—————-
تخطى الخبير لحدود مأموريته وسلبه لسلطة المحكمة في الفصل في مسألة قانونية لا تصلح أن تكون محلا للخبرة، وعدم صحة الرأي المنتهى الى عدم أحقية المتهم فى خصم ضريبة المشتريات:
———————————-
يقتصر دور الخبير في القضاء العادى، كما في القضاء الأدارى، على تقديم تقرير فني حول مسائل تحتاج إلى معرفة فنية خاصة، مثل الأمور الهندسية، والطبية، والمحاسبية.
وتنظر محكمة النقض إلى المسائل القانونية بوصفها جزءًا من وظيفتها القضائية، ولا يجوز نقل هذا الاختصاص إلى خبير.
من المستقر عليه في قضاء محكمة النقض المصرية أن المحكمة لا يجوز لها أن تندب خبيرًا للفصل في مسألة قانونية، حيث إن تفسير القانون وتطبيقه هو من صميم عمل القاضي، ولا يجوز له التخلي عن هذه المهمة لغيره.
وقد جرى قضائها على أن:
“المسائل القانونية هي من اختصاص القاضي وحده، ولا يجوز ندب خبير لإبداء الرأي فيها”
(الطعن رقم 211 لسنة 64 قضائية – جلسة 16/6/2003)
“المحكمة لا يجوز لها أن تستعين بخبير في مسألة قانونية بحجة عدم إلمامها بها، لأن ذلك يخرج عن اختصاص الخبراء ويدخل ضمن الوظائف الأصيلة للقاضي”
(الطعن رقم 1302 لسنة 50 قضائية – جلسة 27/3/1984)
“مسؤولية القاضي هي تفسير القانون وتطبيقه، ولا يجوز له إحالة هذه المهمة إلى خبير، لأن ذلك يمس استقلال القضاء ويخالف قواعد العدالة”
(الطعن رقم 154 لسنة 44 قضائية – جلسة 14/2/1978)
فأذا قامت المحكمة بندب خبير لأبداء الرأى فى مسألة قانونية، فإن ذلك قد يؤدي إلى بطلان الإجراء أو الحكم إذا ثبت أن الندب شمل مسائل قانونية تتعلق بتفسير أو تطبيق القوانين
وأستقر القضاء على خروج المسائل القانونية عن نطاق طلب الخبرة، ولا يجوز للقاضي تكليف الخبير بها، ويقف دوره عند المسائل الفنية البحتة دون المسائل القانونية.
ومن المقرر أن تحقيق عناصر الدعوى وبيان وجه الحق فيها وتحميص ما يقدم من أدلة والموازنة بينها هو من صميم ولاية القاضي فلا يجوز له أن يتخلى عنها لسواه أو يفوض فيها غيره وإن كان له أن يستعين بمشورة خبير في الدعاوى التي يثار فيها نزاع يتعلق بأمور فنية بحتة تقصر معارف القاضي العامة عن الإلمام بها إلا أن مهمة الخبير تقف عند هذا الحد، فإن تجاوزها وتطرق لمسألة قانونية حتى ولو كان القاضي قد صرح له ببحثها فلا يجوز للقاضي الاستناد إلى هذا التقرير فيما تطرق إليه وتعين عليه القيام بواجبه ببحث هذه المسألة وتمحيص أدلة الخصوم والموازنة بينها وإعمال حكم القانون عليها.
معيار التمييز بين المسألة الفنية والقانونية:
——————————————–
إذا تطلب الأمر معرفة علمية خاصة لا تتوافر لدى القاضي، فهي مسألة فنية يسمح فيها للخبير بتقديم تقرير لتوضيح الجوانب الفنية التي تعين المحكمة على تكوين عقيدتها
أما أذا كانت المسألة تتعلق بتحليل أو تفسير نص قانوني أو تطبيق القواعد القانونية على الواقعة، فهي مسألة قانونية، وإذا كانت المحكمة قادرة على الفصل فيها بناءً على قواعد القانون العام ودون الحاجة إلى خبرة علمية أو فنية، فهي مسألة قانونية
وفى هذا قضت محكمة النقض بأن ” “المسائل القانونية هي تلك التي تندرج تحت وظيفة القاضي باعتبارها من صميم عمله، أما المسائل الفنية فهي تلك التي تحتاج إلى خبرة علمية أو فنية”
(لطعن رقم 489 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/2/1985)
وقضت المحكمة الإدارية بأن ” “إذا كان الفصل في النزاع يتطلب إجراء فنيًا بحتًا لا تستطيع المحكمة القيام به بنفسها، فإنه يجوز لها ندب خبير متخصص، أما تفسير النصوص القانونية فهو من اختصاص القاضي وحده”.
