ضرائب

ضريبــة القيمــــة المضافـــــةوحكـــم الإســلام فيـــها

ضريبــة القيمــــة المضافـــــة
وحكـــم الإســلام فيـــهـا

} يا أيّها الذينَ آمنُوا اسْتجيبُوا لِلهَ وللرّسول {

} وَمنْ أَعـرَضَ عَن ذِكْـرِي فإِنّ له مَعِيشـةً ضَـنكاً ونحُشُـرهُ يَومَ القـيامَـةِ أَعمـىَ {

ضريبــة القيمــــة المضافـــــة
وحكـــم الإســلام فيـــها (1)

مقدمة:
إن غاية المسلم فى الحياة هى نوال رضوان الله، وذلك بعبادته عبادة خالصة ؛ لذا كان اندفاعه في الحياة يهدف لتحقيق تلك الغاية. }وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون{. وقد هيأ المولى عز وجل للإنسان العيش لتحقيق تلك الغاية بجعل تنظيم جميع أعماله في سياق ذلك التعبد، ومنه تنظيم الحياة الاقتصادية التي اشتملت على الآتي:
1- الأحكام التي تتعلق بكيفية اكتساب الثروة، فكانت أحكام الإجارة والعمل والإرث… وغيرها.
2- الأحكام التي تتعلق بكيفية التصرف في الثروة، سواء أكانت بالإنفاق؛ كأحكام النفقة الواجبة والصدقات ومنع الإنفاق في المحرمات.أو أحكام تنمية المال؛ كأحكام الشركات والمساقاة والاستصناع.
3- أحكام التوزيع والتي تهتم بإشباع جميع الحاجات الأساسية بالنسبة لجميع الأفراد والتمكين من إشباع حاجاتهم الكمالية بقدر المستطاع.
وباستقراء تلك النصوص الشرعية الواردة في أحكام الثروة والمال، يتضح أنها تعمل على القضـاء على الفقـر قضـاء ً تاماً في المجتمع. ولكن لما اكتوي العالم بسيطرة النظام الرأسمالي، وأخذ معالجاته، تعمقت الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وصار الفقراء في العالم يعدون بالبلايين، وذلك نتيجة حتمية لتطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يفقر العباد وينهب ثروات البلاد.
وفى هذا الفصل نتناول معالجة تعمل الدول الإسلامية على تطبيقها، وهى ضريبة القيمة المضافة . فهي ضريبة ابتدعتها الدول الرأسمالية، وطبقت في فرنسا وبعض الدول الأوربية ودول العالم الثالث مثل نيجيريا ودول أمريكا اللاتينية، وقد تم تطبيقها في إسرائيل عام 1976، ثم قامت إسرائيل بفرضها على أراضي السلطة الفلسطينية باعتبارها دولة محتلة، مخالفة كل الأعراف الدولية بذلك ، ومنذ ذلك التاريخ وهي تطبق في الأراضي الفلسطينية، بل إن بعض الدول العربية تفكر جديا بتطبيقها بالشكل الكلي، وذلك بالانتقال من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة ،كما في الأردن والسودان، بل أن السودان بدأ بتطبيقها في أول يونيو عام 2000 م.

فما هو واقع ضريبة القيمة المضافة ؟
وما حكم الشرع فيها ؟
وهل هناك شبهة دليل للقائلين بجوازها ؟

وكيف تتعامل الدولة القائمة على أساس العقيدة الإسلامية مع قضية الأموال ؟

وقبل البدء في الاجابة على التساؤلات السابقة لا بد من تعريف القارئ بمنهجية العملية المحاسبية بشكل عام ، ثم أنتقل الى التعريف الى الاسلوب المنهجي للمحاسبة في الاسلام.

المبحث الاول: الأسلوب المنهجي للعملية المحاسبية
Systematic Accounting Process

توصف العملية المحاسبية بأنها عبارة عن نشاط وظيفي منظم ومتعاقب يقوم به فئة من الموظفين يطلق عليهم محاسبين، ومقسم إلى سلسلة من حلقات متتابعة ، بحيث تكون كل حلقة من الحلقات مقدمة منطقية للحلقات التي تليها ، وإن ضعف أحد الحلقات سوف يؤدي إلى ضعف السلسلة بكاملها . وتهدف هذه الحلقات باتحادها وتكاملها البحث عن حقيقة البيانات المالية التي تمت في الوحدة الاقتصادية وفقا لقواعد ومبادئ محاسبية تم التعارف عليها من قبل الهيئات المحاسبية سواء الدولية أو المحلية بغرض الوصول إلى نتيجة معلومة وهي إعداد قوائم مالية صادقة ومعبرة عن واقع المركز المالي للمنشاة، وتقديمها إلى الجهات المستفيدة ، سواء الجهات الداخلية أو الخارجية ، ويمكن وصف حلقات العملية المحاسبية بالتالي :

الحلقة الرئيسية وتتمثل في:

العملية المحاسبية التشخيص وتحديد الأهداف القياس المحاسبي تسجيل البيانات المالية ضمن النظام المحاسبي تحضير القوائم المالية

الحلقات التابعة وتتمثل في :

بواسطة إدارة المشروع عن طريق حصر الأحداث المالية المتعلقة بالوحدة الاقتصادية 1- تحليل الأحداث المالية
بواسطة قسم المحاسبة في اليومية العامة (اليومية الأمريكية ) بالقيم التاريخية ،أي بالمبلغ المسجل بالفواتير ، وبالعملة المحلية أو أي عملة تقررها الإدارة تسجيل الأحداث المالية
قسم المحاسبة إلى الحسابات الخاصة بها ترحيل الأحداث المالية
قسم المحاسبة، ويعتبر التبويب أحد مراحل الاسلوب الاحصائي الذي تتبعه المحاسبة لتصنيف البيانات المالية التي يتم تسجيلها الى مجموعات فرعية وفقا لطبيعة البيانات في كل منها، وأثرها على المراكز المالية للوحدة المحاسبية عن طريق معادلة الميزانية وارتباط كل حساب إلي العائلة التي ينتمى إليها
A= L+OE+R- E تصنيف وتبويب وتلخيص الأحداث المالية
قسم المحاسبة عن طريق الأستاذ العام عمل ميزان المراجعة بالمجاميع والأرصدة
قسم المحاسبة وبالاتفاق مع الإدارة (المدير المالي ) وفقا لمبدأ الاستحقاق ، أي تحميل الفترة المالية بما يجب أن تتحمله من نفقات وإيرادات عمل التسويات اللازمة عن الفترة المالية
قسم المحاسبة مع المدير المالي ) وفقا لمبدأ الدورية (أي الفترة المالية ) عمل قيود الإقفال
قسم المحاسبة عن طريق الأستاذ العام عمل ميزان المراجعة المعدل
قسم المحاسبة
المحاسب العام وموافقة المدير المالي ومجلس الإدارة من ميزان المراجعة المعدل عمل القوائم المالية المقررة
1_قائمة الأرباح والخسائر
2- قائمة الميزانية العمومية
3- قائمة حقوق أصحاب المشروع
4- قائمة التغيرات في المركز النقدي
بواسطة مدقق قانوني مرخص CPA بغرض إبداء لرأي فني ومحايد تدقيق البيانات المالية المعدة من قبل الإدارة
المستفيدين الخارجيين
Outsiders المساهمين
Insiders توزيع القوائم المالية إلى الجهات المستفيدة

المبحث الثاني: الأسلوب المنهجي للعملية المحاسبية في الإسلام
Systematic Accounting Process in Islam
لا تختلف كثيرا الإجراءات المنهجية للعملية المحاسبية في الإسلام عنها في المحاسبة الوضعية، ذلك أن المحاسبة الوضعية هي من الأعمال الدنيوية، وبالتالي لا مانع من الأخذ بها طالما لا تتعارض مع القواعد الشرعية الإسلامية. ولكن الاختلاف ينتج في مفهوم الوصول إلى صافي الربح، حيث انه في المحاسبة الوضعية يتم الوصول إليه بمقابلة الإيرادات بتكلفة الحصول عليها من كل أنواع التكلفة، لتوزيع الارباح وتحقيق الضريبة عليها. في حين أنه في المحاسبة الإسلامية هناك بعض المصاريف والنفقات التي لا تعتبر شرعية من وجهة النظرة الإسلامية كالفوائد وغيرها من المصاريف، وبالتالي يجب ردها إلى وعاء الأرباح والخسائر قبل توزيعها على المساهمين أو الشركاء ، والغرض من ذلك هو دفع زكاة الأموال على المال النامي والمتمثل بالأرباح المحققة، وبالتالي لا بد من الإشارة ولو بشكل مبسط عن خصائص الاقتصاد الإسلامي ومفاهيمه حتى نحقق الشرعية في التوزيعات الربحية، ونفهم معنى الزكاة في الإسلام .
المبحث الثالث: خصائص الاقتصاد الإسلامي

الخاصية الاولى: الارض تتسع لبني البشر مكانا على إمتداد الزمن

“يا عبادي الذين آمنو إن ارضي واسعة فإياي فاعبدون : العنكبوت 56
” والارض مددناها والقينا فيها رواسي وانبتنا فيها من كل شيئ موزون، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين، وإن من شيئ إلا عندنا وما ننزله الا بقدر معلوم “
المبادئ المتعلقة بالخاصية الاولى :
1- الارض مذللة ومسهلة لبني البشر
2- جميع ما في الارض مخلوق للانسان
3- جميع ما في السماوات وما في الارض مسخر لبني البشر

الخاصية الثانية: المالك الحقيقي هو الله وليس الانسان

الخاصية الثالثة: حق الملكية المنسوب للانسان مقيد بشرع الله، وينقسم الى :
1- حق الملكية الفردية
2- حق الملكية الجماعية
3- حق الملكية العامة للدولة

الخاصية الرابعة: المصلحة العامة هي المصلحة التي وتتفق وشرع الله
” ولو إتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن “

الخاصية الخامسة : الحق المعلوم في المال لغير مالكه
” والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم “

الخاصية السادسة: مشروعية المال وحله
“قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه، إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجز أو فسقا أهل لغير الله ، فمن أضطر غير باغ ولا عاد فأن ربك غفور رحيم “

الخاصية السابعة: وضع المال في محله
” ولا تؤتوا الفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما “

الخاصية الثامنة: تحريم تعطيل الطاقة البشرية،
يقول عليه الصلاة والسلام
“‘ملوا فكل ميسر لما خلق له “

الخاصية التاسعة : إن أهم سبل توزيع الثروة هي :
1- الزكاة 2- الصدقات 3- الكفارات 4- القرض 5- الوصية 6- الميراث 7- إنفاق الغنائم
الخاصية العاشرة : وجوب تداول الثروات وعدم انحصارها بأيد قليلة
“ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، كي لا تكون دولة بين الاغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا “الحشر 7

الخاصية الحادية عشرة:الاقتصاد الاسلامي جزء لا يتجزأ من حياة الامة الاسلامية
” تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ..وتلك جدود الله بينها لقوم يعلمون.. والناهون عن المنكر، والحافظون لحدود الله.

الخاصية الثانية عشرة : الاقتصاد الاسلامي ٌتصاد أخلاقي

الخاصية الثالثة عشرة : الاقتصاد الاسلاي إقتصاد موجه

الخاصية الرابعة عشرة: الاقتصاد الاسلامي إقتصاد إنساني عالمي
” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير “

الخاصية الخامسة عشرة :الاقتصاد الاسلامي إقصاد واقعي

الخاصية السادسة عشرة : الاقتصاد الاسلامي إقصاد واقعي

الخاصية السابعة عشرة: التعامل الاقتصادي في الاسلام حر ما لم يصطدم بمانع شرعي أو يتعدى حقوق الاخرين
الانعام 151، 153 وينقسم الى:
1- المحافظة على حقوق اليتامى والاحسان إليهم
2- الوفاء بالكيل والميزان
3- الوفاء بالعهد
4- أكل الاموال بالباطل
5- التعامل بالربا

الخاصية الثامنة عشرة: الاقتصاد الاسلامي لا يأبى الاقتباس من غيره فيما لا يتعارض مع خصائصه التالية :
1- الاخاء
2- الاحسان
3- النصيحة
4- الاستقامة
5- التقوى ويتفرع عنها :
أ‌- الفاء بالعهد
ب‌- الاصلاح
ت‌- الايمان والعمل الصالح والاحسان
ث‌- الصبر
ج‌- في المداينة والتعامل
ح‌- في الاستقامة
خ‌- في التواضع
د‌- في القصاص
من الخصائص السابقة للاقتصاد الاسلامي يتحدد لنا مفهوم الزكاة التي هي ليست ضريبة.

المبحث الرابع: المفاهيم الذاتية للزكاة

المفهوم الاول: سمو الدلالة على المعنى
“يمحق الله الربا ويربي الصدقات ” البقرة/ الاية 276
“”خذ من أموالهم صدقة تطهرم وتزكيهم بها ” التوبة/ الاية103
” قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، واللذبن هم للزكاة فاعلون” / المؤمنون الايات من 1-4

وتتناول دلالة الزكاة أيضا معنى: الحصانة من الدنس، والنقص، والاذى، والحرام ،والشح. مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام
“حصنوا أموالكم بالزكاة”
“ما نقص مال من صدقة”
إستنزلوا الرزق بالصدقة “
الصدقة تسد سبعين بابا من السوء”
المفهوم الثاني: الزكاة عبادة
قال تعالى: “وأقيمو الصلاة وآتو الزكاة ” سورة المزمل/الاية 20
قال رسول الله “بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من إستطاع إليه سبيلا”
المفهوم الثالث: الزكاة فريضة إلهية
قال رسول الله” ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين”
المفهوم الرابع: الثبات والاستمرار
أي ان الزكاة تكليف إلهي، وليس تكليف زمني تتحدد أحكامها تبعا لمشيئة الوضع الحكومي

المفهوم الخامس: تحديد سبل الانفاق
مصداقا لقوله تعالى: ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اله وابن السبيل فرضة من الله والله عليم حكيم ” سورة التوبة /الاية 60

المفهوم السادس: سمو الاهداف والمقاصد
“مصداقا لقوله تعالى : ” ومن يوق شح نفسه فاؤلئك هم المفلحون ” سورة الحشر/ الاية 9
المبحث الخامس : التعريف بماهية ض.ق.م بالاسلام
وآلان نبدأ بالاجابة على التساؤلات عن التعريف بماهية ضريبة القيمة المضافة، وفق المفاهيم السابقة: ة
1-5: : واقع ضريبة القيمة المضافة:
الضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة تفرض على الزيادة في قيمة السلع والخدمات في كل مرحلة من مراحل إنتاجها وتداولها، ويقوم بتحصيلها المكلفون المسجلون، وتفرض أيضا على قيمة الواردات من السلع والخدمات عند مرحلة الإفراج الجمركي، وتقوم بتحصيلها أدارة شرطة الجمارك). أذاً هي ضريبة تنشأ عند البيع أو الشراء في الواردات أى من قبيل الضريبة غير المباشرة، وتؤخذ من القيمة التي أضيفت للسلع. وتجب على كل شخص حدده القانون لهذا الغرض.

ولتوضيح ضريبة القيمة المضافة نفترض أن هناك مصنعاً للصابون تكون تفاصيل الضريبة فيه على النحو التالي:

البيان التكلفة القيمة المضافة ض.ق.م بنسبة17%
مرحلة1- صودا + شحوم 10000 10000 3400
مرحلة 2- صابون في براميل 20000 10000 1700
مرحلة3 –صابون معبأ 30000 10000 1700
مرحلة4- صابون لتاجر الجملة 40000 صفر صفر
مجموع 40000 6800

الخلاصة:
تكاليف مراحل الإنتاج = 40000
أرباح مقترحة 10% = 4000

مجموع = 44000
ض.ق.م 17% = 7480
مجموع = 51480

والخلاصة أن تكاليف هذه السلعة بدلا من أن تكون 44000 شيكل مع الارباح ، أصبحت 51400 بعد فرض ضريبة القيمة المضافة . وبالتالي فان النظرة الاولى للضريبة الاضافية انها تساعد في رفع الاسعار صحيحة . ولكن المتوقع من الضريبة الاضافية أن لا يكون لها أثر ملحوظ على مؤشر الاسعار الاجمالي لعدة أسباب ومنها :

1- أن الدولة حين تلجأ الى فرض مثل هذه الضريبة تلجأ الى الغاء الضرائب غير المباشرة الاخرى كما فعلت لبنان حينما ألغت ضريبة ال 5% على المطاعم والفنادق بالنسبة لللاشخاض الخاضعين لمثل هذه الضريبة .
2- وضع معدلات ضريبية معقولة ومنخفضة تتناسب ووضع المستهلك النهائي .
3- اعفاء لائحة سلع اساسية من الضريبة مما يشكل قسما ملحوظا من مجمل السلع الاستهلاكية محليا وبعض القطاعات الخدمية كالصحة ، والتربية ، والزراعة …الخ
4- اعفاء المؤسسات الخيرية من هذه الضريبة

وقد وصفها المروجون لها بأنها ضريبة:
1- عادلة وتتمشى مع القيمة التي أضيفت للسلع
2- إحلالية، اى حلَت محل مجموعة من الضرائب (الخصم والأضافة + رسوم الأنتاج… الخ).
3- متسعة القاعدة وتقلل من فرص التهرب الضريبى للتعدد فى مراحلها.
4- تعفى بعض السلع الضرورية من الضريبة.
من هذا العرض يتبين أن ضريبة القيمة المضافة:
1- ضريبة غير مباشرة تؤخذ من البائع عند تحقق عملية البيع ، ويقع عبئها حتماً على المتسول والأرملة التي تعول صغارها، والفقير المعدم، لانها تضاف لسعر السلع، بل وصفها أحد الاقتصاديين أنها الضريبة المفروضه على الفقراء .
1- تضيف على أصحاب الأعمال أعباء إضافية من مسك دفاتر وحسابات وتسجيل كل المبيعات والمشتريات، فهي تتطلب من التاجر تسجيل كل مبيعاته ومشترياته كما ورد في قانون مسك الدفاتر الخاص بضريبة القيمة المضافة مما يجعلها عبئاً ثقيلاً.
2- يتساوى مقدارها على الجميع باختلاف قدراتهم ما يجعل منها مدخلاً لاختلال التوازن الاقتصادي في المجتمع.
3- تُعفي بعض السلع من الضريبة، وهي السلع المصدّرة، والسلع الزراعية، ما يوجه حركة الإنتاج للزراعة، خاصةً في ظل إعفاء التقاوي والسماد والمبيدات، فيجعل البلاد سوقاً للمواد الخام، متخلفة صناعياً؛ لان الإنتاج يتجه دائماً حيث تقل الضريبة.
4- مدخل للتزوير والتلاعب والفساد، فقد تلجأ بعض المؤسسات إلى تزوير حجم الضرائب التي دفعتها المنشئآت الأخرى، خاصة في ظل عدم كفاءة الجهاز الضريبي.
2-5: أما من ناحية الحكم الشرعي فيها، فهي محرمة من الأوجه التالية:
1- كونها تشريع أُخذ من الكفار، وليس من العقيدة الإسلامية، وهذا يتعارض مع قوله تعالى: }فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم{، وقوله e (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) [رواه مسلم وأحمد]، وقد ورد في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله t قال: (مرضت فأتاني رسول الله e وابوبكر يعودان ماشيين فأغمي عليّ فتؤضأ ثم صب عليّ من وَضؤه فأفقت قلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد عليّ حتى نزلت آية الميراث). ما يدل على ان كل التشريعات يجب أن تؤخذ من الوحي، فالحديث يوضح تشريعاً متعلقاً بالمال خاصة.
2- نص الإسلام على حرمة الضريبة التي تؤخذ على البيع والشراء في مداخل البلاد، وهي تتضمن الضريبة على الاستيراد (في ضريبة القيمة المضافة)، قال e: (لا يدخل الجنة صاحب مكس) [رواه أحمد وأبو داود والحاكم] وقال e: (إن صاحب المكس في النار) [رواه أحمد]، وقال: في مسند الامام احمد بن حنبل (اذا وجدتم عاشراً فاقتلوه).
3- هي مال يؤخذ من صاحبه بغير وجه شرعي، لقوله e: (لا يحل مال إمرئ مسلم إلا بطيب نفسه)، ولقولهe: (كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه) [رواه أبو داود وابن ماجه].
4- يؤدي أخذها إلى زيادة أسعار السلع المنهي عنها في الإسلام،لما روي عن معقل بن يسار قال: قال رسول e: (من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم فإنّ حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعُظْم من النار يوم القيامة) [رواه أحمد].
5- جاء أتخاذ قرار ضريبة القيمة المضافة من الكافر الذي ألزم كل دول العالم، بمن فيهم المسلمون من خلال منظمة التجارة الدولية، بإلغاء التعريفة الجمركية، ما دعا الدولة لإلغاء الجمارك ورسوم الإنتاج وإحلال ضريبة القيمة المضافة محلها.
وقد ذكر أحد المهتمين بالقضايا المالية في مجلة (آفاق الصناعة والتجارة) التي تصدر عن الدولة في العدد 14 (ديسمبر 1998م) ما نصه:
(من أين تعوض الدولة الإيرادات العامة الحالية، بعد انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية ؟ هذا السؤال يخطر دائماً ببال كل من يهتم بانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية، خاصةً أن جباية الإيرادات العامة من الجمارك ورسوم الإنتاج ظلت تشكل حوالي 70% من الإيرادات العامة).
وقد أوضح رئيس قسم الاقتصاد بجامعة النيلين، في ورقة قدمت في المعهد العالي للدراسات المصرفية والمالية، أوضح قائلاً: (أصبحت هذه الضريبة تحل محل ضرائب الواردات بناءً على سياسات التحرير الاقتصادي، والتي تستدعي تحرير التجارة الخارجية، والتقليل أوإلغاء ضرائب الصادر لغرض تشجيع هذا الأخير، تمشياً مع أهداف وبرامج التنمية الاقتصادية التي تنتهجها البلدان).
ثم أردف قائلاً: (أصبحت ضريبة القيمة المضافة شارة مرور تعلق على الصدر للدخول للمنظمات المانحة).
من كل ذلك يمكن القول عن ضريبة القيمة المضافة إنها:
1- تعويض عن الفاقد الضريبي جراء الالتزام باتفاقية المنظمة العالمية.
1- جزء من سياسة التحرير الاقتصادي.
2- تشكل رغبة الدول المانحة للقروض الربوية.
3- تلغي ضرائب الصادر مما يقلل من أسعار المواد الخام المنسابة للدول الصناعية الاستعمارية.
وهذا كله مخالف لامر الله عز وجل الذي حرم طاعتهم، والانصياع لبرامجهم ومخططاتهم، إذ يقول جل من قائل: }يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين{.

3-5: حجج القائلين بجواز أخذ ضريبة القيمة المضافة:
بالرغم من أن مشرعي ضريبة القيمة المضافة لم يبينوا دليلاً على جواز الأخذ بها، وهم بذلك قد كفونا مؤونة الرد عليهم، ولكن هنالك أدلة وردت في كتاب (حكم الضريبة في الإسلام)، الصادر عن ديوان الضرائب عام 1992م.
أولها: حديث (في المال حق سوى الزكاة)، والذي روى عن فاطمة بنت قيس، فقد وضّـح الحديث جواز أخذ أموال من الرعية غير الزكاة من فضول أموال الأغنياء، وكما تبين ذلك من أقوال الأئمة الواردة فى البحث نفسه.
ثانيها: أورد الكتاب ثلاثة عشر اقتباساً يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع:
النوع الاول:
يتحدث عن أخذ الأموال من الأغنياء صراحةً، وفيه خمسة اقوال:

1- يقول عمر بن الخطاب t: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء وقسمتها على الفقراء).
2- يقول علي كرم الله وجهه: (إن الله تعالى فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم، فإن جاعوا أو عروا وجهدوا فمنع الأغنياء، وحق على الله تعالى أن يحاسبهم يوم القيامة،ويعذبهم عليه).
3- يقول الغزالي: (أنه إذا قلت اليدي – أيدي الجند – من الأموال ولم يكن في مال المصالح ما يفي لخراجات العسكر، وخيف من ذلك دخول العدو، أو ثوران الفتنة من قبل أهل الشر، جاز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند).
4- يقول الشاطبي: (اذا قررنا إماماً مطاعاً مفتقراً الى تكثير الجنود لسد حاجة الثغور وحماية الملك المتسع الأقطار، وخلا بيت المال، وارتفعت حاجات الجند إلى مال يكفيهم، فللإمام اذا كان عدلاً ان يوظف على الأغنياء بما يراه كافياً لهم من المال، إلى أن يظهر مال في بيت المال، ثم إليه النظر في توظيف ذلك في الغلات والثمار وغير ذلك. وإنما لم ينقل ذلك عن الأولين لاتساع بيت المال في زمانهم، خلاف زماننا فإن القضية فيه أحرى، ودرجة المصلحة فيه ظاهرة… فإنه إن لم يفعل ذلك بطلت شوكة الإمام، وصارت ديارنا عرضة لاستيلاء الكفار).
5- ويقول الشيخ شلتوت: (إن الحاكم الممثل للأمة إن لم يجد ما يحقق به المصالح العامة للجماعة، كإنشاء دور التعليم، وتعبيد الطرق، وحفر الترع، والمصانع، وإعداد العدد للدفاع عن البلاد، ورأى أن أغنياء الأمة قد قبضوا أيديهم، ولم يمدوه بالبذل والمعونة،جاز له، وقد يجب أن يضع عليهم من الضرائب ما يحقق به تلك المصالح دون إرهاق أو إعنات).
ولما كانت هذه الأقوال تبين بوضوح أن الأموال تؤخذ من الأغنياء، فإنها لا تصلح دليلاً على ضريبة القيمة المضافة التي تؤخذ عند شراء السلعة من قبل الفقير والغني.
النوع الثاني:
واشتمل على ستة أقوال وردت في الكتاب:
1- وصح عن أبي هريرة وابن عمر والشعبي ومجاهد وطاووس وغيرهم كلهم يقول: (في المال حق سوى الزكاة).
2- ويقول الإمام مالك: (يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم وهذا إجماع).
3- ويقول الإمام الشافعي: (إن النوائب يتعين فرضها على المسلمين إذا حدثت).
4- ويقول القرطبي: (واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة، يجب صرف المال إليها).
5- ويقول أبو جعفر البلخي: (ما يضربه السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير ديناً واجباً وحقاً مستحقاً، كالخراج. قال مشايخنا: وكل ما يضربه الإمام عليهم مصلحة لهم: فالجواب هكذا: حتى أجرة الحراس لحفظ الطرق من اللصوص، ونصب الدروب وأبواب السكك).
6- ويقول المالقي، من المالكية بالأندلس: (توظيف الخراج على المسلمين من المصالح المرسلة ولا شك عندنا في جوازه وظهور مصلحته في بلاد الأندلس في زماننا هذا لكثرة الحاجة لما يأخذه العدو من المسلمين، سوى ما يحتاج إليه الناس، وضعف بيت المال عنه. فهذا يقطع بجوازه الآن في الأندلس، وإنما النظر في المقدار المحتاج إليه من ذلك).
تدور هذه الأقوال الستة حول فرض الأمام لأموال غير الزكاة في حال حدوث أمور تستوجب ذلك؛ كتجهيز الجيش للعدو، هذا إن لم يكن في بيت المال ما يفي. ما يدل على عدم وجود نظام ضريبي في الإسلام كما هو موجود الآن، إنما هي حالات تؤخذ فيها أموال من الناس حسب الحاجة.
كما أنها لم تشر إلى أخذ أموال من الفقراء، أو من جميع الناس على السواء، باعتبار أن ذلك معلوم حرمته بالضرورة، إذ يقول المولي عز وجل: }ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو{، ويقول: }لا يكلف الله نفساً إلا وسعها{، ما يدل على أن الأقوال لا تنطبق على ضريبة القيمة المضافة.
النوع الثالث: وهما قولان:
القول الأول: يقول ابن خلدون: (حين تحتاج الدولة، يستحدث صاحب الدولة أنواعاً من الجبايه، يضربها على المبايعات، ويفرض لها قدراً معلوماً على الأثمان في الأسواق، وعلى أعيان السلع في أموال المدينة). ويقول أيضاً: (ان سكنى المدن أعلى من سكنى البادية، لارتفاع الأسعار؛ لأن المغارم السلطانية التي توضع على الأسواق والبياعات تعتبر في قيمة المبيعات).
القول الثاني: يقول ابن تيمية: (وإذا طلب منهم شىء يؤخذ على أموالهم، ورؤوسهم مثل الكلف السلطانية التي توضع عليهم كلهم إما على عدد رؤوسهم، أو على عدد دوابهم، أو عدد أشجارهم،

أو على قدر أموالهم كما يؤخذ منهم أكثر من الزكاة الواجبة في الشرع، أو أكثر من الخراج الواجب في الشرع، أو تؤخذ منهم الكلف التي أحدثت في غير الأجناس الشرعية، كما وضع على المتبايعين للطعام والثياب والدواب والفاكه وغير ذلك. يُأخذ منهم إذا باعوا، ويؤخذ تارةً من البائعين وتارةً من المشترين.
وهؤلاء المكرهون على أداء هذه الأموال عليهم لزوم العدل على ما يطلب منهم، وليس لبعضهم أن يظلم بعضاً فيما يطلب منه… وأما المطالَبون فهذه كلف تؤخذ منهم بسبب نفوسهم وأموالهم، فليس لبعضهم أن يظلم بعضاً في ذلك، بل العدل واجب لكل أحد وعلى كل أحد في جميع الأحوال، والظلم لا يباح شيء منه بحال).
إن ما أورده ابن خلدون عن تلك المسألة هو حديث عن سبب قلة الجباية وكثرتها إذ قال: (إعلم أن الجباية أول الدولة تكون قليلة الوزائع على الناس، (الوزائع: جمع وزيعة، وهو ما يتوزع على الأشخاص) كثيرة الجملة، وآخر الدولة تكون كثيرة الوزائع قليلة الجملة. والسبب في ذلك أن الدولة إن كانت على سنة الدين فليست تقتضي إلا المغارم الشرعية من الصدقات والخراج والجزية، وهي قليلة الوزائع؛ لأن مقدار الزكاة من المال قليل، كما علمت، وكذا زكاة الحبوب، وكذا الجزية والخراج، وجميع المغارم الشرعية، وهي حدود لا تتعدى). ثم يمضي فيقول: (… وهو مع هذا مضطر لذلك بما دعاه إليه ترف الناس من كثرة العطاء، مع زيادة الجيوش والحامية، وربما يزيد ذلك في أواخر الدولة زيادة بالغة، فتكثر الأسواق، ويؤذن ذلك باختلال العمران، ويعود على الدول، ولايزال ذلك إلى أن تضمحل. وقد كان ذلك واقع منه لأنصار المشرق في أخريات الدولة العباسية والعبيدية كثير، وفرضت المغارم على الحاج في الموسم، وأسقط صلاح الدين تلك الرسوم جملة، وأعاضها بآثار الخير. وكذلك وقع بالأندلس لعهد الطوائف، حتى محا رسمه يوسف بن تاشفين، أمير المرابطين. وكذلك وقع بأنصار الجريد بأفريقيا في هذا العهد، حين استبد بها رؤساؤها).
من ذلك يتضح الآتي:
إن الناقل لقول ابن خلدون افتقر نقله إلى النزاهة والأمانة، إذ إنه نقل الكلام مبتوراً كي يحلل به ما حرمه الله من أخذ أموال الناس بالباطل. فابن خلدون يرى أن فرض الأموال التي ليست على سنة الدين هي مغارم غير شرعية. ويعتبر ابن خلدون أن تلك الضرائب والأموال المفروضة من أسباب اضمحلال الدول وزوالها، ويستشهد لذلك بشواهد تاريخية.
أما القول المنقول عن ابن تيمية، فإنه كسابقه أفتقر إلى الأمانة والنزاهة.
لأن ابن تيمية اورد تلك المقولة في فصل أطلق عليه (فصل في المظالم المشتركة التي تطلب من الشركاء) وقد كانت بداية الحديث الذي ذكره الناقل (فصل في المظالم المشتركة التى تؤخذ من الشركاء، مثل المشتركين في قرية أو مدينة اذا طُلب منهم شيٌ يؤخذ على أموالهم أو رؤوسهم، وهو يتحدث عن المظالم التى تقع من الحكام على العامة، وهم مكرهون، يجب عليهم أن يتساووْا في أدائها، وألا يظلم بعضهم بعضاً، فيشير ابن تيمية إلى أنهم مكرهون، ولا يمكن أن يعتبر ابن تيمية تطبيق الأحكام الشرعية إكراها، ويختم حديثه بأن الظلم لا يباح شيء منه بحال. حتى لا يأتي شخص ويدلل بكلامه على جواز الظلم كأخذ الضرائب وغيرها.
إن جواز عدم أخذ المكوس والعشور كان معلوماً لدى هذين العالمين كما هو معلوم لدى بقية أئمة المسلمين. فقد أورد ابوعبيد في كتاب الأموال أنه روى عن يعقوب بن عبد الرحمن القارىء عن أبيه قال: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدى بن أرطأة أن ضع عن الناس الفدية وضع عن الناس المائدة، وضع عن الناس المكس، وليس بالمكس، ولكنه البخس الذي قال الله تعالى فيه: }ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين{).
وعن كريس بن سلمان قال: (كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن عوف القارىء قال: أن اركب إلى البيت الذي برفح الذي يقال له بيت المكس، فأهدمه ثم أحمله إلى البحر، فانسفه فيه نسفاً).
أما القول بأن أخذ ضريبة القيمة المضافة وتطبيقها على الناس فيه مصلحة للمسلمين، فهو قول باطل، لأن المصلحة هي ما نص عليه الشرع.
ويؤيد ذلك قول الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات: (المصالح المجتلبة شرعاً، والمفاسد المستدفعة، إنما تعتبر من حيث تمام الحياة الدنيا للأخرى، لا من حيث أهواء الناس في جلب مصالحها العادية، أو درء مفاسدها العادية).
ويقول الغزالى في المستصفى صفحة 21: (إنا نقدر أن لله تعالى في كل حكم سراً، وهو مصلحة مناسبة للحكم، ربما لا يُطلع على عين تلك المصلحة، لكن يُطلع على وصف يوهم الاشتمال على تلك المصلحة).
ما يدل على أن المصلحة تكون في التقيد بالحكم الشرعي، لا في مخالفته، وذلك بما أودع الله تعالى من مصلحة فيه قد لا يدركها الناس.
لقد كان ذلك مفهوماً لدى سلف هذه الأمة، فقد روي عن رافع بن خديج أنه قال: (كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، وجاءنا ذات يوم رجل من عمومتى، فقال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعاً، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا) [رواه مسلم].
وأخيراً هناك سؤال قد يتبادر إلى الأذهان ألا وهو: كيف تأتي الدولة الإسلامية بمصادر مالية تفي بحاجتها، خاصة بعد اتساع نفقاتها في العهد الحديث ؟
إن مصادر الدولة الإسلامية الدائمة من الأموال تنقسم إلى ثلاثة أنواع من حيث مصادرها ومصارفها ويمكن تصويرها في أبواب تشكل في مجموعها ميزانية الدولة الإسلامية الدائمية.
أولاً: الأموال التي تصرف حسب رأى الخليفة واجتهاده وهى باب ملكية الدولة:
نفقات واردات
وهذه تصرف فى مصالح المسلمين حسب راى الخليفة فقد تصرف في بناء المستشفيات ودور التعليم والطرق والجسور واستصلاح الأراضي وغيرها. الخراج، العشور، الجزية، الفيء، الغنائم وخمس الركاز، مصانع الحديد والصلب، أي مصانع أخرى ملك الدولة.
ثانياً: الزكاة وتصرف في مصارفها الثمانية:
نفقات واردات
الفقراء، المساكين، العاملين عليها، الرقاب، سبيل الله، وابن السبيل، الغارمين، المؤلفة قلوبهم. زكاة الزرع، زكاة الأنعام، زكاة التعدين، زكاة عروض التجارة، وغيرها.
ثالثاً: باب الملكية العامة وهي الأموال التى أذن الشارع بانتفاع الجميع بها ويتحرى الخليفه توزيع أموالها على الرعية بالتساوي:
نفقات واردات
– القيام بعمل ينتفع الجميع به
– إعطاء أموالها للرعية بالتساوي لرفع المستوى المعيشي. – البترول
– أموال المعادن
– أموال فائض الكهرباء
– أرباح السكة حديد
– أرباح الاتصالات السلكية
– وغيرها من الملكية العامة.
هناك باب رابع وهو الضرائب وينشأ حينما تكون هنالك طوارئ مثل الزلازل والفيضانات وغيرها ولا يكون في بيت المال ما يفي. ويؤخذ من الأغنياء فقط وبقدر الحاجة بغير عنت ولا مشقة.
4-5: النظام الضريبي الزكوي
من بعد هذه الدراسة والتي تبدو في ظاهرها أنها تحرم الضريبة الاضافية، فعلى علماء المسلمين والاقتصاديين المسلمين، وهم كثر، أن يحاولوا التقريب بين مفاهيم الضريبة في الاسلام والضريبة في النظام الوضعي، ليخرجوا لنا بمفاهيم تتفق والتغيرات العلمية والعالمية في هذا الزمان، أما أنا فاقول أنه رغم القول بان الزكاة ليست في حقيقتها ضريبة، إلا أن الضريبة تظل اقرب موضوع على الزكاة من حيث توافر الوصف المالي والمحاسبي، وليس هناك ما يمنع من تنسيق الفكر المالي وتقاربه من حيث البحث في تنظيم الاساليب واحكام الخطط الموصلة الى ميدان وأهداف كل منهما في ظل مبادئ مالية ومحاسبية لا تصطدم بالاحكام القطعية للشريع الاسلامية، حتى يمكن تصور الادوار التي يقوم بها النظام الضريبي المستقى من احكام الزكاة لا بد من إستحضار المعلومات الشرعية التالية :
1- تفرض الزكاة بنسبة 2.5% على النقود السائلة
2- تفرض الزكاة بنسبة 2.5% على عروض التجارة وأرباحها
3- تفرض الزكاة بنسبة 2.5% على العائد من النشاط الزراعي
4- تعفى الاصول الراسمالية بالكامل من الزكاة
5- الاسهم والعقارات التي تقتنى للتملك تزكى عوائدها، بينما تزكى تلك التي تقتنى للمتاجرة والمضاربة أصولا وعوائدا
6- سهم الغارمين يصرف منه لكل من تحمل دينا شرعيا لمصلحته أو المصلحة العامة
7- الفقير والمسكين يمكن أن يصرف له من الزكاة ما يدير به ىلة حرفته أو مهنته
8- سهم في سبيل الله واسع المفهوم ويمتد ليشمل الانفاق في المصالح العامة كالصحة والتعليم ونحوهما .
المبحث السادس: أنظمة الزكاة غير المباشرة في الفكر الاقتصادي الاسلامي
وللافادة فإني أورد هنا دراسة عن أنظمة الزكاة غير المباشرة في الفكر الاقتصادي الاسلامي.

يأخذ التشريع المالي الاسلامي بفرضية الزكاة غير المباشرة،وتتمثل في:
أولا: الزكاة النوعية على الاستهلاك
ثانيا: الزكاة الجمركية – العشور

أولا: الزكاة النوعية على الاستهلاك
وتتناول بعض أنواع معينة من سلع الاستهلاك، وفي إحدى مراحل إنتاجها، وتتمثل في أنواع ثلاث رئيسية وهي:
1- زكاة المعادن
2- زكاة الركاز
3- زكاة الثروة البحرية

1- زكاة المعادن: وفرضيتها محل إجماع المذاهب والفقهاء. غير ان الاختلاف وارد في نوعية المعادن. ولعل أوسع المذاهب أخذا بنوعية هذه الضريبة هو المذهب الحنبلي، وهو لا يفرق بين أنواع المعادن الخارجة من الارض ، فجميعها تتناول فرضية الزكاة، سواء أكانت معادن صلبة قابلة للطبع بالنار، أو معادن سائلة بشرط بلوغ النصاب،ودون شروط الحول، وسندهم في ذلك قوله تعالى: “ومما أخرجنا لكم من الارض” البقرة: آية 267
ويقول الإمام الحنفي المذهب أبو يوسف: “في كل ما أصيب من المعادن من قليل أو كثير الخمس، ولو أن رجلا أصاب في معدن أقل من وزن مائتي درهم فضة أو أقل من وزن عشرين مثقالا ذهبا، فإن فيه الخمس، وليس هذا على موضع الزكاة إنما هو على موضع الغنائم، وليس في تراب ذلك شيئ” . وهذا بعكس راي المذهب الحنفي في وجوب الخمس على المستخرج من المعادن القابلة للطبع بالنار، وعدم وجوب الخمس على المستخرج من المعادن السائلة: كالزئبق أو المعادن الجامدة التي لا تطبع بالنار: كالياقوت، والزبرجد، والفحم الحجري..الخ. في حين يوجب المالكية، والشافعية، زكاة الخمس في الذهب والفضة من المعادن فقط، بحجة أن الزكاة فرض وجوبها في هذين المعدنين فقط.
1- زكاة الركاز: وفرضيتها تتناول جميع ما وجد في باطن الارض من المعادن سولء أكان بفعل الله تعالى أو بفعل البشر، وفي الحالة الاخيرة يسمى “كنز”. وقد أوجب الفقهاء الخمس في الركاز. فيقول ابن المنذر” اجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ما وجد من الركاز يجب فيه الخمس، قاله مالك ، وأهل المدينة، والثوري، واوزاعي، وأهل العراق، وأصحاب الرأي. وسندهم الحديث النبوي :في الركاز الخمس” ,وأجمعوا على عدم شرط الحول، وإنما إخراج الزكاة في الحال. إلا انهم إختلفوا في صفة الخمس، وطكذلل في شرط النصاب، ولعل من المتفق عليه، أن أهمية هذا النوع من الزكاة غير المباشر تتضاءل، نظرا لقلة حصيلتها، وعدم مرونتها وهي:
أ‌- الاحجار الكريمة
ب‌- الثروة السمكية
ثانيا: زكاة العشور وهي من التكاليف المباشرة التي عرفتها المالية العامة الاسلامية، وتتناول فرضياتها أنواعا معينة من السلع التي تجتاز الحدود. واساس فرضيتها: إما أن يكون العامل الشخصي، فلا تفرض الا على تجارة المسلم عند اجتياز الحدود. وإما أن يكون العامل النوعي: فتفرض على التجارة التي تجتاز الحدود، وبغض النظر عن صاحبها، سواء أكان مسلما أو ذميا،أو مستأمنا أو حربيا. وياخذ الكثير من الفقهاء بالعامل النوعي، كاساس لفرضية هذه الضريبة، نظرا لعدم وجود المانع الشرعي اولا، واقتضاء المصلحة العامة ثانيا، حيث أن الارباح الناشئة عن تجارة الاموال المجتازه للحدود قد تعاظمت، ومن المصلحة تنظيم مرور هذا الوعاء من الاموال، وبفرض زكاة العشور عليه.
1- فالبنسبة للذمي: فالضريبة على تجارته لا تعدو أن تكون إما بناء على:
ب‌- عقد الصلح المبرم مع الذميين_ وهذا يعني وجود عقد مالي بين الدولة الاسلامية، وبين غير المسلمين من الذميين. وأساس المنفعة التي تقدمها الدولة بخدماتها العامة لهم
ت‌- أو بناء على حق الدولة في السيادة على اراضيها، واقاليمها فتنظم المرور للاموال، والاشخاص على حدودها
2- وبالنسبة للمستأمن أو الحربي: فالضريبة على تجارته لا تعدو أن تكون تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل. فقد سئل زياد بن حدير: “من كنتم تعشرون” قال: طكنا نعشر تجار الحرب كما كانو يعشرورنا إذا اتيناهم”

ولقد عرفت المالية العامة الاسلامية فرضية الضرائب الجمركية في العصر الاموي، وهي ضريبة اعشار السفن، والتي تؤخذ بمناسبة غجتياز الحدود، وكتنت تحصل هذه الضرائب غما عينا أو نقدا. وقد طبقت الدولة العباسية فرضية الضرائب الجمركية ايضا، وخاصة على تجارة السفن العابرة حتى بلغت حصائلها القدر الكبير زمن امير المؤمنين الواثق بالله. وق طبقتها ايضا
الدولة الاسلامية في الاندلس، وعلى تجارة السفن العابرة بمضيق جبل طارق ذهابا، وغيابا. وكانت تخصص مراكز معينة لتحصيل ضرائب عشور السفن مثل مركز”طريف” واسمها الان “طريفة”

مقالات ذات صلة

ضرائب

ضريبــة القيمــــة المضافـــــةوحكـــم الإســلام فيـــها

ضريبــة القيمــــة المضافـــــة
وحكـــم الإســلام فيـــهـا

أكمل القراءة »

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى