رحب خبراء الصناعة والبنوك، بمبادرة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بإعادة المصانع المغلقة للعمل ، باعتبارها مبادرة مشجعة تساعد فى تخفيف حدة البطالة وزيادة الإنتاجية، لكنهم طالبوا بحل شامل لمشكلات هؤلاء مع جميع الجهات الدائنة خاصة الجهات الحكومية، مثل الضرائب والجمارك والتأمينات حتي يتم تجاوزأسباب التعثر بصورة نهائية.
وحول حجم مشكلة المصانع المتوقفة، اوضح فؤاد ثابت رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية التعاونية الإنتاجية، ان الاتحاد اجرى دراسة شملت جميع المناطق الصناعية في 17 محافظة. وكشفت الدراسة عن تعثر اكثر من ٣ آلاف مشروع صغير ومتوسط الى جانب الف مشروع كبير، وعزت الدراسة بعض الحالات الصارخة للتعثر الى اجراءات ادارية، فمثلا يوجد في المنيا الجديدة مطحن كان يعمل به ١٨٠ عاملًا، توقف العمل به وتم إغلاقه للعام السادس على التوالي بسبب مشاكل إدارية حول ملكية الأرض مع المحافظة،وقد توقفت معه ١٠ مصانع للمكرونة تم إنشاؤها بالقرب من المطحن لإمدادها بالدقيق.
وأوضح ثابت أن هناك مشكلة أخرى فى بورسعيد، خاصة بمجمع للصناعات الصغيرة بمنطقة الرسوة علي مساحة 4500 متر مربع ، ورغم توصيل المرافق له علي نفقة المصانع القائمة وتشوين المعدات والالات وخطوط الانتاج، الا انه بسبب نزاع علي ملكية الارض رغم صدور قرار بتخصيصها لاحدى الجمعيات التعاونية والتي سددت ثمن الارض بالكامل ثم قامت باعادة تخصيص الارض للمستثمرين، الا ان المنطقة توقف العمل بها منذ عشر سنوات وحتي الان في انتظار حل الخلاف.
وقال رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية التعاونية الإنتاجية إن عددا كبيرا من المتعثرين واجهوا عقبات وتعقيدات روتينية لاستخراج السجل الصناعى، بل ان التعقيدات تزداد عند تجديده. كما يتم حساب قيمة رسوم السجل الصناعي بناء علي نسبة من استثمارات المشروع، وهو امر غير منطقي . وطالب بتحديد جهة واحدة فقط لاستخراج الموافقات الحكومية علي المشاريع الصناعية وتجديدها، خاصة في حالات دخول وتخارج احد الشركاء ومد خدمات برنامج تحديث الصناعة الي مدن الصعيد وسيناء.
وحول الشكاوي الأخري ، اوضح فؤاد ثابت انها شملت التقديرات الجزافية لمصلحة الضرائب والمبالغة فى احتساب الارباح، رغم ان الفترة التى أعقبت ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو شهدت انخفاضا واضحا في الطلب على السلع نتيجة ضعف مستويات السيولة الناتجة عن الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمالة المؤقتة وتخفيض أجور العمالة الدائمة.
من جانب آخر، اشتكى المتعثرون من طول إجراءات تخصيص الاراضي الصناعية ، حيث يتعين عليهم التقدم بطلب اولا لهيئة التنمية الصناعية، ثم يتقدمون بعد موافقتها في قرعة تجريها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة علي الاراضي المتاحة، مع سدادهم مبلغا كبيرا يصل الي 50 الف جنيه لدخول القرعة. بالاضافة الى قلة الأراضي المخصصة للاستثمار الصناعى وارتفاع تكلفتها، الي جانب معاناة البعض منهم من تراكم الاقساط وفرض غرامات تأخير بسبب عدم تمكنهم من سداد الاقساط في المواعيد المقررة، نظرا لتراجع النشاط الاقتصادي عقب الثورة،
كما اشتكى أصحاب المشروعات من ارتفاع تكاليف تسجيل وتوثيق مصانعهم وأراضيهم ومحلاتهم التجارية بسبب فرض رسوم لاعتماد هذه العقود من نقابة المحامين، و طول الإجراءات، ليطالبوا بتطبيق قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى حدد هذه الرسوم بقيمة ٥٠٠ جنيه فقط ، مع اعادة النظر فى الرسوم التى تفرض على المشروعات الكبيرة.
وقال السيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية، إن مبادرة رئيس الوزراء مشجعة، لكن لابد ان يكون ذلك فى إطار منظومة متكاملة لتسوية مشاكل المتعثرين خاصة مع الجهات الحكومية السيادية مثل الضرائب والتأمينات. واكد ان البنك المركزى اصدر تعليمات الى البنوك بضرورة حل مشاكل المتعثرين الجادين ، مشيرا الي ان البنك قام بجدولة ٧٠٠ مليون جنيه لـ٣٥٪ من المتعثرين لديه ، والمبادرة مستمرة بشرط ان يقوم هذا المتعثر بحل مشاكله مع الجهات الحكومية أولاً ، ثم يقوم البنك بدراسة تخفيض قيمة الغرامات او جدولة المديونية على فترات طويلة او ضخ سيولة جديدة فى شرايين المشروعات، كما يتدخل البنك لتخفيف عبء الفوائد.
واشار الي ان هذه الإجراءات مرتبطة بمدى أهلية المصنع والمعدات لإعادة التشغيل ونوعية المنتج ومدى قابلية الاسواق له وقدرة المتعثر على الإدارة، وإذا احتاج الى مهارات إدارية، فالبنك لا يتأخر فى ذلك لكن لابد للبنك ان يدرس حجم التدفقات النقدية التى ستعود من وراء التعويم وعودة المشروعات للسوق.
واوضح يحيى ابو الفتوح مدير عام المخاطر بالبنك الأهلي المصري، ان معظم المصانع المتوقفة تفقد صلاحيتها لانها متوقفة منذ فترات طويلة ، مع تهالك الآلات وتعطلها ، ولابد من شراء معدات جديدة وخطوط انتاج حديثة ، واشار الى ان مشكلات معظم المصانع لا تنحصر فى أزمة التمويل ، لكنها متهالكة ولا تتماشى مع ظروف وشروط الإنتاج الحديثة، وبالطبع فإن مثل هذه الحالات تكون بحاجة الى إعادة الهيكلة وتكلفتها مرتفعة، والبنوك تطلب ضمانات قوية لضمان استرداد اموالها القديمة والجديدة ، اذا ما كانت هناك حاجة الى إعادة ضخ سيولة جديدة فى شرايين المشروع.
إما احمد عاطف الرئيس السابق للجنة المتعثرين باتحاد الصناعات، فيشير الى ان التعثر يعود الى عام ١٩٩٧ مع نشوب أزمة دول جنوب شرق آسيا، ثم قرار عاطف عبيد رئيس الوزراء الاسبق بتعويم سعر الجنيه عام ٢٠٠٣، ثم تلاها الأزمة المالية العالمية أواخر ٢٠٠٨ ، ثم ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو ، واوضح ان أعداد المتعثرين كان يزيد على ١١٠ آلاف متعثر.
وقال: ان «البيان المجمع» للبنك المركزي يحظر على البنوك التعامل مع كل تاجر تعثر حتى ولو قام بسداد ما عليه للبنوك ، مما اعتبره بيانا قاتلا، لأنه حدد فترة تتراوح مابين ٥ الى عشر سنوات لابد من مرورها بعد إتمام التسوية مع المتعثر ، مع حظر التأجير التمويلي من شركات التأجير المتخصصة فى تأجير المعدات والآلات بل توريد اى بضائع للبنوك ، طالما ان اسمه مدون بـ“البيان المجمع“ .
بالاضافة الي ارتفاع رسوم التقاضي عن الدعاوى التى رفعتها البنوك ضد المتعثرين وكسبتها البنوك لانها الطرف القوى، حيث يلزم هذا الموقف، المتعثر بسداد الرسوم القضائية التى تصل فى اغلب الأحيان الي ملايين الجنيهات.. ثم مشكلة الرسوم الضريبية والتقديرات الجزافية فى وقت تكون الشركة متوقفة فيه عن العمل، لذا لابد من مأمورية متخصصة تراعى كيفية احتساب مثل هذه الضريبة وتقسيطها.