الافتراض الرئيس في فكرة التمكين أن سلطة اتخاذ القرار يجب أن يتم تفويضها للموظفين في الصفوف الأمامية لكي يمكن تمكينهم للاستجابة بصورة مباشرة لطلبات العملاء ومشاكلهم
واحتياجاتهم. ويتضح أن فكرة التمكين تتطلب التخلي عن النموذج التقليدي للقيادة الذي يركز على التوجيه إلى قيادة تؤمن بالمشاركة والتشاور. وهذا بدورة يتطلب تغيير جذري في أدوار العمل ومن ثم العلاقة بين المدير والمرؤوسين. بالنسبة لدور المدير يتطلب التحول من التحكم والتوجيه إلى الثقة والتفويض، أما بالنسبة لدور المرؤوسين فيتطلب التحول من أتباع التعليمات والقواعد إلى المشاركة في اتخاذ القرارات. ويبرز دور القيادة التحويلية حيث يمثل تمكين العاملين أحد الخصائص التي تميز القيادة التحويلة عن القيادة التبادلية. حيث يتميز القيادة التحويلة بأتباع أساليب وسلوكيات تشجع على تمكين العاملين كتفويض المسؤوليات، تعزيز قدرات المرؤوسين على التفكير بمفردهم، وتشجيعهم لطرح أفكار جديدة وإبداعية Dvir et. Al., 2002)). ويرى Bennis and Nanus ( 1985) أن القائد العظيم يعمل على تمكين الآخرين لمساعدتهم على تحويل رؤيتهم إلى حقيقة المحافظة عليها. حيث يؤكد الكاتبان أن القادة الذين يتمتعون بسلوك تحويلي لديهم القدرة على إمداد مرؤ وسيهم بالطاقة والإلهام لتمكينهم من التصرف عن طريق إمدادهم برؤية للمستقبل بدلاً من الاعتماد على أسلوب العقاب والمكأفات. فالقيادات التي تملك الرؤية يمكن أن تخلق مناخ المشاركة وتهيؤ الظروف المساعدة للتمكين التي عن طريقها يستطيع الموظفين أن يأخذوا على عاتقهم السلطة لاتخاذ القرارات التي تعمل على تحقيق الرؤية. وبجانب إمداد الموظفين بالرؤية، فالقيادة التحويلة تتميز بقدرتها على خلق السلوك الإلهامي الذي يعزز الفاعلية الذاتية للعاملين للوصول إلى الهدف ( Bassand Avolio,1993). وتتميز القيادات التي لديها توقعات وطموحات عالية بقدرتها على تعزيز الفاعلية الذاتية للموظفين وتحفيزهم لبناء المبادرة الفردية لتحقيق الهدف ( Eden, 1992 ).
وقد قدمت دراسة Quinn and Spreitzr (1997) رؤية متعمقة لكيفية تغيير سلوك القيادة لكي يمكن للتمكين أن يضرب بجذور في المنظمة. حيث طرحا مجموعتين من الأسئلة التي تحتاج من كل مدير أو مشرف أن يجد إجابة لها:
المجموعة الأولى: بعض الأسئلة الصعبة
· إذا كان الشعور بوضوح الرؤية الاستراتيجية احد الخصائص الرئيسة للبيئة الممكنة، هل أعمل بصورة مستمرة لتوضيح ادرا ك الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي بالاتجاة الاستراتيجى ؟
· إذا كان الانفتاح وفرق العمل من خصائص البيئة الممكنة، هل اعمل جاهداً وبصورة مستمرة لمشاركة واندماج الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
· إذا كان النظام والتحكم من خصائص البيئة الممكنة، هل اعمل بصورة مستمرة لتوضيح التوقعات المتعلقة بالأهداف والمهام وخطوط السلطة للأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
· إذا كان الدعم والآمان من خصائص البيئة الممكنة، هل عملت بصورة مستمرة على حل النزاعات والصراعات فيما بين الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
المجموعة الثانية: بعض الأسئلة الصعبة
· إلى إي مدى لدى شعور بمعنى العمل الذي اقوم به، وما يجب على ان اقوم به لزيادته؟
· إلى إي مدى لدى إحساس بالقدرة على التأثير والقوة، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
· إلى إي مدى لدى شعور بالكفاية والثقة للقيام بتنفيذ عملي، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
· إلى إي مدى لدى شعور بالاستقلالية والقدرة على الاختيار، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
وتظهر هذه الأسئلة أنة قبل أن نبدأ بالعمل على أيجاد بيئة عمل يمكن من خلالها تمكين الآخرين، يجب أن نبدأ أولا بتمكين أنفسنا. حيث يجب على القيادة الادارية أن تكون مثلاً يحتذي به من قبل العاملين، وتبدأ بعملية التغيير الذاتية. وهناك بعض الأعمال التي يمكن أن يقوم بها القائد ليصبح نموذجاً إيجابيا يقتدي به العاملين كأن يعلن قيم واضحة ويدعمها بالسلوك والممارسة، وأن يكون مثالاً يحتذى به.
السؤال، ما مواصفات القيادات الادارية التي تدير منظماتنا في الوطن العربي، وهل تلك القيادات على استعداد لتقبل مفهوم التمكين؟
· في ظل عدم ثقتها بقدراتها.
· في ظل عدم وجود رؤية واضحة.
· في ظل غياب القدوة الادارية.
· في ظل غياب القدرة على الاختيار.