اعداد محاسب

تعرف على أسباب الافصاح

قد يتساءل البعض، لماذا كل هذا الاهتمام والتركيز على أهمية موضوع الإفصاح؟ هل هذا الموضوع من الاهمية بمكان ليعطى كل هذه الهالة والاهتمام بحيث تُكتب عنه بحوث متخصصة وأطروحات دراسية وهو الشغل الشاغل للمهتمين

بمهنة المحاسبة والاكاديمين والباحثين والمعاهد المتخصصة؟ هل حقاَ هناك أسباب موضوعية تدعونا الى الاهتمام بالإفصاح، الأمرالذي جعل مجلس معايير المحاسببة الدولية يفرز له أكثر من معيار خاص به؟

إن الإفصاح بحد ذاته ليس غاية نهدف الوصول اليها لمجرد حصول عملية الإفصاح نفسها، بل هي وسيلة لنشر وعرض المعلومات والبيانات المتعلقة بنشاطات الوحدة الاقتصادية وإيصالها الى الجهات المستفيدة المختلفة في الوقت المحدد، لذلك قد تختلف أسباب تقديم وعرض البيانات حسب حاجة الجهات المستفيدة منها . فقد تكون حاجة الجهات الحكومية من البيانات والمعلومات تختلف في جوهرها عن حاجة البنوك والمؤسسات المالية المتخصصة في عمليات التمويل الاستثماري او التشغيلي للوحدات الاقتصادية، أما العاملون المتخصصون فإن حاجتهم الى الافصاح عن المعلومات الداخلية تساعدهم على القيام بواجباتهم على أفضل وجه عن طريق توظيف هذه المعلومات لرفع المستوى الانتاجي وبالتالي تسعى الى تحقيق الربحية المخطط لها وفق البرامج المنهجية التي تسير عليها الوحدة الاقتصادية أو قد تساعدها على تعديل الخطط والبرامج وفق المعطيات الجديدة لعملية الافصاح. أما المستثمر وصاحب الاسهم فإن ما يسر قريحته هو الانباء الجيدة عن المردود الاقتصادي أي الريع الموزع للسهم الواحد الذي يحصل عليه من استثماراته في الوحدة الاقتصادية المعنية، وبطبيعة الحال فإن المستثمر يهتم بأن هذا المشروع يسير وفق توقعاته الاستثمارية التي بنى على أساسها قرار الاستثمار فيه منذ البدء، وهكذا بقية المستفيدين من عملية الافصاح عن المعلومات والبيانات المتعلقة بنشاطات الوحدة الاقتصادية.

يتفق العديد من الكتاب والمهتمين بالمحاسبة من أن الهدف الرئيسي للافصاح هو حماية المستثمر بشكل خاص والمستفيدين منه بشكل عام، وبرأي الباحث هناك هدف اَخر مهم لا يقل أهمية عن الهدف الرئيسي وهو تطبيق قواعد وأصول الافصاح المحاسبي والمالي المنصوص عليها في القواعد والتعليمات والمعايير المحاسبية والتدقيقة الدولية السارية المفعول التي أصبح موضوع تطبيقها إلزاماً قانونياً، لذا نعتبر هذا الالتزام القانوني هو هدف رئيسي اَخر من أهداف الافصاح. وبسبب ذلك أخذ هذا الموضوع حيزاً واسعاً في أغلب الدراسات والادبيات المتعلقة بالمحاسبة الدولية بوجه الخصوص والتي تعتبر الافصاح إحدى لبناتها الاساسية التي لايمكن الاستغناء عنها في سبيل تحقيق الغايات المرجوة منها، فنرى وعلى سبيل المثال أنه وحتى على مستوى معايير المحاسبة الدولية تم تخصيص أكثر من معيار دولي واحد يتعلق بموضوع الافصاح ومتطلباته، وهذا بطبيعة الحال إن دل على شئ فإنما يدل على أهمية موضوع الافصاح ودوره الكبير والمؤثر في المحاسبة الدولية التي أخذت بالتوسع والانتشار والتأثير على التجارة الدولية التي بدأت بالتوسع بشكل مضطرد والتي جاءت بوجه الخصوص نتيجة العولمة والتقدم التقني والالكتروني التي ساعدت بشكل كبير على تسهيل عمليات التجارة الدولية وازدياد وانتشار عدد الشركات متعددة الجنسيات (العابرة القارات) التي بدأت بشكل جدي تبحث عن الفرص الاستثمارية المربحة لنشاطاتها خارج حدود بلدانها لسبب أو لآخر، وكذلك لغرض الحصول على رؤوس أموال إضافية من مستثمرين خارجيين، ويمكن إضافة الى ماجاء أعلاه الاشارة الى أن توفر الافصاح الكامل والعادل والشفاف، سيضمن بدون شك نجاح الوحدة الاقتصادية على الرغم من أن بعض الآراء قد لا تؤيد هذا الرأي وفي حالات معينة، إلا أن بعض الحالات العملية أثبتت أن عملية الافصاح أو الافشاء عن بعض الخسائر التي تحققت والتي لم تخفها شركة صناعة إجهزة الحاسوب المعروفة (ديل) والتي أعلنتها في تقاريرها السنوية ولمصداقيتها في كل ما أفصحت عنه الشركة عن تلك الواقعة، كل ذلك كان له في النهاية الاثرالكبير في توسع الاستثمار فيها لما وجده المستثمر من نزاهة ومهنية عالية في الافصاح عن النشاطات والبيانات المتعلقة بالانتاج والارباح المتحققة. وبرأي الباحث فإن هذه الحالة تعاكسها حالة عدم الافصاح عن المشاكل التي كانت تواجه الوحدات الاقتصادية كما حدث في حالة شركة إنرون للطاقة الكهربائية، وشركة وولدكوم، وشركة اَرثر أنديرسون للتدقيق وغيرها من الشركات التي أخفت الحقائق عن أصحاب القرار أو عن المساهمين الذين هم أصحاب المصالح الرئيسيين، وقد تم كشف هذه الممارسات الخاطئة بعد فترات طويلة من الاخفاء والمماطلة في إظهار الحقائق. لذا فإن عدم الافصاح بالخسائر وتبرير ساحة القائمين بتطبيق الاجراءات حال وقوع الحدث لن يغفر لهم هذا الذنب الذي أوصل شركات عملاقة الى هاوية السقوط والافلاس والمتابعة القانونية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى