الاعتذار علامة من علامات الثقة بالنفس، وخلق اجتماعي جميل يدعو إلى التعايش ، وإزالة الأحقاد، وهو إحدى وسائل الاتصال الاجتماعية مع الآخرين ، إذ يعتبر مهارة من مهارات الحوار معهم ، مما
يجعل التواصل مرناً وسهلاً ،فهو اعتراف بالخطأ ، واستعداد كامل لتحمل تبعاته, وتقويم لسلوك سلبي,لكنه ثقافة غائبة في ممارسات أغلب الأفراد رغم ما يتصف به مجتمعنا من سمات الشجاعة والثقافة الإسلامية التي تؤكد على التوبة .
ونجد الاعتذار ثلاثة أنواع هي :
1 الاعتذار السريع – وهو مراجعة النفس مباشرة عند وقوع الخطأ الغيرمقصود أو السلوك السلبي عند حالة الغضب.
2الاعتذار بعد مراجعة النفس – وهو ما يأتي متأخرا نوعا ما ، بعد أن يقضي المخطئ حالة مراجعة للموقف ومحاكمة للنفس .. حيث ينتابه حالة تأنيب الضمير .. وقد يبدى اعتذارا رسميا أو يدبر موقفا غيرمباشر ليبين رغبته في تصحيح سلوكه.
3المكابرة والامتناع عن الاعتذار .. وهو ما نعانيه في مجتمعاتنا، حيث يكون الشخص مدركا تماما لحجم أخطائه، .. ويطالب الناس أن تتقبله كما هو .
فليس عيبا أن يخطئ الإنسان ، ولكن العيب أن يستمر في الخطأ صدق رسول الله عندما قال :
«كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون»( أخرجه الترمدي وقال حديث غريب) ، والاعتذار فن لا يـتقنه ولا يجيده إلاالقليل ..فعندما يكون الاعتذار صادقا صادرا من القلب حينها يمكن أن نقول أن الشخص يمتلك فــن الاعتذار، و الاعتذار الصادق يستوجب:
ـ القوة للاعتراف بالخطأ.
ـ الشعور بالندم علىتسبب الأذى للآخر.
ـ الاستعداد لتحمل مسؤولية الأفعال من دون خلق أعذار أو لوم الآخرينفسيدنا آدم لما أخطأ اعترف بذنبه وسارع إلى ذلك ، لم يحاول تبرير ما وقع فيه من إثم بمخالفة أمر الله ، والأكل من الشجرة المحرمة عليه هو وزوجه ، لم يراوغ ، لم يتكبر ، لم ينف لكنه جاء معترفا بخطئه ومقرا به ” قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين [الأعراف”:23]
ـ الرغبة في تصحيح الوضع من خلال تقديمالتعويض المناسب و التعاطف مع الشخص الآخر.
فكثيرا ما نحتاج إلى جعل ثقافة الاعتذار ممارسة وجزءا في علاقاتنا الاجتماعية لكونها سلوك النبلاء بحيث نمارسها دون شعور بالخجل ،أو اعتبارها ممارسة ضعف،كما تشكل حصانة قوية للابتعاد عن الخطأ وألا مبالاة بمشاعر الآخرين.فنحن في حاجة ماسة إليها وفق احترام الآخر وليس خوفا منه أو من موقف محرج أو قسرا….
حاول أن : لا تجرح أحدا وتقول حصل خير أو تعتذر بعد إيذائه..!لأن الجرح الصغير يترك أثرا كبيرا وإليكم القصة التالية أقودها للعبرة والموعظة والتفكر :
كان هناك طفل يصعب إرضاؤه , أعطاه والده كيسا مليئا بالمسامير وقال له : قم بطرق مسمارواحد في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص ,في اليوم الأول قام الولد بطرق 37 مسمارا في سور الحديقة , وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يوميا ينخفض, اكتشف الولد أنه تعلم بسهولة كيف يتحكم في نفسه ,أسهل من الطرق على سور الحديقة، في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يطرق أي مسمار، قال له والده: الآن قم بخلع مسمار واحد عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك،مرت عدة أيام وأخيرا تمكن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السورقام الوالد بأخذ ابنه إلى السور وقال له )بني قد أحسنت التصرف, ولكن انظر إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت(عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة, فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها ،أنت تستطيع أن تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه , ولكن تكون قد تركت أثرا لجرح غائر،لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح
لا زال موجودا،فجرح اللسان أقوى من جرح الأبدان عندما تقول أنا آسف, انظر لعيني الشخص الذي تكلمه لا تعبث أو تلهو أبدا بأحلام الآخرين.