احتفظ بهدوئك
هل تعلم كيف تهرب الأسماك الصغيرة من براثن السمك المتوحش الذي يريد افتراسها ؟؟
إنها تقوم بحيلة بسيطة ، تعكر الماء بذيلها وزعانفها ، حتى تصبح الرؤية فيها صعبة ، فيصاب السمك الكبير بالهياج فيسهل على السمك الصغير الهرب والاختباء .
ولقد تعلم البحارة طريقة تعكير الماء هذه ، واستخدموها كحيلة لصيد السمك ،
فهم يقومون بتعكير الماء حتى يغضب السمك ويفقد هدوءه و تضيع الرؤية من أمامه وتضطرب حركته ، ويتخبط يمنة ويسرة إلى أن يجد نفسه فجأة في براثن الشباك .
من هذا المشهد نتعلم أمر بالغ الأهمية ، وهو أن نحتفظ بثباتنا وهدوءنا إذا ما تعكر ماء الحياة وتشوشت الرؤية لفترة أمام أعيننا ، سواء كان هذا التعكير بفعل عدو ، أو بسبب تصاريف القدر ، ودوائر الأيام
فردود الفعل السريعة الغير منضبطة أو التي لم يتم دراستها سلفاً بروية وعقلانية قد تلقينا في شباك الفشل ، وربما نجد أنفسنا وقد ضللنا الدرب وخرجنا عن جادة الطريق المستقيم .
سهل أن يحتفظ المرء منا بثبات جنانه في الظروف العادية ، لكن الثبات وقت الشدة والنوازل يحتاج ليقين حي ، وتمرس مستمر ، وهدوء أعصاب مستمد من روح متزنة .
نرى هذا الأمر جليا في موقعة أحد ، فبعدما خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصبحت الدائرة على المسلمين من بعد نصر لاح في أفقهم وبدا قريبا ،
اختل توازن جند الإسلام ، وتشتتوا يمنة ويسرة بعدما عكر جند قريش الماء من حولهم ، هنا قام القائد الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ووقف في وسط المعركة جامعا شتات أصحابه صارخا فيهم (إليّ عباد الله ) ،
يقول علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، أحد أعظم فرسان صدر الإسلام الأول:” كنا إذا حمي البأس (اشتدت المعركة) واحمرت الحُدُق( جمع حدقة وهي بياض العين) نتقي برسولونحتمي به .
إن الغضب والتخبط وفقدان الاتزان يضيع من أمامنا الرؤية ، ويجعلنا أسرى لردود الأفعال العشوائية ، بينما الهدوء وانتظار انقشاع الغيوم بثبات وتيقظ يجعلنا دائما في الموقف الأقوى .
فلا تسمح لخصمك أن يستفزك إذا ما عكر الماء وشوش الرؤية أمامك ،كن هادئاً وامتلك أنت زمام المبادرة دائما .. حتى في وقت الشدة والأزمات .
إشـراقة : قلب القائد كالبحر لا يمكن اكتشاف شواطئه البعيده .
مثل صيني