أنت وقوة الإرادة
كثيرا ما نكرر في دوراتنا التدريبية أن القدرات العقلية (التفكير والذاكرة والذكاء…) لا تكفي لصناعة النجاح ولا تفي بتحقيق الأحلام وكذلك القدرات التنفيذية (التخصص والخبرة والإتقان…) لا تضمن شيئا من ذلك كل ذلك مطلوب لكن الذي هو كفيل بكل ذلك فحسب هو الإصرار وروح المثابرة وإنما تضمنهما معا قوة الإرادة فكيف السبيل إلى تقويتها يا ترى؟
إنها قوة العاطفة – يا صديقي – التي تقوي القلب وتملؤه حماسة ويقينا وشجاعة وإقداما وتجعله يتعالى على الخوف ويترفع عن الشك ويتجنب التردد ويجافي الكسل و التماطل, وبتعبير أدق وأكثر تفصيلا: العاطفة (حبك لما تفعل وميلك إليه واستمتاعك به) هي روح الإرادة و أكسير المثابرة وقوة القلب ووقود السير وطاقة العمل وضمان الاستمرارية في طريق الإنجاز.
فإذا أدركت –أخي القارئ – أن الإرادة هي سرّ المثابرة (المداومة) وأن العاطفة هي سرّ قوة الإرادة تكون بذلك قد وضعت حجر الأساس على طريق تقوية الإرادة.
تحليل قوة الإرادة:
الإرادة تعني بداهة أنك تريد تحقيق هدفا ما وتقوى الإرادة بصدق النية فتصبح عزما وتقوى أكثر عندما تعرف كيفية تحقيقه وتزداد قوة بتخيل تحقيق الأهداف فالخيال في النهاية أقوى من الإرادة بل هو أفضل مغذ لها.
والإرادة في أكمل صورها هي إصرار على تحقيق الحلم وتشبث به بتكرار المحاولات واستعداد لتنويع الوسائل وتطويرها وطرق مختلف الأبواب حتى الإنجاز.
فالعاطفة (الشغف بالحلم وحب تحقيقه) إذا هي الأساس المتين والركن الركين لقوة الإرادة كما أن الإرادة هي قوة القلب الروحية التي تثمر العزم والصبر و الشجاعة والقدرة على التحمل والثقة والإصرار.
ومن جميل ما رسخ في ذاكرتي من المقولات الرائعة أديبنا العملاق الرافعي رحمه الله: “قضت الحياة أن يكون النصر لمن يتحمل الضربات لا لمن يضربها”. وهي لعمري كلمة ما أقواها أراها تعبر بدقة على قوة الإرادة التي ترفع مستوى القدرة على التحمل فتضمن النصر والفوز إنها كلمة تعبر عن قوة امتصاص الآلام والمتاعب.
مفتاح قوة الإرادة
أن تسأل نفسك ماذا تريد؟ فهذا السؤال يفتح لك بابا للمضي قدما باتجاه الهدف, وتلك بداية الانتقال من الجمود إلى الحركة ومن السلبية إلى الإيجابية ومن التبعية إلى السيادة النفسية ومن الحيرة إلى التحكم في زمام الأمر.
يمكنك يا صاح أن تلخص البرمجة اللغوية العصبية بكل ما تحمله من مفاهيم وفرضيات وتقنيات واستراتيجيات وكل ما أفاض العلماء فيها والخبراء والمتخصصون والباحثون في ثلاثة أشياء: من أنت (دراسة حالة) وماذا تريد (تحديد الأهداف) وكيف تصل إلى ما تريد (التخطيط الاستراتيجي), وكلها كما ترى على علاقة قوية بقوة الإرادة أليس كذلك؟
المدخل إلى قوة الإرادة
التفكير بالنتائج والتركيز عليها لرفع مستوى الدافعية وإذكاء الرغبة لقد سألت نفسك ماذا تريد وعرفت مرادك (هدفك) الآن يمكنك أن تسأل نفسك لماذا أريد هذا الهدف بالذات؟ ابحث في العوائد والفوائد والامتيازات المادية والمعنوية ماذا تستفيد لو حققت هدفك روحيا وأدبيا وماديا وغيرها؟ تذكر أنه بقدر ما تكون المحفزات قوية بقدر ما تقوى إرادتك وتشتعل رغبتك.
التوغل في قوة الإرادة
اسأل نفسك الآن كيف أصل إلى ما أريد (القناعات, المصادر, الإمكانات….) فعندما تعرف كيفية الوصول إلى الهدف تزداد رغبتك وتقوى إرادتك.
استعن بقوة التوكل
التوكل على الله مسبب الأسباب من أقوى الأسباب في قوة الإرادة وهي آية التوفيق وفيض المدد الروحي على إرادتك الحرة, ولذلك قال الله تعالى (فإذا عزمت فتوكل على الله).
استخدم قوة الإيحاء
حرر مجموعة من الرسائل الإيحائية مثل الرسائل التالية:
1)- أنا قوي الإرادة وصحيح العزم
2)- أنا أثابر على ما أريد حتى أحققه
3)- أنا عملي وفعال في التنفيذ
4)- أنا أستمتع بعملي وذلك سرّ إرادتي القوية
5)- أنا أزيح عن طريقي كل ما يبعدني عن هدفي
6)- أنا أرتكز على العقبات وأتخطاها بقوة عزم
& ستجد لهذه الرسائل قوة داخلية تدفعك نحو الإنجاز عندما تكررها عدة مرات في عدة أيام بوقود الحماس وشعلة العواطف حتى يصدقها عقلك الباطن ويبرمجها في العمق.
استعمل عضلة الخيال
صمم لك تمرينا من عشر دقائق تمارسه با ستمرارحتى يصبح عادة يومية لك:
تخيل نفسك وأنت تتمتع بقوة الإرادة شاهد نفسك بوضوح اجعل الصورة واضحة وحية ودقيقة شاهد وأنت تتم أعمالك وتتابع مشاريعك حتى إنجازها استشعر مباهج ذلك بكل التفاصيل حتى تنطبع في عمق عقلك الباطن وفي كل خلاياك.
توجيهات قوية
– كن مستعدا للطوارئ في حال لم تمضي الأمور على نحو ما خططت (الخطط البديلة وإدارة المخاطر).
– افعل دائما ما يمكنك فعله ولا تميل إلى فعل ما اضطررت إلى فعله.
– ركز على الحلول دائما عوض الانغماس في المشكلات.
– تحرك ضمن إطار الافتراض وتصور ماذا يحدث لو أنك حققت هدفا؟ أو امتلكت صفة؟ أو تعلمت مهارة ما الذي سيتغير؟ وافترض العكس.
– واجه ما تخشاه وسترى كيف يهون ويصغر ما كنت تخشاه في نظرك.
– فكر بطريقة مختلفة عند انسداد الأمور وفكر بما لم تفكر به من قبل وسترى بنفسك مندهشا من قوة عقلك.
قصة رجل قهر المستحيل بقوة الإرادة
إنه رجل خسر كل أمواله في الأعمال الحرة وهو في سن 31عاما وفشل في الانتخابات في سن 32 وفشل مرة أخرى وعمره 34, توفت خطيبة في سن 35 وتعرض لانهيار عصبي في سن 36
خسر كرة أخرى في الانتخابات في 38عاما ثم خسر في انتخابات الكونغرس في 43 من عمره وتتلاحق عليه الفشل وفي 46 وفي 48 من عمره وفي سن 55 خسر منصب السيناتور وكرة أخرى في 56 عاما وبعد هذه الإخفاقات المتلاحقة والنكبات المتتابعة أصبح متربعا على كريس الرئاسة إنه أبراهام لنكولن الرئيس الثاني عشر للولايات المتحدة الأمريكية أي نوع من الرجال هذا الرجل؟ إنها الإرادة القوية حينما تشحذ عزم الرجال وتذكي هممهم.
لماذا قوة الإرادة؟
لماذا قوة الإرادة؟
لعلك تدرك – عزيزي القارئ – أن قوة الإرادة هي أحد أركان القوة الثلاثة عند الإنسان, فكل قوة الإنسان ثلاثة قوى تمكنه من إتمام ما يريد إنجازه وهي:
قوة القلب الروحية (الإرادة)
وقوة العقل بشقيه(المنطق والخيال)
وقوة الجسم (التطبيق والتنفيذ والعمل)
هذه القوى الثلاثة -عزيزي القارئ- هي حقيقة القوة وما يعبر عنها عند الإنسان.
وأمر آخر يا صديقي وهو أنك بقوة الإرادة تصبح سيد نفسك وقبطان سفينتك وتحسن قيادة الذات والتحكم فيها وتسير رغباتها ونوازعها بدلا من أن تكون عبدا ذليلا مطيعا لها.
وقد أحسن القوم (خبراء التنمية البشرية) عندما خرجوا على الناس بفكرة الذكاء العاطفي وهي في حقيقتها تعتمد على قوة الإرادة في دمج العاطفة بالذكاء للوصول إلى النجاح والسعادة, ذلك أن العواطف خلقها الله لنا لتؤدي وظائف سامية منها الارتقاء بروح الإنسان ووجوده وحمايته من المخاطر وإرشاده في الحياة وإدراك حقائق الأشياء وغيرها.
وقوي الإرادة هو ذاك الذي يحسن فهم عواطفه فهو يدرك تماما ماذا يشعر به ولماذا, ويتعامل مع ما يشعر به بطريقة إيجابية مثمرة,وهوإلى جانب ذلك يعرف نفسه بضعقها وقوتها ويقرأمشاعره ويتحمل المسئولية كاملة في علاقاته مع الآخرين ويتعاطف معهم ويتفاءل بالخيرويعشق لعبة التغيي ويتقبل النقد ويسعى إلى الأفضل كريم النفس ولايحمل حقدا على أحد ولاينشغل بكره أحد إلى آخر مكارمه المتواترة. أما ضعيف الإرادة العاجز فهو من يتجاهل عواطفه أو يستسلم لها أو يكبتها خوفا من نتائجها فيصيبه ما يصيب العاجز من احتقان نفسي وغيره.