ذات صلة

جمع

الإحساس بالذنب: شعور يؤلم صاحبه ويقوده نحو الاكتئاب

الإحساس بالذنب: شعور يؤلم صاحبه ويقوده نحو الاكتئاب   لوحة "Facepalm"...

هل أنت ممن يحبون الحياة ؟ أخبرنا ما هو هدفك ؟

خلقني الله لغاية عظيمة .. خلقني الله للعبادة .. وحتى...

الاشخاص المنفتحون اكثر سعادة من غيرهم

الاشخاص المنفتحون اكثر سعادة من غيرهم الأشخاص المنفتحون يتذكرون الماضي...

لا تملأ الكوب ماء

لا تملأ الكوب ماء صورة إذا كنت لا تقرأ إلا ما...

كيف تحصل على ما تريد باقل جهد ممكن

كيف تحصل على ما تريد باقل جهد ممكن! الانسان مجبول...

الإحساس بالذنب: شعور يؤلم صاحبه ويقوده نحو الاكتئاب

الإحساس بالذنب: شعور يؤلم صاحبه ويقوده نحو الاكتئاب

 

لوحة “Facepalm” للفنان سلفادور دالي التي تعبر عن الشعور…

 

عمان- أرق لا ينتهي وشعور بالذنب يجعل النوم يجافي عينيّ الأربعيني خالد محمد كلما وضع رأسه على الوسادة، لتغزو نظرات أخته التي تملؤها الدموع وكلماتها التي كانت ترددها على مسامعه حين دخل إليها في غرفتها وبدأ بضربها بشكل مبرح لمجرد أنه سمع بأنها تحب شخصا ما.

أرق لا ينتهي وشعور بالذنب يجعل النوم يجافي عينيّ الأربعيني خالد محمد كلما وضع رأسه على الوسادة، لتغزو نظرات أخته التي تملؤها الدموع وكلماتها التي كانت ترددها على مسامعه حين دخل إليها في غرفتها وبدأ بضربها بشكل مبرح لمجرد أنه سمع بأنها تحب شخصا ما.
في كل ليلة يشعر خالد بأن النار تأكل من جسده، وكأن حفرة جهنم تحرق ضلوعه، حينما يتذكر كلماتها الموجعة “لا تظلمني، لم أقم بذلك” كلمات ما يزال يسمع صداها، يقول “صورتها وهي تتوسل لا تفارقني”.
شعوره بالذنب لم يأت من فراغ، وعصبيته الهوجاء كانت نتيجتها مؤلمة ومحزنة، فضربه المبرح سبب لها نزيفا حادا بالدماغ، وأصاب العصب الذي يتحكم بالأطراف، لتصبح الآن عاجزة عن الحركة وأسيرة الكرسي المتحرك.
خالد ما يزال حتى اليوم يلوم نفسه على فعلته، وشعوره بالذنب اتجاه أخته لا يفارقه أبدا. يقول “منذ ذلك اليوم لم أعد أعيش حياة طبيعية ولم أعرف طعم الابتسامة في كل مرة أراها على كرسيها المتحرك.
حالة من الهستيريا تعيشها الثلاثينية ميساء عرفة التي فقدت ابنتها التي لا تتجاوز الأربعة أشهر، بسبب وقوعها عن سريرها في الحضانه أثناء تواجدها في العمل.
ميساء تحمل نفسها المسؤولية كاملة، وتقول “أنا من قتلت ابنتي بيدي لانشغالي عنها، ولو لم أكن أعمل لما اضطررت لإرسال ابنتي إلى الحضانة وبالتالي موتها”.
ورغم أنها تؤمن تماما بالقضاء والقدر، إلا أن شعورها بالذنب يأسر روحها، ويجعلها تحمل نفسها فوق طاقتها، فضلا عن الندم الذي بات يؤرق وينغص عليها حياتها، خصوصا عندما تدخل إلى غرفة نومها وتنظر إلى سريرها وألعابها ما يجعلها دائمة البكاء.
ولا يتوانى الثلاثيني أحمد المغربي عن إلقاء اللوم على نفسه حيال الوضع المالي السيئ لعائلته، محملا نفسه المسؤولية الكاملة اتجاه ذلك، يقول “أحاول دائما أن أجد عملا ثانيا لكن من دون جدوى، فحيلتي قليلة في القيام بعمل إضافي يزيد دخل عائلتي”.
ويعزو أحمد شعوره بالذنب اتجاه الضائقة المالية التي يعاني منها أهله إلى زواجه الذي كلف عائلته كل ما لديهم من مدخرات مالية.
في حين تستمر العشرينية هيام الإسماعيلي بلوم نفسها، لاسيما عندما تحصل على درجات متدنية في الجامعة، مشيرة إلى أنها تشعر بالذنب كثيرا حيال النقود التي ينفقها والدها على دراستها الجامعية.
“دراستي في الجامعة وفق نظام الموازي، تتطلب مبالغ كبيرة، ما يفرض على والدي العمل في وظيفتين حتى يتمكن من تأمين نفقات دراستي في سبيل حصولي على الشهادة الجامعية”. تقول هيام.
وحول السبب في الشعور لدى الإنسان، تجد اختصاصية الطاقة الدكتورة ريا خضر، أن الروح لدى الإنسان تقسم إلى ثلاثة أنواع؛ اللوامة، والأمارة، والمطمئنة، مشيرة إلى أن النفس اللوامة هي التي تشعر بالذنب حتى لو لم يكن الشخص هو المسبب، فتتحرك داخله مشاعره بالمسؤولية اتجاه الأمر الذي حدث.
ويزداد الشعور بالذنب، بحسب خضر، “نتيجة تحميل الشخص لنفسه أعباء تلك الأخطاء التي حدثت، فلا يستطيع الفصل بينه وبين ما يحدث”.
وتؤكد خضر أنه لا بد للإنسان أن تكون لديه القدرة على التسامح، فيسامح نفسه والآخرين على الأخطاء التي قد تلحق الضرر بهم، وعدم الوقوف عند تلك الأخطاء وكأن الدنيا قد انتهت عندها.
وتشير إلى ضرورة أن يكون لدى الشخص إلمام ووعي كافيان حتى يطور النفس اللوامة، وأنه لا بد أن يكون متسامحا، منوهة إلى حدوث ذلك ضمن تكنيك عال من قبل اختصاصيين، مضيفة أن القراءة تساعد وبشكل كبير على رفع وعي الشخص.
“الشعور بالذنب مشاعر سلبية تنعكس بشكل مباشر على طاقة الجسم الإيجابية” وفق خضر، مؤكدة أنه يقود الشخص في مراحله المتقدمة إلى الاكتئاب الذي لا يؤثر على الجانب النفسي فحسب، بل على الجسدي كذلك.
ومن جانبها تربط التربوية واختصاصية الإرشاد النفسي الدكتورة فاطمة العدوان الشعور بالذنب بمفهموم الذات، فإذا كان مفهوم الذات مرتفعا فإن ذلك يمنع من شعور الشخص بالذنب حيال ما يحدث حوله، وتجعله يلقي في الكثير من الأحيان الأخطاء التي تحدث معه أو حوله على الآخرين.
في حين إذا كان مفهوم الذات متدنيا، برأي العدوان، فإنه يلعب دور توليد الشعور بالذنب فيبدأ الشخص بإلقاء اللوم على نفسه بكل ما يحدث حوله، وكأنه المسؤول الوحيد عن تلك المشاكل التي تحدث من حوله.
وتضيف العدوان دور التربية والتنشئة الأسرية في تعزيز الشعور بالذنب من خلال إلقاء اللوم على الطفل، وإشعاره بأنه مسؤول عن أي مشكلة قد تحدث في المنزل، مؤكدة “ضرورة تلافي السقوط في الذنب من خلال التنشئة وتعزيز الشعور الإيجابي لدى الأبناء بتجاوز التجارب الفاشلة التي قد يمرون بها، ومحاولة التكيف معها بمرونة”.
وتربط العدوان الشعور بالذنب كذلك بالعمر الزمني والعقلي والتجارب الشخصية وما يمر مع الآخرين من تجارب والاستفادة منها.
ولا يقتصر الشعور بالذنب على ذلك، بل يرتبط بمركز الضبط داخليا كان أم خارجيا، “أي أن ربط الأحداث الفاشلة بالذات الداخلية يقود إلى الشعور بالذنب في حين يوجد أشخاص يعلقون الفشل أو الأخطاء على أشخاص خارجيين”.
وتنوه العدوان هنا على ضرورة أن يكون الشخص موضوعيا ووسطيا في تناول القضايا التي تواجهه، خصوصا تلك التي يفقد السيطرة عليها وتكون خارجة عن إرادته، مؤكدة أن هذا النوع من الشعور يحمل اضطرابات نفسية وجسمانية.
ويظهر تفاقم الشعور بالذنب، بحسب العدوان، جليا على الشخص من خلال مؤشرات منها التباعد الاجتماعي للشخص، “فيصبح ميالا للوحدة والانطوائية، كما يقلل من تناوله للأكل، طريقة جلوسه وطريقة كلامه التي يصبغها الخجل، مؤكدة أن وجود شبكة اجتماعية داعمة يقلل من الشعور بالذنب”.
ومن جانبه، يجد اختصاصي علم النفس الدكتور خليل أبو زناد، أن الشعور بالذنب يعود إلى سببين؛ الأول بوصفه عاملا من عوامل الاكتئاب، إذ يولد لدى الشخص الشعور بالتقصير والإحساس بالمسؤولية اتجاه العديد من المشاكل التي تواجهه أو تواجه أسرته والأشخاص المحيطين به.
“ومن جانب آخر يعد أمرا واقعا، خاصة عندما يكون الشخص قد اقترف ذنبا حقيقيا، وفي هذه الحالة يكون الشعور بالذنب نابعا من الندم على ما قام به، ورغبته في تغيير ما قام به من أخطاء، مؤكدا ضرروة تجاوز الاخطاء وعدم الوقوف عندها”.