تشير الكثير من التغيرات والتطورات والدراسات والظواهر والانعكاسات الخاصة بالعو لمة أن لها تأثير واسع على النطاق على الجهاز المصرفي في
أي دولة من دول العالم ، ومنها الجهاز المصرفي الجزائري ,وننوه إلى أن الآثار الاقتصادية للعولمة على الجهاز المصرفي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية وتصبح المهمة الملقاة على عاتق القائمين على إدارة الجهاز المصرفي الجزائري هو تعظيم الإيجابيات وتقليل الآثار السلبية عند أدني مستوى . بالتالي يمكن الإشارة في تركيز شديد على عدد من الآثار الاقتصادية للعولمة على الجهاز المصرفي وذلك من خلال التحليل التالي :
1- إعادة هيكلة صناعة الخدمات المصرفية :
حدث تغيير كبير في أعمال البنوك وتوسعت مساحة ودائرة ونطاق أعمالها المصرفية سواء على المستوى المحلى أو المستوى الدولي العالمي . أخذت كل البنوك تتجه إلى أداء خدمات مصرفية ومالية لم تكن تقوم بها من قبل وينعكس ذلك بوضوح على هيكل ميزانيات البنوك. ومن ناحية أخرى انخفض النصيب النسبي للودائع في إجمالي الخصوم بالبنوك . وأن الخصوم القابلة للمتاجرة زاد نصيبها النسبي إلى إجمالي خصوم البنوك نتيجة لتزايد نشاط البنوك في الأنشطة الأخرى غير الاقراضية، وبما أدى إلى انخفاض نصيب القروض وارتفاع النصيب النسبي للأصول الأخرى ، وبخاصة إصدار السندات . إن آثار العولمة على الجهاز المصرفي لم يقف على إعادة هيكلة صناعة الخدمات المصرفية ، وقد امتد بشكل غير مباشر إلى دخول المؤسسات المالية غير المصرفية مثل شركات التامين وصناديق المعاشات كمنافس قوى للبنوك التجارية في مجال الخدمات التمويلية مما أدى إلى تراجع دور البنوك التجارية على وجه الخصوص في مجال الوساطة المالية .
2- تنويع النشاط المصرفي والاتجاه في التعامل في المشتقات المالية :
يشمل تنويع الخدمات المصرفية على مستوى مصادر التمويل، إصدار شهادات إيداع قابلة للتداول والى الاقتراض طويل الأجل من خارج الجهاز المصرفي. وعلى مستوى الاستخدامات والتوظيفات المصرفية، ثم إلى تنويع القروض الممنوحة وإنشاء الشركات القابضة المصرفية والتوريق .أي تحويل المديونيات المصرفية إلى مساهمات في شكل أوراق مالية والأقدام على مجالات استثمار جديدة واقتحامها مثل الإسناد وأداء أعمال الصيرفة الاستثمارية وتمويل عمليات الخصخصة على مستوى الدخول في مجالات غير مصرفية .ثم الاتجاه إلى التأجير التمويلي والاتجار بالعملة وتعميق نشاط إصدار الأوراق المالية، وإنشاء صناديق الاستثمار,ونشاط التامين من خلال شركات التامين الشقيقة التي تضمها الشركة القابضة المصرفية وإدارة الاستثمارات لصالح العملاء .
3- ضرورة الالتزام بمقررات لجنة بازل :
مع تزايد العولمة أصبح العمل المصرفي يتعرض للمخاطر المصرفية سواء أن كانت عوامل خارجية أو داخلية وأصبح لزاماً على البنوك أن تحتاط للمخاطر بعدة وسائل من أهمها تدعيم راس المال والاحتياطيات وقد اتخذ معيار كفاية رأس المال أهمية متزايدة منذ أن أقرته لجنة بازل 1988م، وأصبح لازماً على البنوك الالتزام به كمعيار عالمي ، ومن ثم تأثرت البنوك العاملة بهذا المعيار حيث أصبح عليها الالتزام بان تصل نسبة رأسمالها إلى مجموع أصولها الخطرة بعد ترجيحها بأوزان المخاطر الائتمانية إلى 8 % كحد أدنى مع نهاية عام 1992م
وقد تم إجراء تعديلات فيما يتعلق بتلك المقررات فيما يعر ف بمقررات بازلii ، وهذا الإطار الجديد لكفاية رأس المال يجب أن يتماشى مع التطورات الجارية في السوق المصرفية العالمية ومن هنا تسعى لجنة بازل إلى وضع إطار جديد وشامل لكفاية رأس المال بحيث يركز على الأهداف الرقابية التالية :
* الاستمرار في تعزيز أمان وسلامة النظام المالي .
* الاستمرار في دعم المساواة التنافسية .
* تكوين وسيلة شاملة للتعامل مع المخاطر .
إن الإطار الجديد المقترح من قبل لجنة بازل لكفاية راس المال ينتظر أن يشكل حجر الزاوية في عملية الهندسة المالية الدولية الجارية حاليا .ويتمثل هدفه الرئيسي في تعزيز وأمان وسلامة النظام المالي الدولي وذلك بالارتكاز على تكوين راس مال كاف لمواجهة المخاطر المالية المتنوعة والمتزايدة .وتعتقد لجنة بازل بان الإطار الجديد يجب أن يحافظ في حده الأدنى على المستوى الراهن لرأس المال في القطاع المصرفي .
ويركز الإطار الجديد المقترح على استيعاب المخاطر المتأصلة في كل المجموعة المصرفية، وفى نفس الوقت يجب أن يعمل هذا الإطار على توفير الأمان والسلامة بشكل مستقل لكل مؤسسة ضمن المجموعة .و لهذه الغاية تقترح لجنة بازل أن يتم توسيع نطاق الإطار القديم ليشمل على أساس مجمع كل الشركات القابضة التي تضم المجموعات المصرفية والتي بدورها تنخرط في النشاطات المصرفية . وفى بعض الدول فان المجموعة المصرفية يمكن أن تسجل كمصرف،وبالإضافة إلى ذلك يجب أن تشدد السلطات الرقابية على مسالة أن كل مصرف ضمن المجموعة يتمتع بمعدل راس مال كاف .
لقد توسعت المصارف بشكل متزايد باتجاه ميادين جديدة ضمن النشاط المالي,خاصة ميادين الأوراق المالية والتامين لذا فان لجنة بازل تعمل على توضيح كيفية معاملة استثمار المصارف في هذه الميادين . وفيما يختص بالمجموعات المالية المتنوعة فان اللجنة تعترف بالحاجة إلى متابعة العمل مع السلطات الرقابية المشرفة على شركات التأمين والأوراق المالية من أجل تحديد معايير كفاية رأس المال
4- احتدام المنافسة في السوق المصرفية بعد اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المصرفية
مع تزايد العولمة المالية تحررت اتفاقية تحرير الخدمات من القيود التي جاءت بها اتفاقية الجات في جولة أورغواي 1994م ، وقد اتخذت المنافسة في إطار اتفاقية الخدمات المصرفية ثلاث مظاهر واتجاهات رئيسية :
الاتجاه الأول:المنافسة بين البنوك التجارية فيما بينها سواء في بالسوق المصرفية المحلية أو السوق العالمية
الاتجاه الثاني : المنافسة فيما بين البنوك والمؤسسات المالية الأخرى .
الاتجاه الثالث : المنافسة فيما بين البنوك والمؤسسات غير المالية الأخرى على تقديم الخدمات المصرفية .
هذه الاتجاهات أدت إلى احتدام المنافسة في السوق المصرفية في ظل إزالة الحواجز الجغرافية لتلبية احتياجات العملاء لقوة دخول المؤسسات المالية خلاف البنوك إلى السوق المصرفية وخاصة في أسواق الخدمات المالية . ومن المتوقع أن تستمر المنافسة مع دخول شركات التامين وشركات الأوراق المالية ومؤسسات الوساطة المالية وذلك في ظل تزايد الرغبة لتقديم الخدمات المالية التي ترتبط بالنشاط المصرفي.
5- الاندماج المصرفي :
إن احد الآثار الاقتصادية للعولمة هو ما حدث في الوقت الحاضر من موجة أند ماجات مصرفية بين البنوك الكبيرة والصغيرة والبنوك الكبيرة وبعضها البعض. وعملية الاندماج المصرفي من كثرتها وسرعتها أصبحت ظاهرة عالمية تأثرت بها كل البنوك في العالم. و الاندماج المصرفي بشكل عام هو اتحاد أكثر من بنك في بنك واحد أو ذوبان كيانين مصرفيين أو أكثر في كيان واحد، ودوافع الاندماج كثيرة أهمها:تحقيق وفورات الحجم ودافع التوسع وتحسين الربحية في إطار تحرير الخدمات المصرفية، وقد بدأت المصارف في الجزائر تتأثر بهذا الاتجاه. ولتوافر مقومات نجاح الاندماج في المصارف الجزائرية ينصح أجراء الدراسة الواعية المتأنية في كل الأحوال لان هناك حدود وتكاليف لعملية الاندماج .
6- تزايد مخاطر أنشطة غسيل الأموال من خلال البنوك :
مع تزايد العولمة المالية المقرونة بالتحرير المالي زادت عملية غسيل الأموال القذرة حتى وصل حجم غسيل الأموال في العالم سنويا حوالي 500 مليار دولار وهو ما يعادل 2% من الناتج المحلى العالمي ومصدر هذه الأموال القذرة يأتي من الأنشطة غير المشروعة التي تمارس من خلال ما يسمى بالاقتصاد الخفي. واهم هذه الأنشطة الاتجار بالمخدرات والاتجار في الأسلحة المحظورة ,والاتجار في السوق السوداء للسلع الهامة والاستراتيجية والعمولات والرشاوى والاختلاسات والأموال الناتجة عن الفساد الإداري والسياسي والقروض المصرفية المهربة والدعارة وتجار الرقيق والسرقات .
ويستخدم الجهاز المصرفي كوسيط لعمليات غسيل الأموال حيث تمر عليمات غسيل الأموال بثلاثة مراحل هي مرحلة الإيداع النقدي , ثم مرحلة التعتيم ثم مرحلة التكامل ، مع الأخذ في الاعتبار أن غسيل الأموال يؤثر سلباً على الاقتصاد القومي، وقد بدأت مواجهة عالمية لتلك الظاهرة من خلال الحكومات والمنظمات المختلفة ومجموعة الدول السبع الكبرى.