الرغبة في الموت أمر قوي وحاضر في كل وقت وكل مكان ولا يوجد شخص حي على وجه الأرض إلا وراودته تلك الرغبة مرة واحدة على الأقل، وعلى الرغم من الغريزة الطفرية لدى كل البشر بحب الحياة أو حب البقاء على قيد الحياة إلا أن الرغبة في الموت عندما تأتي فإنها تكون قوية وجامحة جدًا ولا ريب أن الكثير من المنتحرين واتتهم الفرصة فقط للتنفيذ بالمصادفة وقت ورود الرغبة الجامحة هذه، فلماذا قد نشعر في بعض الأحيان بالرغبة في الموت؟
الوحدة شعور قاتل يلازم الإنسان وشيئًا فشيئا يسحب منه الإقبال على الحياة، الشخص الذي يفعل كل شيء وحده ويتحرك بمفرده ويذهب لكل الأماكن بمفرده ويمرر الأوقات الصعبة بمفرده ولا يوجد لديه شخص ليقف إلى جواره أو يدعمه ويسانده ولو معنويًا يشعر معها أن الحياة ليس لها أي قيمة بالتالي من أسوأ المشاعر التي تدفع الإنسان إلى التفكير في الموت هي الوحدة، حيث عندما يجلس في الليل في غرفته وحيدًا حزينًا ولا يجد من يحادثه ليشكي له ألمه ولا يجد من يسأل عليه أو يطمئن عليه فإنه تواتيه الرغبة في الموت ربما لشعوره بأنه لا يمثل أي أهمية بين الناس ولا أحد يشعر به أو بوجوده على الإطلاق، لذلك فإن غرض باطني من أغراض الرغبة في الموت أن يشعر الناس بوجوده ولو لمرة واحدة، وهي لحظة سماعهم خبر موت
الشعور العميق بعبثية الحياة
من دوافع الرغبة في الموت أيضًا شعور الإنسان منا بعبثية الحياة، كل الأشياء تنتهي وتموت، كل الأمور التي كانت حماسية ومجلجلة أصبحت منطفئة وساكنة، الإنسان يولد ليواجه أشياءً لا تستحق أبدًا كل هذا العناء، ويظل طوال عمره يناضل من أجل الوصول إلى الاستقرار، وعندما تتبدى له بشائر الاستقرار يجد نفسه على أعتاب الموت حيث وصل لسن الكهولة، أبسط الأشياء تحتاج إلى حرب والسعادة وهم لا وجود له، سراب يتبخر بمجرد ما نتصور أننا نلمسه، لا توجد متعة دائمة ولا لذة مستمرة كل شيء ينتهي ويموت وينمحي أثره في لمح البصر، كل هذه الأفكار حينما تأتي للإنسان يجد نفسه يشعر شعورًا عميقًا بعبثية الحياة ويقرر أن الموت هو الأفضل له طالما تم إدخاله في هذه اللعبة البغيضة بغير إرادته فلماذا لا يخرج منها بإرادته وبالتالي يكون الشعور العميق بعبثية الحياة أحد أهم دوافع الرغبة في الموت.
الخلاص من الآلام
سواء كانت آلام نفسية وجسدية فالخلاص من الآلام المستمرة أكبر الدوافع للتفكير في الموت حيث حينما نكون نشتعل في جمر الألم النفسي أو الجسدي ولا نظن أن هناك انقطاع لهذه الآلام ولا حتى فاصل قصير نلتقط فيه أنفاسنا فإن الرغبة في الموت تواتينا على الفور كحل أخير وسريع ونهائي وحاسم للتخلص من الآلام للأبد، لذلك لا نستطيع سوى أن نقول أن الخلاص من الآلام يعد أكبر دافع للرغبة في الموت خصوصًا عند الأشخاص الذين فقدوا حبيبًا سواء بالموت أو بالفراق أو غيرها أو لمن فقد أبويه أو شخصًا كان يعتمد على وجوده بشكل كلي في حياته سواء بشكل عملي أو عاطفي بالتالي لا يتخيل الحياة من دونه أو أيًا من ذلك من هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من تجربة نفسية قاسية فإن ألو ما يقفز إلى ذهنهم هو الرغبة في الموت أو من يعانون من مرض مزمن يجعلهم يتألمون ليل نهار أول ما يفكرون فيه هو الرغبة في الموت، لذلك الخلاص من الآلام سواء دوافع نفسية أو جسدية هو من أكبر الدوافع للتفكير في الموت.
الخوف من المستقبل
لا ريب أن الناس يخافون دائمًا من المستقبل ومهما كان وضعك مستقرًا اليوم فإنك تخاف من انقلاب هذا الوضع في الغد وتقلبات الحياة بالفعل غادرة يمكن أن تصعد بك السماء السابعة في لحظة وتنزل بك الأرض السابعة في نفس اللحظة أيضًا ولا يمكننا معاندة أو مقاومة الأقدار أو القول بأننا سنقوم بضبط الأمور، حيث لا يوجد أي شيء مضمون لأنك لست المتحكم الوحيد في اللعبة أنت مجرد ترس في المنظومة بأكملها لذلك الخوف من المستقبل يمكن أن ينقلب إلى ذعر يدفع الإنسان إلى الرغبة في الموت ولا ريب أن مرات الذعر الكثيرة هذه تجعل الموت يمر على الذهن كثيرًا فنسأل الله أن يجعلنا آمنين ويحمينا من ضربات القدر القاتلة المفاجئة هذه.
الخوف من المجهول
تستيقظ صباحًا في نيتك الذهاب إلى عملك لا بك ولا عليك فتسمع خبر يقلب حياتك رأسًا على عقب، أو وأنت نازل متجه إلى عملك إذ بحادث سيارة يمكن أن ينهي حياتك في لحظة، فهل هذه هي الحياة التي يجب أن تعيش فيها ويكون لديك أحلام وطموحات وترجو فيها مستقبلا لابن أو لابنة؟ إن الخوف من المجهول دائمًا يجعل الإنسان خائفًا من أقل شيء ولا ريب أن هذه الحياة التي تكون على قلق دائم وخوف مستمر من أقل شيء واليوم الذي يمر بسلام نتنفس بعده الصعداء مستعدين لماراثون جديد من الذعر والخوف من المجهول كل هذه التوترات والاضطرابات التي تحدث داخلنا تجعلنا دائمًا نرغب في الموت.
الرغبة في الموت بسبب الملل
الرتابة والروتين يجعلان الإنسان يفكر في الموت، أن يكون بعيدًا عن الحياة الحقيقية الذاخرة بالتجربة بل يجد نفسه مجرد آلة تعمل وتنام وتأكل فحسب، مما يفقده طعم الحياة مضاد الحياة بالنسبة لنا هو الموت لذلك من يجد في الحياة الملل والرتابة حتمًا وفي النهاية مهما حدث سيؤول إلى الموت الذي سيفكر فيه باستمرار طالما متواجدًا في نفس المنظومة باستمرار، لذلك من أسوأ الأمور الذي تحدث للإنسان أن يموت وهو حي من شدة الروتين والملل وابتعاده عن الحياة الحقيقية، واستواء الموت عنده بالحياة مما يجعله ربما يرغب في الموت حيث يحصل على الأقل على بعض الاسترخاء.
مرور العمر بسرعة خاطفة
قد يعتقد الإنسان أن مسيرته في الحياة ستطول ولكنه لا يدرك أن العمر يمر بأسرع مما يتخيل حيث تمر المراحل بسرعة رهيبة وأنه بعد فترة بسيطة جدًا سيشعر أنه مولود بالأمس ولكن ستكون هذه هي مرحلة الكهولة ولا شك أن مرور العمر المفاجئ هذا يجعل الإنسان يرغب في الموت ولا شك أن الرغبة في الموت تطارد كل شخص يشعر بمرور العمر ويرغب في إنهاء حياته قبل أن ينتهي غصب عنه في سن الكهولة لذلك أكثر الخواطر بالرغبة في الموت بسبب مرور العمر تأتي في مرحلة الشباب أكثر لكن تتلاشى عند سنة الكهولة أساسا.
التخلص من الهواجس
هذه حالة مرضية بالضبط ولا ريب أنها تأتي باستمرار للأشخاص الذين يعانون من التفكير الزائد حيث يقومون بتأويل كل شيء تأويلات أعمق من اللازم كما أن هناك أشخاص يرون دائمًا في ذهنهم لحظة موتهم ويرتعبون لمجرد موتهم ميتات مؤلمة وربما نستطيع إفراد مقال كبير لهذه الحالة ومدى الأذى النفسي الذي يتعرض له الشخص المصاب بها في كل يوم، لذا يكون الحل للتخلص من كل هذه الهواجس المؤذية أن يكون لديه باستمرار الرغبة في الموت.
خاتمة
الرغبة في الموت فرض عين على كل إنسان وما من إنسان إلا ورغب في الموت وأيًا كان فقد تعددت الدوافع والموت حتمي في النهاية.
أعاذنا الله وإياكم من هكذا شعور هكذا حالة
ألا بذكر الله تطمئن القلوب