اشكر اخي على هذه الفائدة العظيمة التي وجدتها حقيقة ولمستها بحكم عملي في هذا الجانب وهو محاسب في احد البنوك اليمنية واسمحولي ان اقدم مداخلة بسيطة عن المصارف الاسلامية
والتي قام باعدادها/ د. محمد شريف بشير-جامعة بترا – ماليزيا
المصارف الإسلامية : الحلم يتحقق!!
2001/3/ جامعة بترا – ماليزيا د. محمد شريف بشير- 18
حين آتب الأستاذ محمود أبو السعود آتابه حول معالم الاقتصاد الإسلامي، لم يستوعب الكثير
إمكانية ترجمة تعاليم الإسلام إلى نظم تحكم الحياة الاقتصادية والتجارية، حتى أبرز د. محمد عبد الله
العربي الفكرة في تصور عملي من خلال آتابه: “المعاملات المصرفية المعاصرة والنظرية الإسلامية” (
١٩٦٦ ) وعزز ذلك د. عيسى عبده في آتابه: “بنوك بلا فوائد”، وانطلقت المسيرة في شبه القارة
الهندية بكتابات متميزة؛ آإسهامات نجاة الله صديقي منذ ١٩٥٨ ، وغيره من الاقتصاديين المسلمين،
وعلماء الشريعة الإسلامية، ورجال الأعمال الرواد، أمثال الأمير محمد الفيصل والشيخ صالح الكامل
اللذين سددا المسيرة وقوا عودها؛ حتى وصل اليوم عدد المؤسسات المالية الإسلامية على امتداد
العالم إلى ١٧٠ مصرفًا ومؤسسة في غضون ٢٥ سنة فقط، وتبلغ الاستثمارات التي تديرها إلى أآثر
من ١٥٠ مليار دولار، وصارت المصارف الإسلامية واقعًا جديدًا، يحظى بالقبول العالمي، وتتسابق
المؤسسات المصرفية الأجنبية للأخذ بالتجربة، واحتفت بالتجربة مراآز البحوث بالجامعات الغربية،
وعكفت مؤسسات التمويل الدولية على دراسة النموذج الإسلامي.
وتمثل اليوم آلٌّ من إيران والسودان أآثر الدول الإسلامية التي تطبق النظام المصرفي
الإسلامي، وتمنع التعامل الربوى في جميع مصارفها، بينما تتجه باآستان إلى تطبيق قانون إسلامي
يمنع الفوائد الربوية في جميع المؤسسات المالية والمصرفية العاملة في البلاد بحلول يوليو القادم، أما
دول أخرى مثل ماليزيا والسعودية والبحرين والإمارات ومصر والكويت؛ فإنها تسمح بوجود النظامين
المصرفيين، جنبًا إلى جنب، الإسلامي والربوي، دون أن تلزم قانونًا بإجراء المعاملات المالية على
أساس تحكمه الشريعة الإسلامية.
تطورات عالمية
يمكن أن نرصد جملة من التطورات بالغة الأهمية بالنسبة للصناعة المصرفية الإسلامية على
النحو التالي:
١) تنتظم العديد من المؤسسات المالية الإسلامية في عملية إعادة هيكلة واندماج لمواجهة )
تحديات العولمة في شكل مؤسسات آبيرة وفعالة تمثلت في:
• عملية اندماج بين مصرف فيصل الإسلامي بالبحرين والشرآة الإسلامية للاستثمار
الخليجي، وآلاهما يتبع دار المال الإسلامي، المملوآة لرجل الأعمال السعودي الأمير محمد
الفيصل، وآونت المؤسستان مصرف البحرين الشامل.
• تأسيس شرآة البرآة القابضة التابعة لمجموعة دلة البرآة التي تتعامل بالنظام
الإسلامي برأسمال مدفوع قدره ٥٦٠ مليون دولار، وستقوم الشرآة الجديدة بإدارة حوالي ٢٥
مصرفًا تابعًا لمجموعة البرآة.
• زيادة رأسمال بنك دبي الإسلامي أول المصارف الإسلامية لأآثر من ٢٧٠ مليون
دولار، بعد أن تعرض لهزة مالية عنيفة في أواخر التسعينيات بسبب مشكلة مخالفات مالية،
الأمر الذي دفع السلطات النقدية في الإمارات لإعادة ترتيب أوضاع المصرف الإدارية والقانونية،
وإعادة رسملة المصرف.
• مصرف أبوظبي الإسلامي، أحدث المؤسسات المصرية الإسلامية تأسيسًا، وصل
رأسماله إلى مليار درهم إماراتي، ومزود بإدارة متمرسة، لديها آفاءة في استقطاب الودائع
وتطوير المنتجات المالية.
٢) اتجاه معظم المصارف الإسلامية إلى تأسيس المحافظ الاستثمارية المحلية وصناديق )
الاستثمار في الأسهم العالمية، الأمر الذي أدى إلى توظيف السيولة الكبيرة لدى هذه المصارف،
وتوسع قاعدة السوق، وازدياد الخدمات المالية والاستثمارية.
استطاع مصرف أبوظبي الإسلامي أن يطرح لأول مرة في منطقة الخليج صندوقًا إسلاميًّا؛ لتوزيع
الأصول والمسمى صندوق “هلال”. ودخلت آثير من المصارف الإسلامية الأخرى هذا المجال، وبرزت
شرآات الوساطة المالية التي تتيح فرصة التعرف على الأسهم والأوراق المالية التي يتم التعامل فيها
وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وتعد شرآة “إسلام آي آيو” أول مؤسسة إسلامية في مجال الإدارة المالية، ولديها موقع على
شبكة الإنترنت؛ لتقديم خدمات التمويل والاستثمارات، والتي من بينها شراء وبيع الأوراق المالية
الإسلامية بالأسواق الأمريكية؛ حيث تتيح الشرآة تصفح أسهم أآثر من ٦ آلاف شرآة مدرجة
بالأسواق الأمريكية، وتحديد ملاءمتها للاستثمار الإسلامي من الناحية الشرعية، وتمكين العملاء من
إجراء المعاملات التي يرغبونها على ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، ولا يسمح بالمتاجرة في
السندات، والصكوك الربوية، وعمليات البيع على المكشوف، والفوائد على الفواتير، وحسابات الهامش
لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية.
٣) اتجاه العديد من المصارف التقليدية إلى التحول إلى مصارف إسلامية؛ حيث بدأ مصرف )
الجزيرة السعودي إجراءات التحول إلى مصرف إسلامي، بعد نجاح عملياته الاستثمارية الإسلامية،
وتلبيةً لرغبة عملائه في إتمام المعاملات بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، وحديثًا أعلن بنك
الشارقة الوطني رغبته الأآيدة في التحول إلى مصرف إسلامي.
٤) تزايد الاهتمام العلمي بالتجربة وتطويرها؛ فكثرت الدراسات والأبحاث العلمية، واضطلعت )
المجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي في جدة، الذي قام بدور بارز في هذا المجال. وما
زالت الندوة الفقهية الاقتصادية السنوية التي تنظمها مجموعة البرآة – منذ أآثر من عشر سنوات –
تشكل منتديًا يجمع بين العلماء المختصين في مجال الاستثمارات والمصارف الإسلامية بصدد مداولات
وإصدار رأي فقهي جماعي حول القضايا المالية المعاصرة.
هذا بالإضافة إلى المنتديات والمؤتمرات التي يرعاها البنك الإسلامي للتنمية بجدة، ومنظمة
المؤتمر الإسلامي، واتحاد المصارف الإسلامية، والبنوك المرآزية في آلٍّ من السودان وباآستان
والبحرين وماليزيا، وبعض المعاهد المتخصصة في بريطانيا والبحرين وباآستان. ومن ناحية أخرى تطور
اهتمام الجامعات الإسلامية إلى درجة منح الشهادات الجامعية في هذا المجال، وتعتبر جامعة أم
درمان الإسلامية رائدة في مجال المصارف والاقتصاد الإسلامي؛ حيث تمنح درجات علمية، وتنظم
دورات في مجالات الصيرفة والمالية الإسلامية، وتُعد أول مؤسسة جامعية في العالم تنشئ قسمًا
للاقتصاد الإسلامي منذ ١٩٦٨ ، ولكلية التجارة بجامعة الأزهر دور رائد في هذا المجال؛ ففي رحابها
أقيم مرآز صالح آامل للاقتصاد الإسلامي، وتبع ذلك وجود تخصصات الاقتصاد الإسلامي في الجامعة
الإسلامية العالمية في باآستان وبعض الجامعات السعودية، خاصة جامعة الملك عبد العزيز التي
أسس فيها مرآز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، وآذلك الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا.
٥) تطور أداء هيئات الرقابة الشرعية؛ فعلى صعيد الدول نجد أن السودان حقق تقدمًا في هذا )
الصدد، بعد أسلمة النظام المصرفي بالكامل، وتكوين هيئة عليا للرقابة الشرعية بالبنك المرآزي
السوداني (بنك السودان)، وصدور العديد من التشريعات والقوانين التي تنظم أعمال المصارف في
ضوء تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. أيضًا هناك ماليزيا وباآستان؛ حيث تضطلعان بدور بارز في هذا
الصدد؛ فالأولى آونت وحدة للرقابة الشرعية تابعة للبنك المرآزي، إضافة إلى المبادرة لإصدار منتجات
مصرفية إسلامية بالتعاون مع عدد من الدول الإسلامية على المستوى العالمي، والمساهمة في
ترتيبات السوق المالية الإسلامية وصكوك السندات الإسلامية، أما باآستان؛ فالبنك المرآزي يواصل
مشروع الأسلمة الذي انطلق منذ أيام الجنرال الراحل “ضياء الحق”، وتمت عدة اجتهادات نظرية
وتطبيقات عملية ضمن مشروع أسلمة الاقتصاد.
٦) هناك مصارف عالمية عريقة تقدم خدمات مصرفية إسلامية، مثل: مجموعة “هونغ آونغ )
شنغهاي” المصرفية (إتش. إس. بي. سي) و”شيس مانهاتن سيتي بنك”، وآذلك مصارف إقليمية
ومحلية مرموقة، مثل: البنك الأهلي التجاري السعودي، والبنك السعودي الهولندي، و”ميي بنك”
الماليزي – أبرز المؤسسات المالية التقليدية التي ارتادت مجال الصيرفة الإسلامية – وهناك مصارف
تقليدية تستعد للتحول، مثال ذلك: بنك الجزيرة السعودي، وبنك الشارقة الوطني بالإمارات.
٧) أعلنت الحكومة الباآستانية مؤخرًا عن قرار يقضي بتعميم التحول الكامل نحو النظام )
المصرفي الإسلامي، وإلزام جميع مؤسسات التمويل المحلية والشرآات المالية بالامتناع عن
المعاملات الربوية، وحددت المحكمة الدستورية العليا في باآستان مهلة أربعة أشهر لترتب ولتكيف
جميع المصارف والمؤسسات المالية أوضاعها للتعامل بالصيغ الإسلامية؛ حيث يبدأ تطبيق القرار ابتداء
من أول يوليو القادم ( ٢٠٠١ ) آحد أدنى.
٨) تعتزم السلطات النقدية في البحرين – بالتعاون مع بنك التنمية الإسلامي ومصرف البحرين )
الإسلامي – إطلاق أعمال وآالة التقييم الائتماني الإسلامي الدولية، التي يُسند إليها إجراءات
التصنيف والتقييم الفني على ضوء معايير خاصة لأعمال المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية،
وسيكون لها دور في إضفاء المزيد من الشفافية والثقة على المؤسسات الإسلامية. هذا إلى جانب
منظمة المراجعة والمحاسبة الإسلامية للمصارف الإسلامية التي تقوم بإجراء عمليات الرقابة على
المصارف الإسلامية؛ وفقًا لمعايير وضوابط شرعية ومحاسبية متفق عليها، وقد أنجزت المنظمة هي
الأخرى تشريعاتها والمعايير الدولية الإسلامية الخاصة بأنشطتها.
٩) تمكن البنك المرآزي السوداني في عام ٢٠٠٠ من إصدار شهادات مشارآة البنك المرآزي )
“شمم” وشهادات المشارآة الحكومية “شهامة” آأدوات مالية إسلامية، تمكن البنك المرآزي من
السيطرة على السيولة وإدارتها؛ لتحقيق السياسة النقدية المستهدفة في البلاد، وتقوم فكرة الإصدار
على المبدأ الإسلامي الغنم والغرم، بدلًا من الفوائد الربوية.
فنجد أن شهادة مشارآة البنك المرآزي تهتم بإدارة السيولة داخل الجهاز المصرفي، ويتم بيع
الشهادات عندما يرغب بنك السودان في تخفيض السيولة، ويتم شراؤها عندما يراد زيادة السيولة.
وحصيلة البيع لا يستغلها بنك السودان، ولكنها تسحب من النظام، ويتم تجميدها.
وتتحقق أرباح حاملي شهادات مشارآة البنك المرآزي “شمم” فقط عند بيعها، أي أن هذه
تدفع بنهاية السنة Dividends وليست أرباحًا نقدية Capital Gains الأرباح ذات طبيعة رأسمالية
المالية. والتداول في شهادات شمم بيعًا وشراءً، يتم عن طريق العطاءات، غير أن لحامل شهادات
“شمم” أن يبيعها خارج المزاد لبنك السودان أو لغيره لحاجته للسيولة.
أما حصيلة بيع شهادات مشارآة الحكومة “شهامة” والتي تُعنى بإدارة السيولة على مستوى
الاقتصاد الكلي؛ فيعاد تدويرها وضخها في الاقتصاد القومي، بواسطة وزارة المالية، عندما تقوم
بالإنفاق على مشاريع جديدة، أو لمشروعات قائمة.
تحديات أساسية
هناك جملة من التحديات تواجه المصارف الإسلامية، يمكن تلخيصها في الآتي:
١. التكَيُّف مع البيئة الخارجية التي تتجه نحو العولمة: لا بد أن تنهض المصارف
الإسلامية بعبء التمهيد التدريجي للتكيف مع اتجاه عولمة الاقتصاد، وأن تتعاون فيما بينها
لتفادي الآثار السلبية للعولمة الاقتصادية، وأعتقد أن نجاح عمليات الاندماج وإطلاق السوق
المالية الإسلامية الدولية، وتطبيق معايير الرقابة والمحاسبة الإسلامية سيساهم بفعالية في
التكييف السليم دون خسائر.
٢. المنافسة الكبيرة من المصارف التقليدية: ويتطلب دفع هذا التحدي أن تعمل
المصارف الإسلامية على تحسين مستوى إدارتها وعملياتها الفنية؛ فلا تكتفي بأن تكون مجرد
أوعية لتلقي الأموال، بل أدوات لاستثمارها، الأمر الذي يستدعي أن تعمل المصارف الإسلامية
من جهة أخرى على إنتاج منتجات جديدة تكافئ منتجات المصارف التقليدية وتتفوق عليها،
وبالتالي تعظيم مهارتها في الهندسة المالية الإسلامية.
القدرة على تحمل المخاطر من خلال الكفاءة المالية والجدارة الائتمانية لقاعدة عملائه:
ولمواجهة التحدي الماثل في هذا المجال يتعين على المصارف الإسلامية أن تستخدم أفضل الوسائل
لإدارة المخاطر والائتمان وتقلبات الأسعار في الأسواق، وهناك من يري ضرورة قيام وآالة إسلامية
عالمية متخصصة في تقييم المخاطر وإدارتها فيما بين المصارف الإسلامية.
ارجوا من الله ان يفيدني واياكم .