الدكتور ابراهيم الفقي و المريض
الدكتور ابراهيم الفقي و المريض
سأحكي لك ما حدث لي مع شخص جائني إلى العيادة ذات يوم . و قال لي : دكتورأتمنى أن أكون سعيدا، أريدك ان تساعدني على أن أصبح سعيدا. فقلت له: أين تسكن ؟ قال أملك فيلا . سألته : هل عندك حديقة؟ فرد علي : نعم.
..ماشاء الله عنده حديقة و فيلا.. فقلت له : أريدك أن تفعل شيئا اجلس في الحديقة ، و لا أريدك أن تفكر أو تركز على أرنب أبيض لمدة أسبوع ، و بعد الأسبوع اتصل بي هاتفيا . و حين تقوم بهذا العمل سأريك كيف تصل إلى السعادة إن شاء الله . فقال لي فقط هذا ما سأفعله؟!!! قلت له: لا تفعل أي شيء سوى أن تجلس في حديقتك ، و لا تفكر في أرنب أبيض ..اطلاقا ، لا أريدك أن تركز عليه ، و لا أريدك أن تفكر فيه ..انتبه لما أقوله لك لا تركز على أرنب أبيض ، في الحالة هاته ستصل لمرحلة أوصلك بها للسعادة بإذن الله . فذهب الرجل إلى منزله و جلس في الحديقة و هو يحاول أن لا يفكر في أرنب أبيض ، حاول ألا يفكر ،.. لايفكر لكنه في النهاية جن ، أصبح يرى أرانب بيضاء في كل مكان ، فكلما أراد ألا يفكر يجد أنه يفكر. كلما حاول ألا يركز يجد أنه يركز ..جن المسكين فهاتفني و طبعا لم أرد عليه قلت له أسبوع بعد ذلك سأقابلك يوم الخميس . الرجل كاد يجن ، يرى أرانب في كل مكان فهاتفني مرة أخرى و قلت له أسبــــــــوع ، سأراك بعد الأسبوع . المهم مر الأسبوع و جائني إلى العيادة و قال لي : دكتور أصبحت الدنيا كلها أرانب ، أنت أرنب ، أولادي أرانب ، سأجن كلما أحاول ألا أركز على الأرانب أفكر في الأرانب . ماذا فعلت بي؟!!فقلت له : سأقول لك ماذا فعلت بك أريدك الآن أن ترجع إلى البيت ، و لا تفكر في السعادة ..فبدأ يضحك و قال لي أنا فهمتك الآن …
فقلت له لأنك ركزت على الألم ، و فكرت في التحديات التي في حياتك ، و دخلت فيها بأحاسيسك ألغيت كل سعادتك ، و بدأت تريد و تبحت عن السعادة من العالم الخارجي . السعادة لن تأتيك من العالم الخارجي إن السعادة بداخلك . و التفكير الإيجابي سيوصلك إلى التركيز الإيجابي ، و التركيز الإيجابي سيذكرك بأشياء إيجابية جدا في حياتك ، و أضفت و قلت له اسمع أريدك أن تقول لي شيئا واحدا فقط ، تجربة واحدة حدثت لك من الماضي مهما كانت بسيطة جدا كنت فيها سعيدا . فاستغرق وقتا طويلا في التفكير ثم قال لي لا أعرف أين؟ فقلت له لنحددها معا في طفولتك هل كانت عندك لحظات سعادة؟ قال لي نعم ، ثم قلت له و أثناء دراستك هل كانت عندك لحظات سعيدة ؟ فقال: الكثير..فقلت له و في العمل ؟قال لي كان فيها الكثير . فتبادلنا أطراف الحديث ، و تدريجيا وجد أن لديه مواقف سعادة كثيرة فقال لي : لم أفكر هكذا..ماهو السبب؟
لأنه فكر في شيء يضايقه ، و عندما فكر بتلك الطريقة وصلت إلى أحاسيسه و اتسعت وانتشرت ، وتكررت أكثر من مرة ، فخزنت داخل العقل الباطن و أصبحت تخرج تلقائيا مثل بقية الاشياء التي نقوم بها في حياتنا . فأكثر من 90 % من سلوكياتنا تلقائية نقوم بها من دون أن نفكر ، تقوم بأي شيء دون أن تفكر ، تأكل من دون أن تفكر ، تنام من دون أن تفكر ، تنفعل من دون أن تفكر . كل شيء تقوم به من دون أن تفكر ، لهذا عندما تصل إلى الإدراك ، فإنه يجعلك تفكر ، و عندما تفكر تقرر أنك تقوم بتغيير في حياتك . فالرجل الذي تحدثتنا عنه سابقا لأنه ركز على أشياء سلبية و تعممت بالنسبة له ، وصلت به إلى مرحلة من التعاسة ..
فإنتبه إلى ما تركز عليه ..هل هو سلبي أم إيجابي؟
منقول