السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يقصد بالمدرسة في علم النفس مجموعة من علماء النفس لهم افكار خاصة او وجهات نظر معينة في مفهوم النفس
اولا المدرسة الاستبطانية
بدأت هذه المدرسة على يد العالم الالماني فونت ثم جاء بعده العالم الامريكي وليام جيمس
منهج المدرسة
الاستبطان العلمي هو تطوير منهجي لخاصية إنسانية هي قابلية الإنسان لأن يتأمل ما يجري في شعوره، ويدلي بتقارير لفظية تصف ما يجري داخله. إن هذا النوع من الاستبطان يسمى الاستبطان العفوي. ويمكن للباحث النفسي تقنين هذه القابلية وجعل الاستبطان العفوي قصدياً ومنهجياً، حين يحلِّل المستبطِنُ شعوره ويعرف دوافع هذا الشعور ومجرى تتابعه، ويحاول البحث عن القوانين التي تنتظم الأحداث النفسية بموجبها، ومن أجل ذلك اقترح ستاوت تنظيم الاستبطان منهجياً في مراحل ثلاث:
ـ الانتقال من وجهة النظر الذاتية إلى الموضوعية، أي أن يجعل الفرد شعوره موضوعاً خارجاً عنه.
ـ تأمل الحادث النفسي وتحليله.
ـ الإجابة عن أسئلة محدودة لها أهمية نظرية.
وإلى جانب هذه المراحل تُنظَّم الشروط التي يتم الاستبطان في إطارها من حيث راحة المستبطن وعدم تقطيع تأمله بالمثيرات الخارجية.
حدود الاستبطان
يبدو الاستبطان ملائماً لموضوعات معينة في علم النفس، فهو يلائم الجانب الباطني في الحياة النفسية، ويجعل موضوعه الكائن الإنساني الفرد العاقل الراشد السوي ولذلك ظل الاستبطان سائداً في الدراسات النفسية حتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وبعد اتساع مجالات تلك الدراسات أدخلت إليه موضوعات جديدة، دفعت بالمنظرين النفسيين، ولاسيما السلوكيين منهم إلى توجيه نقدٍ مُرٍ للاستبطان، إذ رأى السلوكيون، على اختلاف مشاربهم، أن الحياة النفسية تتجلى في السلوك، وأن ما يسمى بالمشاعر والحياة النفسية الداخلية قابلة كلها لأن تظهر على شكل سلوك خارجي قابل للملاحظة الخارجية. وتأسيساً على ذلك رأوا أن المنهج التجريبي، والملاحظة الخارجية هما السبيلان الأمثلان لمقاربة هذه الحوادث، وخاصة بعد أن أدخل علم النفس التعلّمَ ضمن مباحثه فضلاً عن استحالة تطبيقه في دراسة الطفل والحيوان والجانب اللاشعوري من الشخصية.
ولم يوجه الانتقاد إلى الاستبطان من هذه الوجهة فحسب بل جادل بعضهم في أساسه الإبستيمولوجي، وشككوا بتقنية النتائج التي يُسفر عنها، وأهم هذه الاعتراضات:
ـ أن نزعة البشر الطبيعية موجهة إلى مشاهدة العالم الخارجي، ومن ثمّ حين تُعكس المسألة، و يُجعل الشعور موجهاً إلى الداخل، تُقسرُ الطبيعة البشرية على القيام بما يُخالف نزعتها.
ـ لاحظ هنري هيد [ من التجارب الاستبطانية التي أجراها عام 1908 أن المشاعر الوجدانية خالية من أي عنصر تصوري، مما يعد مأزقاً يحول دون قدرة المستبطن على وصف هذه المشاعر.
ـ ينقل الاستبطان الخبرة والمشاعر الذاتية، فهو من ثَمَّ مشبع بالعامل الذاتي مما يُفقده واحدة من أهم خصائص المنهج العلمي وهي الموضوعية، والوصول إلى تعميمات كُلية. ومع وجاهة هذا الانتقاد فإن المدافعين عن الاستبطان رأوا أن العنصر الذاتي يتوافر في الملاحظة الخارجية المعتمدة على الإدراك، وذلك لأن الملاحظ قد يمزج أوهامه الإدراكية بالواقع.
ـ أن من الصعوبة بمكان انعكاس الشعور على ذاته. فعندما يضع الغاضب مثلاً غضبه موضع تأمل يبدد هذا الغضب ويلاشيه، وبالتالي فإن من المستحيل أن يغضب الإنسان ويتأمل غضبه في الآن عينه. أما إذا استبدل بذلك تأمل الحادثة النفسية بعد وقوعها، فلا بد من استرجاعها من الذاكرة، والذاكرة كما هو معروف لا تخزن الخبرة على ما هي عليه بل تعمل فيها حذفاً واصطفاءً، وبالتالي فالتأمل التالي لحدوثها لا يقع عليها بل على صورتها في الذاكرة.
ومع هذه الانتقادات كلها، فإن الاستبطان منهج لا يمكن الاستغناء عنه كلياً. إذ ما دام كل حادث نفسي يرافق بطانة وجدانية داخلية، وما دام علم النفس بطبيعته يزاوج بين الفردي والجمعي فإن ثمة حيزاً يُشغله الاستبطان بالتآزر والتناوب مع المناهج الأخرى، فضلاً عن أنه استعاد بعضاً من مكانته في الفلسفة الظاهراتية (الفينومينولوجية ) التي اتخذت من الذات المدرِكة الشاعرة موضوعها الأساسي، ورأت أن المسألة الجوهرية في الظاهراتية هي الدراسة الوصفية للشعور.