القدرات:

القدرات:

هناك حقيقة شائعة مضمونها: أن الناس خلقوا متساويين. وهذا صحيح ولكنها لا تعني أن جميع الناس خلقوا متساويين في قدراتهم على أداء مختلف الأعمال، وإنما تعني أنهم متساويين في حق إستخدام تلك القدرات في مختلف المواقف. فالناس لديهم قدرات مختلفة تؤهلهم للقيام بأعمال مختلفة: فهذا قدراته تؤهله ليكون مهنياً بارعاً، والآخر قدراته تؤهله ليكون لاعب ممتاز، والثالث ليكون طبيباً ماهراً وهكذا. وهذه القدرات يمكن تصنيفها في مجموعتين :قدرات عقلية (وتتضمن القدرة على القيام بالأعمال الفكرية والثانية بدنية وتتضمن القدرة على القيام بالأعمال التي تحتاج إلى مجهود بدني.

(#أ) القدرات العقلية:

حينما يتحدث الناس عادة عن القدرات العقلية فقد يقصدون الذكاء العقلي والذي يتضمن القدرة على فهم الأفكار المعقدة، والتكيف الفعال مع البيئة، والتعلم من الخبرة، والتصرف الحكيم في مختلف المواقف، والتغلب على العواقب بفكر ثاقب. ويتفاوت الناس من حيث مقدار مايمتلكونه من تلك القدرة، كما تتفاوت الأعمال من حيث مقدار ماتحتاجه منها في الأفراد الذين سيؤدونها بنجاح، فمثلاً نجد أن النجاح في وظائف الإدارة العليا يتطلب جهداً عقلياً كبيراً في تجميع وتحليل وتفسير قدر هائل معقد من المعلومات في حين أن بعض الأعمال قد لا تتطلب ذلك، لأنها أعمال روتينية تتم وفق إجراءات عمل محددة. والذكاء بمفهومه الحديث لا يتضمن قدرة واحدة وإنما هو عبارة عن مجموعة من القدرات، وبذلك يمكن أن يأخذ الذكاء صيغاً عديدة أكثرها ارتباطاً صفتين: الأولي: ما يسمي بالذكاء العملي والثانية: ما يمكن تسميتها بالذكاء العاطفي.

1. الذكاء العملي:

يتضمن الذكاء العملي القدرة على استنباط الطرق العملية الفعالة لإنجاز الأعمال في الواقع والتصرف العملي في مواجهة المشاكل اليومية، ويمكن إرجاع سر نجاح الأفراد الذين لديهم قدر كبير من الذكاء العملي إلى ما لديهم من خبرات ومعارف كامنة وتتميز تلك الخبرات الكامنة بالخصائص الآتية:

– أنها ذات توجهات عملية. بمعني أنها تتضمن المعرفة بكيفية إنجاز أو تسيير في الواقع العملي.

– أنها تسمح للأفراد بتحقيق الأهداف المفيدة عملياً بالنسبة لهم.

– يمكن اكتسابها دون الحاجة إلى مساعدة مباشرة من الآخرين، فالفرد يكتسبها بنفسه ويعرف حقيقة قيمتها دون حاجة إلى مساعدة.

2. الذكاء العاطفي:

هناك نوع آخر من الذكاء أشار إليه دانيال جولمان وهو الذكاء العاطفي ويتضمن مجموعة القدرات التي لها علاقة بجانب المشاعر والعواطف في الحياة ويتضمن الذكاء عدة مكونات هي:

– القدرة على معرفة وتنظيم وضبط المشاعر، فالأشخاص الذين يتمتعون بقدر عال من الذكاء العاطفي لديهم القدرة على فهم مشاعرهم والتحكم فيها.

– القدرة على معرفة مشاعر الآخرين والتأثير فيها، فالأشخاص الذين يتمتعون بقدر عال من الذكاء العاطفي يرفون كيف يستطيعون استمالة مشاعر الآخرين نحوهم وفي أي الظروف يمكن أن يحدث ذلك.

– الدافع الذاتي للعمل، فالأشخاص الذين يتمتعون بقدر عال من الذكاء العاطفي بإستطاعتهم تحفيز أنفسهم على العمل بجد في مختلف الأنشطة ويقاومون أي إحباط.

– القدرة على تكوين علاقات فعالة وطويلة الأجل مع الآخرين، فهؤلاء الذين يمتلكون قدراً عالياً من الذكاء العاطفي بإستطاعتهم تنمية علاقاتهم بالآخرين مع مرور الزمن. ومن العوامل التي تساعدهم في ذلك: مهاراتهم في التعاون مع الآخرين، وفي حل مشاكل العلاقات الشخصية المعقدة وقدرتهم على اكتساب ثقة الآخرين.

وقد أظهرت العديد من الدراسات وجود علاقة بين قوة الذكاء العاطفي (القدرة على قراءة الآخرين) ونجاح رجال الأعمال، وكذا بالنسبة لنجاح بعض أساتذة الجامعات بسبب تزايد قدرتهم على استمالة الآخرين والتأثير فيهم.

3. قدرات عقلية أخرى: إلى جانب الذكاء العملي والذكاء العاطفي فهناك عقلية أو فكرية أخرى يمكن أن يكون لها تأثيرها في مجال السلوك التنظيمي مثل:

– سرعة الإدراك: وتتضمن القدرة على المعرفة السريعة لأوجه الشبه والاختلاف في البواعث المرئية: (يستطيع المصمم أن يدرك بسرعة النماذج غير العادية في القماش مثلاً).

– الاستعداد الحسابي: ويتضمن القدرة على التعامل مع الأرقام بسرعة ودقة كافية.

– الرؤية المكانية: وتتضمن القدرة على تخيل كيف تبدو الأشياء باختلاف الأماكن (فمثلاً بالنسبة لمصمم المباني كيف أن يختلف التصميم بإختلاف الأماكن).

(#ب) القدرات البدنية:

تحتاج مختلف الأعمال إلى قدرات جسمانية وبدنية مختلفة ومن أهم تلك القدرات:

1. القوة:القدرة على إستخدام القدرة البدنية ضد الأعراض المختلفة.

2. المرونة: القدرة على تحريك الجسم بسرعة من وضع لآخر.

3. قوة التحمل: القدرة على ممارسة الأنشطة البدنية لمدة أو لفترات طويلة.

4. السرعة: القدرة على التحرك بسرعة.

وفي الواقع العملي نجد أن بعض الوظائف تحتاج إلى قدرات بدنية أكثر من القدرات العقلية، في حين أن وظائف أخرى تحتاج بدرجة أكثر إلى القدرات العقلية أكثر من حاجتها للقدرات البدنية مثل: وظائف الإدارة، والوظائف التخصصية وبوجه عام فإن الكثير من الوظائف يحتاج إلى مزيج من نوعي القدرات فلاعب الكرة المحترف مثلاً يحتاج إلى قوة بدنية عالية بالإضافة إلى بعض القدرات العقلية مثل سرعة الإدراك والذكاء العاطفي وما شابه ذلك.