الحقوق الواجبة في مال المسلم :
رتب الإسلام حقوقاً للنفس وحقوقاً للآخرين في المال الخاص، فمن أنفق المال في طرقه المشروعة، وأدى حقوق الآخرين وفق الأحكام الشرعية كوفئ على ذلك في الدنيا بالرضا والتوفيق والهداية، وبالآخرة بالثواب والفلاح والفوز بالجنة قال تعالى: [ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ، وما يغني عنه ماله إذا تردى](1)، فما الحقوق التي تترتب على المال ؟.
أ – حقوق تقتضيها العلاقات الاجتماعية الخاصة، ويساندها الإلزام الشرعي والملاحقة القضائية إذا لزم الأمر وهي :
1 – النفقة للزوجة والأولاد القاصرين، وهي مقدمة على سائر الحقوق المالية؛ قال تعالى : [ لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها](2).
2 – النفقة للوالدين الفقيرين على أولادهما الموسرين :
قال تعالى : [ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ](3)
وقال تعالى : [ وصاحبهما في الدنيا معروفاً ](4)
3 – النفقة على الأقارب حسب درجة القرابة : الأولى فالأولى، وذلك وفق تمكنه واستطاعته.
قال تعالى : [ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً](5)
وقال تعالى : [ قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين ] (6)
ب – حقوق ناشئة عن أخطاء شخصية أو إيذاء للآخرين، ومن ذلك :
قتل الخطأ قال تعالى :
[ ومن قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ](1)
وكذلك الجراحات، والأضرار الجسدية الناشئة عن الخصومات، وكذلك الأضرار المادية بشتى صورها وأشكالها، ويحسب مقدارها بالتراضي أو بالتحكيم أو بحكم القضاء الشرعي.
ج – حقوق ربانية ألزم الإنسان بها نفسه كالنذور :
قال تعالى [ يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ](2)
د – كفارات بسبب مخالفات شرعية :
1 – كفارة اليمين : قال تعالى [ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة ](3)
2 – كفارة الظهار : قال تعال : [ والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به، والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ](4)
3 – كفارة الفطر في رمضان : للكبير في السن والمريض الذي لا يرجى برؤه قال تعالى : [ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين] (5)
هـ – حقوق واجبة ذات طابع اجتماعي عام، ويساندها الإلزام الشرعي حكماً ويحصلها الحاكم إذا لزم عنوة وهي ( الزكاة) التي فرضها الله تبارك وتعالى على المسلم بشروط ذكرها الشارع وحدد لها مصارفها واعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم ركناً من أركان الإسلام.
قال تعالى [ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها . . .](1)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ]
والأصل أن يؤدي المسلم زكاة ماله عبادة وطواعية، حتى يكون له الثواب والأجر بالعمل، بالإضافة إلى إبراء ذمته في الدنيا والآخرة، فإذا لم يفعل ذلك بمبادرة منه حمل على إيتائها عنوة إذا لزم الأمر من قبل الحاكم المسلم، حتى ولو أدى ذلك إلى إخضاع الممتنعين عن أداء الزكاة بالقوة الجهادية كما فعل أبو بكر الصديق الخليفة الأول رضي الله عنه بالحروب المعروفة تاريخياً بحروب الردة.
وقال (( والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه )).
——————————————————————————–
(1) الليل الآية (5-12)
(2) الطلاق الآية (7)
(3) الإسراء الآية (34)
(4) لقمان الآية (15)
(5) الإسراء الآية (26)
(6) البقرة الآية (215)
(1) النساء الآية (92)
(2) الإنسان الآية (7)
(3) المائة الآية (89)
(4) المجادلة الآية (2-4)
(5) البقرة الآية (184)
(1) التوبة الآية (103)