أثارت مطالب فرض ضرائب على التجارة الإلكترونية بدمج تجار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى لقطاع الاقتصاد الرسمى، جدلاً شديداً لاسيما وسط صعوبة التطبيق، التى أكد عليها أعضاء لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب،
لعدم وجود إحصائيات واضحة لحجم التجار على تلك المواقع وصعوبة تتبع الصفحات، فيما اقترح البعض إمكانية إعداد تشريع لفرض ضرائب على الشركات العالمية التى تبُث إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك بتنسيق بين تلك المواقع والحكومات.
وقال عدد من أعضاء اللجنة، إن الأولوية حالياً لتتبع الصفحات الخارجية التى تحرض على العنف ضد الدولة ورصدها وسط مطالبات بإغلاقها، فيما تقدم النائب أحمد بدوى، بمذكرة إلى رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال مطالباً بسرعة إرسال الحكومة مشروع قانون “جرائم تقنية المعلومات” لما لها من دور فى حماية الشعب من تلك الصفحات – على حد قوله.
البداية انطلقت داخل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أثناء مناقشة مشروع قانون دمج الاقتصاد غير الرسمى إلى الاقتصاد الرسمى، حيث طالب النائب مدحت الشريف، وكيل اللجنة، بدمج ما سماه “تجار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى” فى الاقتصاد الرسمى قائلاً: “بيكسبوا كويس ولازم يدفعوا حق البلد”.
من جانبه أكد النائب أحمد بدوى، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، صعوبة دمج التجارة على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت فى الاقتصاد الرسمى للبلاد، قائلاً: “لا نستطيع فعل ذلك فى مصر فى الوقت الحالى”.
وقال بدوى، فى تصريحات لـ”اليوم السابع”، إنه لا يوجد حصر لعدد التجار على مواقع التواصل الاجتماعى أو الإنترنت، علاوة عن عدم وجود آليات للتطبيق، لذا يجب التريث فى هذا الأمر، مضيفاً: “ليس من المعقول ونحن نتناول آليات لإنعاش الاقتصاد أن نتحدث عن دمج تجارة الإنترنت، الذى لن يكون مؤثراً بالحجم الذى يتصوره البعض حتى لا ننهك الحكومة فى أشياء لا طائل منها”.
وأضاف وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن الأولوية حالياً للصفحات الخارجية التى تحرض على العنف، والتى تقوم الجهات المعنية بتتبعها والوقوف على منابعها، مشيراً إلى أنه تقدم بمذكرة رسمية إلى رئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، للمطالبة بضرورة مناقشة مشروع قانون جرائم الإنترنت فى أسرع وقت، حيث إنه من أفضل القوانين التى تحمى بيانات الشعب وتحمى الشباب المصرى من اصطيادهم عبر تلك الصفحات التى ببث أفكار محرضة على مواقع التواصل.
كذلك أيد النائب جون طلعت، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، “بدوى” فى صعوبة دمج تجارة الإنترنت إلى الاقتصاد الرسمى، قائلاً: “مفيش حاجة اسمها كده، هذا الأمر صعب جدًا ويصل إلى درجة الاستحالة”، مضيفًا يمكن فقط إعداد تشريع لاحقاً يمكن من فرض ضرائب على الشركات العالمية التى تبث إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعى مثل “فيس بوك” و”تويتر”، ويتم ذلك بناءً من مخاطبة الحكومة لتلك المواقع باتفاق ما.
أيضاً رفض النائب شريف فخرى حنفى، عضو مجلس النواب، دمج تجارة الإنترنت فى الاقتصاد الرسمى للدولة، قائلاً: “للأسف هناك مُقترحات تُثار تحت القبة دون النظر إلى التطبيقات الدولية وما انتهت إليه فيها، وأحد مشاكلنا تكمن فى عدم تحديد المشكلات وتكدير حياة الناس وزيادة صعوبتها بسبب أفكار غريبة، فمصر لن تخترع العجلة”.
وقال فخرى، فى تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، إن كثيرًا من الدول حاولت التصدى للتجارة الإلكترونية لكنها لم تتمكن من ذلك، ومنها الصين وروسيا، مشدداً على أهمية عدم تحميل الدولة أعباء لا تستطيع مجاراتها أو تطبيقها، على أن يقتصر دورها فى “المنظم” لمنع التحايل أو النصب على المواطنين وتوفير البيئة الآمنة لتلك المعاملات.
وأضاف فخرى، أن عنوان دمج “تجارة الإنترنت” إلى الاقتصاد الرسمى قد يبدو جذاباً لكنه فى الوقت نفسه صعب جداً وشبه مستحيل، فالتجارة الإلكترونية أصبحت اتجاهًا عالميًا وضرورة للمجتمعات المتقدمة وتنظيمها وحماية المستهلكين يختلف كثيراً عن مفهوم السيطرة عليها ودمجها تحت مظله الدولة، مطالباً بإتاحة الحرية للتجار وعدم إقحام الدولة فى جميع الأنشطة الاقتصادية لما سيكون له من آثار وخيمة.
وتابع فخرى، أنه لا يمكن السيطرة على مواقع الإنترنت إلا بحجبها، وهو ما فشلت فيه كثير من الدول، والوسيلة الثانية حجب الدفع الإلكترونى مما سيضعف البنوك التى ضعفت بالفعل بسبب القرارات المفاجئة للبنك المركزى، والوسيلة الثالثة السيطرة على أعمال التسليم وهى تحتاج رقابة مشددة على ملايين الشحنات القادمة من مختلف انحاء العالم، مما سيؤدى إلى مزيد من البيروقراطية وجعل حياة الناس أكثر صعوبة سواء كانوا مصريين أو أجانب أو سائحين.
ويرى فخرى، أن دمج الاقتصاد غير الرسمى للاقتصاد الرسمى ستضر أكثر مما تفيد.
بدوره قال عمرو الجوهرى وكيل اللجنة الاقتصادية، إن آلية دمج الإنترنت أمر فى غاية الصعوبة، نظرًا لأنه من الصعب للوصول إلى المتجارين به فهم لا يملكون سجلاً تجاريًا أو بطاقات ضريبية، ولكن تم وضعهم فى مشروع قانون حماية المستهلك لحصرهم، ومن ثمَّ يمكن التعامل معهم كاقتصاد غير رسمى يمكن دمجه لاحقًا.
وأوضح الجوهرى، إن اللجنة خاطبت 28 محافظة لحصر مناطق الاقتصاد غير الرسمى، عن طريق اتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، والتعبئة العامة والإحصاء، والتضامن الاجتماعى، لوجود مكاتبهم داخل كل محافظة، على أن يقدموا حصرًا شاملاً بالمصانع والورش التى تعمل بلا تراخيص أو سجل ضريبى، لتحديد فئات الاقتصاد غير الرسمى للتعامل معها.
وأضاف الجوهرى، فى تصريحات صحفية أن هناك صعوبة فى الحصر نظرًا لأنه قرابة 40% من الاقتصاد غير الرسمى مدمج بـ”الرسمى”، مثل المصانع التى لها سجل ضريبى ولها أيضًا ورش تصنيع خارج سجلها، مشيرًا إلى أهم صعوبات دمج”الاقتصاد غير الرسمى” المتمثلة فى أن الحكومة لن تستطيع إعطاء تراخيص للمصانع والورش التى تعمل فى مناطق سكنية، ويجب أولاً توفير أماكن ومنشآت تجارية بديلة بشهادات وسجلات تجارية، وأيضًا توفير معارض خاصة للحرفيين لعرض منتجاتهم فى إطار الـ”حوافز” لحثهم على الانضمام لاقتصاد الدولة.
وتابع الجوهرى، من ضمن المشكلات التى أثيرت باللجنة خلال مناقشة الاقتصاد غير الرسمى، اقتراحات لممثل الـ”تشيد والبناء”، عدم وجود آلية واضحة لدمج الـ”مقاولين”، فى الاقتصاد غير الرسمى، خاصة أن الأغلبية أفراد لا يعملون وفق شرائح ضريبية وبلا سجل تجارى، كما أن تعاملات المواطنين معهم بلا فواتير، وتم اقتراح أن يتم حصرهم ومن ثمَّ وضع آليات لأخذ ضريبة منهم على المبنى ككل.