(لطعن رقم 489 لسنة 52 قضائية – جلسة 28/2/1985)
فأذا كان ما تقدم:
—————
وكان الثابت من خلال محاضر اعمال الخبير والمذكرة التحريرية المقدمة من وكيل المتهم أثناء مباشرة المامؤرية المنتدب لها وحسب الثابت بالتقرير المودع (ص13) مطالبة السيد الخبير فيما ورد بتلك المذكرة بند (سادسا): “أثبات براءة ذمة المتهم وأحقيته فى خصم ضريبة المشتريات وقدرها —- نتاج عدم الاعتداد بالضريبة المخصومة على كامل مبلغ المشتريات خلال فترة النزاع كونه حق مقرر للطاعن بمقتضى القانون لتوافر حدود وأوضاع وشروط الخصم المسوح به للمدعى بصفتة مسجل”
وكان السيد الخبير المنتدب والذى كان أختصاصة للرد ينحصر في مسألة فنية بحتة تتمثل فى: توافر حدود وأوضاع وشروط الخصم من خلال أثبات حد هذا الخصم من واقع قيمة الضريبة المحملة على مشترياتة وقيمة الضريبة المخصومة من واقع أقراراتة، الى جانب أثبات أحتفاظ المسجل وحيازتة لفواتير مشتريات يتوافر لها الشكل القانوني من عدمه، وتقديمه او عدم تقديمة لشهادة من محاسب قانونى تفيد بأحقيتة في خصم الضريبة .
فاذا كان ذلك وكان الثابت بالتقرير المودع وما توصل اليه بالنتيجة النهائية أنه فصل في مسألة:
(قيام الطاعن بصفته مسجل بخصم قيمة الضريبة المستحقة على ما سبق تحميله من هذه الضريبة على مدخلاته المسموح بخصمها قانونا)
ذلك ان السيد الخبير وحسب الثابت بالتقرير (ص13، 14) وبعد أستعراضه للنصوص القانونية المتعلقة بالخصم ذهب الى الفصل في المسالة القانونية المتعلقة بخصم الضريبة المسموح بخصمها على المدخلات والداخلة في أختصاص المحكمة
ذلك ان نظام الخصم الضريبى هو أحد ألأنظمة القانونية التي سمح بها المشرع ضمن النظام القانوني الشامل لفرض وتحصيل ضريبة القيمة المضافة الصادر بالقانون 67 لسنة 2016 وجرى هذا التنظيم والذى من خلاله سمح فيه المشرع للمسجل بخصم قيمة الضريبة المستحقة على ما سبق تحميله من هذه الضريبة على مدخلاته المسموح بخصمها طبقا لاحكام الفقرة الأولى من المادة 22 قانون الضريبة على القيمة المضافة، طبقا للحدود وبالشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية.
والفصل القانوني في بحث هذه المسألة يخلص في الاتي:
————————————————————-
أولا: قيام المتهم بخصم ضريبة مستحقة مسموح بخصمها باعتباره حقا قانونيا قام باستعماله وهو عمل مباح ومشروع سمح قانون الضريبة العامة على المبيعات ومن بعده قانون القيمة المضافة رقم (67) لسنة 2016 بخصم ضريبة القيمة المضافة التى سبق سدادها بواسطة المسجل لدى المصلحة عند شراء السلع والخامات طبقا لنص المادة (22) منه والتي تنص على التالي
” للمسجل عند حساب الضريبة أن يخصم من الضريبة المستحقة على قيمة مبيعاته من السلع والخدمات ما سبق سداده أو حسابه من ضريبة على:
(أ) المردودات من مبيعاته
(ب)وما سبق تحميله أو حسابه من هذه الضريبة على مدخلاته بما فيها الضريبة السابق تحميلها على السلع والخدمات المبيعة بمعرفة المسجل فى كل مرحلة من مراحل توزيعها.
ثانيا: التزام المدعى حدود واحكام الخصم طبقاً للحدود وبالشروط والأوضاع التي حددتها اللائحة التنفيذية وتحقق الشروط كالتالى:
تحقق الشرط الأول: الضريبة المخصومة فى حدود الضريبة المقر عنها بالإقرارات المقدمة وفى حدود الضريبة المبينة بأصول فواتير المشتريات.
تحقق الشرط الثاني: التقدم بجميع الأقرارت الضريبة عن الفترة وفى مواعيدها القانونية وسداد الضريبة المستحقة من واقع هذه الاقرارات كما هو ثابت بمذكرة الفحص.
تحقق الشرط الثالث: الاقرارات المقدمة ثابت بها بيان بالمشتريات الواجب خصمها بكل فترة ضريبية.
تحقق الشرط الرابع: احتفاظ ووجود أصول الفواتير الضريبية بالمشتريات والتي تم الاطلاع عليها من قبل المصلحة كما هو مثبت بمذكرة الفحص.
تحقق الشرط الخامس: فواتير المشتريات تتوافر بها الشروط القانونية المطلوبة للخصم كونها فواتير ضريبية صادرة من مسجل موضح بها اسم المسجل وعنوانه ورقم تسجيله الضريبي ومسلسلة وتحمل تاريخ الاصدار ومبين بها طبيعة التعامل وحجمه وقيمته وفئة الضريبة وسعرها وقيمة الضريبة وموقعة ومختومة بخاتم جهة التعامل.
تحقق الشرط السادس: تقديم شهادة من محاسب قانوني مقيد بجداول المحاسبين تفيد بأحقية الخصم كشرط تم أضافته بموجب قانون القيمة المضافة.
ومن ثم فأن هذه المسألة هي مسألة قانونية بحتة تخرج عن نطاق طلب الخبرة وتعين على المحكمة القيام بواجبها ببحث هذه المسألة وإعمال حكم القانون عليها والقضاء فى ضوء ما تقدم.