مال واقتصاد

اختفاء دور وزير الاستثمار من الأزمة ردود الأفعال تتواصل فى سوق المال حول ضريبة البورصة .. والسماسرة يهددون بتوقف التداول احتجاجاً على لائحة الضريبة

«السعودية تتيح للأجانب التعامل بالبورصة وإعفائهم من الضرائب.. الكويت تعفي المتعاملين من الضرائب.. الحكومة تفرض علي بورصة مصر ضريبة علي التوزيعات والأرباح».. هذا ما شغل مجتمع سوق المال عقب إقرار اللائحة التنفيذية لضريبة البورصة مؤخراً.

حالة سخط وغضب واسعة تسيطر علي سوق المال، واتجاه معاكس من الحكومة لمسار الاستثمار ونتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي كان يهدف إلي جذب الاستثمار، وتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين سواء في الاستثمار المباشر أو غير المباشر ممثلاً في سوق المال.
التنافسية التي تسعي إليها الحكومة في المنطقة مجرد تصريحات مستهلكة، ونتائج قمة مارس الاقتصادية بخلق مناخ جاذب وبيئة مناسبة تحتضن الاستثمارات الأجنبية لا وجود لها علي أرض الواقع، ورغم دور الدكتور محمد عمران رئيس البورصة في اتصالاته المتتالية بالحكومة ورئيسها المهندس إبراهيم محلب، لإعادة النظر في القانون، بهدف الحفاظ علي جاذبية البورصة للاستثمارات الأجنبية في المنطقة، إلا أن «عمران» رغم هذه الجهود كان يحتاج إلي تكاتف الجهود من كافة الأطراف، خاصة وزارة الاستثمار التي اختفي دور وزيرها أشرف سلمان في الوصول إلي حل مناسب مع وزير المالية والحكومة في توضيح الأمور وإعادة النظر في الضريبة، خاصة أنه يستمد قوته بطبيعة منصبه وقدرته في التأثير علي الحكومة ووزير ماليتها، في الوقت الذي تحمل فيه رئيس البورصة الانتقادات الواسعة رغم أنه قام بدوره مع الحكومة، ومعه شريف سامي رئيس الرقابة المالية الذي حاول مراراً وتكراراً توضيح الأمور للحكومة بشأن تداعيات الضريبة.
بالأمس القريب اتخذت السعودية خطوة مهمة تعمل علي استقطاب الأموال الأجنبية لسوق المال السعودي، حينما أتاحت للمستثمرين الأجانب حرية التداول في البورصة دون أي قيود وإعفائهم من الضرائب، وبعدها انتهجت الكويت نفس المسار، لكن في السوق المصري أصدرت وزارة المالية اللائحة التنفيذية لضريبة البورصة التي ضمت خضوع الأرباح الرأسمالية للضريبة بنسبة 10٪ مع خضوع توزيعات الأرباح أيضاً لضريبة نهائية وفقاً لنسب المساهمة في الشركة، وشملت اللائحة أنه بالنسبة للأرباح الرأسمالية فإنه نظراً لأن فلسفة القانون تقوم علي أساس فرض ضريبة بنسبة 10٪ دون خصم أي تكاليف، أي خضوعها في وعاء مستقل لذلك أوضحت الإجراءات المطلوب اتخاذها لاستبعاد التكاليف المرتبطة بهذه الأرباح الرأسمالية لأنها لن تخضع للضريبة إلا لمرة واحدة، كما تضمنت اللائحة حكماً يتعلق بالآليات المتعلقة بتجنب الازدواج الضريبي بالنسبة لتوزيعات الأرباح التي تلتزم فيها الشركات أو الأشخاص الطبيعيين بإظهار هذه الإيرادات مرة أخري في القوائم المالية، لذلك تضمنت كيفية تجنب الازدواج الضريبي في حالة خضوع توزيعات الأرباح لمرة أخري.
سألت محمود جبريل، المتخصص في مجال الاستثمار والتمويل، حول تداعيات الضريبة علي سوق المال؟.. أجابني قائلاً: إن وزارة المالية فشلت في دراسة تحقيق التنافسية والعمل علي استقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي بدأت بالفعل تتخارج متجهة إلي أسواق أخري لديها تيسيرات ضريبية أفضل مثل السعودية والكويت.
وتابع: إن المالية تستهدف من البورصة حصيلة تصل إلي نسبة 10٪ لكن في حقيقة الأمر أن الوزارة لم تقم بدراسة تداعيات هذه النسبة المتدنية التي تكون تكلفتها علي الاستثمار أعلي من عائداتها، حيث لن تتحقق النسبة المرجوة من حصيلة الضرائب، إذا ما قورنت بقيمة الاستثمارات المنتظر أن تتخارج من سوق الأوراق المالية.
وأوضح أن تحقيق أعلي الإيرادات من الضريبة يتم بإجراءات أخري تتمثل في العمل علي خفض الوعاء الضريبي، بما يسهم في تشجيع المستثمرين علي الالتزام وعدم التهرب، لكن ما تقوم به وزارة المالية هو السير عكس اتجاه مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وبذلك تعمل علي الإضرار بسوق المال.
وقال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي: إن من مبادئ السياسة المالية الرشيدة أن يكون فرض الضرائب في أوقات الانتعاش، ووجود فوائض نقدية لدي دافعي هذه الضرائب وليس في أوقات الخراب وإفلاس آلاف المصانع ومستثمري البورصة التي نعيشها منذ فترة طويلة، مطالباً بسياسة مالية توسعية وأولها خفض الضرائب لامتصاص البطالة، وزيادة الاستثمارات والتشغيل، ومن ثم زيادة الحصيلة.
وتساءل صلاح حيدر، المحلل المالي: لماذا التعاملات المالية للمنشأة أو للأفراد عند 5 ملايين جنيه أقل أو أعلي تم تحديدها علي أساس حجم التعاملات وليس حجم المحفظة والعائد منها، بالإضافة إلي أن تحديد حجم التعاملات علي هذا الأساس فهل سيدخل المستثمر الذي يدير محفظته التي قد تقدر مثلاً بـ 100 ألف جنيه تدار يومياً فتتعدي حجم التعاملات السنوية 5 ملايين جنيه، يدخل شريحة أخري.
واستمراراً لعملية التصعيد هدد عدد من السماسرة بالتوقف عن البيع والشراء خلال جلسة أمس الأول رفضاً للضريبة، مطالبين بإعادة النظر فيها مرة أخري.
إذن لا تزال ردود الفعل تتواصل حول ضريبة البورصة وتداعياتها علي صناعة سوق المال، فهل تعيد الحكومة النظر أم باتت الضريبة «كائناً حياً» يتم التعامل معه علي هذا الأساس؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى