يزداد المرءُ جمالًا كلما ازداد وعيًا وثقافةً، فالمرءُ المثقف الواعي، يعرفُ جيدًا كيف يجعلُ نفسه جميلًا من الداخل والخارج، فهو على إدراك بأن الأخلاق الحسنة هي الجمال الداخلي، وأن اختيار الملابس المرتبة المتناسقة تعكسُ له جمالًا خارجيا .
وإن للمثقف مهابة في وجوه الناس، ليس لقوى خارقة يمتلكها، ولكن لثقته بنفسه التي استمدتها من ثقافته ووعيه .
ولعل البعض يتساءل، ما هو المثقف من وجهة نظرك ؟!
الإجابة كما أتصورها أنا، هو الإنسان الذي يطرق جميع الأبواب بغرض الاستفادة منها، ويفتح الكتب، ويتابع الأخبار، ويهتم بالجديد بشكل متوازٍ مع القديم، فيستفيدُ من التجارب والخبرات السابقة، وينهلُ من العلم الجديد الحديث، فيصبح لديهِ درايةٌ شاملة بالأمور، فيعرف كيف يتصرف وكيف يتخذ قراراته .
فمفهوم المثقف ليس محصورًا على الشخص القارئ ، فما نفع قارئٍ لا يستفيد من قراءته في حياته العملية ! وما نفع قارئٍ تنحصر ثقافته بما داخل الكتاب !
إن الرجاحة أن تقرأ شيئًا ما ولا تكتفِ بما في هذا الشيء وحسب، فيصبح ما يطابق ما داخل الكتاب صواب وما لا يطابقه خطأ عندك، إنما توسع مداركك فتوازن بين الأمور وتستفيد من عدة مصادر فيصبح لديك موسوعة شاملة داخل عقلك وبالتالي لا يغلبك أحد .
لو تعمقت بمن خلدهم التاريخ، فستجد أنهم جميعًا قدموا شيئا جديدًا وليس محصورًا في علمٍ قديم، وذاك لأنهم لم يتوقفوا عند المرحلةِ الأقصى التي وصلت لها المعرفة، إنما اجتهدوا وربطوا الأمور ببعضها فخرجوا لنا بدلالاتٍ ومفاهيمٍ جديدة، أقنعوا بها العلم فضم أفكارهم ليتجاوز بها الحد الأقصى إلى حد أقصى آخر هو من حدده .
وإنكَ حتى تصل إلى هذه المرحلة من القدرة على الإتيان بالجديد عليكَ أن تنمي ذهنك، وأن تتعمق في صغائر الأمور، دون الإستهانة بأي معلومة مثبتة، فكل معلومة تشكل فارقًا لديك في حياتك العملية، وكم كانت معلومة صغيرة سببًا في هلاك شخصٍ ما لأجل أنه يجهلها !
في داخل كل واحدٍ منا طاقة كبيرة، لكنها خاملة، وما يحفزها للثوران من جديد المعرفة، فلا تبخلوا على أنفسكم بها، ولنكن يدًا بيد لنعيد لأمتنا العربية أمجادها، ولنرجع كما كنا خيرَ أمة في العالمين .