ذات صلة

جمع

انخفاض أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)

انخفض متوسط أسعار الدواجن الحية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء،...

الثلاثاء 29 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم

استقرت أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية، فى بداية تعاملات...

الثلاثاء 29 أكتوبر 2024.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور

استقرت أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق الجملة المحلية، خلال تعاملات...

الإسكان: حلول فورية وعملية لاستكمال المشروعات المتأخرة بالمدن الجديدة غرب القاهرة

عقد المهندس أمين غنيم، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية...

البنك المركزي يسحب سيولة بقيمة 1.1 تريليون جنيه من 24 بنكاً عبر عطاء السوق

سحب البنك المركزي المصري سيولة بقيمة 1.133 تريليون جنيه...

الطاقات الإنسانية

الإنسان عبارة عن طاقة تتحرك على الأرض، فبمقدوره أن يدفع عجلة الحياة إلى مزيد من التقدم، ويكون إضافة متينة ثمينة في سير هذه الدنيا.

ولا اعتبار للإنسان الخامل الذي يكون عالة على أمته، غير آبه لها، ولا يضيف إلى رصيدها شيئاً من طاقته المكنونة وإمكاناته المكنوزة.

 

قالتْ لي الأرضُ لِمَ سألتَ       أيا أمُّ هل تكرهين البشر؟

أحبُّ مِن الناسِ أهلَ الطموحِ    ومنْ يستلذُّ ركوبَ الخطرْ

وألعنُ مَنْ لا يماشي الزمانَ     ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

هكذا أقول دائماً: إن الحياة أصابتها التخمة من كثرة المشائين على سطحها دون جدوى، أولئك البطونيون الذين لا تتجاوز اهتماماتهم مجرد ما يملأ بطونهم، ويسدّ جوعتهم، ويضمن مبيتهم.

متناسين حجم الدور الذي يجب أن يزاوله الإنسان تجاه مجتمعه وأمته وقبل ذلك نفسه، وأن يعيش فاعلاً نشطاً يبعث في الحياة روح العطاء والفأل والبناء.

ولا يرضى لنفسه أن يكون عضواً مشلولاً لا ينتفع منه أحد، ولا يكون مع الخوالف والقاعدين ممن تقاصرت نفوسهم دون صراع النجاح، وتحاقرت هممهم منازل الأقوياء، ويرضى بالدون من العيش.

 

الطاقات الخاملة

 

لقد مُنيت الأمة بخسارة عظيمة، وهي تفتقد كل حين واحداً من طاقاتها، وقد اختار لنفسه الخمول والدعة، وطُبع في ذهنه أنه فقير لا يملك أن يحرك في الأمة ساكناً، ولا يغيّر من ملامحها شيئاً.

إن أشد ما يؤلمني صاحب موهبة مكنوزة لم تُكتشف بعد، وإن بدت ملامحها، وتبدّت ناصيتها، وأكثر ما يؤسفني أرتال الطاقات المعطلة التي لم تُستفزّ بعد لسبب أو لآخر.

(قلْ اعملوا) واقلبوا الدنيا، واجبروا العالم على أن يحترم أنفسكم، ولتستنفع الأمة من خيراتكم، ولتضيفوا إلى رصيدها شيئاً من طاقاتكم، ولتعملوا فيها بمعاولكم.

(قمْ فأنذر) وانشر الخير والبشر والفأل في كل جانب، قمْ وأيقظ الهمم الراقدة والنفوس الراكدة والجفون المغمضة عن خيري الدنيا والآخرة، (بلّغوا عني) وانفثوا في الأرواح التي كبّلتها قيود التخلف والجاهلية، وارفعوا صوت الحق مجلجلاً، واصدحوا بنداء الفضيلة، ولتعلوا راية الخيرية على أغلال الرذيلة وأبواق الباطل الماحق.

(احرصْ على ما ينفعك، واستعنْ بالله ولا تعجزْ) ولا تدعْ للأوهام والتشكيك في طاقاتك أن يطرأ عليك ويغمر أفكارك، وافتحْ نافذة الحياة في داخلك، وأيقظْ عملاقك، واصنعْ ذاتك.

ولم أرَ في عيوبِ الناسِ شيئاً    كنقصِ القادرين على التمامِ

 

الطاقات المهدرة

 

ليس أقل أسفاً من الطاقات الخاملة، هذه الطاقات المهدرة التي تذهب فلا تعود، وتُستنزف فلا تتلملم ثانية. إنها تغرد خارج السرب، وتغني بغير لحننا المعروف، وتولد خارج الرحم.

(عاملة ناصبة)، فهي وإن أزهقت نفسها وكدّت في سبيل رسالتها المغلوطة، وجهدت للوصول لهدفها المشوّه، لتبقى نتاجاتها منحرفة دخيلة على مجتمعنا، رسالتها مغلوطة، وسيرها مشبوه، وفكرتها مدخولة.

تلك الأكوام من الجهود الفارغة التي ترمي الأمة وتقوّض بناءها الحصين، تلك الطاقت المهدرة التي ترهق الأمة، وتأخذ من مخزونها، دون أن تعود بأدنى فائدة لها.

إنها دعوة لمراجعة النفس والعودة من جديد إلى الصف وتوحيد الجهود للهدف المنشود، للجميع من المتشدّدين والمتشدقين والفنانين والكتاب والإعلاميين ممن يطبل للأعداء، ويفتح ثغرات واسعة على الأمة، ويزيح الطريق للمتربصين لاستلاب الأمة والانقضاض عليها.

إن الطاقة التي تذهب وتلجلج منزوعة من هويتنا، مسلوبة من ملامح شخصيتنا، ذاهبة بخيرها إلى غيرنا، لا تستحق أن نصفق لها، حتى لو تبدلت حقائق النجومية والبطولة؛ فإن البطل الحقيقي الذي لن تنساه الأمة: هو ذلك الرجل الذي يتنسم عبيرها، ويرتدي ثوبها، ولا يتنكر لها.

 

الطاقات الحيّة

 

إنهم أعداد الناجيحن الذين يعملون للأمة، ويعيشون همومها، ويكدون من أجلها، تلك الطاقات الغيور التي تعتمل في الإنسان، وتتحرك باتجاه خدمة ثوابت الأمة.

لله درّ أولئك الذي يعيشون لغيرهم، ويقسمون أجسامهم في جسوم كثيرة، وينتفع منهم من دونهم، ويضيفون إلى الأمة مزيداً من القيمة والاستحقاق لقيادة العالم. إنهم من يتنفس هواء الأمة، ويعيشون بمثابة قلبها النابض، ويساهمون في مشروع إعادة تأهيل الأمة لتصدر الكون وريادته.

(إن الله يحب المحسنين). إن مثل هذه الطاقات حقيقة أن تنال منا الإعجاب والتقدير، وجدير بأصحابها أن نجعلهم (مانشيتات) مضيئة في صحافتنا وعناوين (بالبنط) العريض، لنطهر الأرض من لوثات من يصطاد في الماء العكر، وينوي بالأمة الشر والانسلاخ من هويتها، ونخفّف من وطأة النجومية الزائفة التي أزكمت أنوفنا وأدوخت عقولنا.

(الناس كإبل مئة لا يكاد يجد فيها الرجل راحلة) كهذا هم، علامة فارقة في الحياة وشامة في جبين الأمة، عملة نادرة عزيزة على الوجود أمام النسخ المتكررة من المثبطين والقاعدين المتراكمين على صدر الأمة كغثاء السيل.

(وإن الله لمع المحسنين) لا غرو أن يجدوا كل هذا التأييد والدفع من الله، ثم من جموع الأمة التي ملّت تلك الوجوه الشائهة التي تتفصد منها رغبات دخيلة لا نعرف لها أصلاً بيننا ولا منبت، جديرة مثل هذه الطاقات الفاعلة أن تنال من الله التأييد والولاية، وأن تكلأها رعاية المولى، وهي تسير في سلك العبودية، وفي سبيله عز وجل.

أيقظوا طاقاتنا الخاملة، وأعيدوا توجيه طاقاتنا المهدرة، لنصبح طاقات حيّة، نحيي في نفوس الأمة المجد من جديد.