التدريب والتطوير للموارد.. تحسين النوعية
اكرم سالم
تأسيسا على المكانة الستراتيجية لادارة الموارد البشرية في عالم اليوم اذ اصبح الانسان المتعلم والمتخصص مصدرا رائدا للاستثمار واصبح غاية وليس وسيلة من وسائل الاعمال الروتينية النمطية، فان الموارد البشرية وبخاصة المبدعة يمكن ان تكون من ضمن الكفايات الجوهرية للمنظمة المعاصرة(المؤسسة)، اضافة الى دورها المحوري في العمل وتحقيق الكفاءة والفاعلية والميزة التنافسية . في هذا الاطار والاتجاه.
النشأة والتطور :
مرت ادارة الموارد البشرية بمراحل تاريخية للوصول الى ما وصلت اليه ، ويعتبر التصنيع نقطة الانطلاق المهمة التي نبهت الى ضرورة اعادة النظر بكيفية ادارتها لتكون ادارة ستراتيجية معاصرة ، ويبدو ان هنالك عوامل اقتصادية ادارية تكنولوجية مهمة اسهمت في تكوين وبلورة ادارة الموارد البشرية واهمها:
ضرورة رفع كفاءة اانتاجية العاملين ، وتزايد كلفة العنصر البشري ، وضغوط تخفيض تكاليف الانتاج والعمالة . كذلك تنوع مصادر العمالة وارتفاع مستواها الثقافي وتزايد احتياجات العاملين وتغير تطلعاتهم ، وتشريعات الضمان العمالية اضافة الى تأثير النقابات العمالية.
و التغيرات التكنولوجية المتسارعة ، وتكلفة المعدات ، وتطور الاتصالات والمعلوماتية ، اضافة الى العوامل الادارية واهمها استخدام الكومبيوتر والمنطلقات والاساليب الجديدة للتعامل مع الافراد بعد التطورات الادارية في اساليب ونظريات القيادة والحوافز والادارة بالاهداف ، وانظمة حلقات الجودة ، وبرامج ادارة الجودة الشاملة TQM ما فرض منطلقات نوعية مستحدثة في ادارة العمل والبشر معا.
الفلسفة الأساسية للتحول
تكمن الفلسفة الاساسية لهذا التحول في:
– الانسان المنتج اهم عنصر ستراتيجي في المنظمة.
– ادارة الموارد البشرية شريك اساسي في عملية التخطيط والتطوير المتكامل.
– اهداف المنظمة واهداف العاملين ليست متناقضةوان ادارةالمنظمة تستطيع تحقيق هذه الاهداف من خلال المواءمة ومن خلال تصميم الوظائف والاختيار .
لكل ذلك تصبح ادارة الافراد جزءاً من وظيفة اكبر هي ادارة الموارد البشرية لتكون في موازاة ادارة الانتاج والتسويق والمالية ولتكون ادارة تنفيذية مشاركة تماما في دفع ستراتيجية المنظمة وتحقيق اهدافها ، وليست ادارة منعزلة مستقلة او استشارية . ان دورها لم يعد محصورا في حفظ السجلات واضابير الافراد والممارسة الروتينية اليومية لشؤون الافراد العاملين بل ضمان عدم تعارض قراراتها مع قرارات وخطط ونشاطات الادارات الاخرى للمنظمة ، فتكون مشاركتها ستراتيجية متفاعلة منسجمة متوائمة حيوية شاملة خلال المنظمة، وغير مقتصرة على الاهتمام بالعاملين.
ان مدرسة الموارد البشرية لاتهتم بالعاملين داخل المنظمة فقط وانما كأحد الموارد التي يمكن ان تضيف للمنظمة ميزة جديدة من مزاياها التنافسية.
الأدوار
ان ادوار هذه الادارة تكمن في:
– دور المعماري المسؤول عن تحديد كيفية تصميم المنظمة والوظيفة.
– دور المدقق الذي يحدد ايا من الجوانب الخاصة بالمنظمة او العمل يجب تغييرها للوصول الى فاعلية افضل .
– دور المشارك في وضع الاتجاه الستراتيجي للمنظمة.
– دور المتحرك في المنظمة لتحديد الاسبقيات الخاصة بالاهداف ومن خلال الخبرة الادارية.
– دور القائد لزيادة معنوية ودافعية العاملين من خلال الاختيار الدقيق لاساليب العمل.
وهذه الادوار يمكن انجازها من خلال مجموعة وظائف اساسية لادارة الموارد البشرية ، منها الاهداف الخاصة بالموارد البشرية وصولا الى اهداف اعم واشمل تتمثل بالانتاجية ونوعية حياة العمل والاذعان القانوني وتحقيق الميزة التنافسية وتكييف قوة العمل للتغيرات البيئية وهذه الاهداف ترتبط وتتفاعل فيما بينها لتحقيق غايات البقاء والنمو والتنافسية والربحية والمرونة .
لذا يستوجب التركيز على الاهمية الخاصة لادارة الموارد البشرية في المنظمات ، كونها مركز الجذب المهم في المنظمة ، وتتعامل مع المورد الوحيد الذي لايمكن تقليده من قبل المنافسين ، وكون الجهد الذي يقدمه المورد البشري في المنظمة جهدا تداؤبيا يولد مخرجات تفوق في قيمتها الكلفة التي انفقت في مدخلات هذا الجهد ، ويمكن تخفيض التكاليف عن طريق تحسين النوعية وزيادة الانتاجية ، ورفع مستوى التعلم وتراكم الخبرة . ” ربما التغير الاكثر اثارة للدهشة في دور الموارد البشرية اليوم هو اشتراكه المتزايد في تطوير وتنفيذ ستراتيجية الشركة .. والمحافظة على الميزة التنافسية”.
دور إدارة الموارد البشرية في تكوين الستراتيجية
ان كل جزء من عملية تكوين الستراتيجية يشتمل على افراد مرتبطين بقضايا وشؤون العمل ،ولهذا فأن وظيفة HRM تظهر الحاجة اليها كي تشارك في كل جزء من هذه الاجزاء . ويبدو ان هنالك اربعة مستويات من التكامل بين وظيفة ادارة الموارد البشرية ووظيفة الادارة الكلية ، وهي:
– الترابط الاداري ، وهو ادنى مستويات التكامل وتركز وظيفتها على الاهتمام بالنشاطات اليومية.
– الترابط باتجاه واحد ، حيث تقوم ادارة المنظمة العليا باعداد التخطيط ووضع الخطة الستراتيجية و اعلام ادارة الموارد البشرية بها.
– الارتباط باتجاهين ، وهو يسمح بدراسة مختلف القضايا المتعلقة بالموارد البشرية خلال عملية تكوين الستراتيجية ، ويكون بثلاث خطوات الاولى بان يقوم فريق التخطيط الستراتيجي باعلام ادارة الموارد البشرية بمختلف الستراتيجيات التي تدرسها المنظمة ، ومن ثم يقوم ملاك هذه الادارة بدراستها وتحليل مضامين الموارد البشرية لمختلف الستراتيجيات، ويقومون بتقديم نتائج هذا التحليل لفريق التخطيط الستراتيجي، واخيرا وبعد اتخاذ القرار الستراتيجي يتم تمرير الخطة الستراتيجية الى ملاك ادارة الموارد البشرية الذين يقومون بتطوير ووضع برامج لتنفيذها، وهكذا فان التخطيط الستراتيجي وادارة الموارد البشرية تصبحان معتمدتين على بعضهما ضمن ترابط باتجاهين .
– الترابط المتكامل او التكامل ، ويعتبر حركيا ومتعدد الاوجه استنادا الى التفاعل المستمر وليس المرحلي ، وفي معظم الحالات فان مدير الموارد البشرية يكون عضوا متكاملا في فريق الادارة العليا .
إدارة الموارد البشرية والكفايات الجوهرية
كذلك فأن ادارة الموارد البشرية عليها تطوير ستراتيجيات محددة تعتمد على نقاط القوة في المنظمة ، هذه النقاط التي تلتزم بالكفايات الجوهرية التي هي اساس خلق الميزة التنافسية . ابتداء ان الكفايات الجوهرية ” تركيب او مركب synthesis من المهارات والمعرفة والتكنولوجيا متحدة في كل نظام وهي العلامة الفارقة للمنظمة التي تميزها عن غيرها من المنظمات الاخرى ، وبذلك فان توجهات ادارة الموارد البشرية في تطوير هذه الكفايات يجب ان ترتكز على هذه الخصائص اعلاه . وفي الصدد نفسه اكد كل من Lad & Wilsn ان المنظمة المستندة الى الموارد هي المنظمة التي تستخدم انظمة ادارة موارد بشرية فاعلة في تطوير الكفايات الجوهرية التي ستكون اساسا لتحقيق الميزة التنافسية ” وعن اهمية فاعلية ادارة الموارد البشرية فانها تنبع ” من تزايد اهمية هذه الادارة في الوقت الحاضر ، فقد بدأت هذه الادارة تؤدي دورا رئيسا في نشاط المنظمة كونها لاعبا ستراتيجيا واساسيا في المنظمة . وان المنافسة التي تعيشها المنظمات اليوم في ظل التحديات الكثيرة التي تواجهها، كالعولمة، وثورة الاتصالات ، والمنافسة العالمية، وغيرها من التحديات، جعل هذه المنظمات تعمل على تقديم افضل ما لديها لتحقيق رضا الزبون، ولعل اللاعب الرئيس في تحقيق هذا الرضا هم الافراد العاملون ” ” ان تحرر الموارد البشرية من عبء الاعمال الكتابية التقليدية سيؤدي الى ان تضيف هذه الادارة قيمة اكبر للمنظمة وستوجه التركيز على القضايا الستراتيجية في ادارة القوة العاملة.”وبشأن اهمية تقانات المعلومات لادارة الموارد البشرية الستراتيجية.
(( ان ادراك اهمية ادارة الموارد البشرية وتأثيرها وفاعليتها في تحسين اداء المنظمات جعلها تتجه لزيادة الاستثمار في تقانة المعلومات اذ يؤكد مركز البيانات العالمي ICD بان ادارة الموارد البشرية الستراتيجية ستكون واحدة من ابرز الادارات في تبني تقانة المعلومات في السنوات القليلة القادمة)).