في خطوة أولى غير محسوبة ومحفوفة بالمخاطر تمارس مصلحة الضرائب العقارية إجراءات مخالفة لمضمون القانون الجديد مع بداية التطبيق الفعلي لتنفيذه، وتهدد هذه الإجراءات بتفجير موجة غضب شديدة داخل المجتمع قد تتسبب في «هدم» القانون بعد 6 سنوات من «البناء»
و»التنكيس» لنصوص مواده، مما يضع وزير المالية هاني قدري في مأزق يصب ضد الحكومة ككل.. حيث أصدرت سامية حسين رئيس مصلحة الضرائب العقارية فرماناً بفرض الضريبة على الجميع دون استثناء حتى الوحدات المعفاة السكنية وغير السكنية، وذلك بحجة فقر البيانات وعدم وجود قاعدة معلومات متكاملة لدى المصلحة بشأن عدد الوحدات السكنية ومالكيها، وتقوم حالياً المأموريات التابعة للمصلحة بإرسال إخطارات بالربط الضريبي لمالكي الوحدات السكنية وغير السكنية للمطالبة بسداد الضريبة المستحقة عليهم، وفي المقابل يلجأ صاحب الوحدة السكنية الذي تلقى الإخطار إلى المأمورية التابع لها للدخول في دوامة الشكوى التي تبدأ بسداد نحو 50 جنيهاً مقابل تقديم طلب للطعن على الضريبة المفروضة عليه، والبحث عن إثبات حقيقة إعفائه لإسقاط الضريبة!!..
«الوفد» قامت بجولة في عدة مأموريات تابعة لمصلحة الضرائب العقارية للتعرف على حقيقة تلك الإجراءات المجحفة، والتي تتناقض مع فلسفة القانون التي تقوم على أساس عدم إرسال إخطارات لأصحاب الوحدات المعفاة من الضريبة نظراً لعدم فرض ضريبة عليهم، وأسفرت الجولة عن اكتشاف أخطاء عديدة في تطبيق القانون، أسفرت عن اندلاع عدة مشاكل بين أصحاب العقارات والعاملين بالمأموريات، حيث تمارس المأموريات إجراءات أشبه بـ«الإتاوة» لفرض جباية غير مستحقة على المواطنين، وأبرز تلك الممارسات مطالبة المأمورية بسداد 50 جنيهاً رسوماً مقابل تقديم المتضرر طلب للطعن على الضريبة المطلوبة منه، ويتم سداد هذا المبلغ تحت مسمى «تأمين»، وظهر في هذا الأمر مفارقات مؤسفة، حيث فوجئ عدد كبير ممن أرسلت إليهم المصلحة إخطارات بأن الضريبة المستحقة عليهم تبلغ نحو 30 جنيهاً رغم إعفاء وحداتهم طبقاً للقانون، وبالتالي يتم مطالبتهم بسداد رسوم للطعن تفوق قيمة الضريبة المفروضة عليهم!!.
أما الممارسات الأخرى التي يقوم بها موظفي المأموريات حالياً لتطبيق فكر رئيسة المصلحة في الجباية فتعتمد على قيام المأمورية بمساومة المتضرر من الضريبة بأن يتم التفاوض معه على خفض قيمة الضريبة لتفادي الوقوع في دوامة الشكوى والطعن على اعتبار أن الطعن لن يجدي، في حين أن صاحب الشكوى غير مطالب من الأساس بسداد ضريبة!!.
وتكشف مصادر مطلعة بالمصلحة عن السر الحقيقي وراء إرسال إخطارات بالضريبة للجميع دون إعفاءات، مؤكداً أنها محاولة لتحقيق جزء من الحصيلة المستهدفة، رغم أنها في حقيقتها حصيلة وهمية ناتجة عن الجباية، ودلل على ذلك بأن المصلحة ستحقق حصيلة قدرها 50 مليون جنيه عن كل مليون متضرر من أصحاب العقارات المعفاة، موضحاً أن المصلحة تراهن حالياً على قيام العديد ممن أرسلت لهم إخطارات بسداد الضريبة المفروضة عليهم لتفادي المشاكل مع المصلحة والوقوع في دوامة الطعن، وبالتالي تنجح هذه اللعبة في تحقيق الحصيلة المستهدفة من القانون والتي تصل إلى نحو يتراوح ما بين 3 إلى 3.5 مليار جنيه.
وتبرر رئيسة المصلحة «سامية حسين» هذه الإجراءات المخالفة للقانون بـ«عذر أكبر من الذنب»، حيث تعترف رئيسة المصلحة أنها فشلت في إعداد قاعدة بيانات متكاملة عن عدد الوحدات، وبالتالي تلقي بفشلها على أصحاب الوحدات المعفاة وتطالبهم بإثبات حقهم في الإعفاء، رغم أن القانون صدر منذ حوالي 6 سنوات، لم تكن كفيلة لدى المصلحة لإجراء عمليات حصر شاملة وإعداد قاعدة بيانات حقيقية قبل تطبيق القانون والوقوع في تلك المشاكل مع أصحاب العقارات، كما تؤكد عدم امتلاك المصلحة شبكة ربط بين المحافظات، موضحة أنه من الممكن أن يتم حصر وحدة يمتلكها مواطن في محافظة وأخرى في محافظة ثانية، وتطالب رئيسة المصلحة كل من يتسلم إخطارا بالضريبة رغم إعفائه، أن يقدم البيانات الخاصة بسكنه الخاص لمأمورية التابع لها على نموذج رقم 6 الخاص بالثروة العقارية وإذا كان معفى سينتهي الأمر وتسقط عنه الضريبة.
وتخالف رئيسة المصلحة بهذا الإجراء صحيح القانون والذي يتضمن آلية لإشراك ممثلين عن ملاك الوحدات العقارية من القطاع الخاص في عمليات تقدير قيمة وحداتهم العقارية، الأمر الذي لم تطبقه المصلحة واكتفت بتقدير جزافي للضريبة حسب الأهواء الشخصية من موظفي المأموريات، حيث يتعدد أعضاء لجنة الحصر والتقدير المنوط لها تحديد القيمة السوقية للوحدات العقارية، وتتكون من رئيس اللجنة ممثلا عن مصلحة الضرائب العقارية وممثل عن المحافظة عضوا وآخر عن ممولي الضريبة يرشحه المحافظ، كما يمكن للممول التظلم من تقدير اللجنة بتقديم طعن خلال ثلاثين يوما من تاريخ استلامه المطالبة وذلك أمام لجنة أخري تسمي لجنة الطعن، وحدد القانون فترة 30 يوما لإصدار قرارها بقبول أو رفض الطعن، وأيضا في هذه الحالة من حق مالك الوحدة العقارية التقدم مرة أخري بتظلم من قرار لجنة الطعن خلال 30 يوما من إصداره، كما أتاح القانون التظلم من قرار لجنة الطعن أمام محكمة القضاء الإداري وتلك المراحل المتعددة من الطعن على قرارات اللجان ضمانة كافية كفلها القانون لملاك الوحدات العقارية.
ويكفل القانون أيضا للخاضعين للضريبة عدة ضمانات من عمليات المغالاة في تقدير قيمة الضريبة، حيث يتم إعفاء أي مالك لوحدتين عقاريتين احدهما سكن عائلي حتى مليوني جنيه كقيمة سوقية، أما الوحدة الثانية فتخضع للضريبة بعد استبعاد مقابل الصيانة، كما أن من حقه إذا ارتأى وجود مغالاة في تقدير قيمتها فيمكنه الطعن على القيمة الإيجارية المقدرة من خلال تقديم طلب مصحوب بتأمين بقيمة 50 جنيهاً خلال 60 يوما من تاريخ استلام المطالبة ويرد المبلغ في حالة الاستجابة لطلب الممول، وهذه الطلبات سيتم بحثها بمعرفة لجنة طعن من 3 أعضاء يرأسها أحد ذوى الخبرة من غير العاملين الحاليين أو السابقين بالمصلحة ضمانا لحيدتها، وهنا الرد على رئيسة المصلحة حيث يتم الطعن على المغالاة في تقدير الضريبة، وليس الطعن لإثبات الإعفاء من الضريبة !!
وبسؤال المحاسب القانون محسن عبد الله عضو جمعية خبراء الضرائب المصري والخبير في شئون الضريبة العقارية، أكد أن المادة 18 من القانون 117 لسنة 2014 في الفقرة ( د ) تنص على إعفاء الوحدة العقارية التي يتخذها المكلف سكناً خاصاً رئيسيا له ولأسرته والتى يقل صافى قيمتها الإيجارية عن 24000 جنيه سنوياً، وبالتالي يحق لكل عميل إعفاء السكن الخاص به ولأسرته فى حدود القيمة الإيجارية المذكورة، إلا أن مأموريات الضرائب العقارية قامت بإرسال مطالبات كثيرة لأصحاب الشقق دون خصم أي إعفاءات يستحقها الممول، بحجة عدم معرفتهم ما إذا كانت هذه الوحدات سكناً خاصاً من عدمه مما يزيد حجم الطعون وكثرة الخلافات بين المصلحة والممولين لأحقية العملاء فى الإعفاء.
ويكشف «محسن عبد الله» عن قيام المأموريات في حالات كثيرة برفض استلام الطعن إلا بعد سداد 50% من قيمة الضريبة المقدرة، مما يضطر الممول لإرساله بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفق به حوالة بريدية بقيمة الطعن، مؤكداً أنه من الواضح أن بعض المأموريات ما زالت تقوم بتنفيذ أحكام القانون الملغى رقم 54 لسنة 1956 والتي كانت تنص على وجوب سداد الضريبة لقبول الطعن، وطالب المصلحة بضرورة إصدار تعليمات بقبول الطعون وفقاً لأحكام القانون 196 لسنة 1981 وعدم أداء أي مبالغ تحت حساب الضريبة إلا فى حالة رغبة العميل، ويؤكد أنه كان من الأفضل أن تقوم المأموريات بإرسال طلبات للممولين لمناقشتهم وتحديد السكن الخاص لكل ممول قبل الإخطار بقيمة الضريبة، مشيراً إلى أن هناك مطالبات قيمتها تقل عن قيمة التأمين الذي سيتم سداده عند عمل الطعن، لافتاً إلى أن هؤلاء الممولين التزموا بالفعل بتقديم إقرار الوحدات الخاصة بهم طبقا للقانون.
المصدر:جريدة الوفد