من خلال تصفح التقرير الخاص بالتنمية البشرية في الدول العربية يتضح لنا أن تراكم رأس المال المعرفي وخلقه يشكلان معضلة رئيسية في البلاد العربية، حيث تشير الإحصاءات والتقارير إلى أن هذه البلاد هي الأقل إنتاجاً واستفادة من المعرفة. إننا لا نتحدث عن الحالة العربية بشكل خاص وإنما نعتمدها مدخلاً لاستعراض معوقات ومشاكل إدارة رأس المال المعرفي بشكل عام. وفي حقيقة الأمر فإن هذه الإشكالية نراها متجسدة في عدد كبير من المنظمات في دولنا سواءً كانت هذه المنظمات في القطاع العام أو الخاص. ففي إطار تكوين رأس المال المعرفي تقف مجموعة كبيرة من مشاكل بعضها يرتبط بجوانب علمية تكنولوجية والبعض الآخر يرتبط بأبعاد ثقافية واجتماعية وسياسية. ولغرض التركيز على المهم منها دون الدخول في معالجة تفاصيل كثيرة فإن بناء رأس المال الفكري يتطلب:
1. خلق أقطاب صناعية من خلال عمليات دمج ودية في بعض منظمات الأعمال الخاصة، وبالتالي يصبح لهذه الأقطاب القدرة المادية والبشرية في تكوين والاستفادة من المعرفة المتاحة.
2. خلق محيط وإطار معرفي من خلال تهيئة الأرضية المناسبة على الصعيد الخاص في تكنولوجيا المعلومات وإعادة النظر في الإجراءات والقوانين السائدة لكي تأخذ بنظر الاعتبار متطلبات تكوين هذه الأقطاب المعرفية.
3. أن يكون هناك جامعات ومراكز بحوث رائدة مرتبطة بالقطاعات الاقتصادية المحورية التي سبق وأن أشير إليها وأن يكون هناك تعاون كبير بين القطاع العام والقطاع الخاص بشأن خلق وتكوين المعرفة والاستفادة منها.
4. ضرورة أن تؤمن الإدارات العليا للمنظمات بأن العصر الحالي هو عصر معرفي وليس بيئة تنافسية قائمة على أساس تقديم منتجات وتحقيق وأرباح في سوق محلية فقط.
5. التركيز على العناصر الجوهرية الممثلة لرأس المال المعرفي للمنظمة فكل منشأة تكون لها مكونات معرفية وأصول فكرية تختلف عن المنظمات الأخرى وهذا الأمر ضروري لكي لا تتشتت الجهود وتتبعثر الموارد.
6. التركيز على حسن إدارة المورد المعرفي الموجود أصلاً قبل تشتيت الجهود في اقتناء أصول معرفية إضافية جديدة قد لا تقوى المنظمة على هضمها والاستفادة منها فالبداية الصحيحة مهمة جداً في مجال إدارة رأس المال الفكري.
7. تنمية قدرة تشخيص هوية الأصول المعرفية الحقيقية، حيث أن هناك إشكالية تتجسد في اعتبار الإدارة العليا نفسها أو بعض الحلقات الإدارية القريبة منها مورداً معرفياً وحيداً في المنظمة الأمر الذي يولد الإحباط عند الأصول المعرفية الأخرى.
8. بذل جهود كبيرة لخلق المعرفة الذاتية، أو تكوين رأس المال المعرفي الخاص بالمنظمة، حيث أن التجارب أثبتت أن المعرفة المستوردة من الخارج غالباً ما تكون استهلاكية تزول بسرعة إلا ما يتبقى منها متجسداً في بعض الأصول المعرفية ومساهماً في بناء رأس المال المعرفي للمنظمة.