بقلم د. عرفان فوزي –
مدير عام قطاع البحوث مصلحة الضرائب المصرية
بعد أن تناولنا في المقال السابق تحديد وعاء الضريبة على إيرادات المهن غير التجارية، فإنه يكون من المناسب معرفة مقدار ما يقتطع من هذا الوعاء، والمبلغ الذي يتم اقتطاعه يمثل الضريبة المستحقة على الوعاء، فسعر الضريبة هو الذي يحدد مقدار الضريبة التي يجب على الممول دفعها.
ويقصد بسعر الضريبة: ما يلزم المكلف بأدائه للدولة، أي مقدار الضريبة إلى قيمة المادة أو الوعاء الخاضع لها، فلو قلنا أن سعر الضريبة على الدخل 20% فإن هذا معناه أن الدولة تتحصل من كل مئة وحدة نقدية من الدخل على 20 وحدة نقدية.
ولقد مر سعر الضريبة بتطورات تاريخية هامة، فقد كان هناك ما يعرف بنظام الضريبة النوعية Specifique ويعتمد في تحديده للعبء الضريبي على فرض الضريبة في شكل مبلغ معين عن كل وحدة من وحدات المادة الخاضعة، ورغم أن هذا الأسلوب يتميز بالبساطة والوضوح إلا أنه قد انحسر دوره في التشريعات الضريبية المعاصرة لعدة أسباب منها:
(أ) أن أوعية الضرائب المباشرة (الدخول والثروات) والضرائب غير المباشرة (الإنفاق والتداول) قد تطورت في العصر الحديث واتخذت صوراً وأشكالا شتى، مما يجعل هذا الأسلوب تكتنفه العديد من الصعوبات لا سيما بخصوص تحديد الأوعية وتقييمها.
(ب) تتسم الاقتصاديات الحديثة بحدوث قفزات تضخمية متوالية تستدعي تعديل الضريبة النوعية بطريقة شبه مستمرة.
ولقد انتصرت التشريعات الضريبية المقارنة للطريقة التصاعدية في حساب الضريبة حيث يتم تحديد سعرالضريبة بأحدي طريقتين هما:
الطريقة الأولى: (الطريقة النسبية الثابتة)
بناءً على هذه الطريقة يتحدد سعر الضريبة على أساس نسبة مئوية ثابتة، أي بسعر واحد بصرف النظر عن قيمة المادة المفروض عليها، حيث لا يختلف السعر ولا يتأثر بتغير قيمة الوعاء الذي تفرض عليه الضريبة، وذلك كأن تفرض ضريبة سعرها 10% على جميع الدخول أياً كان حجمه، وقد دافع أنصار هذه الطريقة من الكتاب التقليديين عن هذه الطريقة بالمبررات الآتية:-
أ) أن الضريبة النسبية التي تعتمد على السعر النسبي تؤدي إلى المساواة في المعاملة بين الممولين حيث تسوي بين الأنصبة.
ب) أن السعر النسبي يمتاز بالبساطة والسهولة في حساب الضريبة سواء بالنسبة للإدارة أو المكلف.
ج) أن الضريبة طبقاً لفكرة العقد المالي تعد ثمناً للخدمة العامة مما يستوجب أن يكون هذا الثمن واحد بالنسبة للجميع.
ورغم هذه المزايا إلا أن هذه الطريقة لم تسلم من النقد، حيث أن هذه الطريقة غير عادلة، وأن المساواة التي تحققها هي مساواة حسابية فقط، وأن العبرة بالمساواة المساواة في التضحية والحرمان، كما أنها قليلة الحصيلة، وأنها لا تحد من التفاوت بين الثروات والدخول، مما تؤدي إلى ازدياد الفجوة بين الطبقات.
الطريقة الثانية : ( الطريقة النسبية التصاعدية)
وتقوم هذه الطريقة على فكرة التدرج في حساب الضريبة، لأنه من المهم في فرض الضريبة ألا تؤدي إلى تدمير القدرة الاقتصادية للممولين، وهذا يتفق مع المبادئ التي نادى بها آدم سميث، ومنها القدرة على الدفع، حيث يتعين على الدول عند فرض الضرائب توزيع الأعباء في المساهمات المالية كلاً حسب قدراته المالية.
وطبقاً لهذه الطريقة يرتفع أو ينخفض سعر الضريبة بازدياد أو انخفاض قيمة المادة الخاضعة لها، حيث يكون السعر متدرجاً أو تصاعدياً يختلف تبعاً لاختلاف قيمة المادة التي تفرض عليها الضريبة، بحيث يزداد هذا السعر مع ازدياد وعاء الضريبة.
ولقد انتصرت غالبية النظم الضريبية الحديثة لطريقة السعر التصاعدي، وذلك لقدرتها على إنتاج حصيلة ضريبية أوفر، وتحقيق عدالة ضريبية حقيقية بين الممولين حيث يحل معها مبدأ المساواة في التضحية، محل مبدأ المساواة في الأنصبة، كما أنها تساهم في الحد من التفاوت بين الطبقات.
ويتم هذا التصاعد بأكثر من طريقة أهمها:
(1) التصاعد بالطبقات [ التصاعد الإجمالي]:
ومفاد هذه الطريقة هو تقسيم المادة الخاضعة للضريبة إلى طبقات إجمالية (فئات أو مجموعات)، ويخصص سعر معين لكل طبقة، ويرتفع هذا السعر للطبقات العليا عنه للطبقات الدنيا، والدخل الذي يقع في فئة أو طبقة معينة يخضع كله لنسبة واحدة من الضريبة.
ولكن ما يؤخذ على هذه الطريقة أن انتقال الدخل من طبقة لأخرى ولو بقيمة ضئيلة قد يترتب عليه ظلم كبير لصاحب الدخل، مثال على ذلك لو افترضنا أن الضريبة على الدخل قد تقررت طبقا للصورة التالية:
الطبقة الأولى تشمل الدخول التي لا تزيد عن 1000جنيه سنوياً وهي معفاة، والطبقة الثانية وتشمل الدخول التي تزيد عن 1000جنيه سنوياً ولا تتجاوز 2000جنيه، وسعر الضريبة عليها10%، والطبقة الثالثة وتشمل الدخول التي تزيد عن2000جنيه ولا تتجاوز 3000جنيه، وسعر الضريبة 15%، في هذه الحالة إذا بلغ دخل الممول 1100جنيه سيتحمل ضريبة مقدارها 110جنيه، وهو مقدار يفوق مبلغ إ ل 100جنيه التي زادت على دخله وانتقل بها إلى شريحة أخرى.
لذلك فإن التشريعات الضريبية المقارنة الحديثة قد انتصرت للطريقة التالية:
(2) التصاعد بالشرائح:
لتفادي عيوب التصاعد الإجمالي وبعد تقسيم المادة الخاضعة للضريبة إلى عدة شرائح، يطبق على كل شريحة منها سعر خاص بها، يرتفع للشرائح العليا عنه للشرائح الدنيا، بحيث يقسم دخل المكلف إلى شرائح مماثلة يسري على كل منها سعرها ومثال على ذلك:
الشريحة الأولى: وتشمل فئات لغاية 1000جنيه معفاة.
الشريحة الثانية:وتشمل فئات الدخل من 1000جنيه إلى 2000جنيه وسعر الضريبة10%.
وفي هذه الحالة إذا بلغ دخل الممول 1100جنيه، فالألف الأولى معفاة، ويدفع ضريبة قدرها = [ 100جنيه الواقعة في الشريحة الثانية ×10%= 10جنيه].
وتأخذ غالبية التشريعات المقارنة الحديثة بهذه الطريقة لأنها أكثر عدالة وواقعية .