فإن للمرأة حق التصرف المطلق في مالها: تبرعاً أو معاوضة، ما لم يقم بها مانع من جنون أو سفه أو حكم حاكم بإفلاسٍ، إذ هي كالرجل في هذا
الباب، وليس لزوجها منعها من أي تصرف في مالها، هذا هو رأي أبي حنيفة والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، لعموم قوله تعالى (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) [النساء:6]. فمن وجب دفع ماله إليه لرشده، جاز له التصرف فيه من غير إذن أي أحد.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن” وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل، وأتته زينب امرأة عبد الله بن مسعود وامرأة أخرى زينب، فسألنه عن الصدقة هل يجزئهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن؟ فقال: “نعم” ولم يذكر لهن هذا الشرط.
وذهب الإمام مالك والإمام أحمد في الرواية الأخرى عنه إلى أن المرأة ليس لها التبرع بما زاد على الثلث من مالها، محتجين بأحاديث قال أهل العلم بالحديث إنها ضعيفة لا تصلح للاحتجاج، منها: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة خطبها: ” لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها” رواه أبو داود وغيره. وقالوا: إن حق الزوج متعلق بمالها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها” والعادة أن الرجل يزيد في مهر المرأة من أجل مالها، ويتبسط فيه وينتفع به، ولكن القول الأول هو الراجح، مع أن الأحوط للمرأة العمل بالقول الأخير لأنه يهدف إلى صيانة العشرة بين الزوجين ودوام استمرارية الحياة الزوجية وسعادتها، لما فيه من استطابة نفس الزوج، وكل ذلك أمر يرغب فيه الشارع وينظر إليه كثيراً.
والله تعالى أعلم.