البزنس يتأثر بالسياسة، ويؤثر فيها. حقيقة راسخة كررها المفكر الأمريكى توماس فريدمان فى كتب عديدة كان أشهرها «السيارة لكزس وشجرة الزيتون»، و«العالم مُسطح»، وواقع أثبتته الأحداث والتقلبات السياسية والاقتصادية فى العالم مؤخراً.
ولا شك أن ما جرى فى الأيام الماضية من منشورات ومراسلات بين الحكومة والقطاع الخاص بشأن تجميد التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى مع كوريا الشمالية يؤكد ذلك، خاصة بعد تصريح خطير أدلى به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أكد فيه أن بلاده تدرس جدياً وقف التبادل التجارى مع أى بلد يتعامل تجاريا مع كوريا الشمالية.
البداية مذكرة رسمية بعث بها سعيد عبدالله وكيل وزارة التجارة والصناعة ورئيس قطاع الاتفاقيات التجارية إلى كافة رؤساء المجالس التصديرية والغرف الصناعية وجمعيات المستثمرين يحذرهم فيه من أى تعاملات تجارية خلال الفترة القادمة مع أى جهة داخل دولة كوريا الشمالية.
المذكرة ذكرت أنه فى ضوء قرارات مجلس الأمن بتشديد العقوبات على كوريا الشمالية فقد أوصى رئيس مجلس الوزراء بالكتابة إلى كافة الجهات لمراعاة عدم دخول أى من الوزارات أو الجهات الوطنية فى أى تعاملات مالية، أو مصرفية، أو تجارية، أو استثمارية، أو استيراد وتصدير من وإلى كوريا الشمالية إلا بإذن كتابى من وزارة الخارجية. كما أوصى رئيس الوزراء باستخدام مسمى (rk) للإشارة إلى دولة كوريا الجنوبية لتمييزها عن كوريا الشمالية التى يستخدم مختصر لها هو (DPRK).
واستعرضت مذكرة تجميد التعاون الاقتصادى المرسلة إلى منظمات الأعمال المصرية قرار مجلس الأمن رقم 2375 لسنة 2017 والذى نص على:
دعوة الدول بتفتيش السفن إذا توافر لديها معلومات بشأن تحميلها أى أصناف يحظر توريدها إلى كوريا الشمالية.
حظر توريد كافة المواد المكثفة أو الغاز الطبيعى إلى كوريا الشمالية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
حظر توريد جميع المنتجات النفطية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
حظر استقبال أى منسوجات من كوريا بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
الامتناع عن إصدار أى تراخيص عمل لرعايا دولة كوريا الشمالية.
حظر افتتاح أو تشغيل أو تعهد أى مشروعات مشتركة أو كيانات تعاونية جديدة أو قائمة مع أفراد تابعين لكوريا الشمالية.
حظر السفر إلى كوريا الشمالية وتجميد الأصول الخاصة بالسيد باك يونج سيك عضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكورى.
تجميد كافة أصول اللجنة المركزية العسكرية وإدارة التنظيم والتوجيه بحزب العمال الكورى.
ودعت مذكرة وزارة التجارة والصناعة كافة الشركات والمؤسسات والمستثمرين فى مصر إلى الالتزام التام بقرارات مجلس الأمن وتنفيذ تعليمات رئيس الوزراء حتى لا تتعرض المصالح المصرية لأى أضرار.
وتأتى مذكرة تجميد العلاقات الاقتصادية فى ظل وجود تبادل تجارى ضئيل بين مصر وكوريا الشمالية، حيث يشير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن قيمة تجارة البلدين يبلغ نحو 48 مليون جنيه، منها 2.2 مليون جنيه فقط صادرات مصرية، ونحو 46 مليون جنيه واردات من كوريا.
ويكشف الجهاز أن أهم واردات مصر من كوريا تتضمن حمض الخليك، الأصباغ، القمصان والبيجامات، أجهزة المونيتور، معدات السكة الحديد، وأجهزة الإشارات والأمان والرقابة، البولى ايثلين، والراتنجات. بينما تعد أهم صادرات مصر إلى كوريا سخانات المياه.
والواقع أن المشروعات المشتركة بين القطاع الخاص وكوريا الشمالية محدودة للغاية، ولم تنفذ أى شركات مشروعات عملاقة باستثناء شركة «أوراسكوم» والتى دخلت سنة 2008 فى شراكة مع شركة بيونج يانج لإطلاق شبكة محمول، وقد ارتبط المهندس نجيب ساويرس بعلاقات صداقة وود بعدد من الساسة فى كوريا الشمالية، كان من بينهم السياسى جانج سونج تيك والذى قام زعيم كوريا فيما بعد بإعدامه بطريقة وحشية. وتقدر استثمارات «ساويرس» فى كوريا الشمالية بنحو 25 مليون دولار. ولا يوجد تصور واضح حول مصير تلك الاستثمارات.