مال واقتصاد

أخطر القرارات الاقتصادية لحكومة «محلب»

تولى المهندس إبراهيم محلب مهام رئاسة الحكومة الأولى يوم 25 فبراير 2014 فى عهد المستشار عدلى منصور خلفًا للدكتور حازم الببلاوى، وتم التشكيل الثانى لحكومة «محلب» بعد تكليفه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، عقب إجراء الانتخابات الرئاسية فى يونيو 2014، لتقترب مدة تولى «محلب» رئاسة الوزراء نحو 22 شهرًا سجلت أصعب اللحظات الاقتصادية والسياسية التى مرت بها البلاد، واتخذت حكومة «محلب» عددًا كبيرًا من القرارات الاقتصادية الجريئة التى أعادت الاقتصاد مرة اخرى الى الطريق الصحيح، وبعضها الذى أثار الجدل ولم تستطع حكومة أخرى الاقتراب منه.

وفى كشف حساب حكومة «محلب» الكثير من القرارات الصعبة التى تم اتخاذها لمواجهة الأزمة الاقتصادية، ودفع عجلة الاستثمار والتنمية التي توقفت بعد أحداث ثورة يناير، خصوصًا القرارات الصعبة المتعلقة بتخفيض الدعم على قطاع الطاقة، والتشريعات الاقتصادية كقانون حوافز الاستثمار، وإجراء تعديلات على قانون الضرائب والجمارك كان لها تأثيرات على الأسعار.

وكان للبنك المركزى بقراراته المستقلة عن الحكومة تأثير على الوضع الاقتصادى العام لحكومة «محلب»، ومنها إجراء خفض لقيمة الجنيه أمام الدولار، وضع قيود على الإيداع بالدولار، وقد تولت حكومة «محلب» مهامها ومعدل النمو الاقتصادى لم يتجاوز 2% وأسهمت خطط التنشيط والتحفيز الاقتصادى فى رفع الأداء وزيادة معدل النمو ليتجاوز 4%، وتراجعت البطالة من 13.4% منذ 2011، لتصل 13% فى ديسمبر 2014 وتتراجع الى 12.8% نهاية مارس 2015.

بينما ارتفع معدل التضخم فى الأسعار للسلع والخدمات لكل من حضر وإجمالى الجمهورية الى نحو 11.2% و11.1% خلال الفترة من يناير الى مايو 2015 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.

وأخطر قرار اتخذته حكومة «محلب» فى يوليو 2014 هو رفع الدعم عن أسعار الوقود بنسبة تقترب من الضعف، ووضع خطة لرفعه تدريجيًا لتحرير الأسعار، في إطار مشروع إصلاح يستهدف إنقاذ الاقتصاد، وخفض العجز الهائل في الميزانية، وإنعاش الاقتصاد الذي يعاني منذ سنوات بسبب الاضطرابات السياسية التي تعصف بالبلاد منذ ثورة 25 يناير 2011.

ورفع دعم الوقود أثر سلبًا على أسعار الكثير من السلع والخدمات، وعلى رأسها السلع الغذائية والمواصلات، وسعت الحكومة لاستيعاب هذا من خلال توسيع قاعدة السلع الخاضعة للدعم الغذائي، إلا أنه لم تكن هناك إجراءات كافية موجودة أو معلنة معلنة لتعويض الفئات الأشد فقرًا أو الأقل دخلًا في ظل غياب أي شبكة للضمان الاجتماعي حتى الآن وهو ما يؤثر على هذه الشرائح من المجتمع.

واجهت حكومة «محلب» العديد من الأزمات والتظاهرات العمالية بدءًا من عمال المحلة وحتى التظاهرات الأخيرة لموظفى الضرائب والجمارك، وكانت الجولات الكثيرة لرئيس الحكومة لها الأثر فى إطفاء الحرائق وتهدئة الشارع وإحساسه بأن حكومته معه يومًا بيوم وليست منعزلة عنه، على رغم الانتقادات التى وجهت لـ«محلب» بكثرة نزوله للشارع.

ومن الأزمات التى واجهتها حكومة «محلب» أزمة الدولار، وقام البنك المركزي في العام الجاري باتخاذ إجراءات عدة لمواجهة نقص الدولار في السوق، والقضاء على السوق السوداء، التي نشطت بعد ثورة 25 يناير، وكان لها نتائج سلبية عدة على المستهلك المحلي للسلع الأجنبية ووصلت ذروتها مع بداية تشكيل حكومة «محلب» وأزمة تدبير نقد أجنبى لاستيراد الوقود والسلع الأساسية.

في البداية قام البنك المركزى بإجراء خفض تدريجي سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، في محاولة لتوحيد سعر الصرف في ظل وجود سعر صرف بالسوق الموازية يزيد على السعر الرسمي، لطمأنة المستثمرين المرتقبين بوجود سعر صرف موحد.

وتمكن من القضاء على السوق السوداء للدولار قبل عقد المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، مارس الماضى، وكان في فبراير الماضي وضع حدًا أقصى للإيداع النقدي للشركات والأفراد في البنوك بالدولار الأمريكي، بحوالى «10 آلاف دولار يوميًا و50 ألف دولار شهريًا، أسهمت فى إحكام السيطرة على الدولار غير أنه أكثر من شكوى رجال الأعمال والمستثمرين، وأعاق قدرتهم على إيداع قيمة الشحنات المطلوبة بالقطاع المصرفي الذي يتولى عملية تحويل تلك الأموال إلى الموردين.

كانت زيادة الأسعار الأزمة التى لم تستطع حكومة «محلب» السيطرة عليها نتيجة لعدد كبير من القرارات والسياسات سواء ما يتعلق بقرارات الدولار التى أدت الى نقص المواد الخام والسلع الوسيطة والسلع تامة الصنع بالسوق، وأدى الى زيادة الاسعار، وتواكب ذلك مع مشكلات أخرى تعانى منها الشركات تتعلق بارتفاع أسعار الطاقة والعمالة والنقل وصعوبات التمويل والعمالة والزيادات المستمرة في أسعار السلع الغذائية، وكانت إجراءات كل من الحكومة والبنك المركزى المسئول عن ضبط الأسعار لم تتمكن من أن تهدئ من حدة الأزمة، والحقيقة أن أزمة الأسعار ستكون التحدى المقبل لحكومة المهندس شريف اسماعيل وربما لن تستطيع الحكومة السيطرة عليها فى الأجل القريب.

كان من بين القرارات الاقتصادية الصعبة التى اتخذتها حكومة «محلب» هى فرض الضرائب لتعظيم إيرادات الدولة لمواجهة تضخم النفقات وتراجع الإيرادات، حيث فرضت ضرائب على البورصة، وأخرى على الأغنياء، وثالثة على العقارات.

وقد تراجعت عن ضرائب البورصة بعد الخسائر التى تعرضت لها سوق الأوراق المالية (البورصة) منذ أن وافق مجلس الوزراء في مايو 2014 على فرض ضريبة رأسمالية على أرباح البورصة، لتنتهي في الشهر نفسه ولكن من 2015، بانتصار المستثمرين على وزير المالية، هاني قدري، في معركة استمرت ما يقرب من عام كامل بعد أن قرر مجلس الوزراء، إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة عامين، حفاظًا على تنافسية سوق المال المصري.

كان من أهم الإجراءات الاقتصادية للمهندس إبراهيم محلب القيام بتنفيذ منظومة الكروت الذكية للدعم بدأت باستكمال منظومة دعم السلع التموينية التى تم التطبيق بها ولاقت استحسانًا من المواطنين وتلتها كروت البنزين والسولار التي مازالت لم تطبق حتى الآن، على رغم الأزمات التى تواجهها البلاد فى اختناقات الوقود وكان آخرها أزمة البنزين الأسبوع الماضى.

ومن بين الإجراءات الاقتصادية لحكومة «محلب» تنفيذ انعقاد المؤتمر الاقتصادى لمصر فى مدينة شرم الشيخ، وإن كان هذا بتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولكن نجاح المؤتمر يحسب للحكومة، على رغم بعض الانتقادات التى وجهت لها من عدم إتمام العقود التى أبرمت فى المؤتمر أو متابعتها بدقة من جانب الوزراء المختصين، كما أن إتمام حفر قناة السويس الجديدة جاء أيضًا فى عهد هذه الحكومة.

كانت أهم الأزمات التى واجهتها أزمة انقطاع الكهرباء وما لها من تداعيات اقتصادية ومعيشية، وقد تمكنت الحكومة من القضاء عليها، وبالتالى فإن حكومة «محلب» بما لها وما عليها تعد أفضل حكومة قادت البلاد فى مرحلة صعبة كانت فيها تبنى الاقتصاد وتحارب الإرهاب وهى مهمة ثقيلة ولكنها تمكنت من خفض حدة الأخطار المحدقة بالبلاد داخليًا، ووضعت الاقتصاد المصرى على الطريق.

المصدر:الوفد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى