إن التاريخ كما يقال ليس أعمى فهو يعرف من يكتب فلا يكتب إلا العظماء الذين كانت لهم بصمة في هذه الحياة , هؤلاء العظماء هم الذين يخلد التأريخ ذكرهم , وتبقى سيرهم منقوشة على صفحاته على مر العصور وتعاقب الدهور . فكم
هم أولئك العظماء الذين ما زالوا في الذاكرة ؟! مع أنه مرّ على موت بعضهم مئات السنين لكنهم عرفوا كيف يأخذوا مواقعهم بين آلاف البشر ! فهل هناك أحد لا يعرف الفارق عمر ؟ أم هناك من لا يعرف بطل حطين وقاهر الصليبيين ؟! أم هناك عالم أو مثقف محترم تخلوا مكتبته من كتب ابن تيمية وابن القيم وابن حجر …… ؟!
لقد حفل تاريخنا الإسلامي بعظماء لم يعرف التأريخ البشري مثلهم . لكن يبقى السؤال هل عاش أولئك العظماء في تلك الحقبة الزمنية لوحدهم ؛ ولذا لم يعرف غيرهم؟! أم أنهم عاشوا بين ملايين البشر؟! وهنا يطرح سؤال أيضا أين الذين كانوا معهم ؟! لماذا لم يذكرهم التاريخ ؟! والجواب باختصار إن التأريخ لا يعرف إلا العظماء .
أما من يعيش على هامش الحياة …يأكل ويشرب ….ينام ويستيقظ……. ليس له دور في حياة الأمة غاية ما يحمله من الهم , هم العشق والهيام وفي أحسن الأحوال يصرف جهده ووقته في فضول المباحات وسفاسف الأمور فأمثال هؤلاء لا يتشرف التأريخ بمعرفتهم !!
وربما طرح سؤال آخر , ألم يذكر التأريخ النمرود وفرعون وقارون وهامان …؟ الجواب نعم .. قد ذكرهم لكن من يريد أن يُذكر كما ذُكر أولئك الجبابرة !!
إن الأمة بحاجة في هذا الزمن إلى عظماء يعيدون لهم عزها ومجدها وكرمتها المسلوبة في زمن ضرب الذل بأطنابه في أرجاء أمتنا المنكوبة .
وعندما يكون العظماء هم القادة الذين يسوسون الناس ؛ يأتي النصر والعزة والتمكين. كتب ملك فرنسا جرج الثاني رسالة إلى خليفة المسلمين في الأندلس هشام الثالث ومما جاء فيها ” ….. فقد سمعنا عن الرقي الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة ؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يجتاحها الجهل من أركانها الأربعة ” ثم ختمها بقوله (من خادمكم المطيع جورج الثاني ملك فرنسا !!) يا ترى هل تعود الأمة إلى تلك الأيام العامرة التي يعتز المسلم فيها بدينه ويفتخر أنه من أمة الإسلام ؟! أقول هذا ليس على الله بعزيز وأنا متفائل رغم الجراح فالأمة مازالت تنجب العظماء والبطال عن أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره” [ رواه الترمذي2869 وقال الألباني حسن صحيح ] والله سبحانه وتعالى يقول (وتلك الأيام نداولها بين الناس ) ولكن لابد من العودة إلى الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء وليعلم كل واحد منا أنه يستطيع أن يقدم لأمته خيرا وأن لديه قدرات فيجب ألا يعطلها ؟ فهل حدثتك نفسك يوما من الأيام أن تكون عظيما من عظماء الأمة ؟ فماذا أجبتها ؟ !!
ليس الطموح إلى العلياء من سفه *** ولا السمو إلى حق بمكروه
إن لم أنل منه ما أروى الغليل به *** قد يحمد المرء ماء ليس يرويه
منقوووووووووووووووووووووووووول للفائده