اعداد محاسب

تبسيط البنوك الإسلامية

: مبادئ وخصائص البنوك الإسلامية

تتميّز البنوك الإسلامية بمبادئ وخصائص أساسية تعطي لها الميزة الحقيقية عن باقي البنوك الأخرى، وسنتطرق إليها من خلال ما يلي:

المطلب الأوّل: استبعاد سعر الفائدة والاعتماد على القيم الروحية
الفرع أ: استبعاد سعر الفائدة (تحريم الربا)
تشير تعاليم الإسلام إلى إقامة العدالة وإزالة الاستغلال في المعاملات أي تحريم كلّ مصادر الإثراء غير المشروعة وقد حذر الله سبحانه وتعالى في قوله :» الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المّس ذالك بأنّهم قالوا إنّما البيع مثل الربا وأحلّ الله البيع وحرّم الربا فمن جاءه موعظة من ربّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون« .
وقوله أيضا: » وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال النّاس فلا يربوا عند الله، وما أتيتيم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون « .
ويقول تعالى: » يا أيها الذين أمنوا، اتقوا الله، وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة « .
فمن الناحية الفقهية لا يوجد فرق بين الربا وسعر الفائدة حيث أنّ الربا هي تلك الزيادة المطلقة في رأس المال ويقال إذا ربا الشيء زاد ونما وشرعا يقصد بالربا فضل المال الذي لا يقابله عرض في معاوضة مال بمال، وهناك عدة أسباب لتحريم الربا بعضها ظاهر مثل دور الربا في تفويض الأمة الإسلامية وتدمير القيم ونسف المبادئ والأخلاق الحميدة، كما أنّ معدلات الفائدة تعيق عمليات الاستثمار والعمالة فيصبح المجتمع هو المتضرر من عملية الربا على المستوى الاستهلاكي والإنتاجي، فالمستهلك: يتحمل عبء الفائدة التي يدفعها في مستوى الزيادة الحاصلة على مستوى الأسعار.

أمّا الإنتاجي: ارتفاع الأسعار يؤدي إلى انخفاض الطلب الفعال وانحراف الاقتصاد نحو هاوية الفساد ومن هذا المنطلق نجد أنّ المصارف انتهجت فكرة تحريم الربا أو عدم التعامل بسعر الفائدة وتعويضه بالربح والخسارة وفقا لما شرع الإسلام ومن الآثار الاقتصادية للأخذ بنظام الفائدة الربوية ما يلي:
1/ مساهمة الفائدة على رأس المال في ارتفاع تكاليف إنتاج السلع ممّا أدى إلى ارتفاع أسعارها على المستهلكين.
2/ نشوء عدة أزمات اقتصادية والصراع الطبقي: فالمنتج يعمل على زيادة أرباحه وهذا بخفض سعر الفائدة وهذا يؤثر على أجور العمال باعتبارها أهم بنود التكاليف المتغيرة فيسعى إلى تقليلها وتقليل عدد العمال وهذا يؤثر على الإنفاق الاستهلاكي للمجتمع مما يعود بالضرر على المنتجين وأصحاب المشروعات.
3/ سوء استخدام الموارد المالية وتوجيهها في مشروعات تنموية للمجتمع، وهذا نتيجة ظهور طبقة من الأغنياء، حيث يقوم المنتجين بإنتاج سلع تلائم طلب هذه الفئة مهما كانت مما يمكن من رفع أسعارها ومن هنا ينتج تضارب بين أصحاب المشروعات والمجتمع حيث يقل إنتاج السلع الضرورية ويزيد إنتاج السلع الكمالية.
ومن هنا فإن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالفائدة مهما كانت صورها وأشكالها فهي تسعى إلى تحقيق أحكام الشريعة والالتزام بما نهى وأمر به الله سبحانه وتعالى.

الفرع ب: الاعتماد على القيم الروحية وعدم التعامل بالربا
ينطلق الاقتصاد الإسلامي من معايير وموازين ومقاييس وأحكام وتشريعات وردت في القرآن والسنة النبوية والتي كوّنت مبادئ وقيما في نفوس المسلمين وجعلتهم يتمسكون بدينهم ويبتعدوا عن كلّ ما هو محرّم خاصة في الأمور المالية اليومية.
وهذا في مختلف المعاملات التي حرّمها الله وهي التعامل بالربا كما هو سائد في الدول الرأسمالية عن طريق البنوك التقليدية، ولكي نتفادى هذا التعامل الربوي لا بد من جعل الفرد يتأقلم معنويا مع المنهج الإسلامي ويتبع ويسير على خطى الشريعة ويمتثل لأوامرها حتى لا يتصادم مع هذه المعاملات المحرّمة، ولهذا البنوك الإسلامية فكرة إنشائها تتمثل في تلك القيم الروحية وجعلها تنمو مع الأفراد في مختلف الدول مهما كانت وخاصة الدول العربية لأنّها هي الأولى بهذه التعاليم وخاصة إذا كانت شريعتها تنص وتحت بتطبيقها وتجنب الأساليب الأخرى لأنّها إذا طبقت شريعتها فإنّها تنعم بالسكينة والطمأنينة في معاملاتها المالية وبالتالي حياتها الكلية، وهذا ليس بجديد علينا وإن كانت تعاليم قرأننا تنص عليه لقوله تعالى: » يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يجب كلّ كفار أثيم « .
وقوله أيضا: » يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين « .

 

السعي إلى تحقيق المصلحة الفردية والجماعية
تساهم البنوك الإسلامية بفاعلية في تحقيق الرفاهية المادية والمعنوية وهذا من خلال تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية إنسانية في إطار المعايير الشرعية وهذا بتنمية عادلة ترتكز على توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع، حيث تسعى إلى استخدام الموارد المالية المتاحة في المجتمع وخاصة النقدية منها في شكل استثمارات منتجة تعود على الفرد بالمنفعة خاصة وعلى المجتمع عامة وهذا ما تسعى هذه البنوك إلى تحقيقه من خلال أخذها الأدوار الأساسية لتغيير سلوك أفراد المجتمع إلى مدخرين.
وتتسع دائرة الادخار بين الأفراد وتكون دائمة ومستمرة وتعمل على تراكم رأس المال وبالتالي الفرصة تكون متاحة للاستثمار هذه المدخرات بواسطة المؤسسات المالية الإسلامية.
كما يتبيّن من خلال التوظيف الفعال لموارد المؤسسة الإسلامية لعميل البنك على توسيع قاعدة العاملين في المجتمع والقضاء على البطالة وزيادة الناتج الإجمالي للدولة الإسلامية هذا ما يؤدي إلى تحقيق أفضل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للفرد والمجتمع.

المطلب الثالث: توقف العرض والطلب للأموال على الادخار والاستثمار
يعتبر الاقتصاد الإسلامي الادخار والاستثمار من العمليات الأساسية التي يتميّز بها من حيث الطلب عليها وعرضها، ولهذا فإنّ العرض والطلب على الأموال في النظام الإسلامي متوقفان على مقدار الأموال المدخرة من ناحية الطلب عليها وعلى الاستثمار من ناحية العرض فالمستهلك يقوم بتمويل مستثمراته من مدخراته الذاتية وكذلك بالنسبة للمشاريع فقد تحتفظ بأرباحها في شكل مدخرات أو تعاد استثمارها وكما يلجأ صاحب المشروع إلى مدخرات أخرى غير الذاتية إمّا أن تكون قروض أو في شكل إصدارات كالأسهم أو عن طريق المصارف.
أمّا بالنسبة للادخار فهو يمثّل الجزء المتبقي من الدخل بعد الاستهلاك ويسمى أيضا بالفائض الموجه مباشرة إلى الاستثمار أو الاستغلال، وكذا يوجه إلى الاكتناز الذي لا يخلوا من العيوب كتعطيل سرعة دوران النقود في الاقتصاد الوطني، فلهذا الأمر حرّم الله عزّ وجلّ اكتناز الأموال في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في قوله تعالى:» والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله نبشرهم بعذاب أليم « .
وقوله أيضا: » يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكتنزون« .
إضافة إلى ما يحققه الدخل من فائض، فالادخار يشمل جميع الحاجات الاستهلاكية كالعروض أي السلع والنقود ويستطيع كل شخص سواء كان طبيعي أو معنوي تابع إمّا للقطاع الخاص أو العام أن يقوم العملية الادخار الذي تتعدد دوافعه ليس فقط للاستمار وإنما للادخار للحياة المستقبلية والسعي إلى تحسين المستوى المعيشي وبالتالي تحسين المركز وتحقيق ما يرغب به المدخر.
وقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن معدلات الفائدة المتعامل بها في المصارف التقليدية لم يكن لها تأثير كبير على الادخار والاستثمار في المصاريف الإسلامية وهذا للإعتمادها على طرق غير سعر الفائدة و ما يترتب عنها من مساوئ، طرق أباحها الإسلام في التعامل كالمضاربة والمشاركة وغيرها من الأساليب، فلهذا كلما قمنا بالاستثمار والادخار وفقا لمناهج وأسس الشريعة الإسلامية التي تحرم المعاملات الربوية وبالتالي العرض والطلب سيلقيا نفس الاهتمام وهكذا نوجه الاقتصاد إلى الأحسن ونسعى إلى تحقيق أفضل للتنمية الإقتصادية .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى