بقلم : م/ أشرف المصرى – خبير التنمية البشرية وتطوير الذات
إن نجاح الداعية مرتبط بقدرته التأثيرية في المدعوين
، ولا شك أن التأثير لا يأتي عفواً ولا عرضاً
، كما أنه قطعاً لا يفرض فرضاً ،
بل هو مرتبط بمؤهلات ومواصفات لابد للداعية منها لتكون له شخصيته المؤثرة ومنها :
1- التميز الإيماني والتفوق الروحاني
، الذي يكون الداعية به عظيم الإيمان بالله ، شديد الخوف منه ، صادق التوكل عليه ، دائم المراقبة له ، كثير الإنابة إليه ، لسانه رطب بذكر الله ، وعقله مفكر في ملكوت الله ، وقلبه مستحضر للقاء الله ، مجتهد في الطاعات ، مسابق إلى الخيرات ، صواّم بالنهار قواّم بالليل – مع تحري الإخلاص التام وحسن الظن بالله – ، وهذا عنوان الفرح وسمت الصلاح ومفتاح النجاح ، إذ هو تحقيق لمعنى العبودية الخالصة لله ، وهي التي تجلب التوفيق من الله فإذا بالداعية مسدد.. أن عمل أجاد ، وأن حكم أصاب ، وأن تكلم أفاد.. ومثل هذا ينطبق عليه وصف السلف بأنه ” من تذكرك بالله رؤيته “.
2- الزاد العلمي والرصيد الثقافي
، حتى يجد الناس عند الداعية إجابة التساؤلات ،
وحلول المشكلات ، إضافة إلى أن ذلك هو العدة التي بها يعلّم الداعية الناس أحكام الشرع ، ويبصرهم بحقائق الواقع ، وبه أيضاً يكون الداعية قادر على الإقناع ، وتفنيد الشبهات ، متقناً في العرض ومبدعاً في التوعية والتوجيه.
3- رجاحة العقل وحسن التدبير
، فلا سذاجة تضيع بها معاني القيادة ، ولا غضب يشوه صورة القدوة ، ولا طيش ولا خفة تطمس معالم الهيبة ، وللداعية في الأوزاعي مثل يحتذى عندما بين ضريبة القدوة بقوله : ” كنا نضحك ونمزح. ولما صرنا يقتذى بنا خشينا أن لا يسعنا التبسم ” فلابد للداعية من الاتزان والهيبة ، وأن يكون صاحب عقل يرجح إذا اختلفت الآراء ، ويحلل ويدلل إذا فقد الإدراك وغاب التصور ، ويتقن به ترتيب الأولويات ، واختيار الأوقات ، واستغلال الفرص والمناسبات وحسن التخلص من المشكلات ، والقدرة على التكيف مع الأزمات.
4- رحابة الصدر وسعة الخلق
وذلك ليستوعب الداعية من حوله من الناس ، فإنه كما أثر ” لن تسعوا بأموالكم ولكن تسعوهم بأخلاقكم “.
وللناس مطالب كثيرة ، وتساؤلات عديدة ، تحتاج من الداعية إلى الاحتمال ، لأن الاحتمال – كما قيل – قبر المعايب ، ولأن سعة الأخلاق رابط للناس ، ومؤثر فيهم ، فهذا رجل جاء إلى أبي إسحاق الشيرازي فجالسه ثم قال : ” .. فشاهدت من حسن أخلاقه ولطافته وزهده ، ما حبب إلى لزوم صحبته فصحبته إلى أن مات “.
والناس يلتفون حول من يعين محتاجهم ، ويغيث ملهوفهم ، ويتفقد غائبهم ، ويؤثروهم على نفسه ، ويفيض عليهم من حبه ، ويقوي صلته بهم بالأخوة ، ويعمق الامتنان بالإحسان.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم **** فطالما استعبد الإنسان إحسان
5- الجرأة الواعية والثبات الراسخ
، فالناس في الملمات يحجمون ، وتتقدم بالداعية جرأته في الحق مصحوبة بحكمته في التصرف ، فإذا هو المقدم الذي تشخص إليه الأبصار ، وتتعلق به القلوب ، ويصفه الناس بالشجاعة والإقدام ، وعند المصائب يتخاذل البعض ، ويتخلف آخرون ، ويتلون فريق ثالث ، ويبقى الداعية كالطود الشامخ ، وحسبك في ذلك موقف الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – في يوم حنين . ثبت فكان بؤرة التجمع ونقطة الانطلاق نحو الانتصار.
6- الاستمرار والابتكار
، فالعمل المنقطع يتبدد أثره ، والعمل المتكرر يبعث الملل ويفقد الحماس ، وتنويع الأساليب باعث على التشويق ، ودليل على الإثراء وكثرة العطاء .
هذه بعض الملامح ، فهل يعي الدعاة أن الضعف في التأثير والتغيير يكون في بعض الأحيان عائداً إلى قصورهم ، وعدم استكمالهم لمعالم الشخصية المؤثرة !!.