف صغيراً ستشعر بالرضا وأنت تمسك القلم وتشطب عليه في لائحة واجباتك المدوّنة على الورق أو المحفوظة في رأسك.
في رحلتك نحو هدفك الكبير لا يمكنك الانتظار إلى أجلٍ غير مسمّى، لا بدّ لك من قضمة سعادة فوريّة، وفي مثالنا الافتراضي عن حلم الروائي فإنّ توصّلك إلى فكرة الشخصية يعني الكثير بحدّ ذاته، ولا يخفف من قيمة هذا الإنجاز أو حلاوته طول الطريق نحو الهدف الكبير.
الحياة رحلة وليست مقصداً
على الأغلب ستجد رضاك عن حياتك يبلغ مستوياتٍ أعلى بكثير إن نظرت إلى مسيرتك كسلسلةٍ من محطّات التقدّم الصغيرة بدلاً من المحطّة الضخمة الواحدة التي لا يدري أحدٌ إن كان سيُكتب له التوصّل إليها أم لا. ولا يعني هذا الدعوة للإعراض عن الأهداف الكبيرة وإنّما يعني وجوب أن تكون لديك أهدافٌ صغيرة يمكن التركيز عليها على امتداد الطريق.
إن كنت تريد تخفيف عشرين كيلو غراماً من وزنك فهذا شيءٌ رائع، لكن إيّاك أن توجّه كل تركيزك على ذلك الهدف الكبير وحده. إن فعلت ذلك فسوف تلاحظ كلّما وقفت على الميزان كم أنت بعيدٌ عن ذلك الهدف، وهكذا تستمرّ في تعزيز صورة الفشل في دماغك.
إذاً: قسّم ذلك الهدف إلى أجزاء صغيرةٍ وكثيرة. فحتّى قبل أن تخسر كيلوغراماً واحداً هناك الكثير من الأهداف التي يمكنك تحقيقها. يمكنك البحث عن صديقٍ أو أصدقاء يشاركونك التجربة ويتبادلون معك النصح والدعم، أو يمكنك أن تبحث عن كتابٍ محترم يضيء لك عملية تخفيف الوزن، أو يمكنك أن تتعلّم وصفات طعامٍ صحية..
إنّ سلسلة المنجزات الصغيرة سوف تبقيك على المسار الصحيح وتبعث فيك السرور بحياتك، بغضّ النظر عن تحقيقك أو عدم تحقيقك للهدف الكبير المنتظر في النهاية.
إن انتهيت بأكل الفيل فأنعم بذلك، لكن إيّاك أن تنسى التمتّع بالقضمات الصغيرة والكثيرة في الطريق إليه.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى