يحكم المحاسب فى مهنته مجموعة من القيم والتى تؤثر على أدائه ، وتمثل الدستور الذى يتضمن المثل العليا التى يجب أن ينشدها ، ولقد
اهتمت معظم المنظمات المهنية العالمية المعنية بالمحاسبة بوضع ميثاق للأخلاق باعتباره من موجبات تطوير المهنة إلى الأحسن ولتجنب السلبيات
ولقد تضمن الفكر الإسلامى أصول للقيم والأخلاق الواجب أن يلتزم بها المسلم بصفة عامة فى كافة شئون حياته وهى لازمة للمحاسب كذلك ، ولقد طبقت هذه القيم عند اختيار العاملين على شئون المال وفى المؤسسات المالية فى صدر الدولة الإسلامية .
ولقد استنبط العلماء والفقهاء من أهل الاختصاص فى مجال المحاسبة والمراجعة والرقابة من مصادر الشريعة الإسلامية مجموعة من القيم والأخلاق الواجب أن يلتزم بها المحاسب فى مهنته ، والتى يمكن صياغتها فى صورة دستور يتضمن الأصول ( المواد ) الآتية :
الأصل الأول : لقد شرفت مهنة المحاسبة بأن نزلت فيها أطول آيه فى القرآن ، وهى آية كتابة الدين ، وأطلق الله عز وجل على المحاسب اسم الكاتب ، وألزمه بالتقوى والعدل والدقة وعدم كتمان الشهادة … وهذا دليل قطعى على وجوب الالتزام بالقيم والأخلاق فى مهنة المحاسبة ، ومن أصدق من الله قيلاً .
الأصل الثانى : المحاسبة علم اجتماعى يتأثر بقيم المجتمع ومثله وعاداته وسلوكياته ، وهذا ما توصل إليه علماء المحاسبة فى العالم ، ومن ثم يجب على المحاسب فى المجتمع الإسلامى أن يأخذ فى الاعتبار عند ممارسته للمهنة القيم والمثل المستنبطة من مصادر الشريعة ومن التطبيق فى صدر الدولة الإسلامية .
الأصل الثالث : التكوين الشخصى والتأهيل العملى والعلمى للمحاسب متلازمان ، ومن الخطأ الفصل بين قيم وأخلاق المحاسب وبين أساليب وأدوات مهنته ،فإذا كانت أسس ومعايير وأساليب المحاسبة ضرورة مهنية فإن وجود ميثاق لقيم وأخلاق المحاسب ضرورة شرعية وحاجة مهنية ، فما لا يتم الواجب إلاً به فهو واجب .
الأصل الرابع : من ضروريات وموجبات وجود ميثاق لقيم وأخلاق المحاسب ما يلى :
– حماية حقوق الناس والمجتمع من الجور والظلم بسبب التصرفات اللا أخلاقية للمحاسب .
– حماية المجتمع من التجاوزات اللا أخلاقية للمحاسبين الذين مرضت قلوبهم .
– حماية المهنة من التصرفات والسلوكيات غير السليمة للمحاسبين غير الملتزمين دينياً وخلقياً .
– توثيق الثقة فى البيانات والمعلومات المحاسبية التى يقدمها المحاسب .
– تحسين وتجويد الأداء المهنى ، فالأداء الجيد وليد الالتزام بالقيم والأخلاق .
تقوية أواصل الود والأخوة والمحبة والزمالة بين المحاسبين بعضهم ببعض على أسس من القيم والأخلاق وهذا بدوره يزكى روح التعاون بينهم على البر والتقوى .
– يعتبر الميثاق من معايير تقويم الأداء وتقرير الثواب والعقاب للمحاسب .
– يعتبر الميثاق من مراجع التعليم والتدريب الواجب الاهتمام بمضمونه فى دور العلم ومراكز التدريب .
يعتبر الميثاق المرجع الذى يقسم المحاسب عليه عند مباشرته للمهنة .
الأصل الخامس : يجب أن يستمد ميثاق قيم وأخلاق المحاسب أصوله من الفكر والتطبيق الإسلامى فى المجتمعات الإسلامية ، باعتبار الالتزام بذلك من الشريعة الإسلامية وأن مصادر الشريعة والتراث الإسلامى غنى بذلك وهذا يحقق الأصالة .
الأصل السادس : تحض كافة الأديان على القيم والأخلاق ولا يوجد تعارض بينها وإن اختلفت الأساليب والإجراءات والتطبيقات باختلاف الأزمنة والمجتمعات .
الأصل السابع : ليس هناك من حرج من الاستفادة مما تفتقت عنه عقول البشر فى مجال قيم وأخلاق المحاسب متى كانت تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، فالحكمة ضالة المؤمن فأينما وجدها فهو أحق الناس بها .
الأصل الثامن : لقد اهتم العلماء والفقهاء المسلمين بمسألة القيم والأخلاق بصفة عامة وفى مجال النظم والمؤسسات المالية فى صدر الدولة الإسلامية بصفة خاصة ، وجعلوها من الشروط الواجب توافرها فى العاملين على المال كما هو الحال فى نظام الزكاة والوقف والدواوين والوصايا والخراج و الجزية ، ووضعوا المواثيق التى تتضمن القيم الإيمانية والأخلاقية والسلوكية الواجب أن يلتزم بها العاملون على المال على النحو الوارد تفصيلاً فيما بعد .
الأصل التاسع : يجب على المحاسب أن يلتزم بالقيم الإيمانية ويمثل المثل العليا المرتبطة بالعقيدة ، وتمثل الباعث والدافع الذاتى على التزامه بالخلق الفاضلة وبالسلوك المستقيم فى أدائه
ومن أهم هذه القيم ما يلى :
– الإيمان بأن الله (عز وجل) المالك للمال والناس مستخلفون فيه ومن ثم يجب الالتزام بشرع الله عند التعامل مع هذا المال .
– استشعار مراقبة الله وخشيته فى كل التصرفات والأعمال وهذا يحقق المراقبة الذاتية .
– استحضار النية الصالحة و الخالصة لله فى العمل وهذا من موجبات الإخلاص .
– الإيمان بالحساب الأخروى مما يستوجب المحاسبة الذاتية فى الدنيا قبل الآخرة .
-الإيمان بأن العمل الصالح المطابق لشرع الله عبادة لله وطاعة يثاب عليها المسلم فى الدنيا ولثواب الآخرة أعظم .
الأصل العاشر : الالتزام بالقيم الأخلاقية والتى تمثل السجية الطيبة والفطرة السوية والتى تؤثر على تصرفات وسلوكيات المحاسب ، ومنها .
– الأمانة على ما استأمن عليه من أعمال وأسرار وهذا يحقق السرية .
– المصداقية فيما يقدمه من بيانات ومعلومات وإيضاحات إلى من يهمه الأمر .
– الشفافية فيما يطلب منه من معلومات بحيث تعبر عن الواقع دون تغيير .
– الموضوعية بمدلول الحياد التام وعدم التأثر بالأهواء النفسية أو العواطف .
– العدل فى قياس وتحديد الحقوق حسب ما اتفق عليه من أسس ومعايير .
– الوفاء بالعهود والعقود دون نكوص أو عذر أو خيانة .
– النزاهة بمدلول العفة .
– الكفاءة الفنية والتى تحقق الجودة والإتقان والإحسان فى العمل .
– النظام ضباط والمقدامية والإقبال على العلم والمداومة على التدريب 0
الأصل الحادى عشر : الالتزام بالسلوكيات السوية والتى تمثل الأفعال والتصرفات الحسنة مع الآخرين
عند مباشرة المهنة , ومن أهمها ما يلي :
– استشعار روح الأخوة والمحبة مع زملاء المهنة ومع المتعاملين معه 0
– التحلى بالتعاون مع الآخرين على البر والتقوى .
-التحلى بالتسامح فى التعامل مع الناس .
-والتحلى بالأناه والحلم والهدوء وسعة الصدر .
– التحلى بالشجاعة والوسيطة فى إبداء الرأى القائم على الحق .
– أن يكون قدوة حسنة فى أخلاقه وسلوكياته وعمله .
– أن يكون منظماً ومنضبطاً فى عمله .
– أن يكون مقداماً فى طلب الزيادة من العلم والمداومة على التدريب .
– أن يحترم المهنة التى ينتمى إليها .
الأصل الثانى عشر : تتفاعل القيم الإيمانية والأخلاقية والسلوكية وتقود إلى أداء مهنى تحكمه القواعد الآتية:
– الإخلاص والولاء والانتماء إلى الوطن والمهنة .
– الأمانة وحفظ الأسرار .
– المصداقية فيما يقدمه من بيانات ومعلومات .
– الشفافية عن الواقع فى واقعه لا يخفى شيئاً ولا يضيف زيادة .
– العدل والموضوعية لا يتأثر بالأهواء والعواطف ولا يخضع للضغوط .
– الاستقلال والحيدة فى إبداء الرأى والمشورة والنصيحة .
– احترام العهود والمواثيق والنظم واللوائح والقوانين التى تقوم على الحق .
– النزاهة والعفة والمروءة عند النظر إلى الأتعاب وما فى حكمها .
– الانضباط والالتزام بالنظام حتى تستقيم الأمور .
– الإتقان ورفع جودة الأداء .
– المقدامية على طلب العلم بما يحقق التميز فى الأداء .
– المداومة على التدريب وتنمية الكفاءة الفنية .
– المعاصرة فى استخدام الوسائل والأساليب المعنية .
الأصل الثالث عشر : يجب على المحاسب أن يُقسِم على الالتزام بما ورد فى الميثاق من أصول ويعتبر ذلك بمثابة عهد مع الله وعقد مع المجتمع والمهنة التى ينتمى إليها ، وأن يجدد هذا القسم عندما ينتقل من مستوى إلى مستوى .
الأصل الرابع عشر : يلزم تنمية بواعث ودوافع الالتزام بالقيم والأخلاق من خلال التأكيد على الأمور الآتية :
– يعتبر الالتزام بالقيم والأخلاق عبادة وطاعة لله ولرسوله يثاب عليها .
– يعتبر الالتزام بالقيم والأخلاق مسئولية دينية واجتماعية يحاسب عليها .
– يعتبر الالتزام بالقيم والأخلاق قيمة وشرف أمام مجتمع المهنة 0
– يعتبر الالتزام بالقيم والأخلاق رزق وبركة تحقق له النماء والزيادة .
الأصل الخامس عشر : يجب وضع زواجر لمن يخالف ميثاق القيم والأخلاق تكون مرجعتيها ما يلى :
– العقوبات المنصوص عليها فى القرآن والسنة .
– العقوبات التعزيرية الواردة فى الفقه الإسلامى .
– العقوبات الواردة فى المنظمة المهنية التى ينتمى إليها المحاسب وتتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
الأصل السادس عشر : يجب وضع القيم والأخلاق والسلوكيات والقواعد السابقة فى صورة ميثاق عام يتوافر فيه الشروط الآتية :
– المشروعية بمدلول عدم مخالفة أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
– القابلية للتطبيق حتى يحقق مقاصده .
– البساطة بحيث يمكن فهمه وتطبيقه .
– الشمولية بحيث يمكن تطبيقه على منهج أفراد مهنة المحاسبة .
– العالمية باعتبار أنه مستمد من أصول الشريعة الإسلامية .
– الجمع بين الأصالة والمعاصرة .
– الجمع بين الثبات والمرونة بحيث يستوعب المستجدات .
– الجمع بين البواعث والدوافع الذاتية وبين مؤيدات التطبيق بالزواجر 0
الأصل السابع عشر :يلزم لتطبيق ميثاق قيم وأخلاق المحاسب سلطة تكون فى صورة هيئة أو جمعية أو اتحاد أو منظمة حسب ظروف كل دولة ، ترعى شئونه من كافة النواحى ، فإن الله ليعزو بالسلطان ما لم يعز بالقرآن ، ويكون لهذه الجهة المشروعية والاستقلال والسلطة .
الأصل الثامن عشر : على القائمين على أمر تطبيق الميثاق نشره والتدريب على أسس تطبيقه بالوسائل والأساليب الملائمة لكل زمان ومكان .
الأصل التاسع عشر : التوفيق بين أصول الميثاق والمواثيق الأخرى المطبقة فى بعض الدول من الأهمية بمكان بشرط عدم المساس بالثوابت .
الأصــل العشـــرين : يعاد النظر فى أصول الميثاق فى ضوء المستجدات فى إطار المحافظة على الثوابت المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله .