تنمية بشرية

التحكم في المشاعر – الجزء الثالث

 أدركت أنني سأقابل في المستقبل، مواقف سلبية وتحديات وصعوبات كثيرة، وأن هذه الأشياء لن تنتهي أبدا، لأنها جزء

من هذه الحياة، فكان اختياري هو: أن أتعلم كيف أواجه هذه المواقف حين تحدث، وأن أتعامل مع الحياة كما هي، فما الممتع في الحياة إذا لم تكن فيها تحديات؟ لو كان اليوم كالأمس، فأين روعة الحياة؟ لو لم تكن هناك صعوبات، فأين متعة النجاح والفوز؟ تعلمت أن أغير طريقة تفكيري، كي أستطيع التعامل مع الحياة.
فدعونا نتغير معا في (برمج عقلك).
— — — — — — — — — — — — — — — — —

تكلمنا في العددين السابقين عن موضوع التحكم في المشاعر، وبيني وبينكم، تعجبت كثيرا من ردود أفعال القراء على هذا الموضوع.

فالبعض لا يريدون التحكم في مشاعرهم أساسا!! آه والله!

في اعتقادي هذا شيء لطيف، لو كانت حياتك رائعة دون أن تتحكم في مشاعرك، فاستمر على هذا المنوال، لكن لا تأتِ شاكيًا من أنك تتوتر قبل الامتحان أو أن حياتك توقفت حين تركتك خطيبتك. كما قلنا في الحلقة الأولى، إن البعض يعتبرون أن هذه هي طبائع الأمورلابد أن أتوتر وأكاد أجن قبل الامتحان، ولابد أن تتوقف حياتي وأكتئب حين تتركني خطيبتي أي أن هذه هي المشاعر التي تعتقد أنك (يجب) أن تشعر بها في هذه المواقف، وأنت من يحدد هذه الـ(يجب). وفي الحلقة الماضية، تكلمنا عن طرق أخرى ستساعدنا، إذا أردنا التحكم في مشاعرنا، واليوم نواصل الكلام.

هل تواجه صعوبة في التعرف على أشخاص جدد؟
هل تتوتر قبل الامتحانات؟
هل ستشعر باكتئاب إذا تخلّت عنك خطيبتك؟
كما قلنا من قبل المشاعر تحدث لنا نتيجة تفاعلنا مع الأحداث التي تحدث حولنا، وطريقة نظرنا للأحداث هي التي تحدد هذا الشعور.

في هذا العدد سنتكلم عن طريقة جديدة، وهي: أن نشعر بالشعور، بشكل مختلف.

هل ذهبت من قبل للملاهي؟
هل تحب الألعاب الخطرة هناك؟
لو كانت الإحابة: نعم، فأنت تقوم بالضبط بما أريد قوله. يصف البعض شعورك وأنت في إحدى هذه الألعاب الخطرة كالتالي:
– روحي بتنسحب
– باحس بكركبة في معدتي
– باحس بقلبي بيقع
– باحس إن نفسي اتقطع
هل سمعت أو شعرت بشيء كهذا؟
في لعبة الصاروخ أو التوب سبين (top spin)، ترتفع فجأة في الهواء، فينسحب الدم إلى قدميك، فيعطيك هذا الشعور الذي تكلمنا عنه.

لكن، هل هذا الشعور جيد أم سيء؟ البعض يحب هذا الشعور، بينما البعض يكرهه! كيف؟ مع أنه نفس الشعور، هل هو جيد أم سي؟؟
الإجابة هي: هذا يتوقف على (الطريقة التي تشعر بها). فمن يحبون الألعاب الخطرة، يعتبرون أن هذا الشعور هو: متعة المغامرة. أما من يكرهون هذه الألعاب، فيعتبرون أن هذا الشعور هو: الإحساس بالخطر.

حد فاهم حاجة؟
مش مهم، نخش على المثال اللي بعده، لو كنت مارا بجوار شيء يحترق، هل ستأخذ نفسا عميقا؟
الإجابة معروفة طبعا؛ لأن إحساس دخول الدخان في قناتك التنفسية، شعور سيء، لكن المدخنين، يستنشقون الدخان ويتحملون هذا الألم؛ لأنهم ينظرون لهذا الشعور نظرة مختلفة، فهذا الشعور هو: متعة التدخين أو المذاق الأصلي للتبغ أو ما إلى ذلك.

فاهمين حاجة؟
مش مهم، خش على اللي بعده، أمسكت كوب اللبن كي أشرب منه، فوجدت أنه حمضان، “يع ع ع”، هكذا قلت لنفسي، وحين سألت: اللبن ده حمضان؟ فأجابني: لا، إنه لبن رائب، فشربت منه فوجدت أنه لبن رائب ممتاز. هل طعم اللبن الحامض جميل أم سيء؟ إنه يعتمد على نظرتك أنت له، قد تعطي الإحساس معنى: طعم اللبن الفاسد المضر، أو معنى: طعم اللبن الرائب المريح للمعدة.
هل فهمتم قصدي؟
عايز تقول إيه برضه؟
ما أريد قوله هو: أن الكثير من المشاعر والأحاسيس التي نشعر بها، قد لا يكون لها معنى، إلا المعنى الذي نعطيه لها، قد تكون هذه الطريقة مناسبة في السيطرة على بعض المشاعر.

لو تركتك خطيبتك، ستشعر (بشيء ما) في داخلك، قد تعطيه معنى: هذا شعور قلبي المكسور، أو تعطيه معنى: هذا شعور فقد شيء اعتدت عليه أو شعور كسر كرامتي. وأنت داخل الامتحان، ستشعر (بشيء ما) في داخلك، قد تعطيه معنى: هذا توتر وعدم ثقة، ربما لم أذاكر جيدا، بل أعطِه معنى: هذه شعور الرغبة في الإنجاز ورهبة مواجهة الامتحان الذي انتظرته طويلا. حين تتعرف على أشخاص جدد، ستشعر (بشيء ما) في داخلك، قد تعطيه معنى: هذا شعور قلة الثقة، ربما أنا أقل منهم، أو تعطيه معنى: هذا شعور الإقدام على مغامرة جديدة وتحدٍ جديد ياله من شعور ممتع. حين توبخك والدتك أو والدك، ستشعر (بشيء ما) في داخلك، قد تعطيه معنى: هذا شعور بالإهانة لابد أن أوقفه، أو تعطيه معنى: هذا الشعور يرفع درجاتي في الجنة؛ لأنني أتحمل هذا الشعور من أجل مرضاة الله.

الخلاصة
بعض المشاعر التي تنتابنا، قد لا يكون لها معنى، إلا المعنى الذي نعطيه نحن لها، فالشخص الشجاع يشعر بالخوف مثلنا تماما،  لكنه يعتبر هذا الشعور (متعة المغامرة) ويستمتع به. يمكننا ترويض مشاعرنا بعدّة طرق، ذكرنا بعضها في هذا الموضوع، هل هناك طرق أخرى تستخدمها في السيطرة على مشاعرك غير المرغوبة؟

نحن في انتظار تعليقاتكم، الحلقة القادمة هي الأخيرة، ومازال الحديث أمامنا طويلا في طرق تطوير حياتنا؛ لأننا نعيش في هذه الحياة مرة واحدة فقط، ونريد أن نجعلها –معا- أروع حياة ممكنة، مش كده ولا إيه؟
د.شريف عرفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى