تعتمد المحاسبة المالية على كثير من المفاهيم و المبادئ التي نشأت وتطورت على مدى التطور التاريخي للمحاسبة. وكثيرًا ما يطلق عليها إسم المبادئ المحاسبية المتعارف عليها أو المقبولة قبولاً عامًا Generally Accepted Accounting Principles وهي توضح الطريقة أو الإجراءات التي يتم بها معالجة مفردات القوائم المالية بشكل يؤدي إلى تجانس سجلات وقوائم المنشآت التي تظهر بها مثل هذه البنود. ومن أهم هذه المبادئ ما يلي:-
1- الوحدات المحاسبية: Accounting Entity : ( استقلال الوحدة المحاسبية )
من وجهة نظر المحاسبة، تعامل كل منشأة على أنها وحدة منفصلة عن مالكيها وعن المنشآت الأخرى ولها شخصيتها المعنوية المستقلة إستقلالاً تامًا عن مالكها بصرف النظر عن الشكل القانوني لها. ويمثل هذا المبدأ محور الاهتمام الذي يدور حوله النظام المحاسبي. ولذلك فلكل منشأة سجلاتها المحاسبية، ونظامها المحاسبي من تحديد، وقياس، وتسجيل، وإحتفاظ وتبليغ للمعلومات المحاسبية. فالمعاملات المالية الخاصة بالمالك ليست جزءًا من المنشأة المملوكة له ولا تثبت في السجلات المحاسبية الخاصة بتلك المنشأة إلا إذا كانت ذات تأثير مباشر عليها.( مثال : رأس المال والمسحوبات )
2- الوحدات النقدية: Monetary Unit
لا بد من إستخدام صيغة مفهومة لمستخدمي المعلومات المحاسبية عند تسجيل أو تبليغ تلك المعلومات، وهذا بالضرورة أدى إلى مفهوم الوحدة النقدية أو القياس النقدي، والذي يعني أن المحاسبة المالية تقوم بقياس الموارد (الأصول) والتعهدات (الإلتزامات) والتغيرات فيها (الدخل) في شكل وحدات نقدية (ريال سعودي، دولار أمريكي…الخ) بإعتبار أن النقود تعتبر وحدة قياس نمطية ملائمة لتحديد وتقرير تأثير العمليات المختلفة.
3- التكلفة التاريخية: Historical Cost :
يعني مبدأ التكلفة التاريخية أن المعاملة المالية تثبت على أساس كمية النقود الفعلية (التكلفة) التي إستخدمت في التبادل لتلك المعاملة. بعد إثبات تلك المعاملة فإن التكلفة تفيد في الدفاتر المحاسبية وتظل على ما هي عليه دون النظر إلى أي تغيير لا حق قد يحدث (فيما عدا الإستخدام) في قيمة تلك المعاملة. فمثلا شراء قطعة أرض تسجل بالقيمة التي إشتريت بها وتظل في السجلات بهذه القيمة بغض النظر عن التغيرات التي قد تحدث لقيمة الأرض فيما بعد. ولا شك أن التمسك بإتباع مبدأ التكلفة التاريخية يرجع إلى سهولة التحقق من تلك القيم وإستنادها إلى أسس موضوعة. وهناك إتفاق عام بين مستخدمي ومعدي القوائم المالية على أهمية وضرورة إستخدام مبدأ التكلفة التاريخية في تسجيل المعاملات المالية في الدفاتر وبالتالي إستخدام القيم التاريخية كأساس لقياس عناصر القوائم المالية.
4- الإستمرارية: Going Concern :
يقصد بالإستمرارية أن المنشأة وجدت لتستمر وأن المنشأة مستمرة في عملياتها لفترة من الزمن تكفى لإنجاز تعهداتها الموجودة، في ظل غياب دليل موضوعي على عكس ذلك. وترتيبًا على ذلك يتم تقييم الأصول على أساس التكلفة التاريخية ويتم تجاهل قيم التصفية للأصول والإلتزامات وآثارها على الدخل، فضلاً عن أن التمييز بين الأصول الثابتة والأصول المتداولة والخصوم قصيرة الأجل والخصوم طويلة الأجل هو نتيجة لتطبيق مبدأ إستمرارية المنشأة.
5- الفترة المحسابية: Accounting Period :
لكي يتم قياس نتيجة نشاط المنشأة (الوحدة المحسبية) بدقة تامة فإن الأمر يستلزم الإنتظار حتى يتم تصفية أعمال هذه المنشأة، وهو الأمر الذي يعد غير منطقي أو عملي نظرًا للحاجة الملحة لمستخدمي المعلومات المحاسبية لمعرفة نتيجة أعمال المنشأة أولا بأول حتى يستطيعوا التصرف في ظل رؤية واضحة وإتخاذ قرارات إقتصادية سليمة. لذلك يتم تقسيم حياة المنشأة إلى فترات دورية غالبًا ما تكون (سنة مالية) وفي نهاية كل فترة يتم قياس نتيجة أعمال المنشأة من خلال مقابلة مصروفات الفترة بإيرادات نفس الفترة، كما يتم إعداد قائمة المركز المالي في نهاية تلك الفترة.
6- المقابلة: Matching :
نتيجة لتقسيم حياة المنشأة إلى فترات دورية فإن الأمر يتطلب لتحديد صافي دخل الفترة المحاسبية أن يحمل إيراد الفترة بجميع المصروفات التي ساهمت في تحقيق هذا الإيراد بغض النظر عن واقعة تسديد هذا المصروف. وهذا ما يعرف بمبدأ مقابلة الإيراد بالمصروف، وهو من المبادئ المحاسبية الهامة والتي تعتمد عليها كثير من الإجراءات المحاسبية التي ترتبط بتحديد نتائج الأعمال في نهاية الفترة.
7- التحقق (الإعتراف بالإيراد): Revenue Recognition :
يعني هذا المبدأ أن المنشأة لا تعترف بالإيراد وتسجله في دفاترها إلا بعد تحققه فعلاً، ويتم تحديد نقطة تحقق الإيرادات عند حدوث واقعة البيع ويتم ذلك عند تسليم السلعة المباعة أو تقديم الخدمة، حيث أنه عند هذه النقطة تتم عملية التبادل المادي ويتوفر دليل موضوعي على تحقق الإيراد.
8- الإستحقاق: Accrual :
يعني هذا المبدأ أنه عند قياس صافي الدخل الخاص بالفترة ، فإن الإيرادات التي تؤخذ في الإعتبار هي تلك الإيرادات التي تخص الفترة سواء حصلت أو لم تحصل، كما أن المصروفات التي تؤخذ في الإعتبار هي تلك المصروفات التي تخص الفترة سواء سددت أو لم تسدد. وهذا يعني أن تتم المحاسبة عن العمليات المالية بصرف النظر عن إقترانها بالتدفقات النقدية الداخلة أو الخارجة.
9- الثبات (التجانس): Consistency :
يعني هذا المبدأ أنه عند قيام المنشأة بإتباع إجراء أو أسلوب محاسبي معين فإنه يجب أن لا يغير من فترة لأخرى. ويعد مبدأ الثبات مبدأ هامًا لأنه يساعد مستخدمي القوائم المالية على تفسير التغيرات في المركز المالي والتغيرات في قائمة الدخل. ويمكن تصور مدى الغموض الذي ينتج إذا تجاهلت المنشأة مبدأ الثبات وغيرت الأساليب المحاسبية كل فترة. فإن أي منشأة يمكنها أن تؤثر في صافي الربح من سنة لأخرى زيادة ونقصا بمجرد تغييير الأساليب المحسبية المتعبة. ويلاحظ أن مبدأ الثبات لا يعني أن المنشأة لا يمكنها مطلقًا أن تغير أساليبها المحاسبية المتعبة، بل يمكن للمنشأة أن تغير الأسلوب المتبع والتحول إلى أسلوب جديد إذا كان هذا الأسلوب يوفر معلومات أكثر فائدة بالنسبة للمستخدمين مقارنة بالأسلوب الجاري إستخدامه. ولكن يجب الإفصاح عن مثل هذا التغيير والآثار الناتجة عنه في القوائم المالية حتى لا يتم تضليل المستخدمين كما يجب الثبات عبد ذلك على الأسلوب الجديد.
10- الإفصاح: Disclosure :
ويعني هذا المبدأ أنه عند إعداد القوائم المالية يجب أن يكون هناك علانية تامة، بحيث لا يتم إخفاء أي معلومات أو بيانات قد تضر بالمستفيدين من هذه القوائم، أو قد تساهم في إتخاذ قرار معين. ويجب على المحاسب أن يلتزم جانب الحياد عند إعداد هذه القوائم وذلك بالإفصاح التام عن جميع المعلومات بغض النظر عن مدى تأثيرها على هذه القوائم.
11- التحفظ (الحيطة والحذر) Conservatism :
في الكثير من المواقف المتعلقة بتقييم الأصول وتحديد الدخل، تكون هناك عدة قيم تمثل بدائل في مجال التقييم. وفي هذه الحالة فإن المحاسب يختار البديل الذي يترتب عليه عدم زيادة قيمة الدخل وبالتالي عدم زيادة قيم عناصر الأصول بقائمة المركز المالي. وهذا المفهوم يعد تطبيقًا لقاعدة الحيطة والحذر بمعنى عدم أخذ الأرباح المتوقعة في الإعتبار إلا عند تحققها فعلا.( تكوين مخصصات )
12- الأهمية النسبية: Materiality
يقصد بالأهمية النسبية أن الإهتمام بتوفير الدقة في معالجة وتحليل المعلومات المحاسبية يتوقف على مدى أهميتها النسبية على قائمة الدخل وقائمة المركز المالي. ففي حين أنه يجب من الناحية النظرية معالجة جميع العناصر كبرت أم صغرت بنفس الطريقة، إلا أنه في الواقع العملي كثيرًا ما تهمل الطريقة الصحيحة للمعالجة عند ما ترتبط بقيم صغيرة نسبيا. فعلي سبيل المثال يمكن توزيع تكلفة السيارة التي تقدر فترة إستخدامها بثلاث سنوات على فترات الإستخدام. بينما لا يتم توزيع تكلفة المهمات المكتبية التي يقدر إستخدامها خلال نفس الفترة وذلك نظرًا لأن تكلفة مثل هذا التوزيع لا تتناسب مع العوائد التي يمكن الحصول عليها من المعالجة الأكثر دقة.