إدارة الأفراد
تعد إدارة الأفراد بوصفها أحد ميادين إدارة الأعمال الرئيسة، علماً حديث العهد نسبياً. ويكاد نشوء هذا العلم يقترن بنشوء حركة الإدارة العلمية التي تزعمها فريدريك تايلور في مطلع القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية. وكان للنتائج التي توصل إليها تايلور حول استخدام مقاييس الحركة والزمن أداة رئيسة في زيادة الإنتاج وأسلوباً يحقق العدالة في احتساب أجور العاملين، أهمية كبرى في اعتمادها من رجال الأعمال عامة، والإدارة الصناعية بوجه خاص، لتحسين مستوى الأداء وتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة ريعية المشروعات. إلا أن حركة الإدارة العلمية لم تستطع أن تقرن نتائج دراساتها بالاهتمام اللازم بالجانب الإنساني بوصفه أحد العوامل الأساسية لزيادة مستوى الإنتاج وتحسين نوعيته لأنها ارتكزت على ركائز مادية بحتة.
ومع ذلك، فقد كان للإدارة العلمية فضل كبير في إيقاظ دوافع الشعور بأهمية الإنسان، ودراسة أحاسيسه، وتعرف محددات سلوكه في الأداء، والعناية به بوصفه أساس أي نهوض أو تقدم. وفي الوقت نفسه، بدأ الاهتمام بالبحوث العلمية المتعلقة بالنشاط الإنساني يتزايد ولاسيما في مجال علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي والعلاقات الإنسانية وقواعد السلوك البشري، في الوقت الذي اشتد فيه ساعد النقابات العمالية في أمريكا وأوربا مطالبة بتحديد علاقات العمل وتحسين ظروف أدائه، مما أدى إلى تطور مفهوم إدارة الأعمال بصفة عامة، وتطور الجانب الذي يعنى بشؤون الأفراد العاملين منها بصفة خاصة، وكذلك زيادة المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتق إدارة الأفراد كي تتمكن من تكوين قوة عمل قادرة على الأداء بفاعلية أكبر وراغبة في هذا الأداء. ولقد عد ذلك إطاراً عاماً وشاملاً للأهداف المتوخاة من إدارة الأفراد بقصد تحسين الإنتاجية بمؤشراتها الكمية والنوعية معاً.
ومن جهة أخرى، تعزز دور إدارة الأفراد وأهميتها بعد صدور التشريعات الحكومية الناظمة لعلاقات العمل والعاملين، وفرض استخدام بعض من مهماتها على مشروعات الأعمال، كتحديد نظم دفع الأجور وأساليبها، وأسس إجراءات التعيين والترفيع والتوصيف والتدريب، التي تعد بحق من أهم مسؤوليات إدارة الأفراد ومهامها.
وعلى هذا الأساس، فإن نشاط إدارة الأفراد يتجه نحو تحقيق الاستخدام الأمثل للقوى البشرية العاملة في المؤسسة وتنمية قدراتها ومهاراتها وحفزها في أداء أعمالها طواعية، كي يتسنى للطاقات الكامنة فيها الانطلاق من عقالها وتفجير مواهبها. وإذا كان بعضهم يحاول أن يعبر عن إدارة الأفراد بعبارات أخرى كإدارة القوى العاملة أو إدارة العلاقات الإنسانية أو الهندسة البشرية تمييزاً لها من أي نشاط إداري آخر يعنى بالشؤون المادية في المؤسسة، فيمكن تعريف إدارة الأفراد بأنها الجهاز التنظيمي الذي يمارس نشاطاً منظماً وهادفاً فيما يختص بشؤون الأفراد العاملين في المؤسسات سواء أكانت اقتصادية أم غير اقتصادية، ويتجلى هذا النشاط المنظم في وضع البرامج السياسية التي تحكم علاقات الأفراد فيما بينهم من ناحية أولى، وبينهم وبين الإدارة من ناحية ثانية، وفي تنفيذ هذه البرامج والخطط التي تهدف إلى استخدام الأفراد الاستخدام الأمثل والمحافظة عليهم قوة عمل قادرة على الأداء الجيد وراغبة في الاستمرار فيه.
منقول