اعداد محاسب

شرح المراجعه الاجتماعيه

مفهوم المراجعة الاجتماعية:

لقد تعددت آراء الكتاب والباحثين بشأن تحديد ماهية ومفهوم المراجعة الاجتماعية، حيث لازال الاتفاق على مفهوم واضح ومحدد للمراجعة الاجتماعية غير قائم، ذلك أنَّ الباحثين والمنظمات المهنية الذين تناولوا هذا الموضوع لم يجمعوا على مفهوم علمي محدد وواضح، حيث ينظر إليه كل طرف من زاوية معينة تختلف جزئياً أو كلياً عن وجهة نظر الطرف الآخر.

ويرى بعض الباحثين بحق أن الاختلاف لا يشمل فقط مفهوم المراجعة الاجتماعية وإنما يشمل أيضاً نطاق البرامج الاجتماعية، ومن يقوم بالمراجعة الاجتماعية، وكيفية أدائها والمعايير اللازمة لها، وكذلك مدى التأهيل العلمي والعملي المطلوبين فيمن يتولاها.([8])

وكما يرى أحد الباحثين أنَّ المراجعة الاجتماعية ذات حافة قاطعة، وإذا أردنا أنَّ تصبح المسؤولية الاجتماعية ذات معنى حقيقي فإنَّ ذلك يتم من خلال المراجعة الاجتماعية.

وقد خلص الدارس إلى أن هذه الآراء تتبنى وجهتي نظر مختلفتين هما:

وجهة النظر الأولى: أنَّ المراجعة الاجتماعية تشمل ضمناً البعد المحاسبي:

تقوم وجهة النظر هذه على أساس عدم التفرقة بين مفهوم المحاسبة ومفهوم مراجعة الأداء الاجتماعي باعتبار أن عملية المراجعة تتضمن البعد المحاسبي لهذا الأداء، ومن مؤيدي ذلك من يرى ” أنَّ المراجعة الاجتماعية تمثل نشاطاً مهنياً يعبر عن العمل الشامل للتعرف على طبيعة وحدود المسؤولية الاجتماعية للمشروع ثم الوقوف على مدى تنفيذ تلك المسؤولية في كل جانب من جوانبها وتوصيل معلومات بشكل محايد ودقيق- أو أقرب ما يكون للدقة- عن الآثار الفعلية والمحتملة لكافة الأنشطة على كيان الوحدة وعلاقتها بالغير والبيئة والمجتمع، وبالصورة التي تساهم في إشباع حاجة مستخدمي هذه المعلومات بقدر الإمكان”.([9])

ويرى آخر ( أنها محاولة لتنمية وتطوير المقاييس اللازمة لقياس الأداء الاجتماعي في المجالات ذات الاهتمام الاجتماعي العام).([10])

ويعتقد الدارس أن هذه الآراء لا تعبر بوضوح عن طبيعة المراجعة كمهنة مستقلة تبدأ حينما ينتهي العمل المحاسبي، ومن ثم يشوب هذه الآراء التداخل الواضح بين وظائف المحاسبة والمراجعة.

ويوضح أحد الكتاب تفسيراً لظهور وجهة النظر هذه بقوله([11]):” أنَّ كلاً من الفكر المحاسبي والتطبيق العملي في بداية مرحلة الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية للمشروع والإفصاح عنها لم يركز على التمييز بين المحاسبة والمراجعة الاجتماعية حيث أنَّ التفرقة بينهما لم تكن واضحة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الهدف الأساسي هو الحكم على الأداء الاجتماعي للمشروع وأنَّ البعض كان يرى أن عملية قياس وتوصيل معلومات عن الأنشطة الاجتماعية للمشروع من وجهة النظر الاجتماعية لا تعدو أن تكون عملية مراجعة اجتماعية”.

وجهة النظر الثانية: أنَّ المراجعة الاجتماعية نشاط منفصل في حد ذاته:

تقوم وجهة النظر هذه على أساس التمييز بين مفهوم مراجعة الأداء الاجتماعي ومفهوم المحاسبة عن هذا الأداء، لأنَّ كل منهما يمثل نشاطاً منفصلاً عن الآخر، كما هو الحال بالنسبة للمحاسبة عن الأداء الاقتصادي ومراجعة هذا الأداء، ومن هذا المنطلق يعرفها أحد الكتاب بقوله:”هي فحص وتقييم الأداء الاجتماعي للمشروعات الذي يمكن تمييزه عن النشاط الاقتصادي لها وذلك بغرض التحقق من مدى سلامة تعبير القوائم والتقارير الاجتماعية عن مدى تنفيذ المشروع للمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه ومدى مساهمته في الرفاهية العامة للمجتمع”([12])، كما يشير أحد الباحثين إلى أنَّ المراجعة الاجتماعية هي” عملية فحص فني محايد للبيانات المحاسبية المتعلقة بالنشاط الاجتماعي للمنظمة بغرض التثبت والتحقق من جديتها وصحتها ودقتها وذلك بقصد إبداء الرأي فيما تتضمنه القوائم الاجتماعية من حقائق ومدى تعبيرها بصدق ودلاله عن نتيجة النشاط الاجتماعي للمنظمة ومركزها الاجتماعي في نهاية الفترة المحاسبية حتى يمكن تقييم أدائها الاجتماعي”([13])، كما أنَّ باحث آخر يرى أنَّ المراجعة الاجتماعية هي “مجموعة الوسائل والأساليب المنظمة لتحديد الأنشطة الاجتماعية للمنشأة وفحصها للتحقق من أدائها وتقييمها وفقاً لمعايير محددة والتقرير عن ذلك والحكم على الأداء الاجتماعي للمنشأة بطريقة محايدة وإيصال النتائج للأطراف المعنية”.([14])

وفي ضوء ما سبق يرجح الدارس وجهة النظر التي ترى أنَّ مراجعة الأداء الاجتماعي تعتبر نشاطاً عن المحاسبة الاجتماعية – كما هو الحال في المحاسبة المالية التقليدية والمراجعة المالية التقليدية- وذلك لعدة أسباب من أهمها:

-1أنَّ مراجعة الأداء الاجتماعي بما تعنيه من فحص وتحقق لابد وأن يسبقها إعداد مجموعة من القوائم أو التقارير التي تحوي بيانات ومعلومات محاسبية عن الأنشطة الاجتماعية تكون بمثابة المخرجات لنظام محاسبي اجتماعي متكامل خاصة وأنَّ القوائم المالية التقليدية لا تتيح مثل هذه البيانات والمعلومات.

-2أنَّ مهمة المحاسبة هي إعداد وتجهيز البيانات بهدف استخدامها في الأغراض المختلفة، بينما مهمة المراجعة التحقق من صحة وسلامة البيانات المحاسبية التي تم إعدادها، ويشير أحد الكتاب إلى ذلك بقوله([15]):”أنَّ مفهوم المحاسبة يشير إلى توليد المعلومات الاجتماعية بينما مفهوم المراجعة يدل على التحقق من مدى صحة ودقة هذه المعلومات”.

-3تعرف المحاسبة الاجتماعية بأنها ( عملية اختبار لمتغيرات الأداء والمقاييس والإجراءات اللازمة لإنتاج المعلومات التي تفيد في تقييم الأداء الاجتماعي للمشروع وتوصيل هذه المعلومات بشكل منظم إلى فئات المجتمع المعنية داخل وخارج المشروع)([16])، وفي تعريف آخر ( هي منهج لقياس وتوصيل المعلومات المترتبة على اضطلاع المشروع اختيارياً أو إلزامياً بالأنشطة التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية)([17])، كما يعرفها باحث آخر( بأنها مجال من مجالات المعرفة المحاسبية يهدف إلى قياس صافي المساهمة الاجتماعية لمنظمات الأعمال، ومدى وفائها باحتياجات المجتمع، والإفصاح بشكل دوري عن نتائج هذا القياس للطوائف المختلفة المهتمة بتقويم الأداء الاجتماعي لهذه المنظمات)([18])، ويتضح للدارس مما سبق أنَّ أهداف المحاسبة الاجتماعية تختلف عن أهداف المراجعة الاجتماعية.

4- إنَّ عملية المراجعة الاجتماعية – في رأي الدارس- تعد تطويراً لمهنة المراجعة ودور المراجع خاصة وأن هذه المهنة تمارس في مجتمع متحرك ومتطور بشكل مستمر طبقاً للأوضاع الراهنة، ومن ثم تعتبر المراجعة الاجتماعية امتداداً لمهنة المراجعة التقليدية والتي تستقل بدورها عن مهنة المحاسبة.

ومن العرض السابق لمفهوم المراجعة الاجتماعية يقودنا ذلك إلى ضرورة استعراض تعريفات المراجعة الاجتماعية المعدة من قبل بعض الكتاب والباحثين والجمعيات المهنية المعنية بتطور مهنة المراجعة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى