إهتم بأعجب ما فيك …
هل سألت نفسك يوماً : ما هو أعجب ما في نفس الإنسان ؟
قد تقول : إنه العقل ، فالإنسان يمتاز عن الحيوان
بالعقل ، وعن طريقه يستطيع أن يصعد إلى عنان السماء و يغوص في أعماق البحر .. إلاّ أن العقل ليس أعجب ما في الإنسان حتماً ـــ بالرغم من أهميته وفضيلته ـــ لأن العقل غير قادر على التحكم في تصرفات الإنسان .
فكم من امرئ يأمره عقله بشيء وهو يعمل بخلافه ، وكما يقول احد الحكماء : (( كم من عقل أسير عند هوى أمير(( .
وقد تقول : إن أعجب ما في الإنسان هي روحه التي بين جنبيه ، إذ لاقيمة لأحد من دون الروح ، وبمجرد أن تخرج الروح من الجسد ، يتحول إلى تراب تذروه الرياح السافيات .
ومع أن الروح أساس الإنسان بالفعل ، إلاّ أن الروح ليست أعظم ما فيه ، لأن الروح في حقيقتها تتصرف حسب أمر آخر وهو الإرادة . إن الإرادة في الإنسان هي الحاكمة على كل شيء فيه فهي تتحكم في عقله و أفعاله وتصرفاته ، ونهي تقود جسمه و روحه إمّا إلى خير و إمّا إلى شرّ .
فالإرادة هي التي تأمر العقل بالتفكير ، ومن دون أن تفرض الإرادة على الإنسان بأن يعمل بما يطلبه العقل فإنه لن يعمل به . إن الناس بالإرادة يختارون، و بها يعملون و ينتجون . وحينما تضعف الإرادة فلا شيء يمكن أن يقويها غير ذاتها.
فلا تقوى الإرادة إلا بالإرادة ، و من لا يريد لنفسه أن يمتلك إرادة قوية في الحياة ، فلن تكون له إرادة قويّة في الحياة .
ولقد أعطى الله عزّ و وجلّ الإنسان حرية الاختيار ، ومنحه العقل لكي ينتخب الخير على الشر ، والصلاح على الفساد ، و الحق على الباطل ، والجنة على النار . فإذا لم يفعل فهو المدان ، و إذا فعل استحق الأجر والثواب .
ألا ترى كيف أن أعظم شيء، وأفضل ما يمكن أن يحصل عليه أحد في حياته على هذه الأرض ، وهو ( الإيمان ) لايمكن تحصيله إلاّ بالإرادة .
فالإرادة هي الحاكمة على كل شيء في الإنسان : على عقله ، و أفعاله ، وتصرفاته ، ومواقفه لأنها هي التي تأمر العقل بالتفكير أوتنهاه عن ذلك .
وبالإرادة يطيع الإنسان عقله أو لا يطيع ، و بها يختار ، و إذا ضعفت فلا شيء يقوم مقامها .
فهو بالإرادة قادر على أنتكون له إرادة قوية ، وهكذا فإن الإرادة تقوّي العقل ، و العلم ، و نفسها أيضاً .
ثم إنّ الإرادة هي أولى مظاهر قوّة الشخصيّة ، وقد تصل درجات القوة فيها إلى حد اختيار صاحبها أصعب الطرق و أعسرها على النفس ، وذلك لأغراض معنوية مثل فعل الخير أو كبح جماح الشهوات .
وفي تعريف الإرادة ينبغي أن نقول : إننا نحس بالإرادة ونعرفها جيدا ، و لكننا لا نستطيع أن نفسّرها بالضبط ، غير أنعبارة (( الرغبة الشديدة في تحقيق الشيء مع وجود قرار لتلبية تلك الرغبة في مجال العمل )) قد تكون أقرب التعابير عن معنى الإرادة .
وبالطبع فإن الإرادة لا بدّ أن تُشفّع بالصبر ، وحسب تعبير أحدهم فإن الإرادة هي تربية النفس على الحزم و الثبات ، و الإقدام على الأعمال الممكنة حتى تحقيقها ، فإذا تلاحقت الإرادة بالصبر ، فإن ما يعتبر عند كثيرين مستحيلاً ، يصبح ممكناً لدى من يملكها .
إن الإرادة صورة الحياة الشاملة ، فإن ساءت الإرادة ساءت الحياة ،و إن حسُنَت ، حسُنَت الحياة .
من هنا فلا نجاح من بدون إرادة ، ولافشل من بدون إرادة . فالنجاح و الفشل نتاج إرادتين متناقضتين .
فمن يسعى للنجاح ينجح ، ومن يسعى للفشل يفشل .
تمنياتى بانجاح والتوفيق