لربما مررت بنقاشات ولم توفق لكسبها… خيم الحزن عليك بسبب أنك تعتقد أن الحق معك لكنك ولكنك أخفقت في أسلوب الإقناع وتوصيله، وهل سبق وتحولت مناقشتك إلى معركة وجدانية حامية ربما تطورت إلى معركة بالألفاظ؟
هل شعرت يوماً أن الطرف الآخر في النقاش معك خرج صامتاً لأنه فقط يريدك أن تسكت وليس لأنه مقتنع بكلامك؟
إذا سبق وحصل لك شيء مما سبق، فاعلم أنك لست مناقشاً جيداً ولا تجيد بعض أصول المناقشة.. لأن النقاش فن راقٍ وحساس لا يجيده الجميع وله أصول خاصة إذ لا يجب أن نكثر منه إلا إذا شعرنا بأننا نود توضيح وجهة نظر مهمة حول موضوع مفيد، لأن النقاش في هذه الحالة يزيد ثقافة الإنسان واطلاعه، أما إذا كان حول موضوع تافه أو غير مهم وشعرت أن النقاش حوله لن يضيف جديداً، فالأولى تركه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم بيت في رياض الجنة لمن ترك المِراءَ ولو كان محقاً).
وهذه النقاط الست ستساعدك – بإذن الله – على أن تكون مناقشاً جيداً عادلاً وقوياً في نفس الوقت بحيث تستطيع إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرك دون أن تسبب له جرحاً أو إحراجاً:
1 _دعه يتكلم ويعرض قضيته: لا تقاطع متحدثك ودعه يعرض قضيته كاملة حتى لا يشعر بأنك لم تفهمه لأنك إذا قاطعته أثناء كلامه فإنك تحفزه نفسياً على عدم الاستماع إليك لأن الشخص الذي يبقى لديه كلام في صدره سيركز تفكيره في كيفية التحدث ولن يستطيع الإنصات لك جيداً.
2- توقف قليلاً قبل أن تجيب: عندما يوجه لك سؤالاً تطلع إليه وتوقف لبرهة قبل الرد لأن ذلك يوضح انك تفكر وتهتم بما قاله ولست متحفزاً للهجوم.
3- لا تصر على الفوز بنسبة مئة في المئة: لا تحاول أن تبرهن على صحة موقفك بالكامل وأن الطرف الآخر مخطئ تماماً في كل ما يقول. إذا أردت الإقناع فأقر ببعض النقاط التي يوردها حتى ولو كانت بسيطة وبين له أنك تتفق معه فيه لأنه سيصبح أكثر ميلاً للإقرار بوجهة نظرك، وحاول دائماً أن تكرر هذه العبارة: (أنا أتفهم وجهة نظرك)، (أنا أُقدِّر ما تقول وأشاركك في شعورك).
4- أعرض قضيتك بطريقة متحضرة راقية: أحيانا عند المعارضة قد تحاول عرض وجهة نظرك أو نقد وجهة نظر متحدثك بشيء من التهويل والانفعال، وهذا خطأ فادح، فالشواهد العلمية أثبتت أن الحقائق التي تعرض بهدوء أشد أثراً في إقناع الآخرين.
5 – اسمح له بالحفاظ على ماء وجهه: الأشخاص الماهرون الذين لديهم موهبة النقاش هم الذين يعرفون كيف يجعلون الطرف الآخر يقر بوجهة نظرهم دون أن يشعر بالحرج أو الإهانة، ويتركون له مخرجاً لطيفاً من موقفه. إذا أردت أن يعترف الطرف الآخر لك بوجهة نظرك، فاترك له مجالاً ليهرب من خلاله من موقفه كأن تعطيه سبباً مثلاً لعدم تطبيق وجهة نظره أو معلومة جديدة لم يكن يعرف بها أو أي سبب يرمي عليه المسؤولية لعدم صحة وجهة نظره مع توضيحك له بأن مبدأه الأساسي صحيح (ولو أي جزء منه) ولكن لهذا السبب (الذي وضحته) وليس بسبب وجهة نظره نفسها، فإنها غير مناسبة.
أما الهجوم التام على وجهة نظره أو السخرية منها فسيدفعه لا إرادياً للتمسك بها أكثر ورفض كلامك دون استماع له لأن تنازله في هذه الحالة سيظهر وكأنه خوف وضعف وهو ما لا يريد إظهاره مهما كلف الأمر.