سأتكلم بشكل مفصل عن هذه المقولة
عندما تخطط لشيء ما، أو تريد فعل شيء ما ، و لا ينجح معك، و تفشل فيه،
هذا الأمر لا يتعلق بأن الله أراد الفشل لما اخترته أنت، أو أن الدنيا أو القدر يقفان في وجه أحلامك، و لا يتعلق الأمر بأن أحلامك ما هي إلا نصيب و لن يتحقق منها إلا مايريده الله، و للأسف تخبر نفسك بأنك مهما فعلت و تمنيت لن تحصل إلى نصيبك.
كل هذه أفكار و معتقدات خاطئة جدا عن الله سبحانه
•
فمثلا، عندما يقوم شخص بفعل جميع المتطلبات اللازمة للحصول على شيء ما ( كالنجاح في العمل أو الدراسة أو أي شيء أخر ) ثم بعد ذلك يقول بأنه خائف من الدنيا و غدرها و تقلبات القدر، فمن الطبيعي جدا ألا يحصل مراده، لسوء ظنه بالله سبحانه. فلا الدنيا و لا القدر لديهم القدرة على مخالفة مشيئة الله و سنته ( أي قوانينه )
قال الله في حديثه القدسي : ( أنا عند حسن ظني عبدي بي فليظن بي ما يشاء، إن ظن بي خيراً أعطيته و إن ظن بي شراً أعطيته )
•
عندما لا تنجح في الحصول على ما تريد،
فالحقيقة هي أنك لم تتبع ” القدر ” الصحيح لفعل هذا الشيء..
•
و هنا السر في ” القدر ” : و هو أنه لا يوجد نهائيًا و مطلقًا تعارض بين اختيار الله و اختيار الإنسان، فقد اختار الله للإنسان ما اختاره الإنسان لنفسه.
•
و للتوضيح
اختيار الله هو عينه ما يختاره الإنسان لنفسه
و لهذا فالإنسان مسؤول تماماً عن اختيارته و إرادته للأشياء …
و يوجد فرقٌ بينها و بين مشيئة الله و قدره، فمشيئة الله و قدره هما لكل ما فيه صلاحٌ للإنسان و خيرٌ و سعادة له في الدنيا و الأخرة.
فإذا توافق اختيار الإنسان و إرادته لشيءٍ ما مع مشيئة و قدر الله، سيتحقق ما يريده العبد مهما كان.
•
” القدر ” يأتي بمعنى ” المعايير ” ، فإذا اتبعت المعايير -القدر الذي وضعه الله- بشكل صحيح لفعل الشيء، ستنجح و بكل تأكيد في فعله، و لكن إن لم تتبع القدر الذي وضعه الله، ستفشل.
•
الله سبحانه بعلمه الكامل الأزلي و حكمته وضع القدر الذي فيه كل الخير و السعادة و الفلاح للإنسان في الدنيا و الأخرة، و فيه جميع الأقدار اللازمة لعمارة الأرض و استمرارها و الاستخلاف فيها
قال الله تعالى : ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّه )
تلك الحسنة هي الحصول على النتيجة التي يريدها الإنسان جزاءً من الله لمن تبع قدره.
•
و أما إذا لم يتبع الإنسان هذا القدر و ابتعد عنه، فلن يحصل النتيجة التي يريدها، و سيحصل عندها البلاء.
و البلاء هنا لم يأتي لأن الله نفسه أراد ابتلاء العبد، بل لأن العبد نفسه لم يتبع ما قدره الله له لفعل الشيء.
قال الله تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
و هنا علل الله ظهور الفساد بما فعل الناس من ذنوب و سيئات، و أيضا بابتعادهم عن فعل القدر الصحيح الذي وضعه الله لعمارة الأرض و سلامها.
•
و لكل شيء -مهما كان- قدر، فهناك قدر للصحة، و قدر للغنى و للثراء و للرزق، و قدر للعلاقات مع البشر، و قدر للنجاح ، و للسعادة و الطمأنينة…
•
و الله سبحانه و تعالى إذا ما توكل عليه العبد حق التوكل، فسيلهمه الله ( إما بالحدس و الإلهام، أو الرؤيا ) بالقدر الصحيح للأشياء.
و هناك طرق لمعرفة قدر الأشياء: كالقراءة و التأمل.
•
عندما يفشل الإنسان في فعل ما يريده، فلأنه لم يتبع ( أو لم يعلم بعد ) القدر الصحيح، و لا يعني ذلك أن الله أراد له الفشل و الوقوع في الخطأ.
•
قد شرع الله في ديننا صلاة الاستخارة، و ذلك لأن الإنسان سيبقى جاهلا مالم يعلمه الله. و قد يريد الإنسان اختيار شيء لا يتوافق مع حقيقته و شخصيته و تؤدي في النهاية إلى خسارته. و لذلك تعد صلاة الاستخارة من العبادات التي تعيد الإنسان إلى حقيقته، و لا يتحقق ذلك مالم يتوكل على الله حق توكله.
•
بعد توضيح جميع النقاط اللازمة
أعود إلى هذه المقولة ” أنا أريد، و أنت تريد، و الله يفعل ما يريد “.
هل ما زلت تظن أن الله سيخذلك ؟ و لن يحقق لك ما تريده ؟
•
الله سيحقق دائماً دائماً ما تريده أنت أيها الإنسان و سيعطيك كل ما ترغبه و تريده مهما كان.
سيرزقك، سيسعدك، و يمنحك جميع العلاقات الرائعة التي تحلم بها مع أهلك و زوجك و أصدقائك، و سيمنحك الصحة و الغنى و الطمأنينة.
و لكن بشرطٍ واحد : اتبع ما أمرك الله سبحانه به ( و للتأكيد، لأن ما أمرك الله به هو نفسه القدر و هو سنة الله في الأرض )
•
انطلق أخي، خطط لحاضرك و مستقبلك و تمنى و احلم بما تريده و توكل على الله دائما و ثق به
و تذكر دائما هذه الخاتمة،،
أنا أريد، و أنت تريد، و الله كريم رحيم يؤتنا دائما ما نريد..