ذات صلة

جمع

انخفاض أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)

انخفض متوسط أسعار الدواجن الحية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء،...

الثلاثاء 29 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم

استقرت أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية، فى بداية تعاملات...

الثلاثاء 29 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور

استقرت أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق الجملة المحلية، خلال تعاملات...

الإسكان: حلول فورية وعملية لاستكمال المشروعات المتأخرة بالمدن الجديدة غرب القاهرة

عقد المهندس أمين غنيم، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية...

البنك المركزي يسحب سيولة بقيمة 1.1 تريليون جنيه من 24 بنكاً عبر عطاء السوق

سحب البنك المركزي المصري سيولة بقيمة 1.133 تريليون جنيه...

الأفكار.. ما هي؟ وكيف تُنتج؟

د. بندر آل جلالة

 

ما هي الفكرة؟

 

هنالك العديد من الأشياء يصعب تعريفها بالكلمات, فكما يقول هوسمان: “لا يمكنني تعريف الشعر أكثر مما يمكن لكلب الصيد أن يُعرِّف الفأر, ولكن كلانا يدرك الشيء من العلامات التي يحدثها بداخلنا”، وهذا ينطبق أيضًا على (الفكرة)؛ فهي عندما تكون حاضرة في الذهن فإننا نعرفها ونحسها, ولعل من أروع تعريفات الفكرة ما ذكره الكاتب جيمس يونغ، حيث قال: “الفكرة ليست سوى مزج جديد لعناصر قديمة”. فهو كمن يقول أن إيجاد وصفة لطبق جديد ليست سوى دمج مكونات موجودة أصلًا.

 

كيف يمكن أن يتم إنتاج الأفكار؟

 

إن أمتنا بحاجة ماسة إلى إنتاج أفكار نهضوية عملية تدفع بها نحو الحضارة, وعندما يكون هدفنا الأول في ذلك رضا الله والرغبة الملحّة في المساهمة في نهضة الأمة فإن الله – جل وعلا- سيعين عقولنا، ويسهّل عليها تلك المهمة الشاقة, والحقيقة أننا لا يمكن أن نحصر طرق إنتاج الأفكار في نقاط محدودة, وذلك بسبب كثرتها وتنوعها, لكنني سآتي هنا على بعض منها:

١- المزج:

استنادًا للتعريف السابق فإننا نستطيع القول بأن أفضل وأجدى طريقة لإنتاج الأفكار هي دمج مجموعة عناصر في نسيج مترابط لتنتج لنا مركبًا جديدًا فاعلًا يختلف في خواصه عن عناصر تكوينه الأساسية. يقول روبرت فروست: “الفكرة هي عَمَلُ ترابطْ”, ويقول فرانسيس كارتير: “يوجد طريقة واحدة يمكن للمرء فيها أن يكتسب فكرة جديدة, وذلك بواسطة ربط أو جمع فكرتين أو أكثر موجودتين أصلًا في تجاور جديد بطريقة يمكن اكتشاف العلاقة بينهما، والتي لم تكن على علم بها من قبل”.

٢- تصفية الذهن:

في أحيان كثيرة لا يمكن للشخص المتشائم والمحبط بل والجائع أن ينتج فكرة جديدة, لأن عقله ليس في كامل استعداده, ويبين ذلك جاك فوستر في قوله: “أولئك المقطبون والعاقدو الحواجب نادرًا ما يحصلون على شيء جيد, بينما أولئك المبتسمون والضاحكون حصلوا في معظم الأحيان على شيء جيد, فهل كانوا يستمتعون لأنهم حصلوا على أفكار؟ أم أنهم حصلوا على أفكار لأنهم كانوا مستمتعين؟!! الخيار الثاني بلا شك!!”, إذًا فإن الاهتمام بالحالة الشعورية ومحاولة تصفيتها يعد أمرًا مهمًّا جدًّا في إنتاج الأفكار, ولذا فإن الدول الفقيرة تفتقر غالبًا إلى منتجي الأفكار؛ لأن الناس حينئذٍ مشغولون بطلب لقمة العيش.

٣- التفكير الطفولي:

كلنا يعلم أن مرحلة الطفولة هي أخصب أرضية لإنتاج الأفكار بكل حرية وإبداع, فلا يوجد عند الأطفال شيء اسمه المرة الأخيرة, فكل مرة هي عندهم المرة الأولى, وحتى الإحباط لا يحدث لهم؛ لأنهم لا يعرفون شيئًا عما سبق, فقط يعرفون الوقت الحالي، لذا فإن في داخل كل منا طفلٌ حيويُّ النفسِ نشيطُ العقلِ، فلنعطه الفرصة لإنتاج الأفكار ثم نصقلها.

٤- البناء:

إذا اتفقنا على أن الفكرة إنتاج شيء جديد من أشياء موجودة, فإن ذلك يدفعنا إلى الاهتمام بالبناء المعرفي من خلال العديد من الآليات، من أهمها القراءة, فهي المنبع الأول لإنتاج الأفكار.

٥- الشجاعة:

إن الذي يخشى ردة فعل الآخرين ونقدهم لا يمكن أن ينتج فكرة, ولهذا يقول روبرت غرودين: “لا يمكننا إنتاج أفكار جديدة دون المخاطرة بالتعرض للرفض”، ويقول جاك فوستر: “تذكر أن الناس الذين يسخرون منك ومن أفكارك هم خائفون منك ومنها, وهذا السبب الذي يجعلهم يسخرون ويستهزئون”، وما أجمل مقولة غاندي الشهيرة: “في البداية يتجاهلونك, ثم يسخرون منك, ثم يحاربونك, ثم تنتصر”.

٦- التفكير الصوري:

نحن معتادون على التفكير بالكلمات, وهذا النوع في الغالب لا يسمح بمزيد من الخيال, بينما ينقل لنا التاريخ العديد من قصص المبدعين الذين تميزوا بتفكيرهم الصوري, حيث إن نيوتن رأى في ومضة أن القمر يتصرف كالتفاحة، وأنه يسقط مثلها تمامًا، ولا حظ آلفرد فينغر أن الساحل الغربي لإفريقيا يتطابق مع الساحل الجنوبي لأمريكا، ورأى فورا أن جميع القارات كانت ذات مرة جزءًا من قارة واحدة.

٧- التفكير غير المنطقي:

حيث إنه يفتح لنا أبوابًا واسعة لإنتاج الأفكار, في الوقت نفسه ينبغي أن يكون التفكير مركزًا ومحدودًا في نطاق قضية أو مشكلة بعينها دون التشتت الغير منضبط, فكثير من الأفكار التي أذهلت العالم كانت نتيجة لهذا النوع من التفكير.

٨- تفكير الكسر:

حيث يعتمد على كسر وتحطيم ما استقرّ في أذهان الناس وعقولهم من أفكار وآراء وتوجهات, فيما يمكن أن يكون من متغيرات الحياة وليس من ثوابت الدين.

٩- التجارب:

إن التأمل في التجارب الشخصية وتجارب الآخرين في الواقع والتاريخ يعتبر منبعًا مهمًا للأفكار, وكما قيل فإننا في الجامعة نتعلم الدروس ثم نختبر, لكننا في الحياة نختبر ثم نتعلم الدروس.

١٠- التساؤل:

طرح الأسئلة يحفز الذهن على التفكير وصنع الأفكار, ولذا فإننا نسمع دومًا عبارة “أسئلة النهضة”، أي تلك الأسئلة التي تصاغ من أجل الوصول لإجابات توضح طريق النهضة, وقد أُلِّفت العديد من الكتب بعناوين على شكل أسئلة, مثل: كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟) وكتاب (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟) وغيرها, لذا فإن الفكرة قد تكون عبارة عن سؤال ساخن يُلقى ثم يُبحث له عن إجابة مدعمة ببرهان , فيُطفئ ذلك البرهان حرارة السؤال.

 

فاصلة

 

عند ممارسة التفكير ينبغي التوقف ثم معاودة التفكير, وهذا الأسلوب من أهم الطرق التي تعطي للأفكار فرصة لكي تنضج, كما يجب الاهتمام دومًا بتسويقها ونشرها بشكل واسع.

وأخيرًا: لديَّ يقين بأن الله – جل في علاه – قد أوجد عقولًا بشرية مبدعة بشكل فطري مذهل, ومهما قيل عن إمكانية تعلم الإبداع فإن ذلك سيتوقف عند نقطة ما, بينما تظل تلك العقول تنتج أفكارًا نهضويةً خلاقةً, حيث إن لها قدرة فائقة على الربط والتحليل والاستنتاج بصورة معقدة تتجلى فيها نعمة ربانية يستحيل أن تكون مكتسبة, ومع هذا فالجميع مطالب بالمحاولة والاستمرار.