الشخصية النرجسية واحدة من أصعب الشخصيات في الشركات وليس من السهل ادارة الموظف صاحب الشخصية النرجسية لذلك ففي هذا المقال سنوضح كيف تنجح ادارة الموارد البشرية في ادارة الموظفين اصحاب هذا النوع من الشخصيات وسنشرح ايضا سمات الشخصية النرجسية ونقاظ الصعف والقوة لديهم
كان جورج مدير تنفيذي رفيع المستوى في شركة ضخمة لخدمات الانترنت، مشاركًا في أحد البرامج لتطوير المهارات القيادية. على الرغم من أنه شخص موهوب جدا، إلا أنه كان يعتبر مصدر إزعاج داخل المجموعة.
إذ يميل دائمًا لإحتكار المحادثة، أيًّا كان الموضوع. واتفق الجميع على انه ليس مستمعًا جيدًا. فكلمَّا تكلم شخص آخر، سرعان ما ينفذ صبره ويحاول تغيير الموضوع إلى شيء أقرب لاهتماماته. وكان لديه عادة التقليل من قيمة عمل الآخرين مع التركيز على نجاحاته و تضخيمها. كان من الواضح تماما للمشاركين الآخرين أن جورج كان ينظر إلى أغلب الناس باعتبارهم أقل من معاييره. لم يكن من المفاجئ أن معظم المجموعات لم تحب جورج ووجدت صعوبة كبيرة في التعامل معه.
يبدو في كثير من الأحيان أن امتلاك خصال الشخصية النرجسية مثل العظمة و التباهي بالذات و الغرور شرط مسبقًا للوصول إلى المستويات التنظيمية العليا. حيث يتمتع الأشخاص النرجسيون بالكاريزما مما يساعدهم على المُضي قدمًا. ولكن على الرغم من فعالية دافعهم وطموحاتهم في دفع المنظمات إلى الأمام، فإن السلوك النرجسي المفرط يمكن أن يخلق الفوضى ويؤدي إلى انهيار المنظمة. و يمكن القول، أن الموظفين اصحاب الشخصية النرجسية حسودون بطبعهم، لذلك تراهم دومًا يقاتلون من أجل الفوز مهما كانت التكاليف. فهم يرون أنفسهم “متميزين”، ولا يقارنون أنفسهم إلا بغيرهم من “ذوي المكانة الخاصة” أو المرتفعة.
علاوة على ذلك، فإن الأفراد اصحاب الشخصية النرجسية لديهم شعور قوي بالاستحقاق.عندما لا يتلقون المعاملة الخاصة التي يعتقدون أنهم يستحقونها، فإنهم يفقدون صبرهم أو يغضبوا تمامًا. و بما أن لديهم عقلية القيام بما يتماشى مع مصالحهم، يصعب عليهم تمييز و التعرف على مشاعر واحتياجات الآخرين. فالإحساس بالاخرين لا يحدث تلقائيًا لديهم. و لأنهم حساسون للغاية، فإنهم يواجهون صعوبة في تقبل النقد، و يشعرون بسرعة بالأذى، و يبالغون في ردة فعلهم و يتخدون موقفًا دفاعيًا. و على الرغم من أنهم يتركون انطبعًا للأخرين بأن لديهم تقديرًا كبيرًا لذواتهم، فإن العكس هو الصحيح في كثير من الأحيان. تحت قشرة الثقة الخارجية، هناك شرخًا من عدم الثقة و الأمان يؤرقهم. والواقع أن شجاعتهم تشكل جهدا بطوليا للتعويض عن ضعفهم العميق. فهم يتعاملون مع الانتباه الإيجابي كنوع من مسكنات الألم.
كل هذا يخلق تحديات لأولئك الذين سيتعاملون مع الشخصيات النرجسية وبخاصة موظفي ومديري ادارة الموارد البشرية وما يزيد الطين بلة أن هؤلاء النرجسيون يرفضون الاعتراف بأنهم يواجهون مشكلة.
فكيف سيطلبون المساعدة، وهم يعتقدون أنهم أفضل من أي شخص آخر؟
كيف يمكنهم التعلم من الاخطاء ان لم يعترفوا انهم قد فعلوا واحدة ذات مرة؟
و قد جرب المعالجون النفسيون العديد من العلاجات مع الأفراد النرجسيين. و جميعها تستغرق وقتًا طويلًا. فالسمات الشخصية لا تتغير بسرعة، إن وجدت. من تجربتي في إدارة ورش العمل القيادية، تعلمت بعض التقنيات التي تقدم نتائج واعدة. و ها هي نصيحتي.
اخلق شعورًا قويًا من الترابط بين الفريق. إن إعداد المجموعة يجعل التصرف المختل أكثر وضوحا، وأكثر قابلية للسيطرة، وأكثر قابلية للنقاش، وبالتالي أقل قبولًا. إن ضغط الزملاء سيدفع النرجسي إلى التكيف مع قواعد و قيم الجماعة. وعلى هذا فإن الأقران هم الذين سوف يضطلعون بدور “المنفذين”، لتشجيع النرجسيين على الاستماع إلى الآخرين والتعاطف معهم.
استخدم هذا الفريق القوي لتعزيز تعليقات الأقران. بالنسبة إلى النرجسيين ، غالبًا ما يكون تلقي ردود فعل من أقرانهم أقل تهديدًا من تلقيه من شخص أو قائد واحد. بالطبع، من الصعب تجاهل التعليقات الصادرة من العديد من الأشخاص أكثر من ردود الفعل الصادرة عن شخص واحد. إذا تم تسهيل ديناميات المجموعة بفعالية، فإن وجهة نظر النرجسيين عن أنفسهم، سوف تبرز وتعكس و يتم تحديها، ويمكن تعديلها.
اجعل مكان العمل أمنًا و مرحًا بعض الشيء. يمكن أن يصبح هذا النوع من البيئة مكانًا يتعلم فيها الأشخاص النرجسية تطوير الثقة واستكشاف الحدود وقبول الملاحظات وزيادة الوعي الذاتي. في مثل هذه البيئة، سيتمكن أقران النرجسي بمواجهته بسلوكه المسبب للمشكلة بشكل بناء وفي الوقت نفسه تقديم قدر ضئيل من التفهم له.
لا تواجه النرجسي مباشرًة. بدلًا من ذلك، ادعم الفريق. بالعودة إلى جورج، كان منسق المجموعة حريصًا جدًا على عدم مواجهته بقوة عندما تصرف بشكل غير لائق في جلسات تطوير قيادة المجموعة. عند الحاجة، تعاطف القائم بالتدريب مع جورج (يظهر أنه متفاجأ و متأثر) نتيجة المواجهات والتعليقات التي قدمها أقرانه. في نفس الوقت، مكّن القائم بالتدريب أقران جورج من عدم قبول طريقته في السيطرة على المحادثات، و مقاطعته عندما يستمر في التحدث لفترة طويلة، وبالتالي جعله يدرك أنه لا يحتاج دائمًا إلى أن يكون أذكى شخص في المكان.
مع مرور الوقت، تعلم جورج التعاطف مع الآخرين. وبينما كان يمارس الاستماع، تعلم من تجاربهم. اكتشف أن النقد البناء من الآخرين قد يكون مفيدًا، بدلاً من أن يدمر احترامه لذاته. في النهاية، أدرك جورج عدم ملائمة العديد من توقعاته، وأن العالم لم يدور حوله وحده. لقد بدأ في استيعاب بعض أنماط سلوك الآخرين، والتي اكتشف أنها طرق أكثر فاعلية في التعامل مع تحديات الحياة.
بالطبع، سيكون التعامل مع النرجسيين تحديا لزملاء العمل ولمسئولي ادارة الموارد البشرية ، سواء كان ذلك في إطار مجموعة أو غير ذلك. لن يتمكن بعض هؤلاء الأشخاص من تحمل ضغط المجموعة عليهم. لن يكونوا قادرين على التعامل مع التعليقات النقدية من أقرانهم، وقد يقررون الاستقالة و ترك العمل.
ولكن مغادرة النرجسي للفريق لا ينبغي أن يكون القلق الأكبر للمدير؛ بل عليه القلق من أن هذا النرجسي قد يدفع بعض أعضاء الفريق الآخرون للإستقالة، بعد التعب من الطريقة التي يجب أن يتعامل بها النرجسيون. و من الصعب أيضًا التعامل مع شعور النرجسي بالاستحقاق، وعدم التعاطف مع الأخرين، و حاجته إلى الشعور بالتمييز. ولكن إذا تمكنت من إنشاء مجموعة ديناميكية تحافظ على تلك الاتجاهات وتساعد على تنمية الوعي الذاتي لدى كل فرد في فريقك، فستبقى أفضل موظفيك – وستحصل على الأفضل من البقية.