يحاول المرء بالحياة جاهدًا أن يـَجد طريق التوازن فيها، وكلما تشتت أو تبددت عنه السُّبل السَّوية، توقف وفكَّر طويلاً أو قليلاً.. ومهما كانت مدة وقوفه فهو يحاولُ أن يجد الوضوح الذي يُعِينه للتقدم للأمام.. إذ لا طريق تستمر ما لم تكن واضحةً بينةً..
في طريقه ذاك يتعبُ كثيرًا.. ويتأذَّى أيضًا.. يُلاقي من الأسى والحزن والجروح والتوهان ما يُلاقي.. وتختلف درجات التحمل والاصطبار والتقوِّي على المِحن مِن فردٍ لآخر، ومن قلبٍ لآخر، ومِن شخصيةٍ لأخرى
يسعى المرء في الحياة لأهدافٍ يريدها، يلف الأهداف هاته رغباتٌ داخليةٌ قد تكون شديدةً أم مُلحَّة.. يرغب بتحقيقها لتستكين النفس وتستمرّ بالحياة برضًا
ولكن قد يُصادَفُ أن لا يقدر المرء على تحقيق المُراد، حينما يقف الزمن والمكان والكم والكيف والظروف…إلخ عائقًا أمام رغباته، فإمَّا يضطر للقبول بالواقع الموجود، ويتأقلم مع الظروف المُحيطة التي لا يملك غيرها -رغم عدم رغبته بها- وإمَّا يسعى بإلحاحٍ لرغباته التي قد لا يُساعده الواقع على تحقيقها، فيكون كمن يطلبُ ثلاجة ماءٍ باردةٍ وسط صحراءٍ قاحلةٍ..
قد يتشتت أكثر حين لا يستطيع الوصول لما يريد، ولكنه قد ينجحُ ويحالفه الحظ بشجاعته واندفاعه اللذيْن خالفا الوقائع، وتحديا الظروف.. ولكن هل مثل هاته النتيجة مضمونةٌ دومًا؟؟
والتسؤلات التي تطرح نفسها:
-بين ما نريد وما هو موجود، مُعضلة إيجاد سبيل متوازن.. فكيف يجد المرء مثل هذا السَّبيل؟
-حينما يفقد المرء ما يريد لأن الموجود هو ما يملك، فهل تنازله عن الذي يريد، يُعـدُّ انهزامًا يكسِر نفسه، أم أنها منطقيةٌ تميِّـزُ عاقـِل؟
-ثـمَّ بين عاقلٍ يرضخُ للواقع ويجد له مكانًا فيه، وعاقلٍ يتشبث بمُراده مهما كانت العراقيل، أيهما الأعقل؟