الرقابة-المالية-الاستراتيجية-بين-إدارة-المخاطر-واقتصاديات-المعرفة-من-منظور-الأداء-المتوازن
الرقابة المالية الإستراتيجية
بين إدارة المخاطر واقتصاديات المعرفة
من منظور الأداء المتوازن
إعداد الأستاذ الدكتور
حسين مصطفى هلالي
– الأستاذ بكلية التجارة جامعة قناة السويس ببورسعيد – جمهورية مصر العربية
تقديم:
ظهر مفهوم قياس الأداء المتوازن أول ما ظهر في عام 1992 باعتباره أداة استراتيجية في المنظمات على يد كل من Kaplan and Norton ليصبح مدخلا غير تفكيري لقياس أداء المنظمات وكيف يمكن لها من تحقيق أهدافها ورسالتها بصورة جديدة غير تقليدية.
ومنذ ذلك الحين قامت شركات كثيرة باختبار الأفكار المجسدة في المفهوم. وقد تفاوتت هذه الأفكار من حيث مضمونها واتخذت أشكالا متباينة في المنشآت المختلفة. ولا يوجد شيء جديد أو مبتكر في الفكرة الأساسية الخاصة بمدمج عدد من المقاييس في صورة وصف مدمج محكم لوحدة عمل ما ، إلا أن التجارب أفرزت مداخل جديدة مفيدة للرقابة الإدارية بالشركات ، وهذا يصعب التعبير عنها من خلال وصف موجز لقياس الأداء المتوازن ، وذلك لأنها تتصل بالمقاييس ذاتها بدرجة أقل من اتصالها بكيفية استخدامها وترتبط المداخل والمناهج الجديدة بـ:
* إكساب الرقابة الإدارية بعدا استراتيجيا.
* توصيل صورة واضحة لكل فرد عن الغرض من عمله.
* مناقشة كيف ستثمر جهود المنظمة في سبيل تطوير القدرات وعلاقات العملاء وتكنولوجيا الشركة ، وذلك كعنصر مكمل المعلوماتوتؤتى ثمارها في المستقبل.
* خلق فرص للتعلم عن طريق إجراء قياس منظم بدرجة أكبر للعوامل المهمة لتحقيق النجاح واستخدام هذه البيانات في عقد مناقشة مستمرة بشأن المنظمة وما ستقوم به من أعمال فى المستقبل.
* إرساء قواعد أكثر انتظاما ومصداقية تثبت بما لايدع مجالا للشك لحقيقة أن كثيرا من الأشياء التى تبدو فى واقعها ضخامة احداثها وثقلها أنها هى العامل الوحيد الأكثر أهمية التى تؤدي الى التأثير على تحقيق الايرادات المنشودة والمخطط لها , أو تلك التكاليف التى أمكن ترشيدها أوتلك التكاليف التى أمكن ترشيدها أو توفيرها.
إن المصطلح النهائي لقياس الأداء المتوازن هو في رأينا خلق منشأة معتمدة على التعلم ، فالغرض من الوصف الوارد في المقاييس هو إعطاء صورة للمنشأة تتسم بأنها أكثر شمولا وذات مغزى بدرجة أكبر وتلائم المناقشات التى ينبغي أن يشارك فيها عدد متنام من موظفي الشركة.
صورة كاملة شاملة:
كيف تنسجم عملياتنا مع الصورة الكلية ؟ هل يمكن أن أفهم لماذا نؤدي الأشياء بالصورة التى نؤديها بها وهل لذلك معنى منطقي معقول.
رؤية طويلة المدى:
يتم إنفاق المزيد والمزيد من وقتنا على الاستعداد للمستقبل وبناء القدرات والعلاقات استثمار له نتائج وآثار تصعب رؤيتها في كثير من الأحيان كيف يمكننا أن نقنع أنفسنا بأن ما نفعله هو الصواب وبأن الآخرين في الشركة يبذلون قصارى جهدهم استعدادا لمستقبلنا المشترك ؟
الخبرة:
كيف نستفيد مما لا نتعلمه ؟ إن كثيرا من موظفي الشركات يتعاملون اليوم مع العملاء بصورة مباشرة ، ويقومون باكتشافات أثناء أدائهم لعملهم ويقيمون علاقات مع الشركات والوكالات الرسمية الأخرى فكيف يمكننا أن نستفيد من المعرفة التى نكتسبها بهذه الطريق ؟
المرونة:
إن من الضروري دمج بؤرة التركيز طويلة المدى والطموح للتعلم من الخبرة مع ردود فعل مرنة تجاه بيئة سريعة التغير.
الإطار العام للبحث:
انطلاقا من المفهوم السابق المبدئي لأدوات قياسات الأداء المتوازن وكيف يمكن له أن يكسب الرقابة الإدارية والمالية بعدا جديدا من منظور استراتيجي جديد وخلال استشراف المستقبل فإننا سنتناول مناقشة معضلةالبحث من خلال الفصول التالية:
الفصل الأول: التأطير النظرى والمفاهيمى :
المبحث الأول: التحول نحو مجتمع المعلومات والمعرفة.
المبحث الثاني: لماذا قياس الأداء المتوازن.
الفصل الثاني: قياس الأداء المتوازن ” الرقابة الإستراتيجية “.
المبحث الثالث: إدارة المخاطر: ونماذج قياس الأداء الموازن “.
الفصل الأول
التأطير المفاهيمي
المبحث الأول
التحول نحو مجتمع المعلومات والمعرفة
أولا: مقدمة:
يعتبر مجتمع المعلومات نظاما اقتصاديا واجتماعيا ، تشكل المعرفة والمعلومات مصدرا أساسيا فيه. الأمر الذي دفع البعض إلى تقسيم العالم – على أساس المعرفة – إلى مجتمع للمعرفة ومبتكرها ، ومجتمع مستهلك لهذا المنتج المعرفي.
والاهتمام بالمعلومات ليست ظاهرة جديدة ، وإنما اقتربت هذه الظاهرة بالبداية الأولى لخلق الإنسان ، عندما أصبح وجوده معتمدا عليها، فهو بحاجة إلى معرفة المعلومات المتعلقة بمكامن وجود الحيوانات المفترسة وهو بحاجة إلى المعلومات المتعلقة بالأعشاب والحشائش التى مصدر قوته وقد أدى هذا التراكم في المعلومات لدى الإنسان إلى إحداث نقلة كبيرة في تطوره وتقدمه.
وقد أخذ الاهتمام بالمعلومات يتصاعد مع تصاعد حركة التقدم البشري في مجالات الحياة المختلفة ، العليمة والصناعية والعمرانية .. الخ. وازدادت الحاجة لها بشكل كبير بعد الثورة الصناعية ، بسبب ما رافقها من تطورات هائلة في مختلف المجالات والميادين فمنذ تسعينيات القرن الماضي يشهد العالم مناقشات خصبة وجادة حول الطريقة الأمثل للتعامل مع ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ، خاصة وأن التطورات الجارية تبشر بمستقبل جديد على مستوى الإنجاز المادي والتقدم التكنولوجي، ومراكز البث الإلكتروني ، وبرامج التنفيذ في مجالات الإدارة والعمل الوظيفي وكان من نتيجة تلك التطورات أن انتشرت مصطلحات جديدة ” مجتمع المعرفة ” و ” مجتمع المعلومات ” و ” مجتمع الاستهلاك ” و ” ما بعد الحداثة ” و ” ما بعد المجتمع الصناعي” وعلى هذا الأساس أصبحت المعلومات تمتلك الأثر الكبر في مجمل حياتنا المعاصرة(1).
وكانت نتيجة هذه التطورات أن أفضت الثورة المعرفية إلى مجتمع المعرفة الذي أصبح يعتمد – أساسا – على المعارف كثروة أساسية ، أى على خبرة الموارد البشرية وكفاءتها ومعارفها ومهاراتها كأساس للتنمية البشرية الشاملة. أي أن من هذه الموارد المعرفية يمكن إنتاج الكسب واستغلال الطاقات الإنتاجية بصفة أفضل من ذي قبل.
من هذا المنطلق ، أرسى اقرن الحادي والعشرين مفاهيم جديدة لمجتمع المعلوماتية ، واقتصاد المعرفة ، بوصفها الأساس الجديد الذي ترتكز إليه البنية الاقتصادية العالمية ، بعد أن أضحت تقنيات المعلوماتية – بشتى مستوياتها – النموذج المثالي في إدارة ومعالجة بيانات الأنشطة الصناعية والزراعية ، وتذليل العقبات التقنية التى تعترض تطبيقها على أرض الواقع(2).
ثانيا: التحولات من المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات المعرفة :
يتجه العالم نحو اقتصاد المعرفة. وتعتبر التكنولوجيات من المعارف الأساسية في هذا الاقتصاد وتدل المؤشرات على أن نسبة صادرات المعرفة تزداد في صادرات الدول المتقدمة ، وتصل هذه النسبة لدى بعض الدول إلى 30% ، كما أن قيمة المعرفة في السلع والخدمات في ازدياد مستمر بالمقارنة مع قيمة المواد الأولية والعمالة الداخلة في إنتاج هذه السلع والخدمات.
يزداد تركيز توليد التكنولوجيا في عدد قليل من الدول ، وضمن عدد قليل من شركات القطاع الخاص. وتزيد من هذه الظاهرة عمليات التحالف الاستراتيجية التى تقوم بها الشركات الكبرى في مختلف فعاليات الصناعات والخدمات المعتمدة على التكنولوجيا المتقدمة.
تتجه نظم المعرفة العالمية نحو الانغلاق ونحو إحاطة التكنولوجيا بالسرية وبالحماية ويزداد نشاط حكومات الدول المتقدمة لدعم شركاتها المالكة للتكنولوجيا لكي تحافظ على حقوق ملكيتها الفكرية ومساعدتها في تطبيق هذه المحافظة عالميا. حتى أننا نشهد في بعض الحالات نوعا من التعصب التكنولوجي Technoationalism و Protectionsim في تكنولوجيات الفضاء والطاقة والتكنولوجيا الحيوية وغيرها.
تتعاظم قيمة المعرفة في السلع والخدمات وبالتالي تتناقص نسبيا قيمة المواد الأولية واليد العاملة ، وهذا يؤدي تدريجيا إلى انخفاض الميزات النسبية (أو التفاضلية) Comparative Advantages للدول النامية ومنها العربية ، أي انخفاض نسبي لأسعار المواد الخام وكلفة اليد العاملة والأرض ، بالمقارنة مع المعرفة والتكنولوجيا.
* إن مجتمع المعلومات هو مجتمع شامل يتمكن فيه جميع الأشخاص ، بدون تمييز من أي نوع كان ، من إنشاء المعلومات والمعارف وتلقيها ، وتقاسمها ، والاستفادة منها بأي وسيلة من الوسائل دون اعتبار للحدود الجغرافية. إن مجتمع المعلومات عبارة عن بيئة تسمح بنشر المعلومات والمعارف كما تسمح لجميع قطاعات المجتمع باستغلالها في تنميتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية(3).
إن مجتمع المعلومات يمثل شكلا جديدا ومرحلة أعلى من مراحل التنظيم الاجتماعي تتضافر فيه شبكات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة ، ويمكن فيه تحقيق النفاذ المنصف والواسع إلى المعلومات ، ويتوافر فيه المحتوى الملائم في نسق يمكن النفاذ إليه ، كما يجب أن تتوافر فيه سبل الاتصال الفعالة التى تساعد الشعوب على تحقيق إمكاناتها الكاملة ، وتعزيز التنمية المستدامة.
إن توفير المعرفة وتحويلها إلى معلومات جعل من تكنولوجيا المعلومات IT أداة هائلة في وضع المعرفة في متناول العالم ، خاصة وأن شبكات المعلومات مثل الإنترنت وغيرها تجعل المسافات قصيرة والزمن مختصرا والتكلفة بسيطة والتداول سهلا. ومن ثم أصبحت المعرفة متاحة كمعلومات على شكل كتب ومجلات وأوراق عمل ومراجع وفهارس وصور وصوت وأفلام ورسومات ، إضافة لتسهيل نقلها عبر الشبكات الرقمية العالمية ، الأمر الذي جعلها أداة للتنمية الاقتصادية والثقافية والأمنية(4).
ثالثا: العولمة وتحديات مجتمع المعلومات:
لقد أثرت المتغيرات التى صاحبت العولمة على مفهوم المعرفة ونطاق تطبيقها كما أثارت تلك المتغيرات تحديات معرفية عديدة طالت مختلف دول العالم ، وطرحت نفسها بأشكال مختلفة على تلك الدول. وكان لتلك التحديات مصادرها الداخلية والخارجية ، التى أثارت بدورها الحاجة إلى رصدها وتحليل مدى تأثيرها على المجتمع وبشكل عام ، يمكن القول إن هناك علاقة طردية محتملة بين المتغيرات التى صاحبت العولمة وتنامي الاهتمام بالمعرفة. كما يمكن القول أيضا أن هناك علاقة عكسية بين قدرة الدول العربية في تحقيق التقدم المعرفي ومدى تأثرها بمتغيرات العولمة(5).
فلا مفر من التعامل مع متغيرات الاقتصاد العالمي الجديد ، الذي يتجه تنحو فتح الحدود الاقتصادية أمام الاستثمارات في أنحاء العالم كله. وهذا التعامل يحمل معه أخطارا عديدة وخاصة بالنسبة إلى البلدان النامية. فهناك خطر الغزو الاقتصادي والتهميش ، ولابد من السعي إلى تقليص آثار هذه الأخطار ، وأن يكون التعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي حذرا.
وتتضمن العولمة بعدين رئيسيين، الأول هو الامتداد إلى كل أنحاء العالم ، والثاني هو تعمق العمليات الكونية. غير أن أهم ما يتضمنه مفهوم العولمة هو عولمة الإنتاج والتبادل والتحديث في ظل تنامي الابتكارات التكنولوجية والمنافسة بين القوى العظمى. وقد برز مفهوم العولمة في البداية في مجال الاقتصاد ، وكنتاج للثورة العلمية والتكنولوجية ، التى مثلت نقلة جديدة لتطور الرأسمالية العالمية في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية التى ميزت القرنين السابقين(6).
لكن العولمة اليوم نظام اقتصادي بالدرجة الأولى قبل أن تكون نظاما سياسيا ، وهو نظام معتمد أولا وقبل كل شيء على ثورتي المعلومات والاتصالات. وقد يقال إن للعولمة بعض المظاهر الأخرى كالعولمة الإعلامية التى تحققت عبر الفضائيات والأقمار الصناعية والتبادل الثقافي الذي أصبح تبادلا باتجاه واحدا ، وهو أقرب إلى الغزو الثقافي منه إلى حوار الثقافات ولكن ذلك كله ليس سوى أحد مظاهر العولمة ومن نتاجها أن نلمح أهم سمات العولمة في الأبعاد التالية (7):
من التمركز إلى التبعثر:
اتسم التوجه العام لاقتصاد الثورة الصناعية وحتى السبعينيات بالاتجاه نحو تركيز أكثر لرأس المال بيد شركات ضخمة تحتكر كل شيء وتفرض ما تشاء على الأسواق ، وكانت قوتها لا تعتمد فقط على احتكار المال والتكنولوجيا بل وقبل ذلك على احتكار المعلومات التى كانت تجمعها بوسائلها الخاصة لتشكل أحد مظاهر ومنابع قوتها المتنامية. أما في عصرنا فقد أتاحت تكنولوجيا المعلومات حق الاطلاع للجميع وبدأت سلطة الشركات المركزية الصناعية الكبرى تتهاوى لصالح شركات التجزئة التى اعتمدت على قوة المعلومات التى تعالجها في قواعد المعطيات الضخمة مما جعلها تفرض شروطها في النهاية على الشركات الاحتكارية.
من النمطية إلى التنوع:
كانت الاحتكارات الضخمة في الستينيات من القرن العشرين تنتج أعداد هائلة من المنتجات ذات نمط موحد ، وكان توزيع هذه المنتجات الموحدة يتم عبر شركات توزيع ضخمة وقوية ، أو عبر أقسام التوزيع في الشركات الاحتكارية نفسها ، مما كان يفرض هذه النماذج على الأسواق القومية والعالمية. إلا أن الاتجاه اليوم انقلب تماما وأخذ مسارا معاكسا للإنتاج الضخم وخطوط الإنتاج الكثيفة ، أصبح هاجس الشركات اليوم الوصول إلى أكبر تنوع ممكن من المنتجات المطروحة في السوق ، وبالتالي لا يمكن طرح أعداد كبيرة جدا من هذه المنتجات المتنوعة. وسيطرة هذا الاتجاه نابعة أساسا من التبدلات السريعة التى تتميز بها منتجات تكنولوجيا المعلومات التى تسجل تبدلات جوهرية كل ثانية.
من الانغلاق إلى الانفتاح:
كانت شركات الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين تسعى نحو الانغلاق ، أى نحو إنتاج كل شيء ضمن أقسام الشركة بما في ذلك توزيع المنتج وتسويقه في حين يتميز اقتصاد العالم اليوم بقدراته على صنع السيارة أو الحاسوب أو أية آلة أخرى في أربعة بلدان مختلفة ، ثم يمكن أن تجمع أجزاؤها في بلد خامس ، حيث أن المنتج بشكله النهائي سيكون نتاج تعاون خمس شركات أو أكثر ضمن إطار شراكة تتخطى الحدود وتتخطى العقلية المركزية الضيقة.
وعلى الجانب المعلوماتي الاتصالي ، وهو جانب شديد الأهمية بالغ الأثر تتدافع وتتزاحم من خلاله تيارات العولمة واتجاهاتها المختلفة ، نجد أن هناك فواعل وعوامل رئيسية ذات قوة تأثيرية هائلة تدعم العولمة ، وأهمها:
– شبكة الإنترنت ، والتى تمارس دورها الرئيسي في توحيد العالم ، وزيادة ترابطه واتصاله.
– التجارة الإلكترونية ، والتى يبلغ حجمها السنوي حاليا ما يزيد عن 101.9 مليار دولار ، واستطاعت جذب مئات الملايين إليها.
– المنظمات غير الحكومية ، والتى أصبح لها دورها المهم في إعادة تشكيل التوجه الاجتماعي وخلق رأي عام مستنير تجاه القضايا العالمية.
– شبكة الاتصالات العالمية ، قد أتاح التطور المتصاعد في تقنية الاتصالات وتطور أنظمة الشبكات والدوائر الفائقة التقدم واستخدام أنظمة الهواتف النقالة والاتصالات الخلوية بالأقمار الصناعية مباشرة ، قدرة هائلة على جعل سكان العالم باختلاف أماكنهم مرتبطين ببعضهم البعض(7).
المبحث الثاني
لماذا قياس الأداء المتوازن
أولا: وصف العناصر الأساسية لما نفعله:
تمثل المسئولية والثقة كلمتي سر في المنظمات المعاصرة ، ولكن ما الذي يتولى المدير المسئولية عنه ؟ لقد ظللنا عقودا طويلة نتحدث عن ” المسئولية اللامركزية عن الأرباح ” ، وعادة ما نقيس النتائج بمعايير نقدية ، وحتى قوائم الدخل التى نعدها عن وحدات وإدارات عمل معينة تماثل في تصميمها قائمة دخل الشركة هل هذا كاف ؟ هل الدخل الرئيسي والرصيد للمنظمة هو تحقيق أرباح وعائد على الاستثمار ؟ في كثير من الأحوال لا يكون هذا هو المطلوب ، والمديرون التنفيذيون العاقلون يعملون أن على منظمتهم أن تطور القدرات التى ستحتاجها لكى تزدهر في المستقبل ، إلا أن ذلك لن يحقق أرباحا في السنة الجارية ، بل تكاليف فقط.
وهنا يكمن في اعتقادنا السبب الجوهري في حاجة المنظمات إلى قياس المتوازن ، وتبدو هذه الحاجة أكثر وضوحا بالنسبة لكثير من المنظمات التى لا تتخذ من الربح هدفا لها ، ومنها الوكالات الحكومية ووحدات العاملين الداخلية في الصناعة وغيرها. إن علينا أن نفعل المزيد لنصف ما نتوقعه من وحدة ما وإلى مدى يجرى الوفاء بتوقعاتنا بشكل جيد.
ربما كانت هذه المسألة أقل إلحاحا في الماضي ، فقد كان التركيز على المبيعات والإنتاج منصبا في الأساس على المدى القصير ، وكان التخطيط للمستقبل شيئا تقوم به المنظمات في إدارات التطوير بها ومن خلال متطلبات الاعتراف بالمصروفات الرأسمالية.
واليوم لم نعد نعتبر هذا المنهج كافيا ، فالتخطيط للمستقبل يتعلق بالاستثمار في القدرات وإقامة علاقات مع العملاء وإنشاء قواعد بيانات ، ويتم أداء جانب كبير من هذا العمل في مواقع أخرى بالمنشأة غير المقر الرئيسي ، ومن ثم فهناك احتمال أن تتعارض أهداف الربح مع القدرات طويلة المدى.
إن استخدام معايير غير نقدية لشرح ما تفعله ليس بالشيء الجديد إذ تستخدم أنواع متنوعة ووفيرة من النسب التخطيطية الأساسية Key ratios في مجال منظمات الأعمال والقطاع العام ، لكن الفرق يكمن في التركيز بشكل مقصود ومدروس على مجموعة مختارة من المقاييس – عدد قليل يسمح بتتبعها – وفي استخدامها للتحقيق وتوصيل رؤية مشتركة لاستراتيجية المنشأة من أجل تطويرها في المستقبل. ومثلما يبدو من المصطلح ، فإن القياس أداء معاونة على إيجاد ” توازن ” بين عوامل مختلفة تلتزم دراستها وأخذها في الاعتبار ، ويعكس التوازن هنا اختيارات المنظمة الاستراتيجية.
إننا نعتبر المقاييس المختارة مكملة للضوابط المالية ، ووسيلة لخفض خطر الأخذ بمنهج ضار قصير المدى مع إكساب موظفي المنشأة في الوقت ذاته وعيا أكبر بمعنى عملهم وبالافتراضات الأساسية المتصلة بالمستقبل وبالمنظمة ويشير البعض إلى تغيير المنهج من رقابة اقتصادية إلى رقابة استراتيجية ، بيد أن المسألة تتصل في حقيقة الأمر بالاقتصاد بمعنى أعمق من المعنى النقدي المستخدم ، فالاقتصاد الجيد يعني إدارة جيدة للموارد ، ولقد تغير مفهوم المنظمات اليوم أكثر بكثير من مجرد استثمار في رأس مال نقدي ، بل تعدى الأمر إلى مناقشة مسائل جديدة لا تقل عن ذلك أهمية مثل مسألة كيف ندير المواهب والمركز السوقي والمعرفة التراكمية.
ثانيا: مفهوم قياس الأداء المتوازن:
يرجع الفضل إلى تبني مفهوم قياس الأداء المتوازن إلى مقال لروبرت س. كابلان وديفيد ب. نورتون نشر في العدد الول مجلة هارفارد بيزنس ريفيو Harvard Business Review عام 1992 ويستهدف قياس الأداء المتوازن من خلال النظر لمنظمة ما من خلال أربع زوايا حيوية (شكل 1) حيث يتم ربط التحكم التشغيلي قصير المدى برؤية واستراتيجية المنظمة طويلة المدى ، وبهذه الطريقة تركز المنظمة على بضع نسب رئيسية حاكمة في مجالات مستهدفة ذات مغزى.
وبعبارة أخرى فإن المنظمات تسعى للمراقبة والتحليل والدراسة والتحكم في العمليات العادية التقليدية اليومية على اعتبار أنها تؤثر في النمو والتطور في المستقبل ولذا فإن مفهوم قياس الأداء المتوازن يقوم على ثلاثة أبعاد زمنية: الأمس واليوم وغد ، فما نفعله اليوم من أجل الغد قد لا يكون له تأثير مالي ملحوظ حتى حلول بعد غد ، وبذلك الغد قد لا يكون له تأثير مالي ملحوظ حتى حلول بعد غد ، وبذلك تتسع بؤرة تركيز المنظمة ، ويصبح من المجدي والعملي مراقبة النسبة التحليلية الرئيسية غير المالية بصورة متواصلة.
إن النسبة التحليلية الرئيسية Key ratios أو المقاييس غير المالية ليست بالشيء الجديد ويزخر الأدب الإداري والاقتصادي بمفاهيم معرفية ثابتة وبمعايير لا يمكن تجاهلها تؤهل المنظمة إلى الوصول بالأرباح النقدية إلى المستويات المثلى ، كما أن عملية استخدام مقاييس غير مالية لرصد سير وتقدم المنظمة وأعمالها ليست شيئا جديدا أيضا ، إلا أن أسلوب الإدارة في كثير من المنظمات أثناء فترة الثمانينيات ارتكز على لا مركزية المسئولية عن الأرباح وتقسيم المنشأة داخليا إلى عدد من الوحدات المنفصلة ، ولم تجرب هذه الوصفة في المؤسسات الكبيرة فقط وإنما – وهذا ما يدعو للدهشة – في الشركات الأصغر حجما أيضا في أحيان كثيرة ، والآن ونحن في أوائل القرن الواحد والعشرين نرى أنه قد حان الوقت للبحث عن بدائل جديدة تتفق ومتطلبات العصر الجديد (انظر المبحث الأول).
منذ عام 1992 ، اتسع نطاق الاهتمام بمقاييس الأداء المتوازن ، وقد أثبتت التجارب الواقعية أن المفهوم يلقى تجاوبا من جانب عدد كبير من المديرين التنفيذيين ، وخاصة رجال الإدارة الوسطى ، فقد سهل عليهم رؤية عملياتهم من منظور قياس الأداء المتوازن كعنصر موازنة بين مصالح هامة مختلفة أما عند المستويات العليا من الإدارة فقد واجه اقتراح استخدام النسب الرئيسية والمقاييس غير المالية في التحكم والرقابة معارضة شديدة بين مؤيد ومعارض من منظور تعارض أهداف مقاييس الربحية البادية في ظاهرها وكونها أكثر فعالية وعملية ، ولذا فإن على المنظمات أن تتروى وتتأنى فيما تريده من قياس الأداء المتوازن بحيث تتلاشى الوقوع في الفخاخ التى يمكن أن تصادفها بمبدأ اتباع هذه المقاييس الجديدة.
ثالثا: مقاييس النتائج أم دوافع الأداء ؟
عند قيامنا بوصف مضامين الأداء المتوازن ، يتم دمج مقاييس النتائج مع المقاييس الوصفية أو الكمية التى تصنف الموارد المستخدمة أو الأنشطة المؤداة ومن ناحية المبدأ نشاهد مقاييس النتائج في الجزء العلوي ومع ذلك فقد ترغب المنظمة في قياس نتائج مشروع تطوير نشاط ما من خلال منظور أو مجال رؤية Perspective “التعلم والنمو” في المقياس ، وربما قد ينظر لذلك باعتباره كمدخل للتسويق أو الإنتاج – أي ” عمليات داخلية ” ومن هنا نستطيع أن نؤكد ونميز ” دوافع الأداء Performance drivers ” حيث ستقودنا التجربة إلى التأكيد على أننا نريد أن نقيس تلك العوامل التى ستحدد نتائجنا المستقبلية أو تؤثر فيها.
من الناحية التقليدية ، فإن الرقابة الإدارية بمفهومها الشامل تركز على تحقيق رقابة استراتيجية اللامركزية مما يعني أنها تركز في الأساس على النتائج. وفي الشكل رقم (2) نحاول استخدام نموذج مدخلات – مخرجات تقليديا لتوضيح الكيفية التى يمكن بها وضع الأهداف والمقاييس على طول سلسلة سببية ممتدة بداية من تدفق الموارد إلى التأثيرات الحادثة ، ونقصد بالتأثير فعل شيء ما بآخر أو نوعا ما من النتائج ” أرباح أعلى بالقوائم المالية ، سمعة أفضل ، أو تقلص تأثير بيئي على سبيل المثال ” ويؤثر العديد من هذه التأثيرات بدوره على عمليات المنظمة المستقبلية ، فتحول تدفق الموارد ؟؟؟؟؟ تدافق عمليات فترة تالية. وتبدو هذه العلاقة أوضح ما تكون في حالة النتائج الداخلية ” تعلم جديد ، عمليات محسنة ، كمية أكبر من البيانات المسجلة عن العملاء “.
وبوجه عام يكون من الأفضل أن نمارس القياس عند الجزء الأيسر من الشكل ، فنحن لا نعلم ما إذا كنا خططنا بذكاء مدخل تدفق الموارد أو ما إذا كانت هناك عملية مخططة جيدا ناجحة فعلا إلا عندما نشاهد التأثيرات ، ولكن يحدث في أحيان كثيرة ألا تكون التأثيرات التى نسعى وراءها ظاهرة بشكل فوري أو واضح. علاوة على ذلك ، قد يدعى الأفراد المسئولون عن عملية ما على نحو يمكن تبريره أن أدائهم ينبغي أن يراقب ويحكم عليه على أساس الكيفية التى تدار بها العملية أو حتى على أساس ، وإلى أي مدى تدار بشكل اقتصادي وتقع المسئولية عما إذا كانت عملية ما تنتج التأثيرات المرغوبة أما لا على عاتق المديرين التنفيذيين الذين قرروا إنشاء العملية وينبغي أن تصف المقاييس عندئذ العمليات أو حتى المدخلات.
شكل (2) نموذج مدخلات – مخرجات
التأثير على ظروف التشغيل بالشركة
ولذلك كثيرا ما توجد في الواقع العملي أسباب تدعو لممارسة الرقابة الإدارية من خلال المقاييس الموجودة يمين الشكل ، وفي بعض الأحيان تعمل هذه المقاييس بمثابة ” مقاييس بديلة ” لظروف أقرب إلى التأثيرات الفعلية ، فنحن نعتقد أن العملاء الشاعرين بالرضا يكون لديهم ولاء ولكننا غير متأكدين من ذلك على وجه اليقين. ونحن نعتقد أن أداء الخدمة في الوقت المناسب يعني أن هناك عملاء راضين ولكننا لا نعلم على وجه الدقة طبيعة العلاقة أو على الأقل سنحتاج إلى فترة معينة من الملاحظة جاز لنا أن نشير إلى المقاييس الموجودة يمين الشكل باسم دوافع الأداء ، ومن خلال فهمها والعمل على إدارتها بصورة جيدة ، يمكننا أن نحسن الأداء على نحو يؤدي بمرور الوقت إلى تحقق نتائج وتأثيرات أفضل.
إن الرقابة الإدارية التى تركز فقط على تحقيق الربح اللامركزي القصير الأجل ستفشل في تقديم جزء كبير من هذه الصورة الأشمل والأدعم للعملية فالربح وإن كان مقياسا جيدا ، إلا أنه لا يقول لنا ما يكفي عن الأسلوب الذي تدار به عملية ما ، إلا إذا كانت العملية قائمة على شكل ما من أشكال الهوية التى يتم ترسيخها بمرور الوقت ويكون القصد من ورائها أن تبقى وتدوم لفترة زمنية أطول.
إن قياسات الأداء المتوازن الجيدة تجمع بين مقاييس النتائج التى يمثل الربح أحدها فقط ودوافع الأداء ، ويصعب في كثير من الأحيان رسم خط بين الاثنين ، فالنوعان مترابطان في سلسلة من الغايات والوسائل فبالنسبة للأفراد المسئولين عن النواحي اللوجيسيتة ، يمثل زمن التسليم نتيجة ، أما من منظور علاقات العملاء فربما يعتبر ذلك واحدا من دوافع الأداء العديدة التى يمكنها أن تحسن ولاء العميل. ونحن نرى أن القياسات ستوضح أيضا بدرجة كبيرة متزايدة كيف ترتكز أعمالنا على افتراضات بشأن الروابط والصلات بين المقاييس المختلفة ، وتستخدم هذه الافتراضات بدورها في تبرير أسلوبنا في أداء عملنا.
رابعا: امتلاك البصيرة والمرونة معا:
لقد أوضحنا في المبحث الأول من الفصل كيف تحول المجتمع من مجتمع تقليديا إلى مجتمع المعرفة فالتكنولوجيا تؤثر على حياتنا اليومية إلى حد يفوق ما كان يمكن أن نتخيله قبل بضع سنوات فقط ، وسوف تشتت الأسواق عندما يدرك العملاء كيف يمكنهم إشباع مطالبهم الفردية ، ويخلق هذا التطور تحديا أمام قدرة المنظمة على التكيف ، ويفرض عليها تطويع الاتصال بالعملاء بشكل يلائم فعليا كل فرد فيهم ، وينطلق هذا المطلب ليس فقط على المنظمات التى تبيع لمنظمات أخرى بل أيضا على ما يسمى بالسوق الكبيرة Mass Market وقياس سرعة الاتصالات يغذى تنامي توقعات العملاء بأن المنتجات ستكون ملائمة خصيصا لاحتياجاتهم بل وربما بما تتوافق مع ميول كل فرد ووفق احتياجاته الخاصة.
إن جدوى تطبيق تلك المتطلبات يمكن تنفيذها ، ولكن ينبغي ألا نخلص من ذلك إلى أن بإمكاننا أن نتحاشى التخطيط ونكتفي بإبداء ردود فعل دفاعية ، فالتسويق المكيف أو المطوع فرديا والقائم على العلاقات يفترض مسبقا أننا اكتسبنا القدرة على الإدارة العملاء والمنتجات تبعا لذلك فلا توجد وصفات قياسية ولا حلول جاهزة يمكننا أن نشتريها عند الحاجة بل ستكون العوامل الحاسمة – بدرجة متزايدة – هي نظم المعلومات وكفاءة الموظفين وقدراتهم ، وبالطبع رأس مالنا من الشهرة التجارية الذى كوناه من خلال علاقاتنا بعملائنا.
إن كل هذه المتطلبات تستلزم وجود مؤسسات ديناميكية بها درجة مرتفعة من استقلالية العاملين ، والرقابة المالية التقليدية لا تصلح لمثل هذه البيئة ، فالمعلومات التى تنتجها لا تكون فقط قديمة وغير دقيقة إلى الحد الذي لا يمكنها معه أن تكون أساسا لاتخاذ قرارات حول اتجاهات العاملين إلى أهداف وحوافز غير الأهداف والحوافز المعتادة القائمة على الربح وعائد الاستثمار والمصممة على نمط قوائم الدخل المستخدمة في المحاسبة المالية. إن هناك حاجة إلى مرشدين آخرين يأخذون بيد المنظمة ويدلونها على الطريق الذي ينبغي عليها أن تسلكه تماشيا مع رؤيتها أو مفهومها الشامل للعمل.
إن المنظمة ككل يجب أن تعي وتفهم استراتيجيات وقواعد اللعبة العامة ، وهذه بدورها ينبغي أن تستند على إجماع حول الأولويات الضرورية ولهذه الأسباب نحن نعتقد أن لقياس الأداء المتوازن دورا هاما ، فالمفهوم أداة معاونة في العملية الجوهرية المتمثلة في الوصول إلى رؤية مشتركة لبيئة العمل والمنظمة ، كما أنه يوفر أيضا أساسا جديدا للرقابة الاستراتيجية.
الفصل الثاني
قياس الأداء المتوازن ” الرقابة الاستراتيجية “
مقدمة:
في ظل مفهوم قياس الأداء المتوازن يتم استبدال المسئولية المالية والرقابة المالية بصورة أكثر ثراء للواقع. ليس لأن المقاييس النقدية (المالية) صارت أقل أهمية ، بل يجب أن نسعى لإيجاد توازن في هذه الناحية أيضا.
ليس المقصود بقياس الأداء المتوازن في هذا الشأن هو خلق هيكلا جديدا ومنفردا لنوعية ” المقاييس ” ذاتها ، بل أيضا يجب أن تتسع دائرة القياس لتشمل على جميع العمليات ذات الصلة باستخدامها ، سواء من البيئة الداخلية للمنظمة أو من تأثيرات البيئة الخارجية لها. وبذلك يدخل مفهوم قياس الأداء المتوازن كعنصرا جديدا فعالا في وضع إطار جديد ومتقدم لمهفوم الرقابة الإستراتيجية.
أولا: من الرقابة المالية التقليدية إلى الرقابة الإستراتيجية:
لقد ظلت مناهج وقواعد الرقابة الإدارية منذ عهد بعيد تعتمد وتركز بشكل محدد على المقاييس المالية ، ونحن الآن في بدايات القرن الواحد والعشرين نرى أن صلاحية تلك المنهجيات قد تفاوتت ولم تعد قادرة على مسايرة ما وصل إليه العالم اليوم من تقدم معرفي وتكنولوجي متسارع فاق كل التوقعات وتغيرت على عتباته كل المقاييس التقليدية في مناحي العلوم المختلفة ونخص منها بالذكر مناهج الرقابة الإدارية بؤرة ذلك البحث ومقتضاه.
لقد ظلت أنظمة الرقابة الإدارية التقليدية خلال معظم سنوات القرن العشرين تعمل في بيئة ثابتة ومستقرة من تكنولوجيات وأنظمة كان معدل تغيرها ودورانها لا يتلاءم مع التطورات المتلاحقة في ذلك العصر ، حتى قيل أن الرقابة المالية التقليدية توقفت عن التطور في عام 1925 حيث نشاهد ونلاحظ أن جميع القواعد والنظريات والمفاهيم والمبادئ والسياسات والإجراءات المحاسبية التى تتداول هذه الأيام كانت متداولة وموجودة بالفعل مثل: إجراءات تنظيم العمل المحاسبي (دفاتر يومية ودفاتر أستاذ وموازين مراقبة وقوائم دخل وميزانيات) كذلك أسس مبادئ محاسبة التكاليف (التكاليف التقليدية الفعلية ، التكاليف المعيارية ، النمطية ، تكاليف الأوامر ، العقود ، تكاليف التسويق) .. الخ. حيث كان ينحصر الدور المنوط لنظم الرقابة الإدارية ينحصر في التأكد أن المنظمة باقية ومستمرة بكفاءة تامة ، وبالتالي فقد كان التركيز على دور الرقابة الإدارية ينحصر في الرقابة على التكاليف في حين لم تتطرق قواعد الرقابة الإدارية إلى الاهتمام بتنمية الإيرادات إلا في حدود أقل بكثير من الرقابة على التكاليف.
ولقد أشرنا في المبحث الأول من الفصل الأول من البحث كيف خضعت الصناعة لتغير تكنولوجي هائل وكيف تطورت العملية الصناعية وتعقدت وتشابكت ، مما أثقل كاهل أنظمة الرقابة الإدارية بالمنظمات وألقت ظلالها على ضرورة تطوير وتحديث المنهج الرقابي بما يتلاءم ومتطلبات عصر التكنولوجيا ورأس المال المعرفي الجديد. ومما لا يمكن إنكاره أن المقاييس المالية التقليدية كانت لها تأثيرات إيجابية في عمليات اتخاذ القرارات ، ولكنها أخفقت في توفير أسس توجيهية كافية للاسترشاد بها استراتيجيا على المدى الطويل.
لقد بات على القائمين بالإدارة في المنظمات التكنولوجية الجديدة إدراك أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات لإعطاء ميزة تنافسية جديدة لمنظماتهم ، وقد يتطلب ذلك أن يتم تغيير نمط إعداد التقارير المالية على أن تتطور لمقابلة كل تلك المؤثرات التكنولوجية بشكل يكون أكثر إيجابية واكتمالا ، ومن هذا المنطلق زخر الأدب المحاسبي بالكثير من المفاهيم الحديثة والإدارات المتطورات في الظهور منذ الثمانينات ومن أمثلتها إدارة الجودة الشاملة TQMوالإنتاج الخطي Lean Production وإعادة تصميم العمليات BRP والأداء الفوري JIT وغيرها.
غير أن مفاهيم وقواعد أنظمة الرقابة الإدارية الراسخة والمستقرة لم يوجه لها النقد فقط باعتبارها وسيلة للرقابة الداخلية ، بل أن الأمر يقتضى أن تتحرك قواعد الرقابة الإدارية التقليدية إلى ذلك التوجه الاستراتيجي الجديد والذي يتطلب ضرورة توافر معلومات جديدة ومتطورة من أجل التخطيط واتخاذ القرارات ومراقبة تلك البيئة المتسارعة الجديدة ووسائل التحكم فيها ، هذا بالإضافة إلى ضرورة مراعاة الأخذ في الاعتبار العوامل البيئية والخارجية على أن يتسع نطاقها لتشمل على المعلومات الاستراتيجية التى قد تعطي مؤشرات إنقاذية وإنذارات إلى الكيفية التى ستحدد مدى قبول المنظمة في ذلك الواقع الجديد ومدى قدرتها على إعطائها ميزة تنافسية في المستقبل أم لا.
الرقابة الإدارية التقليدية: بعض الملاحظات الانتقادية:
1- الرقابة الإدارية التقليدية تقدم معلومات مضللة لصناع القرار ، لاهتمامها بالمبادئ التكاليفية أكثر من اعتمادها على الربحية ، واعتمادها على بيانات الأنشطة لأعوام مضت فقط دون المستقبل.
2- الرقابة الإدارية التقليدية عاجزة عن الوفاء بمتطلبات المحاسبة المالية ، حيث كان الواجب أن تكون المعلومات المالية ذات دلالة للمستفيدين الداخليين والخارجيين وكذلك أن تكون معبرة عن سير أداء المنظمة واستخدام التكاليف المناسبة في أنظمة الرقابة الإدارية لاتخاذ القرارات.
3- الرقابة الإدارية التقليدية توفر معلومات مضللة لأغراض تخصيص التكاليف والرقابة على الاستثمارات ، حيث يجب الخروج من الحيز الضيق لمفهوم التكلفة وعناصرها ومراكزها إلى الإبداع في خلق عناصر تكاليفية جديدة تتفق ومتطلبات عصر التكنولوجيا وأن تتضمنها قواعد الرقابة المالية الجديدة.
4- الرقابة الإدارية التقليدية تدلي اهتمامها ضئيلا بيئة العمل ، فهي تتجاهل مجال رؤية العميل والمنافس ، لذا فهي غير قادرة على تزويد متخذي القرار بالإشارات والإنذارات المبكرة عن عواقب تلك التغيرات المستحدثة في مجال الخدمة أو الصناعة.
5- الرقابة الإدارية التقليدية تؤثر معلومات تجريدية لفريق العمل والعاملين ، حيث لا تهتم المقاييس المالية بالنواحي السلوكية أو المعنوية أو النفسية للعاملين الذين شاركوا في إعداد تلك البيانات المالية الذين يرجع لهم فضل إعدادها وتبويبها وعرضها والإفصاح عنها سواء تلك التقارير الربع السوية أو النصف سنوية أو السنوية ، مما قد تحبط العاملين وتساعد على التقاعس عن أداء الواجبات.
6- الرقابة الإدارية التقليدية تعتمد على التفكير قصير المدى دون محاولة الوصول إلى المستويات الأعلى أو تحقيق الأمثلية فهي إذن تفوق التفكير طويل المدى ، فهي يمكن أن تساعد على البحوث والتطوير والبرامج التدريبية وبرامج الحوافز وتأجيل خطط الاستثمار ، لذلك فإن المشكلة الرئيسية تتمثل في ” القصور عن بلوغ المستوى الأمثل بمرور الوقت ” ويكون التحدى الحقيقي في تحقيق توازن بين المدى القصير والمدى الطويل.
ثالثا: مفهوم الرقابة الاستراتيجيةلرقابة-المالية-الاستراتيجية-بين-إدارة-المخاطر-واقتصاديات-المعرفة-من-منظور-الأداء-المتوازن1)
الرقابة بصفة عامة عبارة عن نشاط يتعلق بالتأكيد على أن ما ينفذ هو ما تم تخطيطه والتعرف على الانحرافات بين الأداء الفعلي والمخطط وتصحيح هذه الانحرافات (وبالتالي فهي وظيفة ضبط وتصحيح تسعى إلى اكتشاف الانحرافات وتصحيحها في الوقت المناسب).
وتتكون الرقابة من أربعة عناصر رئيسية هي (1) معيار (خطة) للأداء (2) وقياس للأداء الفعلي (3) ومقارنة بين الأداء الفعلي والمخطط (4) وتحديد الانحرافات بين الأداء الفعلي والمخطط وتصحيحها في الوقت المناسب.
وتتبع أهمية الرقابة من أنها تؤدى إلى اكتشاف الانحرافات وتصحيحها في الوقت المناسب وتحليل الانحرافات (الأسباب المحتملة والحقيقية) وتحديد كيفية العلاج وسيلة لتحديد واستغلال نقاط القوة والفرص وتحاشي نقاط الضعف والتهديدات S.W.T. Analysis ثم التعامل معها كما أنها تؤثر وتتأثر بباقي الوظائف الإدارية وحماية الممتلكات.
ومشكلات الرقابة تدور حول (1) المبالغة في الرقابة Over controlling (2) وعدم كفاية الرقابة Over controlling (3) وعدم الاستجابة في الوقت المناسب لإشارات التحذير (4) وعدم الاستجابة في الوقت المناسب لإشارات التحذير.
وتعرف الرقابة الاستراتيجية Strategic Control بأنها عملية ترشيد وتقييم الاستراتيجية ككل من أجل التأكد من كفاءة تنفيذها وتركز على (1) الأنشطة المتعلقة بالتحليل البيئي (2) والتوجه التنظيمي ، (3) وتصميم وتنفيذ الاستراتيجية ، (4) من أجل التأكيد على سلامة الخطوات الإجراءات المتبعة واتساقها من عمليات التنفيذ,(2)
رابعا: أهداف الرقابة الاستراتيجية:
تهدف الرقابة الاستراتيجية إلى المعرفة مدى نجاح تنفيذ الاستراتيجية في ضوء ما تم تصميمه مسبقا والتأكيد على أن الاستراتيجية المنفذة هي المقصودة وأن تنفيذ الاستراتيجية يؤدي إلى النتائج المطلوبة ، وترتبط الرقابة الاستراتيجية بعملية تقييم الاستراتيجية الحالية.
فتقييم الاستراتيجية الحالية يتعلق بتقييم الأثر المستقبلي لها على أداء المنظمة ككل وهذا يتطلب تحديد مدى فعاليتها حالا ومستقبلا من خلال تقييم الأداء الماضي والمستقبلي ، فتقييم الأداء الماضي يتم من خلال مقارنة الأداء الفعلي للمنظمة تحت الاستراتيجية الحالية من الأداء المتعلق بفترات تاريخية ماضية لنفس المنظمة أو للمنافسين(3).
خامسا: أساليب الرقابة الاستراتيجية:
بصفة عامة هناك عدة وسائل للرقابة يمكن تقديمها كما يلى:
أولا: الرقابة التى تعتمد على الموازنات Budgetary control devices والأساليب المالية والمحاسبية مثل أساليب التحليل المالي المصادر والاستخدامات المالية وتحليل التعادل وأساليب قياس الكفاءة والفعالية ، وتنقسم الموازنات من حيث أنواعها إلى: الموازنات المرنة Flexible budget والموازنات الثابتة Fixed budget والموازنة الصفرية Zero base budget.
ثانيا: الرقابة التى لا تعتمد على الموازنات Nonbudgetary control devices مثل التقارير الخاصة والإحصائية (كتحليل الانحدار والارتباط ومقاييس التشتت ومقاييس النزعة المركزية) ومراجعة العمليات وأساليب المحاسبة والمراجعة الإدارية والاجتماعية والملاحظة الشخصية وأسلوب تقييم ومراجعة البرامج والعمليات PERT والمسار الحرج Critical Path والعين (أي التجسس المباشر وغير المباشر).
ويجب أن تتوافر عدة شروط في وسائل الرقابة مثل مراعاة الموقف (فمثلا يجب أن يكون لنظم الرقابة الاستراتيجية نظرة مستقبلية وتاريخية في نفس الوقت ، وهذا يحتاج إلى بناء خطط استراتيجية موقفية بمعنى تصميم عدة بدائل مقدما لسيناريوهات أو ظروف مستقبلية يمكن تبنيها بسهولة ويسر في ضوء المواقف الفعلية) والتناسب مع الخطط والمواقع التنظيمية والمستويات الإدارية وشخصيات المديرين والمسئولين والهيكل التنظيمي وإظهار الاستثناءات في النقاط الحرجة والموضوعية والدقة والمرونة.
والعائد من الرقابة يجب أن يكون أكبر من تكلفتها كما يجب مراعاة أن عائد وأثر الاستراتيجية يحتاج في تحديده إلى وقت طويل نسبيا ومراعاة أن أغلب القرارات الاستراتيجية يصعب إلغاؤها أو تعديلها بمجرد البدء في تنفيذه أو أثناء التنفيذ.
وبالنسبة لوسائل الرقابة الاستراتيجية فيمكن أن تعتمد على تقييم الفعالية المستقبلية للاستراتيجية الحالية Future Effectiveness of Current Strategy فيتم من خلال:
1- تقييم درجة استقرار ومدى ملائمة الاستراتيجية الحالية لتحقيق تلك الأهداف.
2- تقييم نظام التخطيط الاستراتيجي لتحديد مدى شموله ومصداقيته وحساسيته للظروف المتغيرة.
3- تقييم مدى ملائمة أساليب التنبؤ والقدرات التنظيمية المختلفة لنجاح تنفيذ الاستراتيجية.
4- تقييم مدى الحاجة إلى تحديث الاستراتيجية وتعديلها في ضوء الظروف المستجدة.
5- تقييم عملية تنفيذ الاستراتيجية لمعرفة مدى قدرة المنظمة على تنفيذ الاستراتيجية في ظل الأوضاع الحالية للمنظمة وتحديد مدى الحاجة إلى إحداث تغيير في ظروف وإمكانيات التنفيذ.
ورغم إمكانية استخدام الأساليب التقليدية للرقابة مثل أساليب التحليل المالي والأساليب الإحصائية والملاحظات الشخصية والتقارير الخاصة وأساليب مراجعة العمليات الإدارية في عمليات الرقابة الاستراتيجية أيضا إلا أنه توجد أساليب متعددة تختص بالرقابة الاستراتيجية يمكن توضيحها فيما يلى:
أولا: المقارنة بين السيناريوهات البيئية المخططة أو التى تم التنبؤ بها Planned and or Forecatsed Environmental Scenarios والتى على أساسها تم القيام بعمليات التخطيط الاستراتيجي بمكوناته المختلفة وبين السيناريوهات البيئية التى تحدث فعلا Actual Environmental Scenarios أثناء مرحلة التنفيذ ثم القيام بتعديل وترشيد السلوك الاستراتيجي ومكونات الإدارة الاستراتيجية بصفة عامة في ضوء ما يحدث فعلا وتحديث تلك السيناريوهات. (1)
ثانيا: المقارنة بين النتائج المخططة لمكونات هرم السلوك الاستراتيجي الذي تم تخطيطه Planned Corporate Strategic Behavior والذي يحتوى على الرؤية (والغرض والمهمة) والأهداف الاستراتيجية والاستراتيجية والمزيج الاستراتيجي للأنشطة والمخرجات والنتائج الفعلية واكتشاف الانحراف الاستراتيجي المتعلق بها وتصحيحه في الوقت المناسب(1).
ثالثا: استخدام المزيج الاستراتيجي للأنشطة والمخرجات في الرقابة من خلال رسم الخريطة الاستراتيجية للمزيج الاستراتيجي في مرحلة التخطيط لتوضيح خطة المزيج الاستراتيجي Planned Corporate Strategic Portfolio ثم رسم الخريطة الفعلية للمزيج الاستراتيجي Actual Corporate Strategic Portfolio والمقارنة بينهما واكتشاف الانحراف الاستراتيجي وتصحيحه في الوقت المناسب.
رابعا: استخدام أسلوب تحليل أثر الاستراتيجية التسويقية على الربحية Profit Impact of Marketing Strategy (PIMS) وهنا يمكن المقارنة بين أثر عدة استراتيجيات تسويقية بديلة على الربحية ثم اختيار أفضلها عند تخطيط الاستراتيجية ومقارنة الآثار المخططة مع الآثار الفعلية للاستراتيجية التسويقية بعد تنفيذها(1).
خامسا: المقارنة بين مكونات القدرة التنظيمية المخططة Planned Corporate Organizational Capability وما تواجد منها فعلا في مرحلة التنفيذ ثم اكتشاف الفجوات بينهما وتحليلها واتخاذ ما يلزم لسد تلك الفجوات في الوقت المناسب(1).
سادسا: المقارنة بين مكونات الثقافة التنظيمية المخططة Planned Corporate Culture وما تواجد منها فعلا في مرحلة التنفيذ ثم اكتشاف الفجوات بينهما وتحليلها واتخاذ ما يلزم لسد تلك الفجوات في الوقت المناسب وتحليل مدى إعاقة تلك الفجوات الثقافية لعمليات تنفيذ السلوك الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية وتصحيح ما يلزم في الوقت المناسب(1).
سابعا: الرقابة الاستراتيجية على التوازن والموائمة والاتساق بين مكونات المجموعات الأربعة للإدارة الاستراتيجية وبعضها البعض أثناء مرحلة التنفيذ بما يضمن عدم وجود تناقض بين هذه المكونات الأربعة ، ثم اتخاذ ما يلزم نحو تصحيح المسار الخاص بهذه المتغيرات.
وبالتحديد يجب أن يتم اكتشاف الفجوات ومدة الملائمة بين هذه المتغيرات كما يلى:
1- مدى الموازنة والاتساق بين المجموعات الأربع للمتغيرات ككل(1):
أ- مجموعة متغيرات الاضطراب البيئي Environmental Turbulence (محلية وقومية وإقليمية ودولية وعالمية – اقتصادية واجتماعية وقانونية وتكنولوجية وسياسية).
ب- مجموعة متغيرات السلوك الاستراتيجي Corporate Strategic Behavior: الرؤية (الغرض والمهمة) – الأهداف الاستراتيجية – الاستراتيجية – المزيج الاستراتيجي للأنشطة والمخرجات.
ج- مجموعة متغيرات القدرة التنظيمية Corporate Organizational Capability (كقدرات المجال الوظيفي: مثل البحوث والتنمية والموارد البشرية والإنتاج) وقدرات الإدارة العليا والمناخ التنظيمي وطاقة المنظمة ودرجة الثقة).
د- مجموعة متغيرات الثقافة Culture (الثقافة القومية العامة – الثقافة التنظيمية – الثقافة الفرعية مثل ثقافة المجالات الوظيفية والثقافات الفنية).
2- مدى التوازن والموائمة بين مجموعة متغيرات الاضطراب البيئي Environmental Turbulence (محلية وقومية وإقليمية ودولية وعالمية – اقتصادية واجتماعية وقانونية وتكنولوجية وسياسية) ومجموعة متغيرات السلوك الاستراتيجي Corporate Strategic Behavior: الرؤية (الغرض والمهمة) – الأهداف الاستراتيجية – الاستراتيجية – المزيج الاستراتيجي للأنشطة والمخرجات.
3- مدى الموازنة والاتساق بين مجموعة متغيرات الاضطراب البيئي Environmental Turbulence (محلية وقومية وإقليمية ودولية وعالمية – اقتصادية واجتماعية وقانونية وتكنولوجية وسياسية) ومجموعة المتغيرات القدرة التنظيمية Corporate Organizational Capability (كقدرات المجال الوظيفي: مثل البحوث والتنمية والموارد البشرية والإنتاج) وقدرات الإدارة العليا والمناخ التنظيمي وطاقة المنظمة ودرجة الثقة).
4- مدى الموازنة والاتساق بين مجموعة متغيرات الاضطراب البيئي Environmental Turbulence (محلية وإقليمية ودولية وعالمية – اقتصادية واجتماعية وقانونية وتكنولوجية وسياسية) ومجموعة متغيرات الثقافة Culture (الثقافة القومية العامة – الثقافة التنظيمية – الثقافة الفرعية مثل ثقافة المجالات الوظيفية والثقافات الفنية).
5- مدى الموازنة والاتساق بين مجموعة متغيرات السلوك الاستراتيجي Corporate Strategic Behavior: الرؤية (الغرض والمهمة) – الأهداف الاستراتيجية – الاستراتيجية – المزيج الاستراتيجي للأنشطة وللمخرجات مجموعة متغيرات القدرة التنظيمية Corporate Organizational Capability (كقدرات المجال الوظيفي: مثل البحوث والتنمية والموارد البشرية والإنتاج) وقدرات الإدارية العليا والمناخ التنظيمي وطاقة المنظمة ودرجة الثقة).
6- مدى الموازنة والاتساق بين مجموعة متغيرات السلوك الاستراتيجي Corporate Strategic Behavior: الرؤية (الغرض والمهمة) – الأهداف الاستراتيجية – الاستراتيجية – المزيج الاستراتيجي للأنشطة والمخرجات ومجموعة متغيرات الثقافة Culture (الثقافة القومية العامة – الثقافة التنظيمية – الثقافة الفرعية مثل ثقافة المجالات الوظيفية والثقافات الفنية).
7- مدى الموازنة والموائمة والاتساق بين مجموعة متغيرات القدرة التنظيمية Corporate Organizational Capability (كقدرات المجال الوظيفي: مثل البحوث والتنمية والموارد البشرية والإنتاج) وقدرات الإدارة العليا والمناخ التنظيمي وطاقة المنظمة ودرجة الثقة) ومجموعة متغيرات الثقافة Culture (الثقافة القومية العامة – الثقافة التنظيمية – الثقافة الفرعية مثل ثقافة المجالات الوظيفية والثقافات الفنية).
8- مدى الموائمة والموازنة والاتساق بين المكونات الفرعية للمجموعات الأربعة للمتغيرات وبعضها البعض.
ثامنا: تجدر الإشارة إلى أن الأنشطة المتعلقة بالرقابة الاستراتيجية هي أنشطة مستمرة تؤدى في ضوء الأفق الزمني للإدارة الاستراتيجية في كل من الأجل القصير والطويل والفوري والمتوسط كما يوضح ذلك التحليل التالي:
نجاح الرقابة الاستراتيجية يعتمد على استخدام أساليب ونظم رقابة مناسبة فنظم الرقابة الاستراتيجية يمكن أن تعتمد على التغذية المرتدة بالبيانات Feedback Control System أو على أساس التغذية بالمعلومات الموجهة نحو المستقبل Feed forward Control System أو على أساس النظم الفورية Real Time Control System.
نظم الرقابة الاستراتيجية يعتمد على استخدام أساليب ونظم رقابة مناسبة فنظم الرقابة الاستراتيجية يمكن أن تعتمد على التغذية المرتدة بالبيانات Feedback Control System أو على أساس التغذية بالمعلومات الموجهة نحو المستقبل Feed Forward Control System أو على أساس النظم الفورية Real Time Control System.
فالرقابة كنظام للتغذية المرتدة بالمعلومات Feedback Control System تعتمد على توفير المعلومات والبيانات عن الأداء الفعلي من أجل تصحيح الانحرافات والوقاية من حدوث مستقبلا (تبدأ بعد انتهاء الأداء الفعلي والحصول على المخرجات الفعلية) (1).
وبالتالي يرتكز هذا النظام على تصحيح الانحرافات بين الأداء الفعلي والمخطط بعد حدوثه فعلا كما يتضح ذلك فيما يلى:
الرقابة كنظام التغذية المرتدة بالمعلومات
نقطة البداية الأداء الفعلي
قياس الأداء الفعلي
تحديد الانحرافات
مقارنة بين الأداء الفعلي والمخطط
تحليل أسباب الانحراف
تصميم البرنامج التصحيحي
* الوصول إلى الأداء المطلوب تنفيذ البرنامج التصحيحي
أما الرقابة كنظام للتغذية بالمعلومات الموجهة للمستقبل Feedforward Control System فيمكن تفسيره كما يلى:
فنظرا لوجود فجوة زمنية Time Lagبين اكتشاف الانحراف وتصحيحه فيجب توفير أساليب رقابية موجهة نحو المستقبل.
وبالتالي تتم الرقابة على المدخلات وقبل تشغيل عوامل الإنتاج اعتمادا على التنبؤ بالأحداث المستقبلية واكتشاف المشكلات قبل وقوعها.
وفيما يلى توضيح للفرق بين الرقابة كنظام للتغذية المرتدة بالمعلومات Feedback Control System والرقابة كنظام للتغذية بالمعلومات الموجهة للمستقبل Feedforward Control System حيث يبين الجدول التالي أنه بتوافر بيانات التنبؤ قبل بداية الأداء تصحيح الانحرافات قبل وقوعها وبتوافر بيانات عن الماضي يتم تصحيح الماضي وأداء الفترة التالية وهذا هو جوهر الاختلاف بين النظامين(1).
الفرق بين الرقابة كنظام للتغذية المرتدة بالمعلومات Feedback Control System والرقابة كنظام للتغذية بالمعلومات الموجهة للمستقبل Feedforward Control System.
نظام الرقابة الرقابة كنظام للتغذية بالمعلومات الموجهة للمستقبل
Feedforward Control System الرقابة كنظام للتغذية المرتدة بالمعلومات
Feedback Control System
المنظمة تتكون من مدخلات: عوامل الإنتاج تشغيل: تفاعل عوامل الإنتاج مخرجات الإنتاج
توقيت المعلومات والبيانات المعلومات والبيانات يتم التنبؤ بها قبل البدء في تجميع عوامل الإنتاج المعلومات والبيانات يتم التوصل إليها بعد انتهاء الأداء
استخدام المعلومات والبيانات تستخدم في ترشيد الفترة التى ستبدأ فورا تستخدم في ترشيد أداء الفترة التالية وإصلاح الماضي
وبالنسبة للرقابة كنظام للتغذية بالمعلومات الموجهة للمستقبل Feedforward Control System يمكن الاعتماد على أسلوب تحليل المشكلات المتوقعة Potential Problem Analysis / Future Problem Analysis(1).
وهذا الأسلوب يستهدف إلى تحليل وحل المشكلات مسبقا من خلال إزالة حدوثها أو تقليل آثارها وابتكار تصرفات ممكنة اقتصاديا وماديا وإداريا لمكافحة أسباب هذه المشكلات في مهدها.
وفيما يلى توضيح لتدفق خطوات تحليل المشكلات المستقبلية:
تدفق خطوات تحليل المشكلات المستقبلية
ماذا يمكن أن يحدث من خطأ ؟
ما هي كل مشكلة متوقعة بالتحديد ؟ ماذا سيحدث ؟ أين ؟ ما درجة حدة ما سيحدث ؟
ما هي درجة المخاطر التى تحتويها كل مشكلة ؟ وما مدى احتمال الحدوث ؟
ما هي الأسباب الممكنة لكل مشكلة ؟
ما هي درجة احتمال حدوث كل سبب ممكن ؟
ما هي الفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف الناتجة عن هذه المشكلات المستقبلية ؟
كيف يمكن منع السبب المتوقع من الحدوث أو تقليل آثاره ؟
كيف يمكن التعامل مع المشكلات المتوقعة الخطيرة ؟
تاسعا: يجب مراعاة أن الرقابة الاستراتيجية تتم على كافة المستويات الاستراتيجية (مستوى الوحدة الاستراتيجية للنشاط – مستوى عدة وحدات استراتيجية – مستوى المنظمة ككل – المستوى القومي) باستخدام الأساليب المناسبة لكل مستوى استراتيجي.
عاشرا: الرقابة الاستراتيجية تتم أيضا على كافة المستويات الإدارية المعنية بالإدارة الاستراتيجية (الإدارة العليا والوسطى والإشرافية) (1).
الفصل الثالث
إدارة المخاطر: ومشاكل قياس الأداء
المتوازن للرقابة الاستراتيجية
مقدمة:
إن التحول نحو مجتمع المعلومات والمعرفة مع ازدياد الطفرة الهائلة والمتسارعة لتكنولوجيا المعلومات ، واتساع رقعة الأسواق من أسواق ميدانية إلى أسواق سماوية مفتوحة ، ومن شركات ذات هياكل مادية إلى شركات افتراضية بدون هياكل مادية ، ومن اقتصاد نائم على نظريات وقوانين ثابتة سواء على المستوى الجزائي أو الكلي وعلى منحنيات العرض والطلب وتزايد وتناقص الغلة ، إلى اقتصاد قائم على المعرفة والرقميات وتحكمه عوامل الوفرة (انقر واطلب) ويقوم على أسواق التجارة الإلكترونية وتقاسم المعلومات ومع نظريات وفرضيات مستحدثة أملتها كثافة الصفقات عبر الأجواء العالمية ، أي اقتصاد ليس له وطن.
وقياسا على ما سبق بات من الممكن نشوء مشاكل إدارية اقتصادية ومالية من نوع جديد استحدثته المعرفة والتكنولوجيا ، وما فتأ المحاسبون والإدرايون والاقتصاديون من التنقيب عن الوسائل التى تجابه تلك التحديات ومن تطويع أفكارهم ونظرياتهم ومبادئهم وذروتهم وسياساتها لمعالجة ما قد ينجم عن تلك المشاكل والتصدي لها بأساليب علمية رفعية تتماشى مع متطلبات المعرفة ودهاليز التكنولوجيا والإنترنت والسماوات الفضائية والشركات الافتراضية وتنمية مهارات المحاسبون والإداريون والاقتصاديون ، بأسلوب فعال وأداء متوازن
وحيث أن هذا البحث يتطرق إلى أحد المعوقات والمشاكل التى قد تترتب من الدخل في سباق الحلية الجديدة ، ونعنى بالتحديد ، الرقابة الإدارية ، المالية الاستراتيجية ، والمخاطر التى قد تنجم من التطبيق العملي لها ، فلقد وقع اختيارنا على منهج الأداء المتوازن بين فعاليات النظريات القائمة وقواعد اللعبة الجديدة ، وذلك وفق إطار يحمل ثلاثة محاور سوف نتناولها بالشرح والتأصيل والتحليل.
مفاهيم وإيضاحات:
وبداية فإن الأداء المتوازن قد يعني إذا ما حولنا تفعيله فإنه يعني كأي قواعد لعبة ، مجموعة من النقاط التى يمكن إحرازها ولذلك فإن الأداء المتوازن يمكن تعريفه (إصطلاحا) بأنه سجل للنقاط المحرزة ، ويمكن تعريفه (لغة) بأنه يتكون من (اسم) ويعني النقاط والدرجات Score (وفعل) يعني إعطاء النقاط أو الدرجات.
وإذا ما تتطرق الحديث عن قياس الأداء المتوازن (الاسم والفعل) A Balanced Scorecard فإننا نعنى بالمعايير الأفتراضية الواجبة لترتيب تلك الدرجات Grading حيث تعكس مصداقية التوازن بين عناصر الأداء العديدة المختلفة.
أنه من الأهمية بمكان أن ينظر للقياس فقط على أنه سجل للنتائج المحققة ، بل أن يستخدم أيضا كمؤشر للنتائج المتوقعة ، وعندئذ سيكون القياس بمثابة وسيلة لتوضيح خطة العمل ومن ثم توجيهها إلى مختلفة وحدات المنظمة. وربما قد ينظر إلى قياس الأداء المتوازن أحيانا بأنه بديلا للميزانية بالإضافة إلى ذلك فقد تتأثر عملية التخطيط في مكوناتها بمعايير القياس وهي قد تشجع المنظمة على التركيز على القضايا المؤثرة والمرتبطة بالتوازن بين المدى القصير والطويل ، وتلك المرتبطة بالتوجه الاستراتيجي الملائم لمهارات كل فرد إن القياس يصبح في أحيان كثيرة دافعا إلى إثارة مواضيع خلافية يمكن التفاوض عنها ولكنها قد تكون خلاقة ولكنها تصبح جوهرية وأساسية عند تفعيل تلك المقاييس.
لقد انتشرت المقاييس وبرزت في عالمنا الجديد في السنوات الأخيرة في العديد من المنظمات التى جعلتها ؟؟؟؟ إلى ضرورة السعي نحو استخدام متوازن لأنواع مختلفة من المعايير والمقاييس المتصلة بعملها في كل مراحل عملية التخطيط والرقابة.
المحور الأول
نماذج قياس الأداء المتوازن
نستعرض فيما يلى بعض أنواع نماذج قياس الأداء المتوازن كما جاء في الفكر الإداري والمحاسبي في محاولة لتفهم المعايير المستخدمة عند كل نموذج درجة تفعيلها مع النماذج الأخرى.
أولا: نموذج قياس الأداء المتوزان Kaplan & Norton 1992:
يمكن لنا تلخيص النتائج التى توصل لها في كتابها من خلال مجالات الرؤية الأربعة التى يتكون منها نموذجها الأساسي التى تم التعرض لها في مقدمة ذلك البحث:
1- أصحاب رأس المال والمساهمين هم أولا وأخيرا العائل المحدد في تحقيق النجاح المالي.
2- العملاء كيف ينبغي أن نقنعهم برؤيتنا في تحقيق النجاح ؟
3- التفوق والتميز: ما هي وسائل إرضاء المساهمين والعملاء فيما تقوم به المنظمة من المحال ؟
4- التعلم والنمو: حتى تنهض المنظمة من خلال رؤيتها فكيف لها الحفاظ على قدرتها في التعلم والنمو ؟
وهكذا .. ترتكز مجالات الرؤية جميعها عل رؤية واستراتيجية واضحة ومحددة ، ولكل واحدة من مجالات الرؤية هذه يمكن صياغة أهدافا استراتيجية ومقاييس وأهدافا محددة (نوعية) وخطط عمل.
إن عملية قياس الأداء المتوازن عملية ذات صلة وتركيز على مفاهيم القياس وهي العوامل التأثيرية تجمع بين مجالات الرؤية الأربعة (التخطيط الاستراتيجي الشامل – الرؤية – الخبرة – التعلم والنمو) وفيها يتمثل دور القياس في إبراز وفقا للنقاط المحورية لمجهودات المنظمة ويصف كابلان ونورتون العملية بأنها دورة (شكل 3-1) يتم فيه توضيح الرؤية والمساهمة فيها ويتم توصيها من خلال أهداف وحوافز تستخدم في تركيز العمل وتخصيص الموارد ووضع الأهداف وينتج عن المتابعة تعلمم يقودنا بدوره إلى إعادة فحص رؤيتنا وعند كل خطوة ، يعمل القياس بمثابة وسيلة اتصال(2).
إن عملية التعلم تركز تركيزا خاص على العلاقات المتبادلة بين المقاييس المختلفة ، فإذا أردنا أن نحقق أرباحا يجب ان يكون عملاؤنا موالين ، ولكي يكونوا كذلك يجب أن نقدم لهم خدمة جيدة ، ولكي نفعل ذلك نحتاج إلى عمليات مناسبة تعمل بصورة جيدة ، ومن أجل ذلك يجب أن نطور قدرات موظفينا وهكذا فإن قياس الأداء المتوازن جيد التصميم والبناء ينبغي أن يروى لنا قصة استراتيجية للمنظمة ككل. ينبغي أن يحدد ويوضخح سلسلة الفروض المتصلة بعلاقات السبب والنتيجة القائمة بين مقاييس النتائج ودوافع أداء تلك النتائج وكل مقياس يتم اختباره من اجل قياس أداء متوازن يجب أن يكون عنصرا في سلسلة من علاقات السبب والنتيجة تقود المنظمة إلى معنى استراتيجية وحدة العمل للمنظمة(2).
وينبغي أن يلاحظ مما سبق أتن أن المقاييس يمكن أن تصف إما ما يتحقق (نتائج) أو ما يؤثر على النتائج (دوافع الأداء).
وعادة ما يكون الأداء المالي من الأهداف طويلة المدى التى تؤمن بها المنظمات إلأ أن بقية المقاييس المختلفة قد تعطي إنذارات مبكرة وهي قد تكون أكثر ملائمة لوجود المنظمة وبقاؤها نحو المسار المحرر لها ، وجدير بالذكر أنه لا يمكن اعتبار جميع المقاييس والنسب الرئيسية مقاييس أساسية فلدى المنظمات مقاييس أخرى كثيرة وليس الهدف من القياس إلا مساعدة المنظمة على التركيز على ما هو مهم فعلا.
ويصور الكاتبان أن يكون القياس لعملية تمتد لأكثر من سنتين لإنشاء دورة سنوية للتخطيط والرقابة بمساعدة مفهوم قياس الأداء المتوازن ، لدورة كاملة وتبدأ من أعلى الهرم بمساعدة مجموعة صغيرة من كبار المديرين التنفيذيين.
وبعد انتهاء الربع الأول من العام يتم ضم الإدارة الوسطى وتطور كل وحدة عمل أساليب القياس الخاصة بها على أساس مقاييس المنظمة في الوقت ذاته يمكن لإدارة المنظمة إذا وجدت انحرافات من معدلات القياس المعيارية أو ثبت عدم جديتها أو منفعتها أن توقيعها ولو مؤقتا أو أن يتحول مسار العمل إلى نشاطات أخرى جديدة على أن تتفاعل مجموعة العمل مع بذل قصارى جهدها في إنجاح العمليات الرقابية من خلال مقاييس الأداء المتوازن وتبدأ عمليات التنظيم بعد انتهاء العام الأول ويتم مراقبة جميع الأنشطة حيث يمكن توصيف مخرجات ونتائج في هذه الانشطة المختلفة للمنظمة ككل.
ويتم في العام التالي وضع أهداف مادية ملموسة بدرجة أكبر على طول الخط الممتد رأسيا حتى الموظفين الفرديين ، ويتم إدخال أنظمة للرقابة والحوافز متماشية مع المقاييس.
ويمكن تلخييص مفهوم قياس الأداء المتوازن لكابلان ونورتون بأنها مجموعة من الأفكار والتطلعات وهي أفكار مباشرة وواضحة للغاية في حقيقة الأمر:
* التدرج من الهيكل الهرمي للمنظمة إلى الهيكل المخروطي المدمج لتفعيل الاستراتيجية.
* ضرورة أن نناقش علاقات السبب والنتيجة بين العوامل المختلفة وأن نصف الفروض الاستراتيجية التى يرتكز عليها برنامج عمل المنظمة.
* إجراء منهجي منظم لإجراء هذه المناقشات لكى تحل محل عملية التخطيط والرقابة التقليدية ذات الطابع الذي يكاد يكون ماليا بحتا.
ثانيا: نموذج مقياس الأداء المتوازن عند(3) Maisel, L.S. (1992):
يحدد ميسيل – مثل كابلان ونورتون – أيضا أربعة مجالات رؤية ينغي قياس الأداء من خلالها: (شكل 3-2) وبدلا من منظور أو مجالات رؤية التعلم والنمو ، يستخدم ميسيل منظورا للموارد البشرية في نموذجه وهو يحاول قياس الابتكار والإبداع وأيضا عوامل أخرى مثل التعليم والتدريب ، تطوير المنتج ، القدرات المحورية وثقافة المنظمة.
ثالثا: نموذج قياس الأداء المتوازن عند(4) MeNaire et al. 1990
يقدم ماكينر وزملاءه McNair et al., (1990) نموذجا يطلقون عليه اسم هرم الأداء (شكل 3-3) وكيفية المقاييس الأخرى فإن المبدأ الأساسي هنا يتمثل في نموذج موجه نحو العميل ومتصل بالاستراتيجية العامة للمنظمة ، وتكمل الأرقام المالية نسب رئيسية أخرى عديدة ذات طبيعة غير مالية. ويلزم أن تقدم معلومات الرقابة الإدارية التقليدية عند مستوى مرتفع نسبيا في المنظمة فقط (2).
ويقوم هرم الأداء على مفاهيم إدارة الجودة الشاملة ، والهندسة الصناعية ومحاسبة الأنشطة. ويصور هرم الأداء منظمة ما عند أربعة مستويات مختلفة ويوفر هيكلا لنظام اتصال ذى اتجاهين (المقاييس والغايات) ولازم لترسيخ رؤية المنظمة الشاملة على مختلف مستويات المنظمة وتتحول الغايات والمقاييس إلى روابط بين استراتيجية الشركة وأنشطتها بعبارة أخرى تتم ترجمة الغايات في اتجاه نزولي بينما تتم ترجمة المقاييس صعوديا(2).
عند المستوى الأعلى تصوغ إدارة المنظمة الرؤية المؤسسية وعند المستوى الثاني يتم التعبير عن أهداف وحدات العمل والأقسام من منظور أكثر تحديدا وهو المنظور السوقي والمالي حيث أن العملاء والمساهمين يقررون من منظور خارجي ما يكون قياسه مهما. أما المستوى الثالث فهو ليس تنظيميا في الحقيقة بل يتألف من عدد من التدفقات داخل المنظمة(2).
هذه التدفقات تغطي وظائف المنظمة والعديد من الإدارات وهنا تتم صياغة الأهداف من منظور رضا العميل والمرونة والإنتاجية ويعمل هذا المستوى بمثابة حلقة وصل بين الأقسام العليا والدنيا في الهرم وتوضح الأهداف الثلاثة عند المستوى الثالث دوافع الأداء فيما يتعلق بكل من الأهداف السوقية والأهداف المالية(2).
بالإضافة إلى ذلك ، فإن هذا المستوى هو الذي تشتق منه الأهداف التشغيلية مثل الجودة والتسليم وزن الدورة والفاقد من بين هذه الأهداف ترتبط الجودة والتسليم ارتباطا مباشرا بالفاعلية الخارجية ، على حين يمثل زمن الدورة والفاقد مؤشرين لكفاءة الشركة الداخلية(2).
وفي القسم الأدنى من الهرم – أي الجزء الخاص بالعمليات – يقاس الأداء بصورة يومية أو أسبوعية أو شهرية ، أما في الأجزاء العليا من الهرم ، فتكون القياسات أقل تواترا ويغلب عليها الطابع المالي. وفي رأي ماكنير وزملائه ، ينبغي أن يكون نظام القياس متكاملا بحيث يتم ربط المقاييس التشغيلية عند المستويات الأدنى بالمقاييس المالية عند المستويات الأعلى ، وبهذه الطريقة تستطيع إدارة الشركة أن ترى ما يشكل أساسا المقاييس المالية وما يدفعها(2).
المحور الثاني
الرقابة المالية الإستراتيجية من منظور الأداء المتوازن
المحاسبة المالية وقياس الأداء المتوازن:
من العرض السابق يتضح لنا أن فكرة ومفهوم قياس الأداء المتوازن يعتمد بدرجة كبيرة التحليلات الوصفية أكثر اعتماده على التحليلات والنسب الكمية أو المالية. وعلى الرغم أن معايير الرقابة المالية تظل في مفهومها العام ذات مقاييس مادية ومالية بالدرجة الأولى طالما أن الشركات والمنشآت والمنظمات والهيئات تعمل جميعها في إطار اقتصاديات السوق.
إلا أننا أوضحنا في الفصل الأول من هذا البحث تحديدا في الشكل رقم (1) أن المربعات الثلاثة الأخرى بخلاف مجال الرؤية المالي (مجال رؤية العمليات الداخلية – مجال الخبرة وثقة العملاء – مجال رؤية التعلم) تعد ذلك المجالات الثلاثة (كمؤشرات مرشدة) وإشارات تحذيرية مبكرة تدل على عوامل أخرى (وصفية) لن يكون لها تأثير إيجابي فعال على الأداء المالي في نهاية منظومة العمل الإداري الذي يتوج بالنتائج المالية وقوائم الدخل والميزانيات.
إلا أن تلك (المؤشرات المرشدة) تعد من أكثر العوامل إيجابية في استخلاص نتائج رقابية سواء كانت مالية أو إدارية أو اجتماعية وأن تنمية تلك المؤشرات وزيادة كفاءتها وفعاليتها سوف تنعكس على أداء المنظمة في الأجل القصير وسوف تعمل على إشاعة روح التسابق البناء والثقة المتبادلة بين مساهمي المنظمة وعملائها وفريق العمل القائم على إدارتها.
إن نجاح وتفوق أي منظمة تعمل في أي مجال لا يتوقف فقط على بناء مجموعة من القياس أو المعايير فإن تحقيق الأهداف الرقابية لا يتوقف فقط عند مجرد التحقق من إنجاز الأرباح المتوقعة (كإعداد الميزانيات التقديرية بهدف تخطيط الأرباح) ولكن الأمر يتعدى ذلك بكثير فإن مراقبة دقة التنفيذ وحسن التخطيط ، والوفاء بالمسئوليات ، يبدو في واقع الأمر من الأمور السهلة اللينة الى قد يكون لها تأثير فعال في إعطاء مساحة من الحرية وزيادة في المسئولية لجميع القائميت عن إدارة المنظمة.
إن الدقة وحسن الاختيار والاعتناء وتحسين المقاييس المالية تعد هدف أساسي يحيث تنعكس آثارها إلى ما وراء الأبعاد المالية والمحاسبية وتحقيق الأرباح وغيرها ، إلى قياس الآثار الأخرى الأساسية مثل مدى قدرة المنظمة على إدارة عملائها وتطوير منتجاتها وإعطائها ميزة تنافسية تتمشى مع البيئة الحديثة وما يصاحبها من تطورات تكنولوجية وأبعاد استراتيجية.
وأيضا فإنه على الصعيد الداخلي للمنظمة ، فإن التغيرات التكنولوجية وعصر الإنترنت قد فرضت على الواقع الإداري والاقتصادي المالي ظروفا جديدة ، كما أوضحنا في مقدمة الفصل الثالث من البحث ، مما دعا المنظمات الحديثة إلى استحداث وقائع وأصول مالية جديدة لما تكن متداولة من قبل عبر الأدب المحاسبي إلا في أوائل التسعينات من القرن العشرين المنصرم ، كالأحوال الفكرية المعرفية ، وتم تضمينها كأصول ثابتة تدرج في ميزانية المنظمة ، أو اعتبارها كاستثمارات خفيفة Soft.
كما أنه على الصعيد الخارجي للمنظمة فإن غزارة توفر المعلومات وإنسيابها عبر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد ساعد كثيرا العديد من الجهات والمنظمات المهنية وغيرها من قياس أداء تلك المنظمات والتنبؤ بقدراتها المستقبلية ودرجة تقدمها وتطورها ونجاحها على المدى الطويل. إن البورصات وأسواق الأسهم أصبحت لديها القدرة الآن بفضل ما توفر لديها من معلومات عن التنبؤ بربحية السهم وكمية المتداول والقيمة السوقية والحقيقية عليهم بمعدل نمو المنظمة ومستقبلها. مما جعل البورصات لديها القدرة على إعداد مقاييس مختلفة لقياس أداء تلك المنظمات.
الرقابة المالية والأداء المتوازن:
يعتبر الإفصاح المحاسبي من أول وأقدم معايير القياس المالي وتمثل فئة المستثمرين الحاليين والمرتقبين أهم هذه الفئات ، التى يجب تركيز الإفصاح المحاسبي عن احتياجاتهم حيث يلعب الإفصاح المحاسبي دورا هاما في المحاسبة بسياساتها المختلفة ، بما يتمحور عن الوضوح والإعلام والتثقيف الكامل عن أداء المنظمة لكافة الأطراف الداخلية والخارجية لها ، وفي حدود مدى جدوى وملائمة المعلومات المحاسبية والغير محاسبية (الكمينة) حيث يتطلب الإفصاح الإجابة عن أربعة أسئلة هامة مازالت مثار جدل ونقاش في محبط الأدب المحاسبي:
إن الرقابة المالية الاستراتيجية التى تعتمد على الأخذ بمفهوم مقاييس الأداء التموازن سوف تتطلب توسيع نطاق الإفصاح في الممارسات المحاسبية مع توليد معايير ونسب مالية جديدىة ورئيسية تتوافق مع المقاييس الموضوعية للأداء المتوازن ومناهج الرقابة المالية الحديثة التى يمكن لها من تقييم أداء المنظمة والعمل على سرعة نموها وبقائهاواستمراريتها ، ومن أمثلة ذلك التطرق إلى مناقشة بعض الممارسات المحاسبية كالقيمة المضافة ، والعوائد الاجتماعية ، وتكلفة الفرصة البديلة ، ومعدلات الربحية ، والعائد على الاستثمار ، ومحاسبة المسئوليات ، والتكاليف المعيارية ، واتخاذ القرارات ، والموازنات الرأسمالية والجارية ، والتدفقات النقدية ، وقوائم الدخل والمركز المالي ، والتسعير ، والتحويلات ، وقوائم التغير في المركز المالي … الخ. حيث يجب أن تركز الرقابة المالية على الربحية والعائد على الاستثمار ، وذلك كله من خلال تقسيم العمل داخل المنظمة إلى وحدات متوسطة وصغيرة (أي تصغير الحجم Down Size) حتى يمكن تفعيل دور الرقابة وتفصيل دورها ، وصولا إلى الأهداف الرقابية المنشورة.
وترجع تسمية لامقياس بقياس الأداء المتوازن نظرا لكونه مفهوم العام يعبر عن خلق مثلث متساوي الأضلاع ومتوازن بين:
1- مدخل الربحية.
2- مدخل السوق.
3- المدخل الرقابي عليها.
إن قياس الأداء المتوازن يجب ألا يعيدنا إلى المذاهب التقليدية التى تعقد أن الكثير من المشاكل وطرق حلها لا تحقق درجة المثالية للإدارة فيها إلا بواسطة الإدارت الداخلية ، أن الإداء المتوازن لابد وأن يعمل على استيضاح العوامل المؤثرة طويلة المدى التى قد تتجاهلها الإدارة أو عدم الاهتمام بالأداء الجيد للوحدات الهامشية التى قد تكون ذات تأثير قوي على تحقيق التوازن.
الرقابة المالية الإستراتيجية ورأس المال المعرفي:
لقد شاع استخدام مصطلح رأس المال المعرفي (أو الفكري) منذ أول تسعينات القرن العشرين المنصرم ولقد تباينت الآراء حول مفهومه وتعريفه وتقييمه ، ألا أن المعنى الأكثر شيوعا له ما يطلق عليه Packaged Useful Knowledge بمعنى مجموعة من القدرات المفيدة والتى تنفرد بها المنظمة من غيرها. ويفسر ذلك التعريف أن بعض الشركات يتم تقييمها بقيمة أكبر من مجموع أصولها المادية والملموسة والواردة بدفاترها وحساباتها وميزانيتها.
هذا وتمثل رأس المال المعرفي فيما تستحوز عليه المنظمة من قدرات بشرية هائلة يمثل في جوهرة مقدرة المنظمة على تنظيم أصولها وإعطائها ميزة تنافسية قوية بحقلها قادرة على الاستمرار والبقاء والنمو المضطرد ، وحيث أن هذا المورد سريع التقلب فإن المنظمة تعمل على استقراره وتنميته مما يؤدى إلى زيادة في قيمتها السوقية ولم يترك ذلك إلا من خلال ربط الكفاءة والمقدرة بالمنظمة على نحو أكثر ديمومة ، مع تكوين رأس مال هيكلي ذو قدرة إنتاجية عالية الكفاءة مما يخلق نوعا من الطمأنينة لدى جميع المستفيدين من خدمات المنظمة الداخليين والخارجيين ويوضح الشكل رقم (4-3) الهيكل الاستراتيي الفكري كعنصر مؤثر في تحديد القيمة السوقية للمنظمة.
وعموما فإذا ما سعت المنظمات والشركات والمنشآت والمؤسسات والهيئات إلى تكوين رأس مال غير ظاهر وغير مثبت في ميزانيتها العمومية التقليدية ، فسوف يقع على كاهل القائمين على الرقابة المالية والإدارية عبء الإثبات والتقييم ، وسوف يتطلب ذلك خلق معايير محاسبية مالية مستحدثة يكون غرضها التقييم بعد الإثبات وإعطاء درجة من الرقابة الاستراتيجية على الكيفية التى يتم تقييم تلك الأصول الغير مادية والرقابة عليها وتحليل انحرافاتها أن وجدت وإعطاء القتارير المالية التى تخلق نوعا من التوازن المالي والإداري.
وفي مفاهيم الرقابة الإدارية ، لا يوجد تبرير للقيام بعملية المقارنة والتركيز عليها بدرجة أساسية مع الأصول المادية ، وإذا ما تم اعتبار الرقابة الإدارية رقابة استراتيجية فسوف يصبح من المهم وبدرجة كبيرة أن تعمل وسائل الرقابة الإدارية للتوصل إلى الكيفية التى ينبغي أن تقوم المنظمة بإنشاء رأس مال فكري ووسيلة تحقيق ذلك وكيفية إنجاحها.
المحور الثالث
إدارة المخاطر المحاسبية للرقابة المالية الاستراتيجية
المخاطر المحسوبة ووسائل قياسها:
إن المضامين الجوهرية التى يشملها مفهوم قياس الأداء المتوازن تفرض على المنظمة أن تكون رأس المال الذي ستحتاجه لكي تنمو وتتطور على المدى الطويل ، وقد كان هذا المفهوم شائعا ؟؟؟؟؟ الثمانينات مثل التعرف نحو العملاء ، المسئولية اللامركزية ، ترشيد الإنفاق والتكاليف والتدفقات السريعة ، على الرغم أن تلك السياسات كانت تشوبها الكثير من المشاكل علاوة على أن الواقع أثبت ضرورة خلق وسائل جديدة مع تطوير المضامين السابقة.
لقد اهتمت المنظمات في بداية الثمانينات بتحليل مركز العملاء وتحليلها وكان التحليل يقود إلى استنتاجات بشأن ما يسمى بالخصائص التى ينبغي أن تتصف بها المنظمة كأن يتم تحديد الغرض من العمل واستراتيجياته وأهدافه وكانت المنظمات تتكيف مع الأسواق المتوقع غزوها والموقف التنافسي. كل ذلك كان مفيدا ولكن ربما لم يكن كافيا.
إن تقدم ونجاح أي منظمة يعتمد غلى قدرتها في استيعاب المخاطر المكمة وفي الكيفية التى تمكنهم من التغلب عليها وصولا إلى نفس الاستنتاجات السابقة ، ونجاح أي منظمة لا يتطلب بدرجة أساسية أن تحدد طبيعة العمل ، والسؤال الذي يتعين عليه الإجابة عنه هو ما إذا كان هناك أمل في إنجاح الرقابة المالية بعبارة أخرى – ليس فقط ” ما الذي يلزم ؟ ” ولكن أيضا ” لماذا نحن ” وتعتمد الإجابة على ما يمكننا أن نفعله: كفاءتنا وقدرتنا ، لكن تحديد ماهية الكفاءات والقدرات التى سنحتاجها لا يعني أننا يمكن أن نكتسبها بين عشية وضحاها ، وذلك لأننا لكي نحقق نجاحا متواصلا طويل المدى ، يجب أن نكتسب القدرات المناسبة في الوقت المناسب ، والاتصاف بالذكاء والفطنة يتطلب الإعداد الجيد عموما.
لقد طورت المقالات التى تناولت الاستراتيجية خلال عقد التسعينيات هذه الفكرة أكثر حيث أشار كوين Quinn (1992) إلى ” المنشأة الذكية ” وشدد على أهمية بناء “قدرة محورية ” وتعهدها بالرعاية(5).
وحتى الشركات الصناعية تتجه أكثر للاعتماد في موضع ما من سلسلة القيمة على حلقة وصل مكونة من خدمات أو أنشطة فكرية. ويذهب كوين إلى أن المنشأة لا يمكنها البقاء دون أن تصبح رائدة عالمية في جانب ما في هذه الطبيعة وذلك النوع من القدرة وهو ما ينبغي غرسه ورعايته ، أما كل شيء عداه تقريبا فيمكن شراؤه من الآخرين. وقد شدد اثنان من كبار الأساتذة الأمريكيين في مجال استراتيجية العمل وهما هاميل وبراهلاد(6) Hamel and Prahald (1994) على الكيفية التى يجب بها أن تبنى الشركة قدرتها.
إن المنافسة على المستقبل إنما هي منافسة على النصيب من الفرص وليس النصيب في السوق … ما هي القدرات الجديدة التى ينبغي عليها بناؤها وكيف يجب أن يتغير تعريفنا ” لسوقنا المخدومة” حتى يتسنى لنا الاستحواذ على نصيب أكبر من الفرص المستقبلية ؟”.
وعندما يتكلم هاميل وبراهالاد (1994) عن القدرات ، فإنهما يقصدان أن اكتسابها يتطلب المراكمة الصبورة المثابرة للمعرفة والفهم. ولابد لنا أن نسأل أنفسنا ” ما الذي يمكننا أن نفعله ولا تستطيع الشركات الأخرى أن تجيد أداءه مثلنا بسهولة ؟” إننا من خلال غرس القدرة المناسبة في وقت مبكر بما يكفي نفتح أمامنا طريقا لتبؤ مكانة ريادية يمكننا الحفاظ عليها(2).
ولكي نحقق ذلك ، علينا نركز على ناحية واحدة من نواحي المقدرة أو عدد قليل منها ، حتى عندما يكون طموحنا مقصورا على أن نصبح الأفضل على مرمى البصر وليس في العالم ، ولكن لحسن الحظ أن الاستعانة بآخرين ليقوموا بالباقي صار أمرا سهلا الآن بفضل عوامل كثيرة منها تحسن الاتصالات. ولا ينبغي علينا أن نحاول أن نفعل بأنفسنا أي شيء يمكن لشخص آخر أن يفعله بصورة أفضل(2).
وهكذا يعيدنا مفهوم القدرات المحورية من جديد إلى الفرضية التى تقول أن رأس المال الفكري هو ما ينبغي على الشركة أن تطوره وتلخص العبارات التالية فكر واحد من كبار الباحثين في هذا المجال (روميليت 1994)لرقابة-المالية-الاستراتيجية-بين-إدارة-المخاطر-واقتصاديات-المعرفة-من-منظور-الأداء-المتوازن6).
* تدعم القدرات المحورية العديد من المنشآت والمنتجات.
* المنتجات والخدمات هي فقط مظهر مؤقت من مظاهر القدرة المحورية ، فالأخيرة تنمو وتتطور ببطء أكبر وهي أكثر استقرارا من المنتجات. القدرة معرفة ولذا فهي تزداد مع الاستخدام.
* على المدى الطويل ، سوف تحدد المقدرة وليس المنتجات من سينجح في المنافسة.
كيف يوحى لنا شخص ما بالتحمس للمخاطرة بالاستثمار في رأس المال الفكري ؟ ما هي النسب الرئيسية الممكن استخدامها للرقابة على مثل هذه المشروعات ؟ ما الذين ستعنيه الفرص التى تطرحها تكنولوجيا المعلومات بالنسبة للتفاعل بين أفراد مبدعين ذوى عقلية مستقلة ؟.
هل للمؤسسة شكل مناسب لأداء العمل إذا لم يكن رأس المال المحفوف بالمخاطر ذا طبيعة مالية بالأساس ؟ إن ما تشير له مجالات الإدارة الأمريكية باسم ” الاقتصاد الجديد ” يثير كثير من القضايا المثيرة ولكنه لم يقدم سوى عدد قليل من الإجابات حتى الآن سوف يتعين علينا أن نستخدم معرفة واقتراحات الموظفين المعنيين استخداما كاملا. وإلا فإننا قد نتجاهل شيئا نحن في أمس الحاجة إلى معرفته ، كما سنخفق أيضا في الحصول على الالتزام الذي يشعر به الأفراد نتيجة للمشاركة في مناقشاتنا لسبب قيامنا بما نقوم به(2).
ومن بين الأسباب الرئيسية التى تجعل قياس الأداء المتوازن ضرورة أن المزيد من الأفراد – كثير من الأفراد – ينبغي أن يقرروا ويكونوا على وعي بالافتراضات التى ترتكز عليها أعمالنا. إن مفهوم قياس الأداء المتوازن يضيف بعدا استراتيجيا للرقابة الإدارية ، ومن خلال إشراك كثير من الأفراد في المناقشة ، يمكننا جميعا من فهم السبب في أننا نؤمن باختيارك لما نريد أن نكون عليه(2).