كثير من الناس يرى في الخداع والمراوغة، فن ودهاء وحنكة ويعتبر ذلك بأنها مهارة مع أن ذلك كذب ونفاق وتدليس والكذب لا ينجي صاحبه أبدا مهما ظن ذلك
وكما يقولون الصدق منجاة والكذب مهلكة تحضرني تلك القصة التي تؤكد ذلك وأن الصدق وقول الحقيقة هما طوق النجاة الوحيد في أي موقف مهما تعقد او تأزم.
حيث تقول الحكاية: “بينما كان حطاب يحطب ويجمع الحطب ويصنع منه أكواماً قبل نقله إلى بيته، إذا بشاب يركض ويلهث من التعب، فلما وصل إليه طلب منه أن يخبئه في أحد أكوام الحطب كي لايراه أعداؤه الذين هم في أثره يريدون قتله.
فقال الحطاب: أدخل في ذلك الكوم الكبير، فدخل وغطاه ببعض الحطب كي لا يرى منه شيء…. وأخذ الحطاب يحتطب ويجمع الحطب.
وبعد قليل أبصر الحطاب رجلين مسرعين نحوه فلما وصلا سألاه عن شاب مر به قبل قليل ووصفاه له، وإذا به الشاب نفسه المختبئ عنده، فقال لهم: نعم لقد رأيته وخبأته عنكما في ذلك الكوم ابحثوا عنه فإنكم ستجدونه والشاب في كوم الحطب يسمع الحديث، فكاد قلبه يقف لشدة الخوف والهلع عندما سمع الحطاب يخبرهم بمكانه.
فقال أحدهما للآخر: إن هذا الحطاب الخبيث يريد أن يشغلنا في البحث عنه في كوم الحطب الكبير هذا ليعطيه فرصة للهرب، لا تصدقه، فليس من المعقول أن يخبئه ثم يدل عليه، هيا نسرع للحاق به. ومضيا في طريقهما مسرعين.
ولما ابتعدا واختفيا عن الأنظار خرج الشاب من كوم الحطب مذهولاً مستغرباً، وقد بدت عليه آثار الاضطراب والخوف والغضب، فقال معاتباً الحطاب: كيف تخبئني عندك وتخبرهم عني، أليس لك قلب يشفق؟! أليست عندك رحمة.. أليس.. أليس…؟
فقال الحطاب: يا بني إذا كان الكذب ينجي فالصدق أنجى ووالله لو كذبت عليهم لبحثوا عنك ووجدوك ثم قتلوك.. سر على بركة الله وإياك والكذب وأعلم أن الصدق طريق النجاة.
وأخيرا كما يقول العلماء فالصدق ثلاث
الصدق مع الله: وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله، فلا يكون فيها رياءٌ ولا سمعةٌ، فمن عمل عملا لم يخلص فيه النية لله لم يتقبل الله منه عمله، والمسلم يخلص في جميع الطاعات بإعطائها حقها وأدائها على الوجه المطلوب منه.
الصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد روي أن النبي قال: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) [البخاري].
الصدق مع النفس: فالمسلم الصادق لا يخدع نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال: (دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة) [أحمد والترمذي والنسائي]..
فاللهم اجعلنا من الصادقين واحشرنا في زمرة الأ نبياء والصالحين والصادقين يا رب العالمين.