تنمية بشرية

هل أنت مدمن عاطفيـــــــــاً

الإدمـــان العاطفـــــي

كلنا بحاجة إلى محبة الآخرين واهتمامهم..هذا هاجس بشري طبيعي جداً عند النساء والرجال، الكبار والصغار، الشبان والعجائز.

لكنّ هذه الحاجة تتحوّل إلى هوس عند بعضهم، ويمكنها أن تؤثر سلبياً في علاقاتهم الصحية والمتوازنة بعائلاتهم، وأصدقائهم، ومحيطهم المهني.

“كلنا مدمنون عاطفيون بشكل أو بآخر”،
تقول المعالجة النفسية سيلفي تيننباوم في كتابها “التغلّب على الإدمان العاطفي”.
هو الطريق الأمثل لنكون معتدلين في التعبير عن مشاعرنا ورغباتنا.
لكن للأسف، تسيطر بعض الرغبات اللاواعية على المصابين بحالة إدمان عاطفي مرضيّة.

وتلفت تيننباوم في كتابها الصادرأخيراً،إلى أنّ الإدمان العاطفي ينشأ من الفراغ.
بل هو نتيجة ما يمكن أن نكون قد عشناه في طفولتنا من إهمال، غير مقصود أحياناً.
فمن يتحولون إلى مدمنين على العاطفة،كانوا أطفالاً غير مرغوب بهم، كأن يطلب منهم باستمرارعدم ازعاج والدهم العائد متعباً من العمل،
أو عدم الإقتراب من أمهم المريضة. منذ طفولتهم، يعتاد هؤلاء على مراعاة مشاعر الآخرين،
كألم والدتهم، أو مرض أختهم الصغيرة…

وعندما يصبحون راشدين، ترافقهم هذه العادة،
فيضعون حاجات الآخرين في المقدّمة دوماً، وينسون أنفسهم.

يعاني المدمنون على العاطفة،
أو بتعبير أدقّ، من يشعرون بحالة حرمان حادة بسبب نقص الإهتمام، من رهاب الوحدة.

وتلفت المعالجة النفسيّة في كتابها إلى أنّ هذه الأعراض تظهر عند جميع المدمنين على العاطفة، لأنّهم يخشون الوحدة.
لذا، من المستحيل أن تجدي أحدهم يتناول طعام الغداء وحده، أو يذهب إلى السينما وحده،أو يجلس في البيت وحده.

عارض آخر يصاحب المدمنين على العاطفة،
هو عدم قدرتهم على قول كلمة “لا”.
رغبتهم الدائمة بالحصول على اهتمام ومحبة الآخرين، يجعلهم يتجاهلون حاجاتهم الخاصّة.
كأنّهم مستعدون لفعل
أي شيء، ومهما بلغ الثمن، ليشعروا أنّ الآخرين يحبونهم،ويهتمّون لأمرهم..

العبارة التي يرددونها غالباً: “كما تريد”، أو “كماتريدون”. لهذا، لا يواجهون أي خلاف مع الآخرين، سواء مع الزوج، أوالشريك،
أو الإخوة، أو الزملاء في العمل، كمأساة كبيرة…
فإن اختلفت إحداهن مثلاً مع صديقتها أو والدتها، تكاد تعتقد أنّ حياتها انتهت.

هناك عارض إضافي،هو أنّهم لا يكتفون أبداً.مشكلة المدمنين عاطفياً،أنّهم يشعرون دوماً أنّهم مكروهون ومنبوذون.
حتّى لو كان محيطه العائلي متماسكاً ومحباً، يشعرمن يعاني من هذه الحالة أنّه غير مقدّر بما فيه الكفاية، وأنّ لا أحد يفيه حقّه،
وأنّه ضحيّة.

وهذا ما يمكن أن يسبب للمريض حالات غضب أو توتر مفاجئة، تتناقض تماماً مع المظهر اللطيف الذي يظهره في العادة. في انفعالات ستسبب له مشاكل حقيقيّة مع الأحباء والأصدقاء.

لكن ما هو العلاج؟

يلفت كتاب “مواجهة الإدمان العاطفي” إلى أنّ جميع المصابين بهذه الحالة، لا يدركون
وضعهم المضطرب.
هم يعتقدون أنّ مشكلتهم تكمن في الوحدة، وفي عدم قدرتهم على تكوين صداقات دائمة.

يكمن دور المعالج في هذه الحالة في إفهام المريض بأنّه شخص محبوب، من دون أن يجهد نفسه في استعطاء المحبة والإهتمام،
لأنّ ذلك سيؤدي إلى نتائج معاكسة.

الحل الأمثل،هو أن نراقب أنفسنا، لنعرف ما إذا كانت ردود الفعل تندرج ضمن المنطق والمعقول، أم أننا نبالغ في التضحية، والبحث عن إسعاد الغير.

نصيحة لكم
هي أننا وحدنا المسؤولون عن إسعاد أنفسنا، وليس الآخرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى