الدفاتر التجارية
يتبين من استقراء الحكام القانونية أنه يتوجب على كل شخص ذي صفة التاجر القيد في سجل رسمي هو السجل التجاري. لكن زيادة على ذلك، يلزم بمسك دفاتر تجارية. والدفاتر التجارية هي سجلات يقيد فيها التاجر عملياته التجارية صادراته ووارداته حقوقه والتزاماته. وتقوم هذه الدفاتر بدور هام سواء على الصعيد الاقتصادي أم القانوني سواء بالنسبة للتاجر أو الغير.
1. مسك الدفاتر التجارية
يلتزم التاجر بمسك دفترين إجباريين، ويمكنه فضلا عن ذلك، مسك دفاتر أخرى اختيارية تختلف حسب طبيعة نشاطه وحاجاته التجارية.
المبحث الأول: الأشخاص الملزمون بمسك الدفاتر التجارية
يستفاد من نص المادة 9 تجاري أن الالتزام بمسك الدفاتر التجارية واجب على كل من اكتسب صفة التاجر، سواء كان شخص طبيعي أو معنوي كالشركات التجارية، بيد أنه لا يتوجب على الشركاء في شركة التضامن، أو على الشركاء المتضامنين في شركة التوصية أو بالأسهم، مسك دفاتر تجارية بالرغم من كونها تجارا ( م 551، 563 مكرر1 و 715 ثالث تجاري )، فدفاتر الشركة كافية. إن النصوص القانونية وإن كانت لا تفرض عليهم مسك هذه الدفاتر فإنها في آن واحد لا تمنعهم من مسكها. أما الشخص المدني والشركات المدنية لا يلتزمون بمسك دفاتر تجارية.
المبحث الثاني: أنواع الدفاتر التجارية
المطلب الأول: الدفاتر الإجبارية
الفرع الأول: أنواع الدفاتر الإجبارية
الأول. الدفاتر اليومية:
يجب على كل تاجر، سواء أكان شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا، مسك دفتر اليومية الذي يقيد فيه جميع عمليات المقاولة إما يوميا وإما شهريا. وفي هذه الحالة يراجع نتائج هذه العمليات شريطة أن يحتفظ بكافة الوثائق التي يمكن معها مراجعة تلك العمليات يوميا ( م 9 تجاري )، والغرض من هذا الالتزام مراقبة صحة الأعمال اليومية.
ثانيا. دفاتر الجرد:
يجب على كل تاجر أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته، وهي ما للتاجر من أموال ثابتة ومنقولة وحقوق لدى الغير. وأن يقفل حساباته قصد إعادة الميزانية، وحساب النتائج. كما يجب أن يدون في الدفتر الميزانية لمشروعه التجاري، وهي تعتبر الدليل القاطع والواضح على المركز المالي الإيجابي أو السلبي والميزانية تتكون من جانبين الأصول والخصوم. وفي الأصول تشمل الأصول الثابتة و المنقولة والديون التي إلى الغير للتاجر، أما الخصوم فهي تمثل ديون المشروع التجاري أي الديون التي على التاجر للغير وكذلك رأس مال المشروع باعتباره دينا على المشروع. وكذلك بيان حساب الأرباح والخسائر.
الفرع الثاني: الجزاءات المترتبة على عدم مسك الدفاتر التجارية الإجبارية
يترتب على مخالفة الأحكام القانونية المتعلقة بمسك الدفاتر التجارية إخضاع التاجر لعقوبات جزائية ومدنية.
أولا. العقوبات الجزائية:
1. لقد أقر المشرع الجزائري عقوبة التفليس بالتقصير أو التفليس بالتدليس على كل تاجر لم يقم بمسك الدفاتر الإجبارية أو قام مسكها بطريقة غير قانونية.
· عقوبة التفليس بالتقصير: لقد بينت المادة 370 تجاري الحالات التي يعد فيها التاجر مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتقصير. حيث نصت المادة “يعد مرتكبا لتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن الدفع يوجد في إحدى الحالات الآتية:
ـ إذا ثبت أن مصاريفه الشخصية أو مصاريف تجارته مفرطة،
ـ إذا استهلكت مبالغ جسيمة في عمليات نصيبية محضة أو عمليات وهمية،
ـ إذا كان قد قام بمشتريات لإعادة البيع بأقل من سعر السوق بقصد تأخير إثبات توقفه عن الدفع أو
استعمل بنفس القصد وسائل مؤدية للإفلاس ليحصل على أموال،
ـ إذا قام التوقف عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين إضرارا بجماعة الدائنين،
ـ إذا كان قد أشهر إفلاسه مرتين وأوقف التفليستان بسبب عدم كفاية الأصول،
ـ إذا لم يكن قد أمسك أية حسابات مطابقة لعرف المهنة نظرا لأهمية تجارته،
ـ إذا كان قد مارس مهنته مخالفا لحظر منصوص عليه في القانون”.
كما نصت المادة 371 تجاري أنه “يجوز أن يعتبر مرتكبا للتفليس بالتقصير كل تاجر في حالة توقف عن الدفع يوجد في إحدى الحالات الآتية:
ـ إذا كان قد عقد لحساب الغير تعهدات ثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعه عند التعاقد بغير أن
يتقاضى مقابلها شيئا،
ـ إذا كان قد حكم بإفلاسه دون أن يكون قد أوفى بالتزاماته عن صلح سابق،
ـ إذا كان لم يقم بالتصريح لدى كاتب ضبط المحكمة عن حالة التوقف عن الدفع في مهلة 15 يوما، دون مانع مشروع،
ـ إذا كان لم يحضر بشخصه لدى وكيل التفليسية في الأحوال والمواعيد المحددة، دون مانع مشروع، إذا كانت حساباته ناقصة أو غير ممسوكة بانتظام.
يستفاد من نص المادة 378 تجاري أنه في حالة توقف شركة عن الدفع تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس بالتقصير على القائمين بالإدارة والمديرين أو المصفين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وبوجه عام كل المفوضين من قبل الشركة، يكونون بهذه الصفة وبسوء نية:
ـ استهلكوا مبالغ جسيمة تخص الشركة في القيام بعمليات نصيبية محضة أو عمليات وهمية،
ـ أو قاموا بقصد تأخير إثبات توقف الشركة عن الدفع بمشتريات لإعادة البيع بأقل من سعر السوق، أواستعملوا بنفس القصد وسائل مؤدية للإفلاس للحصول على أموال،
ـ أو قاموا بعد توقف الشركة عن الدفع بإيفاء أحد الدائنين أو جعله يستوفي حقه إضرارا بجماعة الدائنين،
ـ أو جعلوا الشركة تعقد لحساب الغير تعهدات تثبت أنها بالغة الضخامة بالنسبة لوضعها عند التعاقد وذلك بغير أن تتقاضى الشركة مقابلا،
ـ إذا أمسكوا أو أمروا بإمساك حسابات الشركة بغير انتظام.
· عقوبة التفليس بالتدليس: نصت المادة 374 تجاري بأنه يعد مرتكبا لجريمة الإفلاس بالتدليس كل تاجر في حالة التوقف عن الدفع، ويكون قد أخفى حسابات أو بدد أو اختلس كل أو بعض أصوله أو يكون بطريقة التدليس قد أقر بمديونيته بمبالغ ليست في ذمته سواء كان هذا في محرراته بأوراق رسمية أو تعهدات عرفية أو في ميزانيته.
2. وفضلا عن هذا، يجوز اتهام التاجر بتزوير خطي. ويتضح من قانون العقوبات أن كل من ارتكب تزويرا ( م 216 عقوبات ) في المحررات التجارية أو المصرفية أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 20000 دج ( م 219 وما بعدها عقوبات ).
3. كما تعد أعمال تدليسية، وفقا لقانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، الإغفال عن قصد لنقل أو العمل على نقل كتابات أو تم النقل أو العمل على نقل كتابات غير صحيحة أو صورية في دفتر اليومية وفي دفتر الجرد، أو في الوثائق التي تحل محلها. وذلك عندما يكون عدم الصحة يهم سنوات مالية قد تم قفل كتاباتها ( م 362ـ1 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة).
ثانيا. العقوبات المدنية:
يلاحظ من خلال الأحكام القانونية السابقة أن التاجر الذي يمسك دفاتره التجارية بطريقة غير منتظمة، ويتوقف عن دفع ديونه، لا يستفيد من الأحكام المتعلقة بالتسوية القضائية، بل يلزم القاضي بشهر إفلاسه. والعبرة في ذلك عدم منح التاجر إمكانية لتسوية وضعيته المادية والمالية لكونه خالف القانون.
ومما لا ريب فيه أن التاجر يكون مسؤولا مدنيا عن كل الأضرار الناجمة عن عدم مسك الدفاتر التجاري، أو مسكها بطريقة غير منتظمة. فالمنطق يقضي بضرورة تحمل التاجر نتائج خطئه، ولا يجوز له طلب الاستفادة من بيانات دفاتره. وعلى ذلك تنص المادة 14 تجاري على أن الدفاتر التي يلتزم الأفراد بمسكها والتي لا تراعى فيها الأوضاع المقررة أعلاه، لا يمكن تقديمها للقضاء ولا يكون لها قوة الإثبات أمامه لصالح من يمسكونها. وبما أن القانون التجاري يرتكز على مبدأ حرية الإثبات ( م 30 تجاري )، يجوز للقاضي قبول هذه الدفاتر كقرينة.
المطلب الثاني: الدفاتر الاختيارية
إن التاجر يمسك، في حياته العملية، زيادة على الدفاتر التجارية الإجبارية، دفاتر أخرى لا يفرضها المشرع وهي:
· دفتر الأستاذ: هو الذي تنقل إليه القيود التي سبق تدوينها في دفتر اليومية وترتب فيه حسب نوعها أو بحسب أسماء العملاء لكل عميل أو لكل نوع منعا حساب، حساب البضائع، حساب الأوراق التجارية للقرض أو الأوراق التجارية للدفع إلى غير ذلك.
· دفتر الصندوق: هو الذي تدون فيه جميع المبالغ النقدية التي تدخل الصندوق أو تخرج منه، ويبين رصيده في آخر كل يوم مما يسهل الوقوف على موجودات الصندوق النقدية.
· دفتر المسودة: تقيد فيه العمليات التجارية فور وقوعها، فهو بمثابة مذكرات، ثم تنتقل بانتظام في نهاية اليوم إلى دفتر اليومية.
· دفتر المخزن: تدون فيه البضائع التي تدخل إلى المخزن والتي تخرج منه.
· دفتر الأوراق التجارية: تقيد فيه مواعيد استحقاق الأوراق التجارية الواجب تحصيلها مع الغير وتلك الواجب دفع قيمتها إلى الغير.
المبحث الثالث: تنظيم الدفاتر التجارية
إن تنظيم الدفاتر التجارية يكتسي أهمية خاصة في مجال الإثبات، لذلك أوجب المشرع خضوعها لتنظيم خاص لضمان صحة ما يرد فيها من معلومات أو بيانات، لذلك ألزم القانون قيد العمليات التجارية حسب تواريخ وقوعها، وأن يكون دفتر اليومية والجرد خالية من أي فراغ أو كتابة في الهامش أو أي تحشير بين السطور، والغرض من ذلك هو سلامة البيانات الواردة بها وعدم تغيير البيانات الأصلية أو كتابة أي إضافة في الفراغ المتروك، وإذا وقع خطأ في أحد القيود فيصحح عن طريق إجراء القيد العكسي، كما أوجب القانون أن ترقم صفحات دفتري الجرد واليومية قبل استعمالها ويوقع عليها من قبل المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها نشاط التاجر والغرض من ذلك لحفظ الدفاتر التجارية وبقائها على حالتها دون نزع صفحات منها أو إضافة أو استبدال بعضها بغيرها أو إعدامه بكامله أو استبداله بغيره، إن هذه الإجراءات الشكلية إلزامية في الدفاتر الإجبارية، أما الأخذ بها في الدفاتر الاختيارية يجعل لها حجة في الإثبات أكثر.
المبحث الرابع: مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية
يتضح من المادة 12 تجاري أنه يجب الاحتفاظ بالدفاتر والمستندات والوقائع لمدة 10 سنوات من تاريخ اقفالها وللتاجر الحق في أن يعدمها بعد انقضاء المدة حيث لا يلتزم بتقديمها أمام القضاء بعد انقضاء هذه الفترة، لوجود قرينة على إعدامها غير أنه يمكن إثبات عكسها وبالتالي يلزم بتقديمها.
2. حجية الدفاتر التجارية في الإثبات
جعل القانون الدفاتر التجارية حجة في الإثبات سواء ضد التاجر في جميع الأحوال أو لمصلحته عند توافر شروط معينة، وفي ذلك خروج على القواعد العامة التي لا تلزم الشخص بتقديم دليل ضد نفسه، كما لا تجيز للشخص أن يصطنع دليلا لنفسه ضد الغير لذلك سوف نعالج حجية الدفاتر التجارية في الفروض التالية:
المبحث الأول: حجية الدفاتر التجارية ضد التاجر
يظهر جليا من نص المادة 330 مدني أن الدفاتر التجارية تكون حجة على التاجر، أي يجوز لمن يهمه الأمر استعمال هذه الدفاتر ضد التاجر الذي صدرت منه، أيا كان الخصم الذي يتمسك بها، سواء كان تاجرا أم غير تاجر، وسواء كان الدين المراد إثباته بواسطتها دينا تجاريا أو مدنيا. ولا يشترط أن تكون الدفاتر منتظمة، إذ لا يجوز أن يستند إلى خطئه وإهماله لكي يعفي نفسه من نتائج أعماله.
المبحث الثاني: حجية الدفاتر التجارية لمصلحة التاجر
خروجا عن المبدأ العام الذي لا يجيز للشخص أن يصطنع دليلا لنفسه ، فإن القانون سمح للتاجر أن يمسك دفاتر تجارية يستطيع استعمالها كدليل إثبات لصالحه غير أن حجيتها تختلف حسبما إذا كان خصمه تاجر أم غير تاجر.
المطلب الأول: حجية الدفاتر التجارية بين تاجرين
أجاز المشرع للتاجر في المادة 13 تجاري الحق بالتمسك بدفاتره التجارية كدليل إثبات كامل لمصلحته في نزاعه مع تاجر آخر بشأن أعمال تجارية بشأنهما إذا توافرت الشروط التالية:
1. يجب أن يكون الطرف الخصم تاجرا.
2. يجب أن يكون النزاع متعلقا بعمل تجاري لكلا الطرفين.
3. يجب أن تكون الدفاتر التجارية منتظمة، لأن انتظام الدفاتر التجارية يضفي على قيودها الجدية، ويكفلها من خطر التلاعب والغش. أما الدفاتر التجارية غير المنتظمة فلا تكون في الأصل حجة في الإثبات، ويمكن التذكير في هذا الإطار بالمادة 14 تجاري التي تنص على “أن الدفاتر التي يلتزم الأفراد بمسكها والتي لا تراعى فيها الأوضاع المقررة أعلاه لا يمكن تقديهما للقضاء ولا يكون لها قوة الإثبات أمامه لصالح من يمسكونها”.غير أنه يكمن للقاضي الاستعانة بتلك الدفاتر لمجرد اعتبارها قرائن تكمل بعناصر إثبات أخرى واردة في الدعوى كالمستندات الخطية وتقارير الخبراء والقرائن.
المطلب الثاني: حجية الدفاتر التجارية بين تاجر وغير تاجر
إن التاجر يقدم في هذه الحالة دفاتر لإثبات شيء ضد شخص لا يتمتع بصفة التاجر. ومن الملاحظة أن المادة 330/1 مدني تنص على أنه لا تكون الدفاتر التجارية حجة على غير التاجر، وبالتالي لا يلتزم القاضي بالبيانات الواردة في الدفاتر التجارية كحجة لصالح التاجر. والعبرة في ذلك حماية الطرف غير التاجر لكونه لا يمسك دفاتر تجارية، ولهذا يستحيل عليه تقديم أية كتابة ضد دفاتر التاجر.
غير أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التاجر، يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة ( م 30 تجاري و 330 مدني). ولكن يجب توافر الشروط التالية:
1. يجب أن يكون محل الالتزام عبارة عن توريدات، أي بضائع قام بتوريدها التاجر المدعي إلى غير التاجر المدعي عليه كالمواد الغذائية.
2. يجب ألا تزيد قيمة هذه البضائع عن نصاب البينة أي أن لا تفوت قيمة التوريدات 1000 دج ( م 333 مدني).
3. الاعتداد بالدفاتر التجارية في الإثبات وتكملته بتوجيه اليمين وهو أمر جوازي للقاضي لا للخصوم، فلا يجوز للخصم أن يوجه اليمين أو يطلب من القاضي بتوجيهها.
4. لا يجوز للقاضي أن يكمل الدليل المستخلص من دفاتر التاجر إلا بطريقة واحدة هي توجيه اليمين المتممة، فلا يجوز له تكملة هذا الدليل عن طريق شهادة شهود أو القرائن.
المبحث الثالث: تقديم الدفاتر التجارية
إن تقديم الدفاتر التجارية يتم بناء على أحكام المادتين 15 و16 تجاري حسب طريقتين متميزتين هما الإطلاع والإنابة.
المطلب الأول: الإطلاع
هو وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف الطرف الخصم حتى يطلع عليها، إلا أن هذا الإجراء يشكل خطرا كبيرا على التاجر لأن الخصم يصبح مطلعا على جميع شؤون التاجر. فمن الثابت أن الإطلاع يؤدي إلى الكشف عن أسرار التاجر، ولهذا تنص المادة 15 تجاري على أنه لا يجوز الأمر بتقديم الدفاتر وقوائم الجرد إلا في قضايا الإرث( للورثة) وقسمة الشركة( للشركاء) وفي حالة الإفلاس ( لوكيل التفليسة).
المطلب الثاني: التقديم أو الإطلاع الجزئي
هي وضع الدفاتر التجارية تحت تصرف القاضي أو الخبير الذي عين قضائيا للبحث عن معلومات متعلقة بالنزاع، بينما في الإطلاع تقدم هذه الوثائق للطرف الخصم، لذا ليست هذه الطريقة خطيرة على التاجر لأن القضاء والخبراء مجبرون على احترام سر المهنة. وسميت بالإطلاع الجزئي لأن في كل الأحوال، لا يتعلق الإطلاع إلا بالبيانات التي تخص النزاع دون غيرها. ومن الثابت أن الإطلاع على الدفاتر يسمح للقاضي أو الخبير، باستخراج كافة البيانات التي تهم الدعوى والتي تكاد تؤثر على مجراها.
وإذا رفض الطرف الذي يعرض عليه الإثبات بالدفاتر، تقديم هذه الأخيرة، جاز للقاضي توجيه اليمين إلى الطرف الآخر ( م 18 تجاري ). فضلا عن ذلك، يجوز للقاضي، بناءا على المادة 17 تجاري، أن يوجه إنابة قضائية لدى المحكمة التي توجد بها الدفاتر أو يعين قاضيا للإطلاع عليها وتحرير محضر بمحتواها، وإرسال إلى المحكمة المختصة بالدعوى، إذا كانت هذه الدفاتر موجودة في أماكن بعيدة عن المحكمة المختصة.
فإذا تحصلت المحكمة على البيانات المطلوبة، فلها أن تأخذ بها أو لا تأخذ بها، ولخصم التاجر أن يناقشها، وله أن يحتج بعدم انتظامها أو عدم صحة ما ورد بها بتقديم الدليل على ذلك.