لقد مرت مفهوم القيادة الادارية بعددة مراحل وجرى على المفهوم تغيرات جذرية منذ تاسيس وظهور الدولة الاولى ومؤسساتها وتوزيع السلطة بينها وتقسيم المجتمع الى طبقات تغيرت مع مرور الزمن حيث جارتها وباستمرار تغيرات مماثلة في الفكر الانساني السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكلما غاب عن مسرح الحياة طبقة اخذت معها الافكار والتقاليد والعادات وحتى الاعراف وجائت الطبقة الجديدة بتقاليدها وهكذا هو ديدن الناس يتغيرون ويتلائمون مع الجديد. من المجتمعات الانسانية الاولى مرور عبر العصور التاريخية الاولى الى نشوء الامبراطوريات وزوالها ومن ثم مجيئ الحربين العالميين ونشوء المنظمات العالمية ومؤسساتها (عصبة الامم , هيئة الامم المتحدة) ثم انتشار الافكار الديمقراطية الداعية الى التعددية واحترام حقوق الانسان وحرية الراي والمبدا كان يرافها دوما تغيرات في هيكلة ادارة المجتمعات وقياداتها. نرى مثلا ان طبقات المجتمع كانت تتغير دوما مع التغير الفكري والعقائدي في المجتمعات انظر مثلا الى تقسيم المجتمعات الى طبقة (الحاكم, رجال الدين, القادة العسكريين ,النبلاء , الاقطاعيين , اصحاب راس المال , العمال, الفلاحين, الحزبيين, المعلوماتيين …).
هناك العديد من النظريات الادارية اولها تعتمد على البيروقراطية في الادارة من المدرسة الفرنسية في الادارة ومن اعلامه الفرنسي هنري فايول ومدرسة ماكس ويبر في السلم الهرمي الاداري وترى المدرستين ان السلطة والحكم كمبدا اساسي في الادارة. اما التيلرية التي تنسب الى فردريك تايلر والمروفة تحت تسمية ” الادارة العلمية” حيث الاستخام المنظم للدراسات والبحوث والتجارب وتحليلها للتوصل الى افضل الطرق لعمل ا لقيادة الادارية وعن طريق تقسيم العمل اليدوي الى مراحل يكرر فيها العامل نفس العملية متحولا الى خبير في اداء تلك العملية. لقد قام الممثل الكوميدي الشهير شارلي شابلن في فلمه النقدي “العصر الحديث” بتصوير ذلك العامل الذي تحول بمرور الزمن الى جزء من الماكنة والالة فاقدا انسانيته وتلك الالتفاتة الذكية تعتبر اليوم مفتاح النقد الموجه الى النظرية التايلرية. الديمقراطية تبعد الدكتاتوريات تلك هي نظرية كورت لوين في الادارة حيث يرى ان الديمقراطية يسهل العلاقة بين العامل ورب العمل وتحل الاشكالات بغياب الدكتاتوريات. ويعتقد ان ذلك سيؤدي الى تحسين اداء العامل وعدم تكرار غيابه وقلة المشاكل والخصام بين العاملين . هذه النظرية التي تعتمد على العلاقات الانسانية يرى ناقدوها انها لا تاتي بالجديد والتغير لمفهوم الفلسفة الاساسية في القيادة الادارية القديمة. لقد استمرت البحوث في الاربعينيات والخمسينيات من نهايات القرن الماضي حول دور الانسان في الحياة العملية وخاصة فيما يتعلق بعلم النفس البشري وبحوث حول النظريات الاجتماعية هنا نرى دور العالم النفساني ماسلوس ودراساته حيث قاده الى نظرية “سلم الحاجة” فيها يقسم حاجات الفرد الى مراحل ولكل مرحلة خاصية معينة مختلفة عن المرحلة الاحقة قائلا ان الانسان منقاد عن طريق احتياجاته وقد انتقد هذه النظرية كذلك كسابقتها في العلاقات البشرية او الانسانية التي تعتمد على سلوكية الانسان متناسية ان البشر يتعلمون بصورة مستمرة في كفاحهم المستمر من اجل تحقيق الافضل والرقي نحو الاحسن.
اما نظرية الاحداثيات (س, ص) للعالم ماك كريكورس فتبنى على اساس وجود احداثيتين افقية وعامودية ولكل قيادي طريقته في التنظيم والقيادة وله استراتيجية خاصة به وكلها تعتمد على افتراظيات انسانية فاذا كان طبع المرء كسولا لجاء اداءة حسب طبيعته واذا كان نشطا فعالا يعيش في خضم احداث المجتمع ويرى فيها الحوافز للتطور والرقي فتكون حاجاته هي التي تقوده نحو الامام والمشاركة مع الاخرين ويقول هيرتزبرك ان الامور المتعلقة بالعمل مباشرة كانت في اجابات العاملين اللذين تم استطلاع ارائهم ك حل مشاكل ومعضلات العمل وقظايا العمل وامور التفوق والنجاح والتكليف بمهام مهمة ومفيدة هي التي تقود بالمرء الى العمل والانتاج والابداع. اما نظرية التغرب والمصطلح بحد ذاته يقابلنا في الكتابات الاولى لماركس وهي فكرة ملائمة الانسان للبيئة المحيطة وتكيف نفسة وتغيره اي ” العمل”. العمل بحد ذاته كاساس لانسانية البشر والانسان الذي لا حول له ولا قوه مسير من قبل الاخرين لا يمنه ان يتدخل ويغير ولا يرى بالنتيجة اي فائدة من العمل الذي يؤديه ان كان خدمة او مشاركة في الانتاج حيث لا يتمكن من اجراء علاقة بين المنتوج النهائي وما قام وقدم هو بنفسه من عمل. هذه الشخصيات تنعزل عن المجتمع والحياة الاجتماعية وتكاد ان تكون شخصياتهم مهزوزه ولا يرون في عملهم اي قيمة او معنى بل كاداة في الانتاج. اما النظرية الاسكندنافية التي تعتمد في الاساس على البحوث والدراسات حول تكنلوجيا الانتاج المسماة بنظرية التقنية الاجتماععي وفيها يرى المنظرون ان الشركات والمؤسسات تتكون من عنصرين مهمين متكاملين هما الالة والانسان والعلاقة بينهم يربط تلك الاجزاء مع بعظها البعض هنا نرى اهمية تنظيم العمل الذي في نتيجة الامر يضمن الحاجات الاساسية للانسان وهي:
1 – الحاجة الى عمل ذو معنى اي ان ماهية ومحتوى العمل مهم جدا للانسان كما ان التغير والتجديد والتنوع زمنيا.
2- التعليم والتدريب المستمرين اثناء العمل.
3- المشاركة في اتخاذ القرار.
4- الحاجة الى الاحترام المتبادل والمشاركة الانسانية.
5- الحاجة الى وعي العلاقة بين الانتاج والبيئة من ناحية والفائدة النهائية من ناحية اخرى.
6- بعيدا عن هموم التدرج الوظيفي الحاجة الى علاقة بين العمل و رؤية وتطلع العامل المستقبلية.
هذه النظرية الاسندنافية وعلى غرار النظريات الاخرى قوبل بالنقد المبني على اساس ان النظرية لا تاخذ بنظر الاعتبار مركزية القرارات في الادارة الذي لا يوفر للعامل اي مشاركة حقيقية في عملية التغير والتاثير عليها حيث ان التغير اساسي ومحوري في العمل وبذلك يفقد العامل المشاركة الديمقراطية في الادارة واتخاذ القرار. ومنادي النظرية الديمقراطية في الادارة يدعون بظهور ادارة اكثر علمية واعتمادا على مبادئ الحرية في ادارة المؤسسات حيث تاثيرها المباشر على بيئة العمل التي تنعكس على الاداء العام للعاملين.