ذات صلة

جمع

وظائف محاسب في شركه تعمل في مجال المطاعم

تفاصيل الوظيفة مطلوب للعمل بشركة تعمل في مجال المطاعم محاسب...

وظائف محاسب في شركه مقاولات – الرياض

تفاصيل الوظيفة وذلك للعمل بشكل عاجل من مصر للسعوديه فى...

مطلوب محاسبون خبرة وحديث التخرج لمكتب الاستاذ خالد امي خبير االضرائب

الوصف مطلوب للتعيين مكتب خالد امير للاستشارات المالية والقانونية والضريبية 1- محاسبون...

ماهي العادات الصباحية للناجحين

ماهي العادات الصباحية للناجحين الناجحون يستغلون اوقات الصباح في فعل...

تعلم كيف تبدأ مشروعك الصغير

تعلم كيف تبدأ مشروعك الصغير لأننا سنخاطر بأموالنا التي قمنا...

التفكير خارج الصندوق .

المقدمة :

التفكير الإبداعي غير المألوف أصبح مهماً في ظل عالم سريع متغير، تتنافس فيه العقول والأعمال من أجل النجاح والتفوق والتميز، ونحن نعرض لك كتاباً جديداً وشيقاً (التفكير خارج الصندوق) لمايك فانس العميد الأسبق لجامعة ديزني، وديان ديكون رئيسة جمعية التفكير الإبداعي , ولحل أي مشكلة في السوق العالمي سريع التغيير، تحتاج الشركات إلى العاملين غير المنغلقين في حدود الأنماط التقليدية للتفكير، الذي يمكنهم التوصل إلى المواقف المثالية عن طريق الحلول المبتكرة , ويعد التفاؤل هو الوقود الذي يشعل التفكير الابداعي، نحن ننظر خارج الصندوق، ونتصل بالآخرين من خلال رؤيتنا ونتخيل افضل نتيجة محتملة.

 

ينهمك الكثير منا في أعمال روتينية وينساقون وراء حلول مكررة دون التفكير في المتغيرات والمستجدات ، لأنه من الأسهل أن نفعل ما كنا نقوم به دوما بطريقة آلية وخاصة في مؤسساتنا المختلفة تجد المدراء لديهم قدرة عجيبة على خنق الإبداع فيرسمون لموظفيهم إطارا لا يسمح لهم بالخروج منه معتقدين أن التفكير التقليدي يوفر مغبة المخاطرة ، في حين تعتبر القدرة على تحمل المخاطرة جزءا لا يتجزأ من مؤهلات النجاح , فمن المهم ألا يعتاد المرء الخضوع للتفكير التقليدي ، فهذا يقتل القدرات الإبداعية للإنسان ويصيب التفكير بالشلل . فعلى الرغم من القواعد والإجراءات الروتينية التي وضعت لتنظيم العمل ولتحقيق أفضل النتائج إلا أن الركون إلى تطبيقها بدون تفكير وتغيير يؤدي في النهاية أيضا الى الروتين والتشابه .

 

والبيئة النفسية للانسان بما تحتوي من مفاهيم متوارثة او مكتسبة او من تجارب يخوضها بحياته غالبا ما تشكل له صندوقا جاهزا يتقولب فيه ويحكم على نفسه الاغلاق ثم يتقوقع بسلبية ويظل اسيرا بمحض ارادته فيما تتحرك الحياة بمسارها دون ان يشارك فيها بابداع يذكر , وهذا ما يؤدي الى اضمحلال المواقف المبدعة والعمل المتفرد والنوعية الثائرة التي تأتي بكل جديد.

 

ماهو “التفكير خارج الصندوق” ؟.

 

التفكير خارج الصندوق(Out of the box) هو كناية عن ماهو غير التقليدى وماهو غير تقليدى هو بدعة اذا استخدمنا اللفظ الدينى وقد نهينا عن الأبتداع فى الدين ولكن لم ننهى عن الأبتداع فى غيره.

 

إن الخروج من الصندوق هو هدف كل شكل من اشكال الحياة، الميلاد يعد مثالا مهما للخروج من الصندوق , تتفتح الشرنقة عن الفراشة ويخرج النبات من الارض وتتصدع البيضة من النقر المستمر لأحد الافراخ كلها امثلة عن صراع الحياة ضد حدود البيئة.

 

الخروج من الصندوق هو الذي انتج السيارة، القطار، الطائرة، المصباح الكهربائي، التطعيم ضد شلل الاطفال، المصاعد الكهربائية، اجهزة التكييف، التلفاز، الفيديو، الحاسوب، والقائمة تطول وليس يغيب عن افكارنا الابطال الذين خرجوا من الصندوق مثل اديسون، وفيرم وديزني وجيتس، ولويس لامور وفرانك ليود، وجاك ويلش، إضافة للخارجين من الصندوق والذين قدموا للانسانية الاشياء التي لا غنى لنا منها في زمننا الراهن.

 

والمقصود بالصندوق هنا هو النمط السلوكي الذي يجعل الإنسان حبيسًا له ويحد من رؤيته للفرص وإحساسه بالمشاعر واستمتاعه بالمغامرات التي تزخر بها الحياة.

 

– هل أنت مقيد داخل خندق ولا تعرف كيفية الخروج منه؟

– أتلبي احتياجات الآخرين وتهمل احتياجاتك؟

– هل تتمنى مجيء اليوم الذي سيتغير فيه كل شيء، لكنه لا يأتي أبدًا؟

– أتعيش في الطاحونة الأبدية للحياة ولا تعرف كيفية التخلص منها؟

– ربما يكون قد آن الأوان للخروج من الصندوق!

 

أن ذلك الصندوق الافتراضى يتضمن أنماط التفكير الاعتيادية والطرق التقليدية والمتكررة لحل المشكلات، لعرفنا أن “التفكير خارج الصندوق” هى دعوة للتفكير الابداعى والبحث عن الحلول الغير تقليدية ، وبعبارة اخرى هى دعوة لاستخدام الجانب الأيمن من المخ وهوالجانب المسئول عن الخيال والابتكار.

 

اننا نتطلع ايضا الى التفكير خارج الصندوق للحصول على الفائدة الإستراتيجية لمشروعاتنا، إن رياح التغيير تستمر في الهبوب بقوة الاعصار في عالمنا الملئ بالشركات.

 

حيث يقوم رجال التكنولوجيا بالتصفح على شاشة الانترنيت، فهناك تدفق من الثقافة غير المحدودة، لكن الاشكال صعبة الادراك تحير اكثر باحثي التغيير اطلاعا!.

 

ووسط تلك الضوضاء بزغت كلمة جديدة طنانة، كانت مثل دواء طال انتظاره، تلك الكلمة الشاملة هي: الاستراتيجي , والهدف من كونك استراتيجيا هو ان تمنح نفسك فائدة تنافسية،انها تعني الخروج من الصندوق.

 

ولقد استخدم مايك فانس وزميلته ديان ديكون رسم طريق خبرتهما الخاصة المصفوفة ذات النقاط التسع التخطيطية الى النقاط التسع الضرورية من اجل الثقافة الابداعية: الناس، المكان، المنتج، المشاركة، الاطلاع، الإلهام، الرعاية، التعاون،والابداع.

 

 لمعرفة ذلك أدعوك لرسم 9 نقاط على ورقة بيضاء ، والآن دون أن ترفع القلم من على الورقة ارسم 4 خطوط مستقيمة فقط بحيث تمر بكل النقاط التسع، اذا نجحت فى ذلك ووصلت الى الحل فستدرك فائدة التفكير خارج الصندوق .

 

أرسم التسع نقاط على شكل مربع .. كل طرف فيه ثلاث نقاط والنقطة التاسعة في المنتصف .. هل تستطيع وصل هذه النقاط بأربعة خطوط فقط بشرط عدم بقاء نقطة دون أن يصلها خط … ودون أن ترفع يدك عن القلم أو ترجع لنفس السطر ؟!

 

الأمر ليس بسيط .. ولا حل لهذه المسألة .. أو قل المشكلة .. إلا بطريقة التفكير الإبداعي .. أو الحلول المبتكرة .. غير التقليدية .. وقد أطلق عليه أصحاب هذا التمرين اسم التفكير خارج الصندوق .

 

الطرق التقليدية لن تحل هذا التمرين أبدًا .. لأننا سنفاجأ في كل مرة بوجود نقطة غير موصولة .. أو أننا بحاجة لخط خامس لإنجاز هذه المهمة !

 

اذا تصورت أن الخطوط الأربعة ينبغى أن تكون كلها داخل المربع فأنت تفكر داخل الصندوق، ولن تنجح أبدا فى حل المشكلة، أما اذا أطلقت لخيالك العنان للتفكير بكل حرية وبلا حدود أو معوقات فستتمكن من حل المسألة.

 

لذلك الكثير من المشاكل التي نعيشها على أرض الواقع لا تحل بالطرق التقليدية … لكنها تحتاج لطرق إبداعية .. مبتكرة ..

 

عندما تكون المشاكل كبيرة وعميقة .. وعندما يتعلق الأمر بأمور سياسية أو اقتصادية .. كالحصار أو إغلاق المعابر .. أو أي مشكلة تعصف في شركة أو مؤسسة .. أو حتى المشاكل الكبيرة في البيت ..

 

فالمشكلة بالتأكيد أكبر من مجرد وصل نقاط ببعضها للوصول لحل .. لكن أتصور أن هناك تشابه يكمن في طرق حل المشكلات .. وهو ما نبحث عنه .. الطرق الإبداعية .. المبتكرة .. لكن كيف يمكن أن نحقق ذلك :

 

أولاً : البحث عن عقول بعيدة : وتعني البحث عن أشخاص مفكرين .. كبار أو صغار .. ذكور أو إناث .. وطرح المشكلة عليهم .. بطرق مختلفة .. كالعصف الذهني أو ورشات العمل .. وغيرها .. والمهم في هؤلاء الأشخاص أن يكونوا بعيدين عن المشكلة .. ويمكن أن نقول أننا بحاجة لمركز أو عدة مراكز للتفكير الإبداعي .. تهدف لمناقشة القضايا وتقديم حلول مبتكرة لها .. فالواقعون في المشكلة غالبًا لا يمكنهم إيجاد حلول إبداعية ..

 

ثانيًا : البحث عن أماكن بعيدة : قيل إذا حدثت مشكلة في مكان ما .. فعليك أن تترك المكان وتتجه لمكان آخر .. وقيل إذا غضبت وأنت واقف .. فاجلس على الفور .. وهذا من باب تغيير الحالة .. لأن تغيير الحالة يؤدي لهدوء الأعصاب .. والقدرة على التفكير بشكل أفضل ..

 

إن علينا ونحن نعالج المشاكل المصيرية أن نبحث عن تغيير الأماكن .. يجب أن نخرج من بين جدران الوزارة أو الشركة أو المؤسسة .. وحتى البيت .. يجب أن نبحث عن الأماكن المفتوحة .. ولخروج من حالة الروتين والرتابة .. لحالة الخلوة والتنفس النقي .. إننا بحاجة للخروج من جو المشكلة بشكل كلي .. وهذا يصفي الذهن ويفتح المجال للحلول المبتكرة ..

 

ثالثًا : زيادة جرعة التفكير الإبداعي : الكثير من الأشخاص لا يمارسوا التفكير المبتكر .. أو التفكير الإبداعي في حل مشاكلهم وقضاياهم خلال اليوم بتاتًا .. ويعتمدوا على أنماط التفكير التقليدية .. ويكون حظها من اليوم بسيط جدًا .. وذلك لانشغالهم في الأعمال الروتينية اليومية القاتلة .. ناهيك أن معظم المدراء أو المسئولين بشكل عام يميلون إلى المركزية في العمل .. وهذا يؤدي لتشتت المخ وانشغاله طوال الوقت !

 

رابعًا : إطلاق الخطط الإصلاحية المستقبلية : لا تعني المسئولية أن نبقى عاكفين طوال اليوم نفكر في حل المشكلات القائمة .. وكأننا أصبحنا حلالي مشاكل .. يجب أن تتغير النظرة لنصبح وكلاء تغيير .. نفكر في الخطط المستقبلية الإصلاحية التي تساهم بحل الكثير من المشكلات القائمة من جذورها .. فالتفكير والبحث عن الحلول الشاملة .. ووضع الخطط الاستراتيجية .. أهم بكثير من الجلوس ساعات طويلة في حل مشكلات جزئية هنا وهناك !

 

إن التفكير للمستقبل .. والتفكير الإبداعي في حل المشكلات بحاجة للاستفادة من العقول البعيدة .. العقول المتناثرة هنا وهناك .. واستغلالها .. إننا بحاجة أيضًا للخروج من دائرة الرتابة والروتين والبحث عن الأماكن المفتوحة .. كما أننا بأمس الحاجة لزيادة جرعة التفكير الإبداعي .. علينا أن نتخلص من المركزية قدر المستطاع .. و نخصص بعض الساعات للتفكير في التطوير وفي صناعة المستقبل ..

 

ويستلزم التفكير خارج الصندوق مهارات خاصة يتم اكتسابها بالتدريب ومراحل التدريب هى:-

1- النية من أجل توجيه الطاقة.

2- الأقتناع بان هناك حلول أخرى لمشكلة ما .

3- تدريب العقل من خلال:

– النظر بشكل جديد الى الشىء.

– مقاومة التبلد الداخلى.

– الممارسة.

 

لماذا نسعى للتفكير خارج الصندوق؟

لتعيش ، لتكون مبدع ، ومتجدد، ولنحصل على الفائدة الاستراتيجية لمشروعاتنا مع عالم تسوده المنافسة بين الافراد الشركات العالمية ، وفي ظل العولمة واتساع قدرة الشركات وإمكاناتها ، فأصبح التفكير الإبداعي هو سبيل تحقيق النجاح ، والتميز . ويضرب المؤلف مثالاً للتأكيد على أهمية التفكير الإبداعي خارج الصندوق بقوله : إن التفكير خارج الصندوق هي الذي أنتج : السيارة والقطار والطائرة والمصباح الكهربائي والتطعيم ضد شلل الأطفال، والمصاعد ، وأجهزة التكييف وأنابيب المياه والتلفاز.

 

كيف تنشأ النماذج المعيارية في العقول ؟

إن تجربتنا في الحياة -أي مشاهداتنا ومعلوماتنا وخبراتنا المختزنة في عقلنا- تعمل على تشكيل قوانين ومعادلات و “صيغ” أو “أنماط” أو “هيئات”أو “قوالب” للأشياء التي تشكل معرفتنا العامة بالكون الذي نعيش فيه وتفسر أحداثه ووقائعه. ما يحدث هو أن هذه “الصيغ” تعمل عمل الفلتر (المصفاة) حول أدمغتنا حيث تقوم باستقبال المعلومات الخام الواردة من العالم الخارجي ومن ثم ترشيحها وإرسال صافي تعديلها أو تصحيحها إلى الدماغ. تتم عملية الفلترة هذه بهدف إدخال معلومات “مُصحَحة الصياغة” بحيث لا يستغربها الدماغ ويفهمها فوراً.

 

لنفترض أن رجلاً عاش حياته في مجتمع بدائي لم ير أو يسمع بشيء اسمه طيران مطلقاً، يشاهد فجأة طائرة –إف-15 مثلاً- تمر فوقه بسرعة هائلة وتختفي في الأفق فإن المعلومات الواردة إلى دماغه عبر حواسه عن شكل الطائرة ستمر أولاً عبر الفلاتر إياها، فترفض هذه أية عناصر لا تتوافق مع معاييرها فتقوم بتقريب الصورة أو تعديلها إلى أقرب شيء يعتقد بوجوده عقل الرجل مثل نسر ضخم أو أي طائر خرافي معتبرة أن الفوارق التي لاحظتها حواس الرجل عما هو مألوف ما هي إلا خداع بصري وتهيؤات. إذن فإن هذه المعلومات التي أُرسلت للدماغ كانت مغلوطة وأن هذه الفلاتر التي مهمتها ترجمة المعلومات للدماغ تقوم بتضليله أحياناً. من الناحية المقابلة، أثبت غاليليو أن نظرية كوبرنيكوس صحيحة بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس كما كان سائداً رغم أن العكس تؤكده كل حواسنا المادية فنحن نرى الشمس تتحرك ونشعر بحرارتها نهاراً.

 

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لم ينخدع غاليليو بحركة الشمس الظاهرية مثلما انخدع الرجل البدائي بشكل الطائرة؟

والجواب، في الحقيقة، يكمن في أن المعلومات الخام على ما يبدو تذهب مباشرة إلى أدمغة البعض مثل غاليليو ولا تمر عبر الفلاتر مثل غالبية البشر. ويكاد يكون هذا هو الفرق الأول بين العالم أو العبقري والإنسان العادي.

 

إلغاء تأثير هذه الفلاتر أو النماذج المعيارية -أو تنحية دورها ووظيفتها- إذن هو كسر للطوق المفروض على طرق التفكير وبالتالي حدوث تغيير مهم في الحقائق والقوانين والأنماط التي ألفناها والتي تشكل بمجملها “النموذج المعياري” لرؤيتنا للكون وما فيه من حولنا؛ فيبدأ النموذج السائد بالانسحاب أو الاندثار المؤقت أو النهائي ويظهر النموذج الجديد محدثاً ثورة في الرؤية أو تحول جذري فيه. هذا التحول في النموذج المعياري هو ما يسمى بالإنجليزية (Paradigm Shift) أو التحول البارادايمي – إن أحببتم.

 

نحن في طور تحول في النماذج المعيارية؟

نحن نعيش على ما يبدو مرحلة من التحولات في النموذج المعياري “البارادايمي” على مختلف الأصعدة:

انظروا إلى الأزمة المالية العالمية مثلاً. هل هناك تهيؤ لحدوث انقلاب أو تغيير حاسم في النموذج العالمي السائد؟

وما هي التغييرات التي قد يحملها معه هذا التحول؟ أسئلة كثيرة ومثيرة بلا شك.

 

ولكن: كيف يحدث التغيير؟

دعني أسرد لكم هذه القصة :

إذا سألتك عن اسم البلد الذي يخطر ببالك عندما تُذكر ساعات المعصم، فماذا ستقول؟

سويسرا على أغلب الظن.

ولكن إذا سألتك أين صنعت الساعة التي في معصمك، فإن الجواب سيكون بما يقارب اليقين … اليابان.

الآن دعني أسألك التالي: أين صُنعت الساعة الرقمية أول مرة؟

أين؟ في اليابان؟

كلا يا سيدي! بل في سويسرا.

في أوائل السبعينات من القرن الماضي اخترع رجل سويسري الساعة الرقمية وعرض الفكرة على كبار صانعي الساعات في سويسرا بهدف بيع الفكرة. لكنهم جميعاً رفضوا الفكرة لسببين على الأقل:

(1) لأنها تخلو من كافة المعايير الكلاسيكية العريقة التي تتباهى بها الصناعة السويسرية كالعقارب وتفاصيل التصميم والشكل؛

(2) لأن الساعة بشكلها الشائع ونمطها المألوف آنذاك كانت ناجحة كل النجاح، فلم التغيير الصارخ؟

ومع ذلك عرض الرجل فكرته المبتكرة (الساعة الرقمية) في أحد المعارض الدولية للساعات حيث لم يلتفت إليه أحد إلا فضوليان جاءا إلى أقدارهما من اليابان … فاشتريا براءة الاختراع , واكتسحت بعدها الساعات الرقمية اليابانية السوق العالمية اكتساحاً لا يُصدق وتلقت صناعة الساعات السويسرية العريقة ضربة مدمرة كان من أهم نتائجها تخفيض القوة العاملة فيها إلى نصف ما كانت عليه أواخر الستينات.

 

ما الذي يحدث بالفعل؟

ربما يكون النموذج السائد ناجحاً وقوياً، لكن نجاح اليوم ليس هو الضمانة الأكيدة لنجاح الغد، فحكايات الانهيار والسقوط المدوي والمؤثر عند كبريات الشركات والبنوك والدول في التاريخ القديم والمعاصر عديدة. وربما تكون كلها انطوت على شكل ما من أشكال التحول في النموذج المعياري المهيمن.

 

يقع حدث ما ملفت أو مدوي يظن الناس معه أن لحظة التغيير قد حانت وأن ساعة الجديد قد دقت. ولكن قبل ذلك بوقت قد يقصر أو يطول، تكون المليمترات الأولى للانحراف عن سكة النموذج الثابت قد وقعت دون أن يلحظها إلا قلائل ممن هم على رأس هرم النجاح والهيمنة وقد لا يلتفتون إليها فيجدون أنفسهم بعد وقت على مفترق طرق: إما التكيف أو الزوال التدريجي… وهما أمران أحلاهما مرّ عندما تكون قابعاً في القمة.

 

على المستوى العلمي، يقول توماس كونز، وهو مبتكر هذا المصطلح في دراسته لتاريخ الثورات العلمية، إن التحول في النموذج المعياري –أي الثورة العلمية- يحدث عندما يبدأ العلماء بمواجهة أمور يتعذر على النموذج المتعارف عليه تفسيرها وبالتالي يبدأ التطور العلمي بالتحرك من تلك النقطة فتتوالى الثورات العلمية في مجال ما حتى يصبح متقدماً للغاية أو مستقراً نوعاً ما. ويُشبَّه التفكير ضمن نطاق أو إطار النظريات العلمية المتعارف عليه “بالتفكير داخل الصندوق” أما الثورات العلمية فتحدث من خلال عملية التعليل التي “تفكر خارج الصندوق” كما فعل نيوتن ومن بعده آينشتاين “أبو النسبية”.

 

هذه بعض الجوانب المتعلقة بمفهوم النموذج المعياري (أو البارادايم) على سبيل إلقاء بعض الضوء على المسألة التي أثارتها في الواقع في ذهني مسألة كيفية ترجمة المصطلح على مسار ما وراء الترجمة. هناك مقالات تشرح بنوع من التفصيل على الواكيبيديا، وهناك طبعاً كتاب توماس كونز (The Structure of Scientific Revolutions) لمن يريد التوسع في فهم النموذج المعياري العلمي وفلسفة الثورات العلمية.

 

في قصة قديمة في إحدى مجلات الأطفال (الكوميكس)، يقبض الملك لويس الرابع عشر، وهو المشهور بمقولة: «أنا الدولة والدولة أنا»، على أحد المتمردين عليه، ويضعه في سجن «الباستيل» الرهيب، تمهيدا لتنفيذ الحكم بالإعدام فيه. وكي يبدي الملك شيئا من الرأفة والنبل تجاه سجينه من النبلاء، يقول له بأنه قد وضع مخرجا سريا يستطيع السجين معه أن يخرج إلى عالم الحرية خلال ثلاثة أيام، وهو وقت طويل للتفكير خاصة في سجن مثل الباستيل. وخلال ثلاثة أيام يحاول السجين أن يبحث عن هذا المخرج بكل السبل، ولكنه يفاجأ بالمعضلة تلو الأخرى في كل زاوية يعتقد أنها مخرج. وبعد نهاية الأيام الثلاثة، يأتي الملك صباح تنفيذ حكم الإعدام للسجين الغاضب الذي يتهمه بالكذب والخداع، حيث إنه بحث وفتش في كل زاوية، ولكنه لم يجد مخرجا. هنا ابتسم لويس وقال: «الملك لويس لا يكذب..»، ثم دفع بوابة السجن فإذا بها تنفتح على مصراعيها، وقال للسجين: «لقد كان المخرج أمامك طوال الوقت.. كانت البوابة مفتوحة على الدوام..»، وقيد السجين إلى المقصلة بدلا من الحرية.

 

المغزى من هذه القصة، التي لا ندري حقيقتها التاريخية من عدمها، هو أننا دائما أسرى قواعد معينة للتفكير لا نكاد نخرج عنها، وهذا الأسر يجعلنا في كثير من الأحيان غير قادرين على حل مشكلات كان من السهل حلها لو أننا غيرنا الزاوية التي ننظر بها إلى الأشياء، أو خرجنا عن المألوف من التفكير، ولكن دوام التفكير من خلال «الصندوق المغلق»، أو العقل المبرمج، هو الذي يبقينا عاجزين عن حل مشكلات ما كان لها أن تبقى دون حل لو أن «الصندوق» لم يكن مغلقا، أو خرجنا عن برمجة العقل قليلا، ولكن لذلك حكاية قد تطول بعض الشيء، ولنبدأها من أولها.

 

من المقولات الشائعة في عصرنا أن العقل هو السبيل إلى إنتاج معرفة يُعتمد عليها ويُعتد بها، وهو أداة المعرفة الحقة، أي المعرفة التي تقوم على الحقيقة العلمية والبرهان، وليس تلك المعرفة التي تقوم على الوهم والهذيان. مثل هذه المقولة ليست صحيحة على إطلاق الكلمة، فالعقل عقول، والمعرفة معارف، ولذلك نميز بين عقل وآخر، فنقول العقل الغربي والعقل العربي، وعقل العصور الوسطى وعقل التنوير، والعقل التقليدي والعقل الحديث، وهكذا. فالعقل في نهاية المطاف ليس جوهرا بذاته، كما ذهب إلى ذلك بعض الفلاسفة وأهل الكلام في تاريخنا وتاريخ أقوام أخرى، بل هو أداة يمكن أن تُبرمج وفق آليات تفكير معينة، فتوضح له الحدود والأنظمة التي يمكن له أن يُفكر من خلالها، وذلك كما أثبت ذلك عمانوئيل كانت وغيره من فلاسفة العلم ونظرية المعرفة. فمنطق أرسطو الصوري مثلا كان هو المحدد لطريقة عمل العقل في العصور الوسطى الأوروبية، وهي الطريقة التي تقوم على مقدمات معينة لا بد أن تقود إلى نتائج معينة، ولا وجود لـ«الحقيقة» خارج هذا النمط من التفكير، أو برمجة العقل وفق مسلمات أولية لا بد منها.

 

 وفي تاريخنا العربي الإسلامي، كان كتاب «الرسالة» للإمام الشافعي مثلا هو المحدد لطريقة عمل العقل المسلم طوال القرون اللاحقة، وهو عقل يقوم على «القياس»، أي قياس فرع حادث بأصل سابق ثابت، وبمثل ما جمد منطق أرسطو العقل الأوروبي طوال ألف عام من السنين على سكولاستيكية (مدرسية) عقيمة تقوم على تكرار إنتاج معرفة لا علاقة لها بواقع الحال، كان قياس الشافعي هو القيد الرئيس الذي كبل العقل العربي الإسلامي طوال قرون ماضية، ولهذه اللحظة مع انفراجات لم تفلح كثيرا في تحرير العقل العربي الإسلامي من قيوده.

 

خلاصة القول هي أن العقل في النهاية عبارة عن أداة تمارس عملها وفق الآليات والقواعد التي توضع لها، وعندما تتحول هذه الآليات والقواعد إلى عقل بذاتها، فإن العقل ينتفي في هذه الحالة، ويكون الجمود هو المآل، كما حدث في التاريخ الأوروبي قبل بزوغ العقل الحديث، وكما يحاول بعض الفلاسفة في الغرب التعامل مع عقل الحداثة على أنه فضاء مغلق قد اكتملت أركانه، أو كما هو الحال في واقعنا العربي الإسلامي حتى هذه اللحظة. فالعقل مجردا، إن صحت هذه التسمية، لا يكون عقلا إلا حين يُنظر إلى آليات عمله وقواعد فعله نظرة نقدية فاحصة على الدوام، وهنا يكمن سر العقل كقوة دافعة في التاريخ الحضاري للإنسان على هذه الأرض. فقوة العقل لا تكمن بمجرد وجوده، أو بقدرة سحرية فيه، بقدر ما تكمن في نقده لذاته على الدوام، وتغيير آليات عمله حين تصبح هذه الآليات غير قادرة على إعطاء إجابات لأسئلة مستجدة، والأسئلة الجديدة يطرحها الوجود في كل لحظة من لحظاته.