اعداد محاسب

المراجعة الاجتماعية(2)

المراجعة الاجتماعية(2)

المبحث الثالث
“مراحل المراجعة الاجتماعية”

يتناول هذا المبحث أهم المراحل والأساليب والإجراءات المتعلقة بالمراجعة الاجتماعية، وتمثل هذه المراحل والأساليب والإجراءات الخطوات الأساسية التي يتبعها المراجع عند تنفيذ عملية المراجعة.
ويرى البعض (أنَّ هذه المراحل والأساليب والإجراءات تختلف تبعاً لاختلاف الموضوع الذي يتعرض المراجع لفحصه، ولا يمكن وضع مجموعة من الإجراءات المعيارية أو النموذجية تصلح للتطبيق في كل حالة حيث يعتمد ذلك على تقدير المراجع وخبرته وظروف الحالة المعروضة عليه).(1)
كما سيتناول الدارس في هذا المبحث علاقة المراجعة الاجتماعية بالمراجعة المالية والإدارية وموقعها بين المراجعة الداخلية والخارجية، والمشاكل التي تواجه أداء المراجعة الاجتماعية وكيفية التغلب على هذه المشاكل.
أولاً- مراحل تنفيذ المراجعة الاجتماعية:
سيتناول الدارس توضيح مراحل تنفيذ المراجعة الاجتماعية بشيء من التفصيل كما يلي:
أ- المرحلة التحضيرية والتمهيدية: تهدف هذه المرحلة إلى إعطاء المراجع الاجتماعي فكرة وتصور واضح عن المنظمة محل المراجعة والفحص خاصة إذا كانت مراجعة القوائم والتقارير الاجتماعية تتم للمرة الأولى وتشمل هذه المرحلة:
1- تحديد نطاق ومجالات المراجعة الاجتماعية للمنظمة:
إذ يتوجب على المراجع أن يحدد نطاق ومجال المراجعة التي سيمارسها في المنظمة منذ البداية حتى يتمكن من وضع برنامج المراجعة المشتمل على كافة الأنشطة المكونة لمجالات المسؤولية الاجتماعية، وبالتالي يجب أن يتعرف على هذه الأنشطة والوقوف على مدى استجابتها لمطالب المجتمع وطوائفه المختلفة بشكل مبدئي، وكذلك نوعية الأنشطة الاجتماعية التي تمارسها المنظمة لحل بعض المشاكل الأساسية في المجتمع بصفة عامة، وأيضاً تلك التي تقع داخل نطاق الصناعة التي ينتمي إليها المشروع ويكون ذلك عن طريق الاطلاع على تقارير المراجعة المالية والاجتماعية عن الفترات السابقة – إن وجدت – وأيضاً إجراء الدراسات الاستكشافية وعقد المقابلات مع المسؤولين واستخدام الملاحظة الفعلية وإجراء استطلاع للرأي أو استقصاء للعاملين وبعض النماذج من الموارد البشرية الخارجية المتصلة بالمنظمة وكذا عينات من البيئة المحيطة والقيام بإجراء جرد اجتماعي مبدئي ودراسات للجدوى الاجتماعية لإعطاء اتساع في مجال الرؤيا للمراجع الاجتماعي.(2)

2- فحص وتقييم البرامج الاجتماعية التي تعدها المنظمة:
بما أنَّه من الضروري وجود تكامل بين أهداف المنظمة وأهداف المجتمع فإنَّ البرامج الاجتماعية التي تعدها المنظمة تتمتع بأهمية كبرى وعليها قد يتوقف نشاط المراجعة الاجتماعية. فهذه البرامج ما هي إلاَّ خطط تتضمن الأنشطة الاجتماعية التي ستقوم بها المنظمة ولذلك فإنه من الضروري أن يقوم المراجع بفحص وتقييم هذه البرامج.(1)
ويعتقد الدارس أنَّه من الضروري أن يكون هناك برامج اجتماعية مركزية على مستوى الصناعة أو على مستوى البيئة التي يعمل بها المشروع، وهذه البرامج تكون معدة وفقاً لطبيعة المشاكل الاجتماعية الموجودة أو المرتبطة بالصناعة أو البيئة وبالتبعية تكون البرامج الاجتماعية التي تعدها المنشأة قائمة على أساس البرامج الاجتماعية المركزية وهذا يسهل كثيراً من عمل المراجع عند فحصه وتقييمه لبرامج المنظمة.
3- فحص ودراسة النظام المحاسبي الاجتماعي للمنظمة:
إنَّ أهم المراحل التمهيدية بالنسبة لعملية المراجعة الاجتماعية أن يقوم المراجع بفحص ودراسة النظام المحاسبي الاجتماعي المتبع والمطبق في المنظمة محل المراجعة، وذلك من عدة نواحي من حيث مشتملا ته كالمجموعة المستندية والمجموعة الدفترية والإجراءات المحاسبية الخاصة بالقيد والترحيل وضبط الحسابات واستخراج النتائج وإعداد القوائم الاجتماعية لبيان نتيجة النشاط الاجتماعي والمركز الاجتماعي في نهاية الفترة المحاسبية، كذلك من حيث طرق القياس المحاسبي المستخدمة والمعايير الرئيسة المتبعة ومدى الثبات في طرق القياس.
ولذلك يجب على المراجع الاجتماعي أن يحصل على نسخة من القوائم والتقارير الاجتماعية التي تعكسها نتائج النشاط المحاسبي الاجتماعي وتكون المنظمة قد أعدتها في الفترات السابقة للإطلاع والفحص والدراسة، وما ترتب عليها من تقارير للمراجعة الاجتماعية، كذلك يجب أن يقف المراجع على نوعية النظام المحاسبي الاجتماعي المطبق من حيث ما إذا كان نظاماً منفصلاً أو مندمجاً بالنسبة لنظام المحاسبة المالية نظراً لأهمية ذلك في تحديد نطاق وأساليب تقييم الأداء الاجتماعي وطرق قياسه ومعايرته التي تعتمد على البيانات المحاسبية.
ب- مرحلة إعداد برنامج المراجعة: بعد انتهاء المراجع من المرحلة التمهيدية يقوم بإعداد برنامج المراجعة حيث يمثل هذا البرنامج خطة عمل يسير عليها فريق المراجعة بأكمله، ولذلك يجب أن يوضح البرنامج ما يلي:
1- الأهداف التي يسعى هذا البرنامج إلى تحقيقها من عملية المراجعة الاجتماعية.
2- الإجراءات والخطوات التنفيذية التي يجب الالتزام بها حتى يمكن تحقيق هذه الأهداف.
3- البرنامج الزمني المتوقع لكل مرحلة من مراحل المراجعة.
4- المسؤولية التي تقع على عاتق كل عضو من أعضاء فريق المراجعة خلال عملية الفحص والتحقق وتقييم الأداء الاجتماعي.
5- يجب أن يعكس البرنامج نطاق وأبعاد عملية المراجعة الاجتماعية وحدودها من خلال مجالات المسؤولية الاجتماعية والأنشطة التي تمارسها المنظمة داخل كل مجال منها.
6- يجب أن يوضح برنامج المراجعة الأساليب الفنية التي تتماشى مع طبيعة الأنشطة الاجتماعية محل المراجعة والتي تمثل وسيلة الإثبات في المراجعة الاجتماعية.
ويرى الدارس أنَّه نظراً لطبيعة الأنشطة الاجتماعية التي تتميز بالتغير وعدم الثبات، فإنه يكون من الصعب وضع برنامج للمراجعة الاجتماعية يكون ثابتاً ويصلح لمختلف المشروعات أو حتى لنفس المشروع لعدة سنوات متتالية وفي هذا الصدد يشير أحد الكتاب بقوله(1): (أنَّ المراجع الاجتماعي يجب أن يقوم بإعداد هذا البرنامج أثناء الأداء وفي ضوء الخبرات الاستشارية المتوفرة معه لأنه لا يصلح إعداد مثل هذا البرنامج مقدماً كما هو الحال في كثير من حالات المراجعة المالية التقليدية).
كما يشير أحد الباحثين بقوله(2): ( نظراً لأنَّ مجالات المسؤولية الاجتماعية متعددة وتتنوع من منشأة لأخرى وداخل المنشأة الواحدة من موقف لآخر وبناءً عليه فإن وضع برنامج مراجعة وتنفيذه على جميع المنشأة يعتبر غير مناسب نظراً لاختلاف حجم وشكل وطبيعة النشاط والمسؤولية الملقاة على عاتق كل منشأة).
ويعتقد الدارس أنه من الأفضل إعداد عدة برامج لمراجعة القوائم الاجتماعية وليس برنامج واحد فقط نظراً لسمة التغير التي تتميز بها الأنشطة الاجتماعية وتعدد مجالات المسؤولية الاجتماعية وتنوع الجماعات المستفيدة من المعلومات الاجتماعية. ويؤيد الدارس في هذا أحد الباحثين بقوله(3) أنَّه نظراً لوجود شبه إجماع على أنَّ المراجعة الاجتماعية سوف تزاول بواسطة فريق وليس شخص واحد، ونظراً لتعدد وتباين تخصصات المشتركين في فريق المراجعة لذلك من الأفضل وضع برامج مراجعة اجتماعية متعددة على حسب مجالات المسؤولية الاجتماعية أو البرامج المختلفة للمسؤولية الاجتماعية، ويرجع ذلك للأسباب التالية:
1- تعدد مجالات المسؤولية الاجتماعية وكذلك البرامج الاجتماعية.
2-تعدد الأشخاص المشتركين في عملية المراجعة الاجتماعية وتباين تخصصاتهم.
3- يساعد ذلك على تقسيم عملية المراجعة الاجتماعية على الفريق وإنجازها في وقت أقل وبكفاءة أعلى.
4- يحدد البرنامج المتعدد للمراجعة الاجتماعية مسؤولية كل عضو مشترك في الفريق بطريقة دقيقة.

ويخلص الدارس مما سبق على أنَّ المراجعة الاجتماعية تمر بمرحلتين مرحلة تمهيدية تحضيرية ومرحلة لإعداد برنامج المراجعة، بالنسبة للمرحلة التمهيدية لا تختلف كثيراً عن المرحلة التمهيدية للمراجعة المالية التقليدية، أما المرحلة المتعلقة بإعداد برنامج المراجعة، فنظراً لأنَّ الأنشطة الاجتماعية ذات طبيعة متغيرة، ولأنَّ مجالات المسؤولية الاجتماعية متعددة وتختلف من منظمة لأخرى وداخل المنظمة من وقت لآخر، يكون من الأفضل إعداد عدة برامج للمراجعة الاجتماعية وذلك حسب المجالات المختلفة للمسؤولية الاجتماعية حيث أنَّ ذلك يتلاءم مع الطبيعة المتغيرة لمجالات وأنشطة المسؤولية الاجتماعية.

ثانياً- أساليب وإجراءات المراجعة الاجتماعية:

يستخدم المراجع الاجتماعي عند فحصه ومراجعته نفس الأساليب الفنية التي يستخدمها المراجع المالي تقريباً، فضلاً عن استخدام بعض الأساليب الأخرى التي تتفق مع طبيعة أهداف المراجعة الاجتماعية، إذ أنَّ المراجعة الاجتماعية لا تعدو في حقيقة الأمر سوى عملية منظمة لجمع أكبر وأفضل قدر ملائم من الأدلة والقرائن والبراهين التي تمكن المراجع من أداء مهمته بأفضل شكل.
وعليه يمكن القول أنَّه قد أضحى من الممكن تحديد أبعاد عملية المراجعة الاجتماعية حيث تمَّ تحديد الفئات المعنية بالأداء الاجتماعي أو هي محل الأداء الاجتماعي، والأهداف التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها تجاه كل فئة من تلك الفئات، كذلك أنَّ صيغ الأداء الاجتماعي التي يمكن أن تلتزم بها المنظمة تحقيقاً لهذه الأهداف محددة أيضاً، وعلى هذا فإنَّ الدارس يوضح فيما يلي أساليب الحصول على أدلة الإثبات وكذلك إجراءات المراجعة الاجتماعية الواجب إتباعها تمهيداً لإبداء رأي فني علمي محايد.
وينبغي الإشارة هنا إلى أنَّه من الممكن جداً أن يستخدم المراجع أثناء تأديته لعمله مقاييس مالية وأخرى غير مالية، كمية أو وصفية، وذلك طبقاً لظروف الحال مع التأكيد على إتباع المراجع لكل خطوات المراجعة التقليدية انتهاءً بالمراجعة التحليلية.(1)

مع التأكيد هنا على وجود جوانب فنية مرتبطة ببعض الأنشطة الاجتماعية، فقد يعتمد المراجع عند قيامه بالمراجعة الاجتماعية على فحص أو دراسة فنية يقوم بها كيميائيون ومهندسون وغيرهم من المتخصصين في مجالات متنوعة.
كما قد يستخدم المراجع أسلوب الاستفسارات للحصول على إيضاحات أو تفسيرات لأي أمر يصادفه أثناء عمله أو لتحديد آثار بعض هذه الأنشطة الاجتماعية كالاستفسار الذي يقوم به بين العاملين ليعرف مدى استفادتهم من بعض الأنشطة الاجتماعية، أو الاستفسار من المواطنين المقيمين في المنطقة المحيطة بالمنظمة لمعرفة رأيهم في برامج التشجير أو تقديم المعونات….الخ.
وخلاصة القول أنَّ مجالات عمل المراجعة الاجتماعية هي1)
1- تقييم نظام الرقابة الداخلية على تنفيذ مجالات الأداء الاجتماعي.
2- مراجعة الخطط والسياسات الاجتماعية للمنظمة.
3- التحقق من مسايرة المنظمة للتشريعات الاجتماعية.
4- فحص التقارير الاجتماعية.
5- تقييم كفاءة وفاعلية البرامج والأنشطة الاجتماعية.
ويرى الدارس أنَّه قبل دراسة إجراءات المراجعة الاجتماعية بشكل مفصل لابد من دراسة أولاً الأساليب التي يمكن بها الحصول على أدلة الإثبات الكافية .
أ- أساليب الحصول على أدلة الإثبات:
لقد جرت العادة أن يتم فحص ومراجعة كل ما يتعلق بالأنشطة الاجتماعية للمنظمة من مستندات أو تقارير بهدف الحصول على معلومات وافية كافية عن نتائج تلك الأنشطة وتقييمها في ضوء الأهداف المخططة.
ويقوم بعملية المراجعة الاجتماعية فريق عمل من الخبراء يرأسه مراجع قانوني بحيث يتضمن ذلك الفريق كافة الكفاءات والتخصصات في مختلف المجالات (الاقتصاد والصحة والهندسة والبيئة)، ويتم الحصول على أدلة الإثبات الكافية والملائمة عن طريق التزام هذا الفريق بمعايير العمل الميداني في المراجعة، وباستخدام الأساليب المتعارف عليها من قبل المراجع المالي بجانب الأساليب الأخرى المرتبطة بطبيعة أنشطة المراجعة الاجتماعية على النحو التالي:
1- المعاينة والجرد: فعن طريق المعاينة والمشاهدة يمكن التحقق من الوجود الفعلي للأصول المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية للمنظمة مثال على ذلك أجهزة منع التلوث والضوضاء، أو تلك المتعلقة بزيادة درجة أمان المنتج.(2)
2- المصادقات والإقرارات: بموجب هذا الأسلوب يحصل المراجع على إقرارات كتابية من داخل أو خارج المنظمة حتى يتم التأكد من بعض الأمور المحاسبية أو إزالة الغموض عنها وذلك للأصول والالتزامات التي يمكن جردها فعلياً، ويعتبر استخدام ذلك الأسلوب ملائماً في مجال الأنشطة المرتبطة بمنح تبرعات لبعض الهيئات الاجتماعية أو التعليمية في البيئة المحيطة بالمنظمة.
3- الفحص المستندي أو الحسابي: يهدفأسلوب الفحص المستندي ( سواءً كانت مستندات خارجية أم داخلية) إلى التأكد من وجود مستندات مناسبة توثق كل عملية وتوضح توفر كافة الشروط المرتبطة بها، ويستخدم ذلك الأسلوب بشكل واضح في مجال مراجعة الأنشطة الاجتماعية.
كما تهدف المراجعة الحسابية إلى التحقق من صحة دقة البيانات التي تتضمنها المستندات والسجلات والتقارير الاجتماعية والقوائم المالية.(1)
4- قوائم الاستقصاء: يتم الحصول على المعلومات الملائمة عن طريق استخدام قوائم الاستقصاء الموجهة للفئات الاجتماعية المتأثرة بالأنشطة الاجتماعية أي تلك المجموعات التي قدمت تضحيات أو حصلت على منافع ويراد تقييمها. ويتم صياغة الأسئلة الخاصة بالتكاليف والمنافع الاجتماعية على النحو التالي:
· – كم تدفع حتى يتجنب الضرر؟.
· – كم تأخذ حتى تقتنع بذلك الضرر؟.
· – ما الثمن الذي تقبل التضحية به لتسلم الشيء المراد تقييمه؟.
· ما الثمن الذي تقبل أن تأخذه لتتوقف عن استلام هذا الشيء؟.
5- الفحص الفني والانتقادي: ويعتمد ذلك الفحص على مقارنة النسب الفعلية للضوضاء أو التلوث أو المواصفات القياسية لجودة النسب المسموح بها والمحددة قانوناً مع تحديد الانحرافات ومسبباتها واتخاذ القرارات التصحيحية اللازمة.
كما يعتمد هذا الأسلوب أيضاً على استخدام المؤشرات في تقييم كفاءة الأداء الاجتماعي، قد تبدو هذه العملية سهلة في المراجعة المالية لكن في ظل المراجعة الاجتماعية أكثر صعوبة ولذلك يجب على المراجع الاستعانة بالفنيين والأخصائيين في مجالات الأنشطة الاجتماعية المختلفة.
وفيما يلي أمثلة لبعض المؤشرات التي يمكن للمراجع الاجتماعي استخدامها:
· نسبة عدد العاملين المستفيدين من برامج التدريب إلى متوسط عدد العاملين بالمنظمة.
· نسبة عدد العاملين المستفيدين من وسائل النقل إلى متوسط عدد العاملين بالمنظمة
· نسبة عدد العاملين المستفيدين من توفير وحدات سكنية إلى متوسط عدد العاملين بالمنظمة.
· نسبة عدد العاملين المترددين على العيادة الطبية إلى متوسط عدد العاملين بالمنظمة .
· نسبة عدد العاملين المستفيدين من برامج الرحلات إلى متوسط عدد العاملين بالمنظمة.
· نسبة عدد العاملين المستفيدين من توفير دار الحضانة على متوسط عدد العاملات بالمنظمة.
· قيمة المنافع الفعلية لغير العاملين من برامج التدريب ومقارنتها بقيمة المنافع المخططة وقيمة المنافع في السنوات السابقة.
· قيمة المنافع التي تعود على المستهلكين نتيجة الرقابة على المواصفات القياسية للجودة مع مقارنتها بالمنافع المخططة أو قيمة تلك المنافع في الفترات السابقة.
· المستويات الفعلية والنموذجية بمواصفات الجودة للمنتج.
6 – المقارنات: حيث يتم استخدام المؤشرات والاتجاهات بهدف التعرف على السلوك المتوقع في المستقبل القريب وكذلك التعرف على مدى التطور في أداء المنظمة، واكتشاف أي انحرافات غير عادية،ويتم ذلكعن طريق1)
· المقارنة بين المحقق خلال الفترة والمستهدف أو المخطط بما يشير إلى مدى الفاعلية في تحقيق أهداف الأداء الاجتماعي.
· المقارنة بين المحقق خلال الفترة والفعلي للسنوات السابقة بما يشير إلى تطور الأداء الاجتماعي خلال الفترات المختلفة.
· المقارنة بين المحقق خلال السنة والمؤشرات المتعلقة بالصناعة، بما يشير إلى الأداء الاجتماعي للمنظمة بالنسبة لمثيلها في المنظمات التي تنتمي لنفس النشاط.
7- أسلوب الربط بين المنافع والتكاليف: ويقوم هذا الأسلوب على الربط بين التكاليف الاجتماعية التي يتحملها المجتمع ( وهي تكلفة الأضرار) بالمنافع الاجتماعية، وذلك لتحديد صافي التأثير الاجتماعي للمنظمة في محصلته النهائية.

ب- إجراءات المراجعة الاجتماعية:
بعد أن تطرقنا في الصفحات السابقة إلى مراحل المراجعة الاجتماعية وأساليب الحصول على أدلة الإثبات أصبح بالإمكان الحديث عن إجراءات المراجعة الاجتماعية والتي تأخذ أربع محاور مهما كانت الجهة المالكة للمنظمة (قطاع خاص أو قطاع عام) وهي:
1- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي نحو العاملين.
2- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي الخاص بالمنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة للعملاء والمستهلكين.
3- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي نحو الملاك.
4- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي تجاه الأطراف الأخرى والمجتمع بشكل عام.

وفيما يلي سيتناول الدارس شرح وتوضيح هذه الإجراءات على النحو التالي:
1- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي نحو العاملين1)
إنَّ الهدف الرئيسي للمنظمة تجاه هذه الفئة هو خلق وتعميق حالة من الولاء والرضا في نفوس هؤلاء العاملين، ولتحقيق ذلك الهدف لابد من أن يقوم المراجع بما يلي:
· مراجعة مبالغ الرواتب والأجور والمكافآت والحوافز والبدلات والمنح والإعانات للتأكد من صرفها بالكيفية السليمة والوقت اللازم وبالمكان السليم والتأكد من أنَّ ما يحصل عليه العاملون من هذه العناصر هو مستوى مناسب ومقبول يتقارب مع ما يحصل عليه أقرانهم في منظمات الأعمال الأخرى المماثلة.
· مراجعة نظم منح إعانات الوفاة والعجز الكلي والجزئي ومكافآت التقاعد ونظم المعاشات الإضافية بهدف التحقق من مناسبة تلك الأنظمة ومن انتظام صرفها للعاملين المستحقين لها.
· مراجعة إحصائيات إصابات العمل وإصابات الأمراض المهنية والمبالغ المنفقة على المراكز الطبية ووحدات الإسعاف ومبالغ ونظم العلاج داخل وخارج المنظمة بهدف التحقق من سلامة بيئة العمل وتوافر سبل الرعاية الطبية والصحية للعاملين.
· مراجعة برامج تأهيل وتدريب العاملين بالمنظمة وإجراءاته ومراجعة إحصائيات المتدربين داخل المنظمة وخارجها، والمبالغ التي أنفقت على التدريب، ومتوسط نصيب الفرد من هذه المبالغ ثم التحقق من مدى كفاءة برامج التدريب وعن مدى اكتساب المتدربين للمهارات والمعارف اللازمة تمهيداً لإتاحة الفرصة للترقية والتدرج الوظيفي وتحسين الأداء.
· مراجعة المبالغ التي قامت المنظمة بإنفاقها على النوادي والحفلات والمصايف والأنشطة الرياضية، ثم التعرف على أعداد المستفيدين من هذه الأنشطة، ثم التحقق من فعالية هذه الخدمات وتقديمها بشكل مناسب لأكبر عدد من المحتاجين إليها.
· مراجعة الإنفاق على إسكان العاملين سواء المبالغ المنفقة في مجال إنشاء المساكن أو في مجال استئجار مساكن أخرى. والتعرف على صحة وسلامة الإنفاق من ناحية والتعرف على أعداد المستفيدين وفئاتهم ودرجاتهم من ناحية أخرى.
· مراجعة نظم وسياسات ترقية العاملين بناءً على قدراتهم وتحقيق فرص تعاون للترقية دون تمييز أو محاباة.
· مراجعة ودراسة أرقام ومعدلات دوران العمل بالمنظمة ونظم الاتصال (صناديق الشكاوى، الاقتراحات، نظم الاجتماعات الدورية…) للتحقق من توافر وسائل اتصال فعَّالة ذات اتجاهين بين العاملين.
· مراجعة المبالغ التي تنفقها المنظمة في مجالات البعثات والإيفاد والأجازات الدراسية وبعثات الحج والعمرة المقدمة للعاملين داخل الدولة أو خارجها والتأكد من صحتها شكلاً وموضوعاً من ناحية، والتعرف على كفاية النظم الموضوعة في هذا المجال وأيضاً التأكد من أنَّ المستفيدين هم المحتاجون الحقيقيون لها. وأخيراً التعرف على مردود إنفاق هذه المبالغ على المنظمة.
· مراجعة أعداد أبناء العاملين المعينين بالمنظمة والمرشحين لشغل الوظائف الشاغرة والتأكد من إعطاء المنظمة الأولوية في تعيين أبناء العاملين المؤهلين لشغل هذه الوظائف دون تمييز أو محاباة.
2- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي الخاص بالمنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة للعملاء والمستهلكين:
إنَّ الهدف الأساسي لمراجعة الأداء الاجتماعي الخاص بالمنتجات والخدمات التي تقدمها المنظمة للعملاء والمستهلكين هو خلق حالة من الإشباع والرضا في نفوس العملاء والمستهلكين عن السلع والخدمات التي تقدمها المنظمة وفي سبيل تحقيق هذا الهدف فإنَّ على المراجع إتباع الإجراءات التالية:
· – مراجعة ودراسة نظم تكاليف الإنتاج ونظم التسعير المتبعة للتحقق من صحة ومناسبة وعدالة أسعار هذه السلع والخدمات.
· – مراجعة وفحص إجراءات المحافظة على سلامة العملاء عند استخدام المنتج، ودراسة شكاوى العملاء عن السلع والخدمات ومعرفة أسبابها، والتحري عن إجراءات المنظمة لمعالجة تلك الشكاوى، وكذلك دراسة مقترحات العملاء عن هذه السلع والخدمات.
· مراجعة المبالغ التي أنفقتها المنظمة على دراسات وأبحاث التسويق، وكذلك مراجعة برامج الإنتاج للتحقق من سلامة الصرف وعقلانيته، وأنَّ المنظمة تبذل الجهود اللازمة لضمان تقديم السلع والخدمات بتشكيلات تناسب كافة الدخول والمستويات والأذواق وبما يضمن الارتقاء بجودة السلع والخدمات المقدمة.
· مراجعة نفقات الإعلان (الدورية منها والرأسمالية) ومحتواها والتحقق من مدى ضرورة إنفاقها وصدقها وجديتها وأهميتها في تنشيط المبيعات وزيادة الطلب على السلع والخدمات التي تنتجها أو تقدمها المنظمة دون خداع للعملاء والمستهلكين.
· مراجعة إجراءات التعبئة والتغليف للتحقق من توفر كل المعلومات اللازمة على عبوات المنتجات بشكل كاف وصادق وموضوعي.
· مراجعة المبالغ التي أنفقتها إدارة المنظمة على البرامج التعليمية للعملاء والمستهلكين لتبصيرهم بخصائص المنتجات والخدمات التي تقدمها المنظمة وطرق ومجالات استخدام المنتج.
· مراجعة ودراسة ما اتخذته إدارة المنظمة من إجراءات في حالة حدوث تغيرات في كميات أو أسعار أو تشكيلات المنتجات، للتحقق من عدم فجائية هذه التغيرات ومن إعطاء المنظمة للعملاء الوقت الكافي لعمل الترتيبات اللازمة لمواجهة هذه التغيرات.(1)
3- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي نحو الملاك:
إذا كانت المنظمة مملوكة ملكية خاصة، فإنَّ هدف الأداء الاجتماعي في هذه الحالة هو المحافظة على رأس المال المستثمر وتحقيق هامش ربح مناسب لأصحاب رأس المال.(2)
ويتعين على المراجع في هذه الحالة إجراء ما يلي:
· – مراجعة سياسات البيع والتسويق والتخزين والشراء للتحقق من أنَّ المنظمة تتخذ أسلم وأفضل الإجراءات والأساليب والسياسات المناسبة لتحقيق أقصى قدر ممكن من الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وتقليص فرص الهدر والتلاعب وسوء الاستخدام. كما أنَّها لا تدخل في اتفاقات سرية بهدف تضخيم معدلات العائد على الاستثمار تزيد عن المعدلات المتعارف عليها.
· – مراجعة عناصر نفقات البيع والتوزيع ونفقات الشراء للتأكد من جدية صرفها في المجالات الصحيحة دون تبذير أو إسراف. وإنَّ هذه النفقات تحملتها المنظمة في الوقت الصحيح والكيفية السليمة.(3)
· – إجراء كافة الاختبارات واستخدام أساليب التحليل المالي للتحقق من أنَّ العائد المحقق للملاك على رأس المال المستثمر كان مناسباً في حدود العائد المناظر في الأنشطة المماثلة.
أمَّا في ظل الملكية العامة فإنَّه يتعين على المراجع التحقق من أنَّ المنظمة قد بذلت كافة الجهود اللازمة لتحقيق الأهداف التي رمت إليها الدولة من التدخل في ذلك النشاط وبالتالي فإنَّ إجراءات المراجعة يمكن إيجازها بما يلي:
· – التحقق من أنَّ كل الجهود اللازمة قد بذلت واتخذت كل الإجراءات الصحيحة لتحقيق أهداف الدولة المخططة دون إسراف أو تبذير أو فقدان أو اختلاس أو تلاعب.
· – مراجعة مدى استفادة الدولة من الفائض الذي تحققه المنظمة، ومن ضمن ذلك مقدار العملات الأجنبية التي توفرها المنظمة، وبالتالي مدى الإسهام في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة.
· – مراجعة مدى إسهام المنظمة في الدخل القومي في شكل ما تحصل عليه الدولة من حصة في أرباح المنظمة وما تحصل عليه من ضرائب.
· – مراجعة ما تحققه المنظمة من قيمة مضافة، وما توفره من عملات أجنبية، وما توفره أيضاً من فرص عمالة على المستوى القومي.
· – مراجعة مدى استفادة الدولة من إمكانيات المنظمة المادية والفنية، في إقامة مشروعات إنتاجية أخرى للإسهام في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
4- إجراءات مراجعة الأداء الاجتماعي تجاه الأطراف الأخرى والمجتمع بشكل عام:
إنَّ هدف الأداء الاجتماعي للمنظمة تجاه المجتمع والأطراف الأخرى هو تكوين صورة طيبة عن المنظمة وتكوين شخصية للمنظمة يقبلها الرأي العام للمجتمع والأطراف الأخرىالمعنيةبالأداء الاجتماعي للمنظمة.
ويتعين على المراجع القيام بالإجراءات التالية:
· مراجعة برامج المنظمة المتعلقة بحل مشاكل الإسكان والانتقال والطرق.
· مراجعة خطط المنظمة للمحافظة على مظاهر الجمال وتشجير المناطق المحيطة.
· مراجعة برامج المنظمة وجهودها في بيان أسباب المشكلات الاجتماعية القائمة ومدى كفايتها في حل المشكلات والقضاء عليها.
· مراجعة مبالغ الهبات والتبرعات التي تقدمها المنظمة للمؤسسات التعليمية والثقافية والاجتماعية والرياضية وكافة هيئات النفع العام، والتأكد من كفايتها وفعاليتها.
· التعرف على أعداد المعوقين واليتامى والأرامل والمحتاجين عموماً في المجتمع المحيط، ومدى إسهام المنظمة في تهيئة فرص العمل لهم وتدريبهم تمهيداً لإلحاقهم بالعمل، وكذلك دراسة أعداد طلاب الجامعات والمدارس الثانوية الذين تم تدريبهم بالمنظمة خلال العطلات الدراسية للتحقق من مناسبة الجهود المبذولة في هذا المجال.
· مراجعة مبالغ ونوعيات الغرامات والمخالفات التي وقعت على المنظمة كنتيجة للتخلص من النفايات ومخلفات الإنتاج بطريقة غير سليمة.(1)
· التأكد من تطبيق المنظمة للقرارات الإلزامية التي تصدرها الدولة والخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للمنظمة تجاه المجتمع الذي تعمل فيه.(1)
ويتفق الدارس مع الكتاب والباحثين الذين تناولوا إجراءات المراجعة الاجتماعية وذكروا في أبحاثهم بعضاً من هذه الإجراءات على سبيل المثال لا الحصر لأنَّ هذه الإجراءات قد تختلف من منظمة لأخرى ومن صناعة لأخرى ومن بيئة لأخرى وكذلك حسب كبر المنظمة أو صغرها ونوعية النشاط الذي تمارسه.

ثالثاً- علاقة المراجعة الاجتماعية بالمراجعة المالية والإدارية وموقعها بين المراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية:
إذا كانت المراجعة المالية (التقليدية) تهتم بإبداء رأي فني محايد عن مدى صدق وعدالة تعبير القوائم المالية عن المركز المالي للمنظمة ونتيجة أعمالها وتدفقاتها النقدية مستخدمة في ذلك معايير المحاسبة المقبولة عموماً ومعايير المراجعة المقبولة عموماً بهدف تقييم الأداء المالي والمحاسبي للمنظمة، وإذا كانت المراجعة الإدارية والتشغيلية تمتد لتغطي تقييم الكفاءة الداخلية للإدارة في ممارسة وظائفها المختلفة فإنَّ المراجعة الاجتماعية تلقي الأضواء على أداء المنظمة من وجهة نظر المجتمع ككل، وذلك اعتماداً على معايير مقبولة بشكل عام تعبر عن المتغيرات التي تعمل من خلالها المنظمة وتتلاءم مع المراجعة الاجتماعية.(2)
وإذا كانت مسؤولية قياس وتوصيل نتائج الآثار الاجتماعية لنشاط المنظمات تكون من صميم عمل المحاسبة الاجتماعية، فإنَّ مسؤولية التحقق من صحة وسلامة ودقة بيانات النشاط المحاسبي الاجتماعي تكون من صميم عمل ووظيفة المراجعة الاجتماعية.
إنَّ المراجعة الاجتماعية تختص بمراجعة الأداء المحاسبي الاجتماعي للمنظمة في الوقت الذي تختص فيه المراجعة المالية بمراجعة الأداء المحاسبي الاقتصادي للمنظمة.
ويمكن القول بأنَّ نطاق المراجعة الاجتماعية لا يقف عند فحص دفاتر وسجلات ومستندات المنظمة وإبداء رأي فني محايد في القوائم المالية والحسابات الختامية، بل يتعدى ذلك إلى ما هو أبعد وهو مجال المسؤولية الاجتماعية الذي يتضمن أنشطة اجتماعية مختلفة، وبالتالي فهو لا يرتكز فحسب على مجرد النواحي المالية كما هو الحال في المراجعة المالية.

من هنا يرى الدارس أنَّ ممارسة المراجعة الاجتماعية داخلياً يكون على نطاق ضيق ومحدود ويمكن للمراجع الداخلي أن يقوم بالمراجعة الاجتماعية ضمن عمله اليومي المعتاد من زاوية تحقيق الأبعاد الاجتماعية ذات الطبيعة المالية للتأكد
من مدى صحتها عن طريق مراجعة وفحص المستندات المؤيدة لها أو من زاوية مراجعة دفاتر وسجلات المنظمة المرتبطة بالنشاط الاجتماعي للتأكد من صحة ودقة البيانات التي تتضمنها.
أما الممارسة الفعلية ذات الطبيعة المميزة للمراجعة الاجتماعية فيجب أن تكون من جهة خارجية عن المنظمة ويرجع ذلك لأسباب عديدة أهمها مايلي:
أ‌- حتى يطمئن المجتمع صاحب المصلحة بالنسبة للنشاط الاجتماعي على نتائجها.
ب- حتى تساعد إدارة التنظيم ذاتياً على تحديد الرؤية الصحيحة بالنسبة لمسؤوليتها الاجتماعية بعيداً عن أي مؤثرات مادية أو معنوية داخل المنظمة.
ج- حتى يتأكد من خلالها إمكانية تقييم الأداء الاجتماعي للمنظمة بالصورة التي تتطلبها المراجعة الاجتماعية.
ومما لا شك فيه أنَّ ممارسة المراجعة الاجتماعية عند اقتصارها على جهة خارجية عن المنظمة سيمكنها ذلك من تحديد إلى أي مدى التزمت المنظمة بتنفيذ المسؤوليات الاجتماعية التي تقع على عاتقها أمام المجتمع بأطرافه المستفيدة المختلفة، وإلى أي حد تم الالتزام بالخطة الاجتماعية في المنظمة التي ينتظر الجمهور نتائج تنفيذها.
وعليه فإنَّ الدارس يرى أنَّ المراجعة الاجتماعية هي مراجعة خارجية بالمقام الأول ومن ثم فهي تتم لمصلحة المجتمع ككل بما في ذلك إدارة المنظمة ذاتها وأصحاب المصالح الأخرى الخاصة ولكن ذلك لا يمنع من قيام المراجعة الداخلية بدورها فكما نعلم أنَّه كلما كانت المراجعة الداخلية جيدة وقوية كلما قلل ذلك من إجراءات المراجعة الخارجية لأنَّ هناك تكامل بين المراجعتين.

رابعاً- مشاكل أداء المراجعة الاجتماعية:
تواجه أداء المراجعة الاجتماعية العديد من المشاكل ولعل أبرزها ما يلي:
1- أنَّ المفاهيم والمتغيرات الأساسية للمسؤولية الاجتماعية لم تتحدد بشكل قاطع:
لم تتحدد أو تتبلور المفاهيم والمتغيرات الأساسية التي تشكل أبعاد الإطار الفكري للمسؤولية الاجتماعية وبالتالي المراجعة الاجتماعية، ويؤكد ذلك ما أشارت إليه أدبيات المراجعة بأنَّه على الرغم من كل الاهتمام الذي حظي به موضوع المسؤولية الاجتماعية من قبل الكتاب والباحثين والتنظيمات المهنية الأمريكية، فإنَّ الحقيقة المؤكدة أنَّ عملية الوصول إلى معايير دقيقة لقياس عائد الوفاء بتلك المسؤولية هي عملية ما زال يحيط بها الكثير من الصعوبات والجدل والاجتهاد ونظراً لعدم الاتفاق بشكل دقيق حول أبعاد محددة لتلك المسؤولية الاجتماعية.
ويؤيد ذلك أحد الكتاب العرب بقولهأنَّ من أحد الأسباب التي تسهم بشكل رئيسي في صعوبة الوصول لتحديد دقيق لماهية المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال وحقيقة أبعادها هو أنَّ تلك المسؤولية موزعة، وبشكل خاص في دول العالم النامي، بين مؤسسات تلك الدول وبين منظمات أعمالها، دون وجود حدود أو ضوابط واضحة تبرز بشكل قاطع، ولو حتى الحد الأدنى من المسؤوليات أو الالتزامات التي يلزم أن يضطلع بها كل فريق منهما).(1)
ويرى الدارس أنَّ عدم التوصل إلى اتفاق محدد وواضح حول ماهية ومضمون المسؤولية الاجتماعية للمنظمة وحقيقة أبعادها يعني عدم القدرة على تحديد هذه المسؤولية بشكل دقيق وواضح، وبالتالي فهناك صعوبة في قياسها ومراجعتها بشكل موضوعي ودقيق.
2-أنَّ المشكلات والقيم والتوقعات الاجتماعية تختلف من مجتمع لآخر:
لكل مجتمع مشكلاته الخاصة وتوقعاته الخاصة فمثلاً في المجتمع الأمريكي أو الفرنسي أو البريطاني هناك مشكلات اجتماعية فريدة مثل (التفرقة العنصرية بسبب اللون، مشكلة الإجهاض غير المشروع ومشكلة تناول المشروبات الروحية…الخ)، ويتوقع أفراد تلك المجتمعات من منظمات أعمالهم أن يكون لها دور في حلها أو في المساهمة في التخفيف من حدتها.
والمشاكل السابق ذكرها في تلك المجتمعات قد لا تكون موجودة كمشكلات في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وإن وجدت في بعض هذه المجتمعات فإنها لا ترقى لمستوى المشكلة الاجتماعية وإنما تبقى مشاكل فردية, ومجتمعاتنا العربية والإسلامية لها مشكلاتها الخاصة بها فعلى سبيل المثال إنَّ تقديم المنظمة التسهيلات اللازمة لأداء مناسك الحج والعمرة أو زيارة الأماكن المقدسة أو المساهمة في حل مشاكل الإسكان أو المواصلات أو محو الأمية أو زيادة النسل أو إيجاد فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة أو تأمين دور للعجزة ما هي إلاَّ أمثلة لقضايا اجتماعية تتفق مع مشكلات وتوقعات أفراد المجتمعات العربية والإسلامية حيث يوجد في بلادنا العربية والإسلامية منظمات أعمال ليس لها وجود في المجتمعات المتقدمة.
ويخلص أحد الكتاب إلى أنَّ (الاختلاف في صيغ قيم ومفاهيم ومشكلات وتوقعات كل مجتمع بذاته إنما يولد اختلافاً مباشراً في المسؤوليات الاجتماعية لمنظمات الأعمال في كل مجتمع، وبالتالي تختلف حتماً وبالضرورة مجالات المراجعة الاجتماعية في كل مجتمع بذاته).(2)
ويتفق الدارس مع ما توصل إليه الكاتب بأنَّلكل مجتمع مشاكله الخاصة وتوقعاته الخاصة وهذا الاختلاف في التوقعات والمشاكل يزيد من صعوبة تحديد المسؤوليات الاجتماعية وبالتالي صعوبة قياسها مما يقود ذلك إلى صعوبة مراجعتها.

3- أنَّ المشكلات الاجتماعية تتسم بالحركية:
مما يزيد من صعوبة تحديد إطار عام للمراجعة الاجتماعية أن تلك التوقعات والمشكلات ليست لها صيغة الثبات أو الجمود حيث تتســـم بالحركيةوبالتالي يصبح من الصعب أو من غير المنطقي تحديد مجموعة ثابتة من الأنشطة الاجتماعية يمكن أن يقال فيها أنَّها التزام بمسؤولية اجتماعية كفيلة إذا ما أوفت بها المنظمة بأن تسهم في حل المشكلات الاجتماعية السائدة في كل مجتمع وفي كل زمان أو التخفيف من حدتها، فالمشكلات الاجتماعية المتحركة لا يمكن التعامل معها باستراتيجيات ثابتة.
ويخلص أحد الكتاب إلى أنَّ (الطبيعة الحركية “الديناميكية” للمشكلات الاجتماعية إنما تعني عدم مقدرة منظمات الأعمال على التعامل معها، إلاَّ عن طريق أنشطة اجتماعية لها صفة الحركة والتغير المستمرين. وكلما كانت الأنشطة الاجتماعية متغيرة، أصبحت عملية مراجعة الأداء الاجتماعي لتلك الأنشطة أكثر صعوبة وتعقيداً.(1)
ويرى الدارس حقيقة أنَّ المشكلات الاجتماعية متغيرة حسب الزمان والمكان فما يصلح لهذا الزمان لا يمكن أن يصلح في زمان آخر أو مكان آخر وكذلك مشاكل مجتمع معين تختلف عن مشاكل المجتمع الآخر، لذلك لا يمكن تحديد المشكلات الاجتماعية بدقة لإيجاد مقياس وتحديد واضح لها، ولذلك عدم قياسها وتحديدها بدقة يصعب من مهمة المراجعة الاجتماعية لهذه المسؤوليات.
4- مشكلة تحديد القائمين بعملية المراجعة الاجتماعية وحتمية تمتعهم بمهارات وخبرات متخصصة:
يجب أن يكون المراجع الاجتماعي ملماً بمعارف عديدة تتصل بمختلف مجالات المسؤولية الاجتماعية وتتفق مع الطبيعة المميزة للأنشطة الاجتماعية، وتتمثل تلك النواحي في الصحة العامة وعلم البيولوجي وعلم الإحصاء والاقتصاد والنواحي القانونية والتشريعات العمالية وقوانين حماية البيئة إلى جانب الخبرة العملية والعلمية في مجال المحاسبة والمراجعة.
من هذا المنطلق يحبذ استخدام نظام الفريق في المراجعة الاجتماعية باعتبارها من أفضل الوسائل التي يمكن أن تحقق تنفيذ تلك المراجعة على أعلى مستوى، على أن يتكوَّن ذلك الفريق من مجموعة أفراد متخصصين ذوي خبرة عملية وتأهيل علمي في مجالات أنشطة المسؤولية الاجتماعية حتى تمكنهم من قياس العوائد والتكاليف الاجتماعية وتقييم أنشطة الرفاهية العامة للمجتمع ومجالات التلوث وإدارة الموارد البشرية، إزاء ذلك يجب أن يتضمن فريق المراجعة بالإضافة إلى ما يتضمنه قسم خاص بالاستشارات المتخصصة يضم عدداً من الخبراء في الاقتصاد والتلوث و البيئة وعلم الاجتماع والعلاقات العامة والصناعة – التي تنتمي إليها المنظمة محل المراجعة – والصحة العامة والعلوم الطبيعية والكيميائية والهندسية، على أن يرأس ذلك الفريق المراجع الاجتماعي الذي يتعيَّن أن يتمتع بمستوى عالي من المعرفة العلمية والعملية في مجال المحاسبة والمراجعة الاجتماعية.(2)
5- مشاكل قياس التكاليف والعوائد الاجتماعية:
إنَّ من أكبر الصعوبات والمشاكل التي تواجهها المراجعة الاجتماعية هي صعوبة قياس التكاليف والعوائد الاجتماعية بشكل دقيق وذلك لعدم وجود معايير اجتماعية تلائم القياس المحاسبي بالإضافة إلى مشاكل التقرير المحاسبي عن النشاط الاجتماعي لذلك لابد من إتمام المراجعة الاجتماعية بشكل موضوعي، ولكي يتم ذلك ينبغي التوصل إلى اتفاق حول معايير محاسبية مقبولة عموماً تمكن من1)
أ- قياس تكلفة ومنافع برامج الأداء الاجتماعي.
ب- قياس مدخلات ومخرجات برامج العمل الاجتماعي ومقابلة ذلك بمعايير محددة مسبقاً.
ج- تصميم تقرير معياري عن الأداء الاجتماعي.
د- تقييم الأداء بتحديد كفاءة وفعالية تنفيذ المنظمة للبرامج الاجتماعية.
ويرى الدارس أنَّ هذه المشكلة هي من المشاكل الرئيسة حيث أنَّ القياس المحاسبي الدقيق للأداء الاجتماعي بمقاييس مالية سوف يسهل عملية المراجعة الاجتماعية وإن كان هناك بعض المعايير والمقاييس للأداء الاجتماعي فإنها تكون من وجهة نظر المنظمة، أمَّا من وجهة نظر المجتمع فإنَّه لم تحدد بدقة المعايير والمقاييس لقياس المساهمات الاجتماعية بصورة مالية وإنما تأخذ مقاييس كمية أو وصفية لا أكثر من ذلك وبالتالي يصعب معها إجراء المراجعة الاجتماعية.
6- تحديد الجهة التي تعين المراجع الاجتماعي وتدفع أتعابه ويقدم إليها تقريره:
جرت العادة على أن يقوم فريق عمل مختص ومستقل عن المنظمة بتنفيذ المراجعة الاجتماعية، ولكن دوماً تثار مشكلة وهي أنَّ الجهة التي تقوم بتعيين المراجع وتحديد أتعابه بصفة خاصة نتيجة عدم وجود إلزام قانوني على المنظمات بالقيام بالمراجعة الاجتماعية، وبالتالي فإنَّ المشكلة الواضحة هنا فيمن يطلب خدمات المراجعة الاجتماعية ويستفيد منها، وفي حالة وجود ذلك من الذي يعين المراجع الاجتماعي ويحدد أتعابه.
ويرى الدارس أنَّ المستفيدين من خدمات المراجعة الاجتماعية هم مختلف فئات المجتمع بصفة عامة، ولا شك أنَّه من غير المنطقي أن تقوم تلك الطوائف بتعيين المراجع وتحديد أتعابه وبنفس الطريقة فإنَّ الجهة التي يقدم إليها تقرير المراجعة الاجتماعية هي مختلف فئات المجتمع.
وخلاصة القول يرى الدارس فيما سبق من مشكلات تواجه تنفيذ ونجاح إتمام عملية المراجعة الاجتماعية وبالتالي قيام المراجع بإبداء رأي فني محايد وموضوعي سوف تبقى تؤرق الكتاب والباحثين والمنظمات المهنية والعلمية المهتمة بالمحاسبة والمراجعة بشكل عام والمحاسبة والمراجعة الاجتماعية بشكل خاص، ولابد من إيجاد الحلول الناجعة لها وذلك خدمة لفئات المجتمع المستفيدة من عملية المراجعة الاجتماعية.

إعداد الدكتور عبدالسلام المبروك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